الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد ازدراء الأديان .. ماذا نشهد من ظواهر؟

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2018 / 2 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لا نفهم الحاضر دون الرجوع للماضى والتاريخ، فى الأربعينات من القرن الماضى سمعت أبي، أستاذ أصول الدين، يعلق على نخبة بالبرلمان منحوا «فاروق» لقب «الملك الصالح»، قال أبي: التجارة بالدين فى حلبة السياسة دليل الإفلاس، وفى بداية الخمسينات وجدتنى وسط المظاهرات الجامعية، حيث داس الطلاب بأقدامهم صورة الملك، سقط بعدها الحكم الملكى بعام واحد، وسقط معه لقب خليفة المسلمين، الذى منحه الاستعمار البريطانى وبعض نواب البرلمان المصرى للملك فاروق، قامت الخطة المشتركة على استخدام الدين ضد الأفكار الإشتراكية، ليختفى الصراع السياسى الإقتصادى تحت حجاب ديني، ودخل الشباب الوطنى السجون بتهمة الإلحاد .

تذكرت هذا التاريخ الذى راح ضحيته الكثير من أنبل شباب مصر وأكثرهم إخلاصا لله والوطن، كانوا وقود الثورات الشعبية المتتالية عام 1919 و 1952 و 2011 ، التى أسقطت مبارك، و 2013 التى أسقطت حكم الإخوان المسلمين. ورغم الكشف عن خطورة التجارة بالدين فى الصراع السياسي، يتأهب بعض أعضاء مجلس النواب (الحالي) لإصدار قانون جديد لتجريم الإلحاد، لأن صفحة على الفيس بوك، تنشر هذا الفكر، بلغ عدد أعضائها 35 ألفا، لكن هذا العدد ليس إلا قطرة فى بحر الشعب المصرى (مائة مليون) لا يقرأ الفيسبوك ، وهل تملك الكومبيوترات الشعوب المحرومة من ضرورات الحياة أو تهتم بمشكلات فلسفية؟

وكيف يكون «الفكر» جريمة عقابه السجن؟ هل يمكن حبس الأفكار وراء الجدران فى عصر التواصل الإلكترونى عبر الفضاء؟ وقد عجز الفلاسفة والعلماء منذ نشوء الأديان الأرضية والسماوية عن حل مشكلة الإلحاد، فهل يحلها البرلمان المصرى بقانون عقوبات؟

يتعارض مشروع تجريم الفكر مع الدستور المصري، الذى ينص على حرية الفكر والعقيدة ، لكن النواب الذين وافقوا على المشروع (57 نائبا) يتجاهلون الدستور تحت اسم وجود مخطط خارجى لنشر الالحاد لإفساد فكر الشباب، لكن الفكر لا يعالج إلا بالفكر، والكتاب بالكتاب، وصفحة الفيسبوك بصفحة الفيسبوك، العلاج يكون بالبرامج الثقافية والفكرية التى تبنى العقول منذ الصغر، وتشرح للإطفال المعنى الصحيح للإيمان، فالله هو رمز للعدل والحرية والكرامة والصدق والإخلاص والوفاء بالعهد.

فى بداية الثمانينات كان «رونالد ريجان» رئيس الولايات الأمريكية المتحدة (1981 الى 1989) من المؤسسين للتجارة بالدين، اشتغل مذيعا وممثلا قبل أن يشتغل بالسياسة، يتضح التشابه الكبير بينه وبين «دونالد ترامب» الرئيس الحالى للولايات المتحدة، الشخصية الهاوية للظهور على الشاشة وتقمص دور مندوب الإله حامل الخير، فى مواجهة الشيطان محور الشر, أصبح رونالد ريجان بطلا مسيحيا مؤمنا، هزم الشيطان فى المعسكر الإشتراكى الكافر، وإنتصر للقيم والأخلاق، رغم إشعاله الحروب والفتن الطائفية، أعطى سياسته الإقتصادية اسم «ريجان إكونوميكس» ، التى أدت لزيادة الهوة بين الفقراء والأغنياء، واستبدال اللغة السياسية بلغة أخلاقية دينية، وزيادة التسلح والحروب، فوق الأرض وفى الفضاء، عرفت باسم حرب النجوم، أطلق ريجان على عدوه الإشتراكى اسم الشيطان (إمبراطور الشر)، وأصبح هو إله الخير، وفى عهده انتشر الفساد والأمراض الجنسية، منها مرض «الإيدز» الذى أصاب عشرة آلاف أمريكى عام 1985، مات منهم ستة آلاف على الأقل، كما كشفت التحقيقات عن فضيحة «إيران كونترا» عام 1986، إذ قام ريجان بصفقة سرية لبيع الأسلحة وتمويل المتمردين فى كونترا فى نيكاراجو. يتضح التشابه أيضا بين رونالد ريجان والسادات فى مصر، الذى أعطى نفسه لقب الرئيس المؤمن، وأدت سياسته الاقتصادية إلى تفاقم الفقر والفتن الطائفية وتغول جماعة الإخوان المسلمين فى الدولة والمجتمع ، وتدهور التعليم والأخلاق، والتبعية للاستعمار الأمريكى الاسرائيلي، زادت الأحوال سوءا حتى تم إغتيال السادات بالقوى الإسلامية نفسها التى سلحها ومولها، وصعد مبارك للحكم فتفاقمت الأمور، حتى قامت ثورة يناير، التى صعد عليها الإخوان المسلمون ثم سقطوا، وأدرك الشعب المصرى خطورة التجارة بالدين فى السياسة، فكيف تعود اليوم من داخل البرلمان ذاته؟ لقد شهدنا تجريم العقول المفكرة تحت اسم ازدراء الأديان، فهل نشهد تجريم الشباب تحت اسم الإلحاد؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بعد ازدراء الأديان هل نشهد ازدراء الانتخابات ؟
عبد الله اغونان ( 2018 / 2 / 6 - 18:58 )

الان في مصر هناك مليجب الكلام عنه هو الانتخابات الرئاسية ومايقع فيها من مهازل


2 - اغونان - تعليق 1
الرفيق صلعم البرجوازي ( 2018 / 2 / 7 - 01:32 )
أستاذ أغونان . معك حق .. لكن : وماذا عن المغرب ؟؟؟


3 - لم لا ترد على الرفيق صلعم؟؟
ماجدة منصور ( 2018 / 2 / 7 - 10:33 )
الأخ أغونان...الرفيق صلعم البرجوازي،،دستور من خاطره،،سألك سؤالا ..أتمنى فعلا أن ترد عليه...اذا كنت تجرؤ0
كل الاحترام لجناب الدكتورة المحترمة نوال السعداوي فهي قد بذلت عمرها و راحة بالها في سبيل حرية الانسان0


4 - معضله المغرب
على سالم ( 2018 / 2 / 7 - 16:10 )
الاخ اغونان فى اشكاليه كبيره وهو يعلم ذلك جيدا , الملك عندهم مثل الاله بل ويعبدوه , يقبلوا يديه النجسه ويركعوا له فى الشارع ولايجرؤ احد ابدا من الاقتراب والتصوير , النظر الى وجهه ممنوع لانه هو ربهم الاعلى والقدح فى سيره مولاهم الملك جنايه كبيره , سؤال الى اغونان , كم مره قبلت يدين الملك الفاسد السارق ؟ انتم فى مشكله يا قوم


5 - أستاذ علي سالم - 4
الرفيق صلعم البرجوازي ( 2018 / 2 / 8 - 19:21 )
شكرا لأنك قمت ب ( تفنيط الكوتشينة ) للسيد أغونان .. بما أشفقنا عليه منه , أنا والسيدة ماجدة منصور . و ( فرشت له الملاية - كما يقول المصريون ) وقد جنت علي نفسها أغونانة - أو براقش .. وكفاية عليه الدُش اللي, اديته له .. ولو انه يوجد الكثير مما يمكن قوله .. شلال وليس مجرد دُش . لكن كفاية كدا .. لأجل عيون أصدقاء مغاربة يستحقون الاحترام . والدكتورة نوال لها جمهور كبير من القراء المغاربة المحبين والأصدقاء بالمغرب .
وشتان بين أغونان و بين : محمد عابد الجابري, وفاطمة المرنيسي . أو كُتّاب مغاربة مستنيرين مثل : أحمد عصيد , و عساسي عبد الحميد .. وغيرهم
تحياتي لك وللسيدة ماجدة
مع الشكر للدكتورة نوال السعداوي


6 - الرفيق صلعم البرجوازى
على سالم ( 2018 / 2 / 8 - 19:57 )
شكرا عزيزى , عموما انا ارفض اى نظام ملكى سواء كان فى المغرب او السعوديه او الاردن اوالبحرين , هذه انظمه عفنه قمعيه شريره وسارقه ومصاصه دم لشعوبها

اخر الافلام

.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف


.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية




.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك