الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رابطة المَنَاجِذ الشيوعية -1-

علي دريوسي

2018 / 2 / 7
الادب والفن


إنسانٌ وسياسة واقتصاد،
الله والمرأة والجنس،
حياةٌ وموت،
سرطانُ حرب.
كلها مفردات حادة في وطنٍ يلفظُ أنفاسه الأخيرة.
مفردات مَسْنُونة كوَخْز الضَّمِيرِ،
كوخزِ الإبرِ الصينية في البطونِ المُتهدِّلة،
كالمسامير الصدئة العالِقة في بقايا الأحذيةِ العتيقةِ
لرجال ونساء،
لصبيان وبنات،
لجنود ماتوا أكثر من مرّة،
جميعهم مرّوا من هنا،
من أمام دكانه.
مفردات لاذعة غير قصائدية،
انتزعها الإسكافي في لحظات غضب، بينما يجلسُ على كرسيٍ صغير من خشب،
لا يهم كيف انتزعها،
لكنه انتزعها "لِيُبّسْمِرَ" بها من جديد نعل قصةٍ عن الحماقة والندم.
*****

وأنت يا رفيق!
ما الذي يدفعك للغوص في ثقب الذاكرة العميق؟ ما الذي يُحرِّضك على الوُلوج إلى الثقب الأسود؟ أيُّ سِحْرٍ هذا الذي يَحُثُّك في هذه اللحظة كي ترى "الخر بر"، المثقب اليدوي، ماثلاً أمام ناظريك؟ ما الذي تريد ثقبه بأداتك المتواضعة؟ ما الذي يُغريك في الوصول إلى أعماق الثقوب الساكنة منها والمتحركة؟ هل هو جبل جليدك المغمور فيك بأثمانه السبعة، جليد ذاكرتك؟
ما الذي يُحرِّضك على إزالة ركام الطين والوحل وطبقات الصدأ عمّا مضى؟ ما الذي يُشعلك من داخلك كي تُوقد شموعاً قد اِنطفأت من تلقاء نفسها وأخرى قد أُطفئت عنوةً؟ ما الذي يجعلك تتذكَّر حتى لون حائط الغرفة- المبكى؟ وتشمّ رائحة هوائها ودخانها العابق رغم السنوات كلها؟ وتغمر يدك في مخزون أسرارها المنسية لتغرف منه إكْسِير حياتك، ذَهَب أيامك القادمة؟
الآن يا رفيق،
ما الذي ترغب فعله في الأيام القادمة؟ هذا إذا ما كنت قد استيقظت من سُباتك العميق، من سُكرك، من جنونك وغفلتك!
وإذا اِستيقظت ولم يكن لديك ما تفعله حتى اللحظة أستحلفك بالحب والورد أن تخبرني بصوتٍ واثقٍ: "هل كنت، هل كنّا معاً نعانق الوهم"؟
*****

أَتُراكَ كنت مثلي يا صديق، أتُراكَ مثلي يا رفيق؟
مرّةً مَهِيضَ الجناحين، لا تقوى حراكاً، عيناكَ غائمتان، حولك عيون، عيون باكية، عيون شامتة، وأخرى ترقبُ لحظةَ انتهائكَ، وأنتَ لا تعلم أنَّك سقطت، لا تدري كيف سقطت، أين ولماذا؟ ومرّةً تفردُ جَناحيكَ، تطلقهما للريحِ وتطيرُ بخفّةٍ، ترقص بعيداً عالياً، ولستَ ترى حولكَ سوى فراشات، ياسمين وأقواسِ قزح. ينبعثُ سَناءٌ شفيفٌ سَّاطع من وراء الشَّجر والمسافات، يكادُ يَنْفذُ إلى أعماقكَ، فيكشف أغوار نفسكَ وخفايا روحكَ، وتُشرق كشمسٍ عند الغروب، فتبتسم بسكينةٍ وطمأنينة.
أيُّ سِحْرٍ ينقلكَ يا رفيق من حفرةٍ عميقةٍ في الأرضِ، مختنقاً أو تكاد، إلى جبلٍ شامخٍ، لَكَأنّكَ تملكُ كلَّ النور والشمس والأرض والهواء والماء!؟
*****
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن