الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مباحث في الاستخبارات (107) السحر والشعوذة

بشير الوندي

2018 / 2 / 8
الارهاب, الحرب والسلام


مباحث في الاستخبارات (107)

السحر والشعوذة

بشير الوندي
------------
مدخل
------------
بيّنا في المبحث السابق , كيف استخدمت الاجهزة الاستخبارية الباراسايكولوجيا في اعمالها بكل جدية وباساليب مختلفة وميزانيات هائلة , فاجهزة الاستخبارات لاتهمل شيئاً ولاتستثني مهنة او وكرا , فهي تستخدم كل ماهو متاح للوصول لأهدافها , ولااستثناء للسحرة والسحر في تلك المعادلة .
------------------------------------
الوضع المثالي لاوكار السحرة
------------------------------------
تمتاز لعبة السحر والسحرة بمرونة واجواء مثالية للعمل الاستخباري لاسباب عدة :
1- في اجواء السحرة وغرفهم , يكون الزبون مستسلماً يائسا , ومستعداً لكافة الاوامر - حتى ان بعض السحرة والدجالين استطاعوا العبث ببعض المتخلفات من النساء , ومارسوا معهن ابشع الممارسات المخلّة بالاداب. .
2- ان اجواء واعمال السحرة تمتاز بالسرية بين الزبون والدجال .
3- ان زبائن السحرة صادقون دوماً فيما يقولون في غرف السحرة ومايقولونه عن احوالهم واسرارهم دقيق للغاية .
4- ان انتشار السحرة , في بلاد ما , يتزامن بانتشار الجهل والتخلف , مما يعزز دور السحرة استخبارياً في تجهيل الشعوب في الدول التي تعمل الاجهزة الاستخبارية على خدمة حكوماتها الدكتاتورية .
5- والاهم من كل ذلك ان معظم البلدان تطارد بشكل رسمي اعمال السحرة والدجالين , مما يضعهم تحت رحمة الاجهزة الاستخبارية التي تبتزهم من خلال حمايتهم .
من هنا , كانت الاجهزة الاستخبارية حاضرة دوماً في غرف السحرة والدجالين تسجل الاسرار وتأمر الزبائن بالسنة السحرة وتطلع على خباياهم وتعرف دقائق حياتهم وتعرف مفاتيح نقاط ضعفهم وخبايا عوائلهم .
الا ان تلك ليست الا نصف الحكاية , فهنالك ماهو اكبر واخطر , حيث تتعامل بعض الاجهزة الاستخبارية في سرية شديدة في استكشاف عوالم السحر واسراره , وحين تكتشف ان هنالك من لديه قدرات غير طبيعية في التأثير الروحي والجسدي والقدرة على هتك الاسرار , فانها تستعين بهم وتسعى للتأكد من قدراتهم وتجرّبهم وتستفيد منهم في اعمالها الاستخبارية , وتعمل في هذا المجال بسرية شديدة لاعتبارات عديدة , منها انها لاتريد ان تكشف هؤلاء كي لاتسقط مكانتهم المجتمعية كجواسيس , وكي لاتتعرض للسخرية من قبل المجتمع .
-------------------------------------
الفوائد العملية الاستخبارية للسحرة
-------------------------------------
يتم الاستفادة من السحر في المجال الاستخباري بعدة أساليب وأوجه , منها :
1- أماكن تجنيد : ان رواد مخبأ الساحر هم من عوائل المترفين والشخصيات السياسية وأصحاب المال لمعالجة قضايا نفسية وعلاقات شخصية وسيطرة وكسب القلب وما شابه , ويعتبر مخبأ الساحر مكانا سريا وخفيا وبعيد عن الأنظار ولهذا يكون ملائما للتجنيد والإيقاع بالأشخاص من خلال بوحهم باسرارهم وقصصهم الخفيه والعائلية , واستغلال تلك الاسرار في ابتزاز اصحابها واجبارهم على التعاون.
2- جمع البيانات السرية :ان مكان السحر مكان مناسب لجمع المعلومات عن كبار الشخصيات او عن الاشخاص المستهدفين , من خلال أزواجهم وخدمهم ومتعلقيهم الذين يلجئون إلى الساحر ويدفعون الأموال , وبالمقابل يحصل الساحر – والاستخبارات من خلاله -على ادق الاسرار , وهنا تعمل الاجهزة الاستخبارية على تلقين الساحر بأسئلة تحتاج فيها الى اجابات .
3- العمليات :ان اطاعة الزبون للساحر تكون غالباً عمياء – فصاحب الحاجة اعمى – ومن هنا يمكن تنفيذ عملية قتل , او سيطرة او تحطيم , من خلال الساحر , فكثيرا ما يعطي الساحر للزبون اشياء توضع في أكل وشرب الشخص المراد جذبه او ايقاع السحر المزعوم عليه ,من خلال زوجته او قريبه , ويمكن ببساطه دس السم او عقار الهلوسة او مخدرات الادمان عن طريق زوجته متصورة أنها تعالج مشكلة عاطفية .
4- الاشاعة :استخدام اوكار السحرة للدعايات المصاحبة لقدراتهم لنشر الأفكار والانحرافات الذهنية بين الناس وبث الدعايات الكاذبة وكثيرا تجذب هذه القضيه الاستخبارات وتعمل عليها ليكون الساحر مركز انحراف فكري على الناس , فكانت المخابرات الصدامية تقول( ان صدام ذاته عصي عن القتل وانه يحمل خرزة تحميه) , فهنا يكون مركز الساحر هو في خدمة الإشاعة والحرب النفسية وللتأثير على عقول البسطاء وعامه الناس.
5- السيطرة على الزبائن : غالبا مايميل الحكام والطواغيت إلى كشف الطالع وتقريب السحرة , وهذا دافع مهم ومغرٍ لأجهزة المخابرات للتأثير على قراراته وايقاعه في الحبائل .
6- كما تسعى بعض الاجهزة الاستخبارية – كما اسلفنا – الى الافادة من ادعاءآت القدرة الغيبية لدى البعض , فتخضعهم لاختباراتها لتطويع عملهم في اعمال السحر .
-----------------------------------
قصة حسين كامل والازري
-----------------------------------
من القصص ذات مغزى في مجال التعاون الاستخباري مع الدجالين قصة حسين كامل , فقد هرب حسين كامل مع ابنة الطاغية صدام الى الاردن في قصة معروفة للعراقيين , ووقتها لم يصدق احد من العراقيين انه سيعود بقدميه الى حبل المشنقة , وان قدماه لن تخطوان باتجاه الاراضي العراقية مادام صدام وابناءه في الحكم , وبالفعل لم تفلح كافة الوساطات لدى الاردن لاستعادته , ولكن في نفس الوقت كانت الضغوط عليه كبيرة من قبل الاردنيين في الحد من حركاته , وعاش اياماً بائسة حبيس قصر الضيافة مهملاً من اجهزة المخابرات العالمية التي شفطت كل اسراره , ومحتقراً من المعارضة العراقية التي ادارت ظهرها اليه , وقدم اليه صدام في لحظات ضعفه تلك عفواً شاملاً وضمانات بالسلامة , لكنه بقي متردداً , فكانت حاجة المخابرات الى ضربة قاضية تزيح كافة شكوكه وآخر سواتره , كي يقرر العودة .
فتفتقت افكار المخابرات الصدامية بالتأثير عليه عبر دجال عالمي من اصل عراقي وهو الفلكي عبد الحميد الازري , وكان الازري وقتها في باريس , ولديه صداقة مع حسين كامل وكان يستشيره ليرى له الطالع .
فعملت المخابرات - عبر السفير العراقي في عمان – الى تسهيل وتسريع لقاء في عمان بين الازري وحسين كامل , فقام الازري –بامر من المخابرات – بقراءة طالع حسين كامل واخبره بان طالعه يشير الى ضرورة العودة للعراق , وان الطالع يشير الى انه سيكون رئيس الدولة القادم خلال فترة وجيزة .
وبالفعل , استسلم حسين كامل وعاد الى العراق مع اخيه وزوجتيهما – ابنتا الطاغية صدام – وسط ذهول العراقيين , وذهب بقدميه الى نتيجة محتومة بابشع قتلة .
انظر :
https://www.youtube.com/watch?v=8AZvhOVTltM
و http://sumer.news/…/%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%AE%D
ولاداعي للاستغراب , فالمخابرات الصدامية كانت تدير وتحمي الدجالين والسحرة في العراق , وكان من غير الممكن ممارسة انواع الشعوذة والدجل والسحر دون حماية من تلك الاجهزة , بل انها صنعت بنفسها دجالين من عناصرها الاستخبارية وزرعتهم وسط المجتمعات المعادية لها كمدينة الصدر والشعب وبغداد الجديدة والمحافظات الجنوبية والوسطى كالنجف وكربلاء , من اجل ان تكون مقراتهم مصائد للمغفلين والمغفلات , ولتندلع الالسن بالاسرار في حضرة الدجالين , وهو المطلوب .
--------------
خلاصة
--------------
استخدام السحر والغيبيات في العمل الاستخباري امر ليس بمستغرب , فالاجهزة الاستخبارية لاتدع شيئا للصدفة وتمسك بتلابيب اية فرصة للاستثمار الاستخباري , فسواء كان استثمار عمل السحرة كدجالين , او استخدام البعض من ذوي القدرات غير المنطقية , فان الاجهزة الاستخبارية في الحالتين تستغل اية وظيفة اجتماعية مهما كانت متدنية ومنبوذة في العمل الاستخباري , والله الموفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال


.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????




.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب


.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية




.. الجيش الإسرائيلي يقول إنه بدأ تنفيذ -عملية هجومية- على جنوب