الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكوارث المضحكة

عذري مازغ

2018 / 2 / 8
كتابات ساخرة


يا إلهي ! كم هو رائع المغرب! يشبه دزينة من الفرح، كل شيء فيه جميل حتى الكوارث، ما أروعها! ، هل رأيتم الثلوج كيف تتساقط فيه؟ طيلة أسبوع والناس تلتقط صورا احتفالية بهيجة، وكل يوم تصلك الأخبار: " هناك مؤشرات لسقوط أكثر"، هكذا كانت تردد الأخبار الواردة من بلاد العجائب، لمسات شعرية، رقص، وتزحلق على بدايات السقوط، الكل يبشر بشيء ما كالمجهول، المجهول هكذا معلقا بدون هوية، قد تكون تساقطات الثلوج هي من يمنحنا هوية، بفطرة ما، نعترف في دواخلنا أن فن التدبير الإقتصادي هو ابن شرعي للذكاء، والذكاء هذا ابن شرعي لطبقات ثلجية، الثلج يولد في الروح دفء الحركة، والنوم في الثلج كالموت تماما، عليك أن تتحرك في اتجاه ما، جميع الدول التي تتساقط فيها الثلوج ذكية وقوية وتستطيع أن تعمل قطاعاتها "غير المنتجة" وتصنع قوة اقتصادية هائلة نشمت فيها ببغضنا الحسدي، نفتخر لثورة في المستقبل ضد هذه الإقتصاديات بعقول تشمت في سرابيل حالها، نتجه نحو المستقبل بأكتاف عارية، ضاحكة ومبتسمة بكثير من التفاؤل المحبط، سنغزو العالم الغربي يوما بثورة في المستقبل، حتى الإحصائيات التقديرية عند الشيخ غوغل تبشر بأن نكون أكبر أمة في العالم في المستقبل، كيف؟ أردوغان الذي لا يملك قضيبا فحلا كما هو الشأن بالنسبة لكل ديكتاتوريي العالم، بشر تركييه في ألمانيا بأن يكثفوا من غزوة النكح، أن تلد لنا الشقراوات امة من نسلنا. في الجنوب الأوربي، هناك بشائر أخرى، دعوات رائعة لاسترجاع الأندلس بدون حروب وبدون دواعش، يجب فقط شحت قضبان ذكوريينا لغزو نساء الأندلس، هذا هو تفكير المناطق الجافة، المناطق الحالمة والحارة، أليس الأمر تفاؤلا محبط هو بالتأكيد تدبير شحت القضبان والأوتاد الذكورية لنغرق الأمم بنسلنا، لكن ما هي النتيجة في اغراق العالم بنسلنا؟ أليس الأمر يتضمن تدبيرا اقتصاديا؟
الحقيقة نعم والنتيجة جبارة في المشرق، حين يتطور النمو الديموغرافي بشكل ملفت، سنعلن الحروب في ما بيننا، ستنتعش تجارة الأسلحة وستؤدي الحروب إلى إعادة التوازن الديموغرافي..
في المغرب نمثل حالة استثناء خاصة جدا، وهذا ما يعبر عنه المغاربة حين يفرحون بالثلوج، حين تتساقط الثلوج في أرضنا فهي تعبر عن ظفرة ذكاء في التدبير، نعلن لمحيطنا الجدري أننا نختلف عنهم جزئيا، نملك ذكاء ثلجيا، نحن نسبيا كأوربا، نملأ ساحات ميشليفن بمزحلقات ثلجية، كل العالم في المغرب يسيح إلى مدينة إيفران الجميلة لدرجة أن عرباتهم تكسو حقل التزحلق نفسه، لا مكان في ميشليفن للوطأ ، الكل جاء ليمضي عطلته يقيم صورا في فضاء غطي بالعربات والباعة المتجولين والسواح المارقين وعلى أكتافهم أدوات التزحلق، كل ما يرمز للثلج هو ثلج حتى وإن كانت مشليفن غطاء بعربات الناهبين لفاكهة الوطن، لقد أصبح في المغرب، لكي تتمتع بالثلج الحقيقي، عليك الإبتعاد عن المناطق المعهودة به.
في هذا الأسبوع أصبح المواطنون يتزحلقون في مدنهم الحقيرة التي جاءها الثلج من تلقاء ذاته، وكانت أدوات التزحلق عندهم بسيطة وغاية في المتعة هي نفسها أحذيتهم الحافية، والكثير منهم، ممن لا يعرف التزحلق هشمت عظامه على أرصفة الشوارع التي تجلدت، هنا الثلج يفصح: أنا جئتكم بعد صلواتكم لسنوات عديدة، زحلقوني إذن أو أزحلقكم انا.. فكان له ما أراد، عشرات الجرحى والموتى
لكن في كل هذه الفسيفساء من المرح والفرح والضحك على عدسات الهواتف النقالة كان الثلج يتكوم بغزارة في مناطق أخرى صانعا الحدث، مفاجئا إن شئتم، ألم أقل إن الثلج يصنع عقلا خلاقا للتدبير وإذا كان هذا العقل غائبا في لحظات ثلجية مفاجئة فالذي يخلقه أكثر هو الجفول الممزوج بالفرح والقلق وهكذا مع مرور الوقت تحولت افراح الثلج إلى شيء شيزوفريني غامض من الفرح والقلق، شيء من الدفء وشيء من الصقيع بشكل نرى أن للكوارث الثلجية بالمغرب وجهها المضحك تماما.
في نشرة إخبارية للقناة الأولى، في جولة لأطقمها لتفقد مغرب الثلج، رجال "الطواريء" المؤسسات التجهيزية، الأطباء والممرضين، موزعي قفات الزيت الرومي والسكر، المصالح الجهوية، كل هذه المؤسسات كانت على قدم وساق، وكانت القناة التلفزية تقدم لنا صورا تعبر عن معجزات الحكومة المغربية:
طائرة هيليكوبتير تنقل امرأة أصابها المخاض على أحد الجبال ببني ملال الغير مثلجة (والحق البررد كان قارصا بها رغم ذلك) وتنقلها إلى المستشفى الجهوي، المرأة انارت في الطائرة، وعند وصولها إلى بني ملال خرج الصبي المولود يمشي على قدمية وهو يحمل كرة ثلجية ويحمد الله على حكومة جلالة الملك.
في أقاليم شفشاون، نقلت لنا القناة سائقي عربات كلهم على الحمد والشكر لأعمال مؤسسة التجهيز التي فتحت لهم الطريق المقطوعة بين مدينة باب برد وإقليم تطوان، والأكيد أن هذه المؤسسة من خلال صور القناة نفسها، قد فتحت الطريق فورا بعد أن ذاب الجليد من تلقاء ذاته، وطبعا في النسرات القادمة ستخبرنا القناة المسكونة بزين الحمام أن الحكومة المغربية قد فتحت باقي الطرق المقطوعة حين يزول او يذوب جليدها، اما عمال توزيع القفات .. "امك يا امك..!!"
جلالة الملك سافر فورا إلى الهند ليحمل لنا تجربة هذا البلد السعيد في تدبيره لمقاطعة الهيمالايا الثلجية، تدبير للكوارث على الطريقة الأمريكية، تدبير الملهاة، يسافر أثناء الكوارث إلى أن تنتهي ويسكت الناس عنها ليقوم هو ب"تشريفات مولوية"هي تبديلات رؤس بعض قطيعه بأخرى تعبيرا منه على سوء تدبير الأولى وهي أمور تعبر عنه النخبة السياسية بزلزال سياسي، أي نقل حظوة الريع الذي يوزعه من على ظهر بغل إلى ظهر بغل آخر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في