الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كي لا يكون عيد الحب عيدا للخب!!

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 2 / 14
الارهاب, الحرب والسلام


بغض النظر عن الحديث عن أصل نشأة هذا العيد (Valentine s Day) وبغض النظر عن الفتاوى الدينية التي تقف كالعادة موقفا معاديا لمثل هذه المناسبات فلا شك اننا اليوم نحتاج الى شحنات هائلة من الحب في هذا العالم الذي بات يغص بالكراهية!!، نحن بالفعل في عالم يغرق في الكراهية بكل صورها!، فالكراهية في معظم الحالات لا تسفر عن وجهها ولكنها إما أنها ترتدي لثاما أو اقنعة متعددة، فقد ترتدي الكراهية قناع الوطنية والقومية والدين والعرق والطائفية والجهوية والقبلية والمذهبية والحزبية بل حتى التعصب لنادي رياضي!، بل قد ترتدي احيانا حتى ثوب التمدن والحضارة بل لو ذهبنا أعمق لوجدناها ترتدي احيانا ثوب الحب!!... فكم من جريمة ارتكبت في الدنيا وعبر التاريخ بإسم الحب!! ، لهذا قيل (إن من الحب ما قتل!)، خيانات لروابط الزوجية والصداقة والقرابة المقدسة ارتكبت باسم الحب والعشق والغرام!!، وفي مجتمعاتنا العربية اليوم تعم الكراهية بشكل رهيب غير مسبوق، بل في البلد الواحد تغيب المحبة وتسود الكراهية السوداء الى حد الحقد والرغبة في التشفي والتشظي!!، انظر ما يحدث في ليبيا وسوريا والعراق واليمن!!؟، انظر ما يحدث بين دولة قطر وجيرانها من دول الخليج!!، انظر كيف تقود تركيا حربا ضد أكراد سوريا باسم (غصن الزيتون)!!!!!؟؟؟؟.... حتى بالحسابات المادية فإن هذه الكراهية مكلفة جدا وثمنها تعدى عشرات المليارات في كل بلد عربي!!، حتى الارهاب في الحقيقة هو نتيجة تراكم شحنات هائلة من الكراهية والحقد!... وهكذا نحن اليوم نعيش فعلا في عصر الكراهية ، الكراهية السوداء العمياء القاتلة!، لهذا ما احوجنا الى المحبة ، الى الحب الانساني الحقيقي لا الحب الكاذب المغشوش الذي يفتقد للمعاني الروحية العميقة!، فاليوم نجد حصرا للحب في تلك العلاقة بين الجنسين فقط!، ولو أمعنت النظر فستجد أن المقصود بالحب هنا لدى الكثيرين ليس سوى العلاقة الجنسية ومتعة اللقاء في الفراش!، في الغرب هنا يكاد مفهوم الحب ومفهوم الجنس يغدوان مترادفين!، فحينما يقولون ممارسة الحب فهم يقصدون ممارسة الجنس!!، مع ان ممارسة الجنس يمكن ان تكون بدون حب، والحب يمكن ان يكون بدون جنس!، لكنه خلط للمفاهيم وحصر لمفهوم الحب في نطاق ضيق جدا وهو خلط اضر بالقيم الاخلاقية ضررا فادحا بل وجعل الحب الرومانسي العميق بين الجنسين يصبح جزءا من الماضي والتاريخ وجزءا من عالم الخيال والخرافات!... وكثير من علاقات التعلق بين الجنسين - وإن كان ظاهرها العشق - فإن مضمونها يقوم على حب التملك، حب يشبه في طبيعته حب تملك المال، (هذا حبيبي وهذا مالي ومتاعي)!!.

الشاهد هنا اننا في عالم مفلس أشهر افلاسه لا في ميدان الاخلاق وحسب بل في ميدان الحب واصبح عالما يغص بالكراهية، غاب الحب من القلوب ومن البيوت!!، حتى التدين اصبح تدينا ضامرا يفتقد للمحبة ويتغذى على الكراهية!!، الوطنية اصبحت تعني كراهية الاجانب!، وهكذا بتنا نعيش في عصر الكراهية بشكل واضح، كراهية رهيبة تعصف بكل شيء ابتداء من العلاقات الزوجية والعلاقات العائلية التي هي اساس المجتمعات الانسانية والتي تضعضعت وتصدعت بصورة مخيفة حتى في بلداننا التقليدية المحافظة!!، بتنا غارقين في طوفان الكراهية والبغضاء والشحناء الذي يغرق عالمنا وعصرنا الحالي فيما قلوبنا تتطلع في حزن وقلق الى قدوم (سفينة نوح) !!، سفينة الحب، الحب الحقيقي بمعناه الانساني العام الذي يسمو على الغرائز الانانية وحب التملك، هذا ما نحتاج اليه اليوم أكثر من شيء آخر خصوصا في بلداننا العربية التي حطمها واغرقها طوفان الكراهية واصبحت كالعهن المنفوش!، لهذا فأنا شخصيا لا اعتراض عندي من حيث المبدأ على جعل يوما عالميا للاحتفاء والاحتفال بالحب كقيمة انسانية اساسية وعليا نسميه يوم الحب او عيد الحب ولكن بشرط أن نفهم ما هو الحب؟وان لا نحصر الحب فقط في العلاقة بين الجنسين وبين الزوجين على أهميته والذي في الغالب للأسف الشديد يقع اسيرا لحب التملك وحب التباهي والتفاخر خصوصا في المجتمع النسوي حيث تحاول كل امرأة ان تظهر أمام قريناتها بأنها محبوبة أكثر منهن وأن زوجها أو حبيبها اشترى لها بمناسبة عيد الحب هدية أثمن واجمل مما اشترى لهن أزواجهن وعشاقهن!!، وهكذا يتحول عيد الحب في المجتمع النسوي خصوصا في مجتمعاتنا العربية المتخلفة والمأزومة الى مناسبة لعيد الزينة والتفاخر ومحاولة كل إمرأة أن تغيظ بقية النساء من خلال اظهار واستعراض ما حصلت عليه من هدايا من زوجها وحبيبها فيكون احتفالها بعيد الحب احتفالا بيوم الخب لا بيوم الحب بل ربما بيوم الثار وتصفية الحسابات القديمة مع أخريات!! ، احتفالا مغرضا زائفا يخفي خلفه ويخبي روح الكراهية والحرب الخفية ضد تلك الأخريات بما يشبه حرب الضرائر!!، علينا أن نعلم ونتعلم بأن مفهوم الحب والمحبة أكبر وأعلى وأوسع من ذلك بكثير واذا لم نفهم ذلك فسيظل عيد الحب بهذه الطريقة مجرد عيد للأنانية وللتنافس والتفاخر والتعالي والنفاق واثبات الذات واثبات للملكية ولتصفية الحسابات ليس أكثر ولا اقل ويضيع المعنى الحقيقي للمحبة وسط كل هذا الاحتفالات والاستعراضات الشكلية ووسط كل هذا الهرج والمرج لنعود في اليوم التالي ليوم عيد الحب كما كنا بل وربما أسوأ مما كنا من حيث زيادة كمية الكراهية على كمية المحبة بشكل كبير وفظيع في حياتنا الخاصة والعامة !!... وكل عام وقلوبكم عامرة بالمحبة .... والسلام!.
♡------------------------♡------------------------♡------------------------♡------------------------♡------------------------♡------------------------♡------------------------♡------------------------♡------------------------
أخوكم المحب : سليم الرقعي















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع