الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثم يسألونك فى مصر: من اين يأتى التطرف والارهاب ؟!

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2018 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


ثم يسألونك فى مصر: من اين يأتى التطرف والارهاب ؟!


واللى اعتدى جاى بأبتسامته يعتدى
بدل البنادق، بالريات وجابلنى
بدل المدافع بالبنوك والبورصة
وجال لسمسار الوطن ليك حصة
ودا يجول كتير، ودا يجول اتوصى
وانت ما تستعناك طروف البصة
وانت اللى خلعت الشجر اولادك
وداريت باجساده بدن دبابة
ادى الزمن خلع القميص فى بلادك
وكتب على الجدران يفط كدابة

"جرب اجولك"
الابنودى



سعيد علام
القاهرة، الخميس 15/2/2018م


من المعلوم لدى المؤيد والمعارض لاتفاقية صندوق النقد مع مصر، ان الهدف الاساسى للاتفاقية ليس قرض الصندوق الـ 12 مليار دولار، بل الهدف الاساسى هو فتح السوق الاقتصادى والمالى المصرى امام المؤسسات المالية المتعددة الجنسيات، بعد تحويله الى سوق حر تماماً، حر من اى تدخل للدولة، دعماً او ملكية؛ وعلى العكس من ترويج الاعلام المغرض احياناً، والجاهل غالباً، فان فتح السوق المصرى امام الاستثمار الاجنبى، هو شرطاً للمؤسسات المالية المتعددة الجنسيات اساساً، وليس شرطاً للدولة المصرية، والذى تحققه مرتهن برفع يد الدولة تماماً، مدنياً وعسكرياً، عن هذا السوق، وهو ما لم يتم حتى الان، وهو ما يفسر سبب احجام الاستثمار الاجنبى، خاصة المباشر، عن الحضور الى السوق المصرى حتى الان.


ومازالت شعارات ما بعد هزيمة 67، مستمرةً !
فى مصر، بعد هزيمة 1967، رفع نظام عبد الناصر مجموعة من الشعارات الدعائية، منها شعار تبرير القمع السياسى "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"!، وشعار "طموح" المهزوم "ازالة اثار العدوان"، مجرد ازالة الاثار، اما اين شعار "تحرير فلسطين المحتلة"، فقد تم القاؤه فى البحر!، ولان لكل "عدوان" عسكرى اهدافه الاستراتيجية، السياسية والاقتصادية، فقد كانت لهزيمة 67 تداعياتها السياسية والاقتصادية، وعلى الرغم من حرب الاستنزاف وحرب 73، مازالت النتائج المستهدفة سياسياً واقتصاديا لحرب 67 "الهزيمة"، لم تكتمل بعد، مصرياً وعربياً.

على المستوى السياسى، على الرغم من اعتراف عبد الناصر بأسرائيل بالقرار 242، بعد هزيمة 67، وقيام السادات بعقد اتفاقية سلام معها بعد حرب 73، الا ان العلاقات الطبيعية، (التطبيع)، المصرية والعربية مع اسرائيل لم تتحقق بعد، كما ان القضية الفلسطينية، جوهر الصراع، لم تحل بعد، واحدث سيناريو "صفقة القرن" متعثر؛ اى ان الاستحقاق السياسى لهزيمة 67 لم يكتمل بعد.

اما على المستوى الاقتصادى، بعد حرب اكتوبر 73 واعلان السادات ان 99% من اوراق اللعبة فى يد الولايات المتحدة الامريكية، مما يعنى انه يصبح من البديهى ان يتماها نمط الاقتصاد المصرى مع النموذج الامريكى، بما انه يمتلك 99% من اوراق "الحل" للكابوس الذى اورثه عبد الناصر للسادات (انها، "النتائج" الاقتصادية للهزيمة، و"المقدمات" الاقتصادية لعقد الصلح)، وعلى الرغم من الموجات المتتالية لما سمى "الانفتاح الاقتصادى" بدءاً من عام 74، الا انه وبعد مرور عدة عقود مازالت السوق المصرية، لم تفتح كاملاً امام المؤسسات المالية متعددة الجنسيات بعد، فمازالت الدولة، "مدنياً وعسكرياً"، تحتل مساحات هامة من هذه السوق المستهدفة، (اكثر من 100 مليون)، والمؤثرة فى منطقة الشرق الاوسط؛ اى ان الاستحقاق الاقتصادى لهزيمة 67 لم يكتمل بعد.


الحرب واعادة الاعمار، على نفقة المواطن !
فى الحرب:
فى الحروب العربية مع اسرائيل (67 – 73)، وفى الحروب الاهلية العربية الدائر رحاها على لحم الحى، حالياً، المؤسسات المتعددة الجنسيات وحلفائها المحليين والاقليميين، "زى المنشار"، كما يقول المثل الشعبى "زى المنشار طالع واكل، نازل واكل"؛ فهى المستفيد الوحيد فى الحروب التدميرية، وفى اعادة اعمار ما سبق ودمرته هذه الحروب، تشن الحروب التدميرية على دول ما، ليس مهماً تحت اى دعوى، وبعد تدميرها بشكل كاف، تبدأ عملية اعادة الاعمار.

فى الحالتين المتلازمتين، التدمير واعادة الاعمار، يدفع المواطن الثمن، سواء بتحمل المواطن دافع الضرائب كلفة الحرب فى الدول التى تقوم بشن الحروب التدميرية، او بدفع المواطن، دافع الضرائب ايضاً، الثمن بالقتل او بقتل افراد من اسرته او بالاصابة بالعجز الدائم او بتدمير بيته او مورد رزقه، فى الدول التى تم تدميرها بشكل كاف؛ وفى الحالتين، يتم نزح الاموال من مواطنى كلا الدولتين، الى المؤسسات متعددة الجنسيات المصنعة للحرب، وفى مقدمتها المؤسسة الصناعية العسكرية الامريكية، وتنزح الاموال للمؤسات المالية متعددة الجنسيات والمتحكمة فى عمليات اعادة الاعمار، والعمليتان الحرب واعادة الاعمار وملحقاتهما، تقدر بالتريليونات وليس بالمليارات!؛ ثم يسألونك، من اين يأتى التطرف والارهاب؟!.

فى السلم:
اقتصادياً، عندما تتنمر المؤسسات المالية المتعددة الجنسيات ويسيل لعابها النقدى على بلد او منطقة معينة، عند مرورها بازمة مالية او اقتصادية او تعرضها لكارثة طبيعية، فتنظر اليها باعتبارها فريسة وجب التهامها، ليقوم ذراعها المؤسسى الرئيسى، "صندوق النقد الدولى"، بالتعاون مع حلفائها المحليين والاقليميين، بأتخاذ او عدم اتخاذ، الاجراءات التى من شأنها الضغط العنيف على هذه الدولة او المنطقة، ويستمر الضغط والتسخين حتى تلين "أرادة" هذه الدولة او هذه المنطقة، وتسلم ارادتها لآرادة الصندوق، وتفتح اسواقها للمؤسسات المالية المتعددة الجنسيات ليتم نزح الاموال المحلية الى الخارج، عن طريق دخول السوق الاستهلاكى المفتوح على مصراعيه، بعد ان يكون قد تم شراء بخس للشركات والخدمات المحلية، تحت ضغط الازمة الخانقة، الطبيعية التى تم تفعيلها او المصنعة كلياً اوجزئياً، لتتراكم البطالة بالملايين، ويشتد الفقر فى هذا البلد او فى هذه المنطقة؛ ثم يسألونك، من اين يأتى التطرف والارهاب؟!.

من المعلوم لدى المؤيد والمعارض لاتفاقية صندوق النقد مع مصر، ان الهدف الاساسى للاتفاقية ليس قرض الصندوق الـ 12 مليار دولار، بل الهدف الاساسى هو فتح السوق الاقتصادى والمالى المصرى امام المؤسسات المالية المتعددة الجنسيات، بعد تحويله الى سوق حر تماماً، حر من اى تدخل للدولة، دعماً او ملكية؛ وعلى العكس من ترويج الاعلام المغرض احياناً، والجاهل غالباً، فان فتح السوق المصرى امام الاستثمار الاجنبى، هو شرطاً للمؤسسات المالية المتعددة الجنسيات اساساً، وليس شرطاً للدولة المصرية، والذى تحققه مرتهن برفع يد الدولة تماماً، مدنياً وعسكرياً، عن هذا السوق، وهو ما لم يتم حتى الان، وهو ما يفسر سبب احجام الاستثمار الاجنبى، خاصة المباشر، عن الحضور الى السوق المصرى حتى الان.

اما سياسياً، فكما يقال "الشئ لزوم الشئ"؛ فلتنفيذ السياسات الاقتصادية والمالية التى تؤدى الى افقار الملايين لابد من سياسات امنية عنيفة، قادرة على اجبار هؤلاء الملايين على الخضوع القسرى لسياسات افقارهم!، فاغلاق المجال العام فى مصر، وقمع اى معارضة للنظام، هو طريق تنفيذ شروط "صندوق النقد الدولى"، بفتح السوق المصرى "ع البحرى"، ونزح الاموال من السوق المصرى الى المؤسسات المالية المتعددة الجنسيات، و بالطبع حق السماسرة محفوظ.

وفى الوقت الذى يتم فيه انجاز الشروط المجحفة للصندوق، يتم انجاز بيئة الافقار والبطالة، فالشركات القادمة من الخارج، والتى اشترت الشركات المحلية بسعر بخس تحت شروط الازمة المفعلة، والتى فى سعيها لتحقيق المزيد من الارباح، تستمر بطرد المزيد من العمال الذين كانوا يعملون فى الشركات المحلية التى تم بيعها للشركات الاجنبية، فتزداد البطالة والافقار والامراض الاجتماعية، لتتشكل بمعدلات متسارعة، البيئة الحاضنة والمفرخة للتطرف الدينى والارهاب، ومع محاربة الارهاب يطل برأسه مرة اخرى شعار تبرير القمع السياسى "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"!؛ ثم يسألونك، من اين يأتى التطرف والارهاب؟!.

لذا ففى الحرب كما فى السلم يتجذر نوع جديد من اليأس العميق لا يمكن لآى حضارة احتواؤه، لانه سيعبر عن نفسه بطرق عدة، سواء بزيادة التطرف والعنف الدينى، او الوجه الآخر لنفس العملة، بتفشى الجريمة والادمان والدعارة وانحطاط السلوك والاخلاق .. الخ.

ثم يسألونك فى مصر، من اين يأتى التطرف والارهاب، وانحطاط السلوك والاخلاق؟!.

سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان