الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السجن للشرفاء

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 2 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



عندما تعيش في دولة تحترم القانون ليس عليك أن تقلق على سلامتك أو حياتك ولا أن تخاف من الأجهزة الأمنية، إذ أن هناك قانون يسري على الجميع ويكفل لك الحماية والأمان.

بل أن هؤلاء المطاردين من السلطات أو هؤلاء الذين تظهر في سجلاتهم سابقة حكم عليهم بسببها بالسجن عادة ما يكونون من المجرمين أو ممن ذلّت أقدامهم في أحد الأوقات وأرتكبوا جرم يعاقب عليه القانون.

أما في الكيانات المحتلة أو المختطفة من تشكيلات عصابية، فلا يوجد أحد أمن، وأكثر الناس عرضة للتنكيل والمطاردة والإعتقال والترهيب هم الشرفاء والمثقفين والأكثر وعيا ومن يملكون الحس الوطني، وهذا هو الحال في مصر!

تعج سجون مصر بعشرات الألاف من الشرفاء والمثقفين ممن حاولوا التعبير عن أراءهم وممن رغبوا في مكافحة الفساد وأرقهم ما وصل إليه حال البلاد من تراجع وإنهيار فكان مصيرهم التنكيل والإعتقال في ظروف غير أدمية.

وبنظرة سريعة على الأسماء الشهيرة التي القى النظام القبض عليها مؤخرا يمكنك ببساطة أن تستنج نوعية الأشخاص الذين يناصبهم هذا النظام العداء ويشعر بأنهم يمثلون خطورة على وجوده الهش.

الفريق أحمد شفيق الذي تحول في لحظات من أحد أبطال حرب أكتوبر إلى فاسد لعوب ثم وبعد أت تاب وأعلن انسحابه، تحول مرة أخرى إلى بطل من أبطال أكتوبر وأحد أبناء المؤسسة العسكرية البررة.

كذلك العقيد أحمد قنصوة والفريق سامي عنان، وكلاهما أعلنا عن تصدرهما المشهد بعد الوضع البائس الذي وصلت إليه البلاد من تفكك وانحلال وفشل، وهو ما اعتبره النظام تطاولا على الذات الرئاسية يستوجب سجنهما والتنكيل بهما.

ولا يختلف الأمر كثيرا مع المستشار هشام جنينة المتهم بممارسة مهنته كرئيس للجهاز المركزي للمحاسبات من واجبه الكشف عن الفساد، وهو أمر يعتبر في زمن السيسي جريمة تستوجب الفصل والتنكيل فليس معنى أنك معين في وظيفة أن تقوم بهذه الوظيفة، عليك أن تكون مثل السادة الوزراء وأعضاء البرلمان تشغل الكرسي دون أن يكون لك أي تأثير يذكر عليه، أنت هنا لتنفيذ الأوامر وفقط.

والأمر هو نفسه مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي سولت له نفسه ممارسة العمل الحزبي بصفته رئيس حزب، لم يعلمه أحد أن كونه رئيس حزب لا يعني ممارسة السياسة ولا العمل الحزبي، وإنما عليه أن يكون مثل موسى مصطفى موسي يقوم بأي دور يطلب منه ولو كان دوبلير أو محلل أو مربية أطفال.

لم يعد الأمر في مصر قاصرا على من يمتهنون مهنة الصحافة ومن يسعون للكشف عن الحقائق، ولكنه الأن شمل كل شريف وكل مجتهد وكل صاحب موهبة وكل عاقل لا يمكن عقله استساغة كل هذا القدر من الكذب والتضليل والفجور والفساد الذي أصبح السمة العامة لهذا النظام.

إن كل شخص يتمتع بأدنى درجات المهنية أو الشرف في عصر السيسي غير مرحب به، وهو معرض للإعتقال في أي لحظة إذا أصر على مهنيته وتمسك بمبادئ الشرف.

بل أن النظام لا يعين في أي منصب إلا الأشخاص الذين يحمل عليهم مستندات تدينهم، ليكون هؤلاء طيعين مهذبين لا يرفعون رؤوسهم ولا يملكون إلا السمع والطاعة.

إذا كنت شريفا في مصر فتحسس رأسك!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا