الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب يجب أن يتغير

المريزق المصطفى

2018 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


أسدل الستار أمس الأربعاء 15 فبراير 2018 على الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة؛ وبهذه المناسبة نستحضر خطاب الملك محمد السادس ليوم الجمعة 13 أكتوبر من السنة الماضية. وهو الخطاب الذي تناول فيه ملك البلاد، الصعوبات التي تواجه تطور النموذج التنموي، و الاختلالات التي تنخر الإدارة، بكل مستوياتها، أو التي تتعلق بالمجالس المنتخبة والجماعات الترابية، معتبرا أن المرحلة حاسمة و تقتضي وقفة نقدية، تقوم على ربط المسؤولية بالمحاسبة، و إيجاد الأجوبة والحلول الملائمة، للإشكالات والقضايا الملحة للمواطنين.
وها نحن اليوم نودع هذه الولاية، متسائلين عن ماذا تغير في مغربنا منذ افتتاح دورة أكتوبر الماضية؟ و ما هي قوة الإصلاحات ودرجاتها؟
ليس ثمة شك في أن ما تميزت به هذه الدورة، هو وصول أصداء دينامية الاحتجاجات والحركات الاجتماعية العابرة للجهات أدراج البرلمان ولجانه النيابية الدائمة، مطالبة (بكل ما يسمح به القانون) بتدخل الدولة، وبوساطة السياسات العمومية، من أجل تعبئة الموارد البشرية والتقنية والمالية للتفاعل الإيجابي مع قضايا المجتمع.
لن نتوقف عند عدد الأسئلة الموجهة إلى الحكومة والتي بلغت 3594 سؤالاً منها 1611 سؤالا شفويا و1940 سؤالا كتابيا و 49 سؤالا موجها إلى السيد رئيس الحكومة، ولا عند عدد الجلسات الشهرية الخاصة بالسياسة العامة، ولا عند السياسات العمومية، والسياسة المالية، وتنمية المناطق الجبلية والقروية وإصلاح منظومة التربية والتعليم والسياسات الموجهة للشباب والجهوية المتقدمة ؛ إن ما يهم المغاربة هو ما الذي تغير في مغربهم.
فلحد الساعة لم نضع الأصبع في الجرح المتقيح، وليس هناك اهتمام جدي بالأوضاع الاجتماعية الناتجة عن المضاربين والسماسرة، وتداعيات اقتصاد الريع.
لقد طالب ملك البلاد، في مناسبات عديدة، من البرلمان والحكومة، بوضع إستراتيجية استعجاليه، والانكباب على تنفيذها لإيجاد حلول للمشاكل المستعصية والمعقدة، واتخاذ القرارات الضرورية بشأنها. لكن يبدو أن المسار لازال طويلا، وبعيدا عن التفاعل الكلي والشامل مع مضامين هذه الخطب، ومع مطالب الحركات الاجتماعية.
إن العديد من دول العالم وصلت إلى مصاف التقدم وما بعده، خلال جهود جبارة بذلتها على مدى عقود كثيرة من الزمن. كما نستحضر، من جهة أخرى، ارتقاء بلدان الازدهار الاقتصادي الأسيوية، والذي بدأ في منتصف الثمانينات، حينما أقدمت اليابان على رفع قيمة عملتها. ويقول بعض الاقتصاديين، أن الين القوي سمح لليابانيين آنذاك أن يزيدوا من استيراد السلع المنتجة في بلدان الجوار. وسرعان ما شعرت هذه البلدان بازدهار يعم اقتصادها الذي بات ينمو بمعدلات تتراوح بين 8 و9 في المائة وأحيانا إلى 10 في المائة. وهكذا يرى أولريش شيفر مثلا، كيف بدت الأمور وكأن هذه الدول تحقق أعجوبة اقتصادية. ولم يدم الأمر طويلا حتى أصبحت هذه الدول تحقق استثناءا اقتصاديا في العصر الجديد.
طبعا عاشت هذه الدول فيما بعد مدا وجزرا، في وضع عالمي كانت ولا زالت فيه الرأسمالية تفكر هي الأخرى في تجديد نفسها، خوفا من الانهيار.
المغرب هو الآخر، وبعد مسلسل طويل وشاق من الإصلاحات، توج مساره بثمار دستور 2011، كتعبير عن مرحلة النضج لترسيخ الحقوق والحريات، وملائمة الإطار التشريعي والمؤسساتي الوطني مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان.
لكن على مستوى الواقع، فسواء تعلق الأمر بأوضاع الشباب أو التنمية القروية والجهوية والشغل، فإن الوضع بات مقلقا، ولم تستطع إصلاحات ما بعد دستور 2011 إنجاز التنمية الكاملة والمستدامة، واستكمال الأوراش التي ظلت عالقة منذ عقود من الزمن.
والمخيف في هذا الوضع، هو فقدان الثقة في مؤسسات الدولة، خاصة مع استمرار اقتصاد الريع والجشع، والإسراف الأهوج و العشوائي في مشاريع لا شعبية، وتعطيل الديمقراطية التمثيلية، والديمقراطية التشاركية، ودور المجتمع المدني.
لقد تطورت اليوم الأمور إلى أسوأ بكثير، ورغم ذلك لم تفزع المغاربة خطابات التخويف والتظليل، لأنهم خلفوا وراءهم أوخم العواقب والصدمات، وآمنوا بأن دستور 2011 لم يأت لمعالجة مشكل شرعية كما حصل في بلدان أخرى، بل من أجل تحقيق التغيير و الحكامة و العدالة الاجتماعية، ومن نافلة القول تأكيد أن هذا الهدف لم يبلغ غايته بعد.
فالاقتصاد المغربي ينمو في اتجاه المنحدر، مشرفا على عتبة انكماش مثير للفزع، وبلغت الأزمة الذروة لدى الشباب والنساء، ومست بشكل خطير قطاع التعليم، وتعاظمت الأزمة في مغرب الهامش، وانهارت معها قيم التضامن و التعاون، ورغم ذلك لم تستطع الحكومة الحالية جر رؤساء الأموال والمصارف والمؤسسات الصناعية الكبرى التي استفادت عبر تاريخها من كل المساعدات والامتيازات، للمشاركة في حل مشاكل المواطنين.
إن مغرب المستقبل عليه أن يتغير، وعلينا جميعا أن نساهم في هذا التغيير بكل الوسائل الممكنة، وفي مقدمتها إبداع أشكال تنظيمية وعملية جديدة بيد قوية وإرادة صارمة، والتفكير في نموذج مضاد لما هو في الواقع، متحرر من القيود ومن الرجعية وعلاقات الاستبداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة