الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاتية الشعر أم موضوعيته؟ حوار مع الشاعرة المغربية فتيحة فوكاني

محمد هالي

2018 / 2 / 16
الادب والفن


(
محمد هالي:
حين يصطادك الضباب كالشعر ماذا ستفعلين؟
فتيحة فوكاني:
أقطف ألوان قزح ، وأكتب قصيدتي..
محمد هالي:
الكتابة كشف عن حقائق سمر ليلي يجشع للتفرد، هل الصمت إلهام لتعرية الصوت المخفي في الزمن الغابر فينا؟ كما أن شاعريتك بين ديوانك الأول و ما تكتبين الأن في تطور ملفت للنظر يبدو ان لديك إشراقة شاعرية مهمة في المستقبل.؟
فتيحة فوكاني:
أتمنى ذلك صديقي..
محمد هالي:
لننعرج إلى موضوع يردده بعض الشعراء البورجوازيون، أو ذوي الميولات الفكرية البورجوازية، هو أن الشعر لا علاقة له بالسياسة ، و هموم الناس، ليبرروا هذا التحديد بكون الشعر ذاتي، يعبر فقط عن المشاعر، و الأحاسيس الباطنية للشاعر، أي أن الشعر ذاتي ،لا علاقة له بالموضوعية ، ما رأيك في هذا الطرح؟
فتيحة فوكاني:
لا أتفق مع هذا الطرح ، فقديما قيل: أن الشاعر ابن بيئته.. وهي مقولة لاتزال في رأيي لها مغزى .. لا يمكن للشعر مهما كان ذاتيا إلا أن يتفاعل مع المحيط الخارجي، سواء تعلق الأمر بتغيرات اجتماعية، وسياسية، وبالتالي فموضوعيته تتحدد بدرجة انفعال الذات الشاعرة، وتفاعلها مع المحيط الخارجي.
محمد هالي:
هذا التفاعل القوي نجده في الكثير من القصائد، سواء قديما ،أو حديثا ،و أذكر هنا المتنبي، و محمود درويش، و احمد فؤاد نجم، و سميح القاسم... و من المغاربة نجد عبداللطيف اللعبي، و شعراء رفعوا كلمة الشعر من أجل تعرية الوقائع. التي عاشوا فيها، لكني ألاحظ أن هذه الموجة المتمردة خفت شيئا ما، رغم أن الواقع الموضوعي الذي نعيش فيه أكثر تضررا من الهجمات الرأسمالية الحالية ما رأيك؟
فتيحة فوكاني:
صحيح ، لقد عرفت الساحة الإبداعية نوعا من الفتور، أو الابتعاد عن الكتابة بصفة عامة، في المواضيع السياسية الحساسة، وهذا راجع في رأيي إلى اليأس، والإحباط الذي يشعر به المثقف، نتيجة تردي الأوضاع الثقافية ،وتمييعها في الوقت الراهن، متناسيا في نفس الوقت دوره التنويري.
محمد هالي:
ربما في الشعر تغلب الأنا عن الموضوع، لأن الأنا تجرف الموضوع ، فتنوب الذات عنه، و كأن الموضوع موجود في الشاعر ، و يتجلى من خلاله، لهذا اسقطوا الموضوع ، و احتفظوا بالذات ، معتقدين أن ذاتية الشعر، تمحو ما هو موضوعي، من هنا ظل الشعر في صور باهتة ، اثناء التعبير عن الشروط التي تنتجه ،عكس المقالة ،أو السرد الروائي، أو التعبير التحليلي المباشر. و أمام رداءة اللغة، المعاصرة، التي محتها الصورة ، و الترسانة الاعلامية المعاصرة ،أصبح الموضوع يعيش تخمة في المعرفة الباهتة، التي سيطرت على عقول هذا العصر ، فانتشرت الإن عزالية ، و الفردانية ، فسقط الشعر في هذه اللعبة، و أخاف من أن يذوب في هذه الفردانية إلى درجة الفناء فيها ، فما أحوجنا إلى شعر الخنساء زمن السيف ،و الرثاء ، و شعر محمود درويش، زمن قمة المواجهة مع الحركة الصهيونية.
فتيحة فوكاني:
دائما يشتد حنيننا إلى الماضي ، زمن الخنساء ، والمعلقات ، و شعر درويش ، الذي هو شعر المواجهة، والمقاومة ، لقد أصبحت الأوطان أكتر دموية، ودمارا لدرجة أننا طبعنا مع هذا الوبال، وأصبحت الذات الشاعرة، تبحث في أعماقها عن مكامن الجمال ، لتلود هربا من قبح الواقع المرير.
محمد هالي:
مرض الواقع الذي أصبحنا نعيش فيه ، أصبح شقيا نعيش آلامه بدون مواجهة تصد هجوم الرأسمالية ،و أذيالها على شعوبنا ، ربما يرجع هذا إلى خدلان المثقف و من بينه الشاعر، نتيجة ميول الغالبية إلى المثقف السلطوي ، و سقط في منظومة البيع، و الشراء، أي أصبح المثقف سلعة يباع ، و يشترى مثل أي بضاعة. فغاب المثقف العضوي الذي ظهر بعد الثورة البولشيفية.
فتيكة فوكاني:
لا نملك آليات ، ومقومات مواجهة الرأسمالية، لقد ابتلعت أنظمتنا حتى النخاع ..وأغلقت مجتمعاتنا في بؤس الاستهلاك ، والتجهيل.
محمد هالي:
صحيح، و هذا ما جعل من الأنانية تتفشى، و يتعمق شعر الذات، و اضمحل شعر الموضوع، بل أن القارئ نفسه ،أصبح يبحث عن الجمل القصيرة ، و الموضوعات المختصرة، مما زاد من تعميق المشكل أكثر.
فتيحة فوكاني:
الذاتية أصبحت نمط حياة على ما يبدو ...
محمد هالي:
أمام هذا الواقع المرير الذي أصبحت فيه الكلمة، لا تطرب كما تفعل الصورة، ماذا سيفعل الشعراء؟ هل سيرحلوا حيث الإلهاء يستقبل كل شيء غير مؤثر.
فتيحة فوكاني:
القارئ المعاصر تغير ذوقه، وقل صبره ، لم يعد له الوقت ليستفيض في القراءة ، وتفكيك المعاني ، بل يكتفي بالمختصر الغير المفيد ، وفي أكثر الأحيان تستهويه الصورة فقط. الشعراء يتبعون موجة المجتمع. .لقد وجدوا متنفسا في مواقع التواصل الاجتماعي، حققوا فيها انتشارا واسعا ، بغض النظر عن مستوى وموضوع ما يكتبون.
ك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع