الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإحتباس الحراري الإنساني

هيثم بن محمد شطورو

2018 / 2 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إلى اي مدى يصح اطلاق تحديد العقل العربي وفق "محمد عابد الجابري"؟
انه أراد تحديد طريقـة التـفكير العربي بشكل عام أي الذهنية العربية. و حين ذهب الى تحديدها بالعقل فهو يصلنا بما هو انساني فالعقل انساني عام و ليس من عـقل عربي مخصوص..
و بالتالي فإننا لا نتخيل ذلك مجرد عدم دقة في التحديد و انما هو فعلا اتجه في منحى تحديد العقل التاريخي في سياق سياسي بشكل محدد..
من هنا فإن الاقانيم الثلاث من عصبية و عقيدة و غنيمة كمحددات في حركة هذا التاريخ هي في الحقيقة لا تخص التاريخ العربي فقط..
الملكيات في اوربا القرون الوسطى هي كذلك حكم عائلات و بشكل اكثر مؤسسية في نظام اقطاعي واضح المعالم..و هنا نجد ما يُعبر عنه خلدونيا بالعصبية..
كما ان العقيدة الدينية او المسيحية الكاثوليكية و الخضوع للكنيسة و القيام بحروب دينية و من بينها الحروب الصليـبـية هي تعبـير عن اقـنوم العقيدة الممتـزج مع العصبية..
كما ان تلك الحركة هي كذلك تـشتمل بشكل واضح على اقنوم الغنيمة سواء في الداخل او الخارج..
اي ان ما ذكره "محمد عابد الجابري" مما اسماه تحديدا للعقل العربي هو في النهاية العقل الانساني السياسي..
بل ان ذلك مازال فاعلا الى اليوم و ان بأشكال اخرى و بنسقية أضعف..
ألم يحارب بوش العراق باسم عقيدة الحرية ضد الدكتاتورية و النتيجة نهب بترول العراق الذي لا يخرج عما أسماه محمد عابد الجابري بالغنيمة، و العصبية تـتمثـل في مصلحة لوبيات السلاح و البترول التي هي في النهاية عائلات محددة ذات عصبية انكلوسكسونية؟
اي ان النظرة النـقدية لتاريخنا يجب ان لا تـتجه في اتجاه جلد الذات و انما في اتجاه انساني أشمل يخص بالأساس بناء المستـقبل وفق نظرة واعية بتاريخيتها بدقة و واعية و محددة لدورها الانساني المستـقبلي الممكن..
و الفارق بين الموقـفين ان موقف جلد الذات يجعلك غارقا في الماضي حتى و ان كان من زاوية انتـقاده، بينما الموقف الانساني وفق العلمية في التـفكير فإنـه يجعلك واثـقـا من نفسك و واضحا في تحديد مجمل الاشكاليات التي لا تهم أزمة الوجود العربي بل أزمة الواقع الانساني برمته..
و هنا فإنه لا يمكن حتى وفق الغيرة على الوجود العربي جماعيا و فرديا و ان كان من باب الانكار للعروبة، فهذا الانكار لا يمكن ان يفصلك واقعيا و مصيريا عن العروبة.. نقول انه حتى من هذه الزاوية فانه لا يمكن ابدا الخروج من مأزق الوجود العربي إلا وفق أنسنة هذا الوجود أولا، اي ان العرب هم بالتالي خاضعون للحقائق و القوانين الإنسانية، و من جهة اخرى فان الخروج من المأزق الوجودي العربي لا يمكن ان يكون إلا وفق تـقاطع واضح و حي و ملموس مع الخروج من ازمة العالم برمته.
هذا التجاوز و التـقدم التاريخي لا يخص اساسا مبدأ اللحاق بالغرب، و انما مبدأ التـقدم الانساني نحو عالم انساني حر و عادل..
فالعالم بشكل عام ليس حرا بفلسطين محتلة، و ليس عادلا برأسمالية عالمية تـقـدس مبدأ التـنافس المتحول الى احتكار، و الواقـفة على حافة الجحيم في جزئيات الحركة و في عموميتها بحيث تهدد وجودنا في الارض المعرض لخطر ابتلاعها بمياه البحر نتيجة الذوبان المتواصل لكتل الجليد مما يرفع بشكل دائم من نسبة المياه على حساب تآكل اليابسة، و ذلك نتيجة الاحتباس الحراري، و الرأسمالية التي تحدد وجودها في الربح لا تـتوقـف عن الصناعة المجنونة و الاستهلاك المجنون للأدخـنة البترولية السامة..
البترول الذي يمثل في نفس الوقت أهم العوامل في مأزقية الوجود العربي.. هذه المأزقية هي مأزقية الوجود الانساني لما يتسبب فيه من احتباس حراري.. الاحتباس الحراري كأزمة مناخية للأرض هو أزمة مناخ انساني روحي نتيجة عقلية الربح بدون أي كابح و عقلية التسليع للانسان و الطبيعة التي هي عقلية الراسمالية الامبريالية الجحيمية التي تقود الانسانية الى الجحيم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر