الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-شبح- ايمن نور، يحوم حول انتخابات 2018 ؟!

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2018 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



اذا كانت كل الوقائع فى مصر، حتى الطيور على الشجر، تؤكد نجاح المرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى فى انتخابات 2018، فلماذا كل هذا "الحرص" على ان لا يصل اى مرشح، "ذو حيثية"، الى ان يصبح مرشح للرئاسة محتمل، منافساً للسيسى؟!


وقف المحللون امام هذا السؤال طويلاً، لكن السمة الاساسية لتحليلاتهم شابها خلل منهجى تمثل فى التعميم، فقد اكتفوا امام عجزهم عن الاجابة المحددة على هذا السؤال المحدد، اكتفوا بأجابات عامة، مرتبطة بصفات عامة مثل سياسة القمع والاستبداد .. الخ، استعداداً لتنفيذ اهداف تستوجب هذا القمع وهذا الاستبداد، فهذا يقول من اجل تعديل الدستور فيما يتعلق بمدة ومدد الرئاسة، والآخر يقول من اجل تنفيذ "صفقة القرن" .. الخ، ولم ينتبه احدهم الى انه على العكس، فان السماح بترشح مرشح "ذو حيثية"، هو بالذات الذى من شأنه ان يظهر النظام بمظهر النظام القوى، وهو ما يسمح له بتنفيذ هذه الاستحقاقات بشكل اكثر قوة!.


ان الاجابات العامة، تصلح فى كل زمان ومكان، ولكنها لا تجيب الاجابة المحددة عن السؤال المحدد!؛ خاصة وانه كان الاقرب الى المنطق ان يستغل "فريق السيسى" هذه "الفرصة" التى فيها مرشحهم الرئاسى يكاد ان يكون قد نجح قبل ان تبدأ الانتخابات اصلاً!، فمن المفترض انها تمثل فرصة ذهبية لـ"فريق السيسى" ليثبت من خلال سماحه لمرشح رئاسى جاد بالترشح، للداخل، ان حكمه ثابت ومستقر تماماً ولا يخشى منافس اياً كان، ويؤكد للخارج، مدى ديمقراطية نظامه وشعبيته معاً، ويرد على كل الانتقادات التى توجه له فى الخارج؛ الا ان هؤلاء المحللين قد فشلوا فى ايجاد اجابة محددة لهذا السؤال المحدد.




انتخابات رئاسية نعم، تنافسية لا !

ليس هناك من اجابة محددة لهذا السؤال المحدد سوى ان "فريق السيسى" قد قرأ تجربة يناير 2011 بشكل عميق، وكون خبرة واضحة، وهو بذلك على خلاف كل صفات الاستخفاف التى تطلقها عليه "المعارضة / النخبة" الحزينة، اسيرة سيكلوجية العزلة، التى تستخف بغريمها السياسى، فلا تحصد الا الخسارة والندم، وما خبرة يناير 2011 ببعيدة، (خبرة يناير: بين براءة الثوار ودهاء النظام العتيق!)،* وفى القلب من هذه الخبرة التى قرأها "فريق السيسى"، قرأ خبرة معركة انتخابات الرئاسة التنافسية فى 2005.


على الرغم من ان معركة انتخابات الرئاسة فى 2005 التى خاضها باقتدار المعارض ايمن نور ضد الرئيس الاسبق المخضرم حسنى مبارك – 30 سنه حكم -، لم تكن سوى نقطة فى مسار نضال طويل وشاق، سبقها وتلاها، خاضته وقدمت فيه "المعارضة / النخبة" تضحيات مشهودة ضد نظام مبارك، بدءاً بحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير وحركة 6 ابريل .. ، الا ان خبرة نظام يوليو العتيق عن معركة انتخابات الرئاسة التنافسية 2005 كانت خبرة لها خصوصيتها؛ حيث يمكن اعتبار، بقدر من التجريدية، ان ايمن نور "رمز التنافسية" هو الذى منع العقيد قنصوة والفريق شفيق والفريق سامى عنان وخالد على من الترشح فى انتخابات تنافسية فى 2018، وحولها نور الى انتخابات رئاسية ولكن غير تنافسية؛ وهذا ما يمثله بالضبط المرشح الرئاسى اللا تنافسى،موسى مصطفى موسى، والذى ليس من باب الصدفة انه هو نفسه الذى ازاح "بالامس" ايمن نور نفسه من رئاسة حزب الغد، ليزيح "اليوم" ايمن نور "رمز التنافسية" من انتخابات 2018 الرئاسية!.


لقد مثل التحول فى طريقة تجديد الرئاسة، تحت ضغوط داخلية وخارجية، بتحولها الى انتخابات تنافسية على الرئاسة فى 2005، اراد لها النظام ان تكون غير جدية، لتمثل تنفيساً للداخل، وارضاء للخارج، وهى بالنسبة لسلطة يوليو، سابقة جديدة لم تحدث من قبل مع سلطة عمرها ستة عقود، الا ان جدية حملة ايمن نور ونجاحها فى التعبير عن الغضب الشعبى على حكم مبارك، جعل من سابقة التجرؤ على المنافسة الجدية على منصب الرئيس، سابقة يجب الا تتكرر ايا كان الثمن!، (اما تجربة الانتخابات الرئاسية التنافسية فى 2012 فهى تأتى فى سياق اجبارى مختلف، فهى من ناحية كانت نتيجة لسياق من التداعيات التى ادت الى 25 يناير 2011، والتى لم تكن انتخابات 2005 التنافسية الا احد حلقاتها، ومن الناحية الاخرى، كانت انتخابات 2012 هى الوسيلة الوحيدة المتاحة للالتفاف على 25 يناير "سلمياً").


ان منصب الرئيس فى نظام يوليو يمثل المنصب الذى يجب الا يمس، انه الرئيس الذى يجمع بين يديه كل سلطات نظام يوليو، انه رمز انفراد سلطة يوليو بكل السلطات، والذى هو بمثابة "الاب الروحى" لسلطة يوليو فى كل مراحلها، والتى تمثل عملية مشاركته "جدياً" فى الترشح على الرئاسة، وان بمعنى رمزى، تهديداً بالتجرؤ على فتح افاق "الامل" الواقعى على الارض، ليس فقط "الامل" فى امكانية المشاركة فى سلطة يوليو، بل "الامل" فى امكانية رئاسة سلطة يوليو ذاتها، اى فى زوالها، اى السماح بـ"الامل" فى المستحيل، هذا "الامل" المستحيل الذى لم يفهمه مبارك نفسه عندما اراد توريث الحكم لابنه المدنى وامتدادته المدنية خارج سلطة يوليو الممتدة!، كما هو هذا "الامل" المستحيل الذى لم يفهمه الاخوان المسلمين الذين اردوا الحكم لمجرد انهم "فرضاً" قد نجحوا فى انتخابات اخرجها وصممها واشرف عليها واعلن نتيجتها نظام يوليو نفسه!.


ان فريق السيسى" وهو يستعد ليبدأ فترة رئاسية ثانية، هو يستعد ليبدأ فى تنفيذ الجزء المتبقى و الاصعب من المهمتين الرئيسيتين الموكل له انجازهما، ولضمان استمراره، (شروط "صندوق النقد"، وشروط "صفقة القرن")، والذى لا يستدعى اياً منهما اى مفاهيم لليبرالية سياسية، كما لا يحتمل اى تراخى او تأجيل، فالقوى الداعمة لـ"فريق السيسى"، محلياً واقليمياً وخاصة دولياً فى الانتظار، و"فريق السيسى" ليس على استعداد، ايأً كان الثمن، ان يسمع مرة اخرى الجملة "المشئومة":
" "Now it means yesterday!.


كما يواجه "فريق السيسى" خلال نفس هذه الفترة الثانية للرئاسة، اثنان من التهديات المصيرية لوجود الدولة المصرية، وليس نظام يوليو فقط، وهما الازمة الخطيرة للمياه، والتهديد المتصاعد للارهاب، وهما تهديدان لا تتوقف خطورتهما على طبيعتهما المصيرية الوجودية فى ذاتهما، بل ايضاً فى حجم الضغوط الاقليمية والدولية التى تقف ورائهما، ففى الاولى، المياه، تمثل الرغبة الاسرائيلية القديمة والمستمرة، فى الحصول على مياه النيل، ضغطا عنيفاً غير منظور، وفى الثانية، تمثل الرغبة الامريكية القديمة والمستمرة المعلنة فى تغيير عقيدة الجيش المصرى وتحويلها من عقيدة جيش نظامى مهمته الرئيسية حماية حدود الدولة المصرية ضد التهديدات الخارجية، الى عقيدة "محاربة الارهاب" بكل ابعادها السياسية والمدنية على كلً من الداخل المصرى المدنى، والمؤسسة العسكرية، وكلاهما تمثل ضغطاً عنيفاً وعاجلاً، ناهيك عن الضغوط المرعبة عن اتساع الغضب الجماهيرى المكتوم الناجم عن التدهور الحاد مستوى المعيشة لدى الغالبية من الشعب المصرى.




سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam




الهوامش:
* خبرة يناير: بين براءة الثوار ودهاء النظام العتيق!.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=501507








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازحون فلسطينيون يحاولون العودة إلى منازلهم شمالي قطاع غزة


.. عودة على النشرة الخاصة حول المراسم الرسمية لإيقاد شعلة أولمب




.. إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق وسط دعوا


.. بتشريعين منفصلين.. مباحثات أميركية لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل




.. لماذا لا يغير هشام ماجد من مظهره الخارجي في أعمالة الفنية؟#ك