الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الليكود الجديد فى مصر والوقوف فوق سن إبرة

محمد السعدنى

2018 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


"أزمة الثقافة المصرية مزمنة، لكن تدهورها بلغ درجة مخيفة تنذر بالسقوط، وقديما قيل إن بيزنطة سقطت تحت سنابك خيل البرابرة العثمانيين عندما انشغلت نخبتها بالجدل حول سؤال تافه: ما هو عدد الملائكة القادرة على الوقوف فوق سن إبرة؟"، هكذا كتب فى مقاله "الشيخ والحجر وسن الإبرة" بالمصرى اليوم 9 نوفمبر 2017. ثم أردف: "إنى أسمع حوافر خيل البرابرة قادمة من الصحراء الغربية، من طريق الواحات، وعلى حدودنا الشرقية فى سيناء، ومبحرة إلينا من أعماق المتوسط، شمالا، وزاحفة من أعماق إفريقيا، ولأن ثقافتنا تدهورت لهذا المستوى، فقد يرحب بعضنا بالبرابرة، لأنه يرى بتعبير الشاعر السكندرى كونستانتين كفافى، أن «البرابرة حل من الحلول». يا الله، لكأنه متبصر يقرأ الطالع ويرى أن الحرب تحاصرنا من كل جهة وأن بعضنا مستسلم لا محالة، وهو يبشرنا بالسقوط كما بيزنطة. إلى هنا وفكرته لاتزال غامضة، ولعله أفصح عنها فى مقال تال: "التطبيع مع إسرائيل: نعم ولا ولماذا؟" فى المصرى اليوم أيضاً الأربعاء الماضى إذ يقول:"إن كل شكل من أشكال التفاعل مع إسرائيل، بما فى ذلك التعاون ضد الفوضويين المسلحين فى سيناء، محكوم بأمرين اثنين: أولا، أن السلام خيار استراتيجى مصرى لا رجعة عنه، وأن واجب الدفاع عن الحقوق الفلسطينية خاضع لهذا الخيار الاستراتيجى وليس العكس. وثانيا، أن شركاءنا الإقليميين، وأهمهم على الإطلاق دول مجلس التعاون، مقبلون على سلام شامل مع إسرائيل، وهذه مسيرة لم يعد ممكنا لنا أن نتخلف عنها". وبذلك كشف عن خبيئة ذاته المخاتلة وفكرته المراوغة، إنه التطبيع إذن، ليس فحسب وإنما التسليم للمشيئة الصهيونية كحل لابديل له، ولقد دافع فى المقال عن زيارة سعد الدين إبراهيم لجامعة تل أبيب، واستنكر على الطلاب العرب وبعض نواب البرلمان إدانتهم للزيارة، وأضاف بكل صفاقة:"أن جامعة القاهرة، وهى أهم جامعاتنا، تحتل المكانة 764 على قائمة أفضل ألف جامعة فى العالم، فى حين أن جامعة تل أبيب ترتيبها الحادى والثمانون، وبالتالى فمن المصلحة أن تنضم جامعاتنا لقافلة التعاون، التى لا أستبعد أنها ستنطلق قريبا جدا، لتضم جامعات الخليج والجامعات الإسرائيلية الحديثة، إن قبلوا بنا معهم". وهنا سقط القناع عن الوجه المخادع وفكرته الحاكمة، فتعرت ذاته ومشاعره الدونية أمام التفوق الاسرائيلى المزعوم والذى صنعته آلة البروباجندا الصهيونية وأسست له بالذراع الطويلة والقوة التى لاتقهر مع أن جيشنا البطل هزمها ومرغ بسمعتها التراب فى أكتوبر 1973. الغريب والمدهش أنه برر فكرته تللك بقوله:"لأننا يجب أن نفكر فى الجار القريب والبعيد تفكيرا سياسيا لا تفكيرا حربيا، فهذا زمن الصراعات الأهلية لا زمن الحروب مع الجيران". وياله من منطق معوج متسول يحبز الحرب الأهلية مادامت تأتى بديلاً للصراع مع الجيران، يقصد إسرائيل. إذن فلنطبع ونتماهى مع السياسات الصهيونية، وإذا كان لابد من حرب فلنركز فى الحرب الأهلية، هل رأيتم مثل هذا الطرح الغريب والعجيب والخطير من قبل؟. إنه الليكود الجديد يطور آلياته ويبدل وجوهه يشاغلنا ويلعب بأفكارنا ويضرب عزيمتنا ويشكك فى قدراتنا ويسخر من توجهاتنا الوطنية، بينما نحن مشغولون بصناعة عدو مفترض إلى جانب أعدائنا الحقيقيين فى الداخل والخارج نصمه بالخيانة والعمالة لمجرد رأيه المختلف، ولا نهتم لهذا الطابور الخامس الحقيقى من الليكوديون الجدد الذين يشنون حرباً شعواء على عقولنا وقناعاتنا الوطنية مستغلين مناخاً إعلامياً كرس للبلاهة والتفاهة والعبط، يثرى باروناته الجدد على حساب تغييب وعى الشعب وتسطيح قضايانا فى مرحلة حاسمة من تاريخنا النضالى.
فى مقالات أخرى بنفس الجريدة يعتبر عدم استقبال السلطة الفلسطينية لنائب الرئيس الأمريكى نوعاً من الحماقة، فلا أحد يستطيع استبعاد أمريكا وإلا كان غبياً وعلينا الإنضواء تحت جناحها والتسليم لها، لكأنه يطالب الفلسطينيين بالجلوس على الخازوق طواعية والاستمتاع بالألم. وعندما كتب د. حسام عيسى كيف لايكون لجمال عبدالناصر تمثالاً بينما د. أسامة الغزالى يطلب لديليسبس تمثالاُ، رد عليه بمقال آخر جاء فيه:" طرْح حسام عيسى لمسألة تمثال ديليسبس طرح ماضوى. أما أسامة الغزالى حرب فيعالجها بمنطق التصالح مع الماضى، وبمنطق التفهم لدور فرنسا الجديد فى المنطقة. وهذه عقلية عملية راجحة ربما ورثها عن والده الذى أظن أنه كان مع والدى فى عنبر واحد فى مزرعة طرة، عندما حبسهما ناصر كإخوانيين سابقين". هذا هو أسامة الغزولى الصحفى والمترجم جاء فى غفلة منا يتخفى قائلاً: "أنا مجرد صحفى لا هنا ولا هناك"، بينما هو قادم إلى صحافتنا من فرنسا وانجلترا على طراد صهيوأمريكى يعيد برمجة عقولنا ويلعب فى أفكارنا ويخاتلنا فى هويتنا ومنطلقاتنا الوطنية ويكرس لدينا عقد النقص تجاه التفوق الإسرائيلى والسيادة الأمريكية، ويوقفنا على سن إبرة، فهلا انتبهتم وعرفتم أن ملاعبنا مستباحة ووطننا مستهدف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة