الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خفض سعر الفائدة .. قرار غير موفق

احمد البهائي

2018 / 2 / 17
الادارة و الاقتصاد


أعلن البنك المركزي المصري إنه خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 100 نقطة أساس ، وذلك في بيانه قائلا ، "تشير بيانات التضخم الأخيرة إلى نجاح السياسة النقدية في احتواء الضغوط التضخمية. وبناء عليه قررت لجنة السياسة النقدية خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 1%. وترى اللجنة أن هذا القرار يتسق مع تحقيق معدلات التضخم المستهدفة واستقرار الأسعار على المدى المتوسط".
من أهم وظائف السياسة النقدية ، مكافحة الضغوط التضخمية، والحد من آثارها والعمل على تحقيق اسـتقرار نسبي في مستويات الأسعار المحلية ، ومنها تعتبر أسعار الفائدة من أهم وسائل السياسة النقدية لمكافحة التضخم ، حيث تؤدي زيادة أسعار الفائدة الدائنة إلى جعل الأفراد أكثرقدرة على إتخاذ قرارات بزيادة حجم مدخراتهم لدى الجهاز المصرفي نظراً للعوائد التي يحققها المدخرون على ودائعهم، خاصـة إذا كانت معدلات الفائدة أكبر من معدلات التضخم السائد في الاقتصاد ، وتؤدي الزيادة في حجم المدخرات إلى انخفاض النقود الموجهة نحو الاستهلاك وبالتالي تخفيض حجم الطلب الكلي والعمل على تخفيض فائض الطلب وتحقيق الاستقرار في مستويات الأسعار وزيادة حجم الاستثمارات ، بينما تؤدي الزيادة في أسـعار الفائدة المدينة إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض ، وبالتالي التأثير في حجم نشاط المشروعات ، وخاصة المشروعات الغير إنتاجية القائمة على الخدمات والتوزيع .
من المعروف أن أسعار الفائدة على أذون الخزانة تؤثرعلى أسعار الفائدة في السوق، ولنجـاح ـسياسة استخدام أذون الخزانة يتطلب إجراء مجموعة من الإصلاحات التي تكفل تحقيق الرقابـة علـى النقـود بصورة مبكرة، تمكن البنك المركزي من التنبؤ بالتطورات التي قد تطرأ على احتياطياته النقدية، وبالتالي اتخـاذ التدابير الكفيلة بامتصاص السيولة الزائدة أو توفير النقص في السيولة، ويتطلب ذلك : *التنسيق بين المزادات العلنيـة لأذون الخزانة وإدارة الديون المحلية للحكومة، وذلك من خلال إعداد بيان عن التدفقات النقدية من جانب الحكومة، والذي يتضمن التحديد المسبق للمصروفات الحكومية والإيرادات والمنح والمساعدات والقروض المحلية والأجنبية، وبما يضمن تحديد حجم أذون الخزانة التي تلزم الحكومة ببيعها خارج البنك المركزي بهدف تحقيق الاستقرار فـي الاقتصاد الوطني.* كما أن تطور الأسواق المالية وكفاءة عملها تمارس دوراً هاماً يعكس مدى فعاليتها في التأثير في أسعار الفائدة في السوق النقدية، حيث أن التسيير الدقيق لعملية المزادات العلنية لأذون الخزانة يمكن أسعار الفائدة ، على أذون الخزانة من أن تعكس الوضع الحقيقي للسوق النقدية . هذا يحعلنا نتساءل هل ينطبق ذلك على دور السياسات النقدية في القضاء على الفجوة التضخمية في الاقتصاد الوطني ؟.
في تصوري أن استقلالية البنك المركزي في رسم وتنفيذ السياسة النقدية ، يعتبر من أهم الإصلاحات في إطار إصلاح الإختلالات في جوانب السياسة النقدية ، فتوسع الحكومة في حجم الاقتراض من البنك المركزي يساهم في تغذية الضغوط التضخمية ، نتيجة لاعتماد البنك المركزي في تغطية الزيادة في حجم الائتمان المقدم للحكومة لأغراض تمويل عجز الموازنة العامة عن طريق الإصدارات النقدية الجديدة، مما يساهم في زيادة كمية النقود في الاقتصاد بنسبة تفوق الزيادة في حجم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مما يعكس حالة التبعيـة التـي تـربط البنـك المركـزي بالحكومة .
قرار البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة كان قرارا غير موفق في الوقت الحالى ، لعلى اقول كان متسرعا ، والخفض بواقع 1% يضع علامة استفهام ، على الجميع ان يعرف ان اقتصاد مصر ليس البورصة او قطاع بعينه ، ليس تأييدا لقرار تثبيت الفائدة في الوقت الحالى ، فالامر لم يعد متعلق بمعدلات التضخم فقط ، فهناك امور كان يجب اخذها في الاعتبار قبل الاقبال على خفض الفائدة منها:*الاستثمار الاجنبي الغير مباشر(أذون الخزانة)والتي تقدر 22مليار دولار ، حال خروجها من الأسواق المالية، إذا أقدم البنك المركزي على خفض سعر الفائدة، وهنا تكون المشكلة، حتى لو في حالة القدوم على تقديم اسعار تفضيلية لما طرح أو يطرح من أذون الخزانة ، وهنا كان يجب النظر، الى مقدار الاستثمارات الاجنبية الغير مباشرة بالنسبة الى قيمة العجز في الموازنة العامة وكم تمثل منها (هذا هو محور المقالة القادمة ) .* قيمة الجنيه في سوق العملات الذي يتأثر بخفض الفائدة ليزداد انخفاضا امام العملات الرئيسية وعلى رأسها الدولار، لتعود السوق السوداء بقوة ، فخفض القيمة الخارجية للعملة الوطنية ، مرتبط دائما بأن تكون أسعار الفائدة أعلى من التضخم ، ما يؤدي داخليا الى الحد من الاستهلاك على السلع وخاصة المستوردة مقيمة بالعملة المحلية، مما يساهم في انخفاض حجم الطلب الكلي على الواردات ،وبالتالي المساهمة في تحقيق التوازن في ميزان المـدفوعات والميـزان التجـاري، لنصل الى تحقيق الاستقرار في مستويات الأسعار المحلية ، * ارتفاع معامل استقرار النقود الذي هو فوق معدله الطبيعي اصلا ، فعندما تكون قيمة معامل الاستقرار موجباً، فإن ذلك يؤكـد علـى وجود ضغوط تضخمية يتفاوت تأثيرها في الاقتصاد كلما زادت قيمة المعامل أو اقتربت من الواحد الصحيح بحيث تزيد حدة الضغوط التضخمية كلما زاد المعامل عن الواحد الصحيح الموجب ،ولتطبيق ذلك على الاقتصاد المصري لعام 2017 :

معدل النمو السنوي لحجم وسائل الدفع 39.4
------------------------------------------ =+10.36(معامل استقرار النقود )
معدل النمو السنوي للناتج المحلى 3.8

فخفض الفائدة ستزداد كمية النقود لتتفوق السيولة التي هى اصلا مرتفعة على الادخار الأمثل اللازم للمحافظـة علـى ثبات مستويات الأسعار، كذلك نسبة الزيادة في كمية النقود بنسبة أكبر من الزيادة في الناتج المحلي الاجمالي، تولد فـائض طلـب متزايد يـدفع بالأسعار نحو الارتفاع، يتحقق ذلك من خلال الزيادة في حجم الطلب الكلي على السلع والخدمات فـي الاقتـصاد بنسبة تفوق الزيادة في كمية السلع والخدمات المعروضة، والذي يعد نتيجة لاختلال التوازن بين تيار الإنفاق النقدي والتيار السلعي .
حيث من المتوقع ان يهبط معدل التضخم الى 16% ، ولكن ما نخشاه ألا يتعدى معدله 14% ، لاسباب ان التضخم في مصر تضخم مركب ، حيث يمكن معالجة الطلب والعرض وعوامل انتاج منه،حتي يصل الى16%،وهنا يظهر نوعه الاصعب في المعالجة،وهو التضخم النقدي الراجع إلى: *الإفراط في إصدار النقود الناتج عن إتبـاع الحكومات سياسـات تمويـلية تضخمية، كان النصيب الاكبر منها لتمويل البرامج الاستثمارية الغير إنتاجية او التي تظهر إنتاجيتها على المدى الطويل ، فإتباع تلك السياسات أدى إلـى زيادة كمية النقود في الاقتصاد بمعدلات كبيرة ساهمت في زيادة حدة الخلل في النظام الاقتصادي ، وبالتالي فـي زيادة التقلبات السعرية وعدم تحقيق الاستقرار النقدي، نظراً للزيادة في معدلات الطلب الكلي على السلع والخـدمات عن العرض الحقيقي منها، مما ساهم في ارتفاع مستويات الأسعار، نتيجة الدخول الناتجة عن العمل في تلك المشروعات الغير انتاجية(التشيد والبناء العقاري المتوسط والعملاق) التي لم يقابلها توفير احتياجتها من السلع .*كذلك لسـوء الإدارة النقديـة والمالية، وعدم وجود أسواق نقدية ومالية تعمل بكفاءة .*هذا بالإضافة إلى التدخل الفاشل للحكومات في عمل السوق والحد من تـأثير قـوى العـرض والطلب والتي لم تكفل تحقيق التوازن في الاقتصاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف أثرت المواجهات الإسرائيلية الإيرانية على أسواق العالم..


.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024




.. انخفاض جديد فى أسعار الذهب ... وهذا أنسب موعد للشراء


.. الذهب يفقد 180 جنيها فى يومين .. واستمرار انخفاض الدولار أم




.. قاض بالمحكمة العليا البريطانية يحدد شهر أكتوبر للنظر في دعوى