الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية الديمقراطية اولا ام المجتمع المدني ؟

سلمان رشيد محمد الهلالي

2018 / 2 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هل الديمقراطية تحتاج الى مجتمع مدني متحضر من اجل ان تنجح ؟ ام ان الديمقراطية ستؤدي الى قيام مجتمع مدني متحضر ؟ جدلية الديمقراطية اولا ام المجتمع المتنور ؟
في الواقع لم يكن هذا السؤال مطروحا عند جيل النهضة العربية الليبرالي الذي نادى انذاك بالديمقراطية والحرية والتعددية السياسية والثقافية في اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين , ليس لانه يعتقد ان هذه الوصفات الغربية والاستعارات العصرية والليبرالية هى ناجحة تلقائيا بحكم العقلانية والتجريبية والكونية التي تستند عليها فحسب , بل لان التجربة الاوربية والغربية قد انضجت مشروع الديمقراطية من خلال الممارسة الطويلة الامد , وبالتالي يمكن تطبيق هذه الرؤية واستعارتها على المجتمعات العربية والاسلامية المتاخرة في هذه الجوانب المدنية والحضارية. اي الاعتقاد ان هذه المجتمعات سوف تستوعب الديمقراطية من خلال التجربة والتعلم والممارسة - كما حصل في اوربا - التي راوحت اكثر من قرنين حتى نضجت عندها الديمقراطية ووصلت الى ماوصلت اليه الان . وفعلا عملت الحكومات الوطنية الملكية التي تاسست مابعد الكولونيالية على تبني الخيار الديمقراطي والعلماني والليبرالي في انظمة حكمها السياسية ,كما حصل في العراق ومصر وليبيا وايران وتركيا وافغانستان وباكستان والسودان والمغرب وغيرها , رغم ان مجتمعاتها التقليدية تعيش الانماط البدائية المتخلفة كالاسرة والقبيلة والطائفة والاثنية حتى اصبحت هذه الدول والمجتمعات تعيش (التناشز السياسي) باجلى مظاهره فهى (دول حديثة ومجتمع قديم ) – كما عبر عن ذلك احد الغربيين في العراق - وبعد فشل مشاريع هذه الدول وانظمة حكمها في حل الاشكالات المستعصية التي ترزح تحت ظلها تلك المجتمعات , من حيث التخلف والبطالة والفقر والفساد والمحسوبية والاستئثار والطائفية والعنصرية وغياب العدالة الاجتماعية وانعدام مشاريع الاصلاح السياسي والثقافي والاقتصادي , ساهمت التوجهات الايديولوجية والثورية الوافدة من الخارج في التحريض على هذه الانظمة , واتهمتها بالرجعية والعمالة والتبعية والفساد , الامر الذي افرز تداعيات خطيرة وتوترات كبيره استغلها العسكر من اصحاب الطموح السياسي للوثوب الى السلطة , وتسلم مقاليد الحكم واسقاط الانظمة الملكية والغاء التجارب الديمقراطية في مهدها . وبما ان الديمقراطية تشكل بحد ذاتها قيمة كونية عليا متفق عليها عند جميع المجتمعات والانظمة والايديولوجيات , ولايمكن لااحد انكارها لذاتها , فان هذه الانظمة الثورية والعسكرية الحاكمة والانتلجنسيا المؤدلجة التابعة لها قد عملت - في سبيل مواجهة الطعون المتعلقة بانظمتها غير الديمقراطية والاستبدادية - من خلال مسارين :
الاول : الادعاء بان تلك الانظمة الليبرالية والملكية هى اصلا غير ديمقراطية حقيقة , وانها انظمة عائلية متسلطة اتخذت من الممارسات الشكلية كالانتخاب والبرلمان والاحزاب جسرا للاستئثار بالسلطة والهيمنة على مقدراتها وامتيازاتها . وهذا الادعاء هو ليس بالجديد , فسبق ان اعلن ماركس وانجلز - وحتى لينيين من بعدهم - ان الانظمة الديمقراطية الليبرالية في اوربا وامريكا هى اصلا ليست ديمقراطية حقيقة , وانما هى اداة الراسمالية والبرجوازية للتسلط على المجتمعات الغربية وحتى الشرقية. فاذا كان هذا الادعاء والتدليس الذي قام به الشيوعيين قد تجرأ حتى على الديمقراطيات العريقة والراسخة في اوربا وامريكا , فمن باب اولى ان يتم الطعن بالديمقراطيات الهشة والابتدائية في العالم الثالث .
الثاني : الترويج بان هذه المجتمعات العربية والاسلامية ليست مهيئة حتى الان للديمقراطية والحرية , لانها تعيش البدائية والمذهبية والاثنية والقبلية باجلى صورها , وان الديمقراطية تحتاج شعبا من الملائكة – كما يقول روسو – ومجتمعا مدنيا وعصريا ومثقفا يحترم القانون والدستور والنظام والمؤسسات الحكومية , واستندوا في ذلك الى اطروحة رائجة وهى (ان المجتمع المدني هو من قاد الى الديمقراطية في الغرب) , فلماذا يحدث عندنا العكس ؟ وبالتالي اعلنوا صراحة : ان توفير الديمقراطية والحرية لشعوب العالم الثالث سوف يجعلها تطلق العنان للفتن والاقتتال الاثني والطائفي والاحتراب السياسي والحزبي والقبلي , وان الحل الوحيد لحماية هذه الشعوب من نفسها – كما يقولون - هو بالحاكم المستبد العادل او النظام الشمولي الاحادي الي يوفر العدالة الاجتماعية اولا , والامن والنظام ثانيا , حتى لو كان ديكتاتوريا فرديا او حزبا طليعيا . وهو بالطبع دعوة ضمنية للمستبد المطلق المتنور التي سبق وان ظهرت في اوربا خلال القرن الثامن عشر اولا , ثم انتقلت الى العالم العربي والاسلامي من خلال دعوة السيد جمال الدين الافغاني وتلميذه الشيخ محمد عبدة الى حكومة المستبد العادل .
استمرت هذه الاطروحة رائجة طيلة النصف الثاني من القرن العشرين , ودعمتها للاسف الانتجلنسيا العراقية والعربية المتريفة بقوة , لانها وجدت بهذه الانظمة خلاصا لمعاناتها من الفقر والعوز والبطالة . واستحكمت الانظمة الديكتاتورية والشمولية الحزبية على مقدرات الدول العربية بعد الحرب العالمية الثانية , وتسلطت على مقدراتها ومواردها , وهيمنت على مؤسساتها واجهزتها التنفيذية والتشريعية والقضائية , فماذا حصل ؟ هل حصلت هذه المجتمعات والشعوب على العدالة الاجتماعية والامان والنظام ؟ هل توفر لها التعليم والرفاه الاقتصادي والعمل والتامين الصحي ؟ هل حصلت على الكرامة والحد الادنى من الحرية والتعددية السياسية والثقافية ؟ في الواقع لاحاجة الى القول ان هذه الدول قد ارتكست لما هو اشد سوءا من الانظمة الملكية والديمقراطية السابقة , ليس من خلال الاستئثار والاستبداد فحسب , بل اشدها سوءا وطغيانا وهو الديكتاتوريات العسكرية والفردية والحزبية والعائلية التي اهانت الانسان واذلته واستعبدته تحت عناويين براقة من الايديولوجيا الثورية واليسار ومواجهة الاستعمار والتحرر الوطني والقومي والاشتراكية والوحدة العربية وغيرها , وحصل التراجع المستديم والمخيف في جميع المستويات الاجتماعية والاخلاقية والاقتصادية والتنمية الثقافية , واصبحت هذه الدول تعيش الانماط القرو – سطية باجلى مظاهرها وصورها ,الامر الذي سمح لبذور التكفير والتطرف والغلو بالنمو والتصاعد الى مديات خطيرة وغير مسبوقة من التخلف والجهل , وما افة الارهاب وثقافة الذبح والقتل والتهجير والسبي الا واحدة من تجليات الاستبداد وافرازات الديكتاتوريات .
بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 وسقوط الاطروحة الشيوعية والثورية في العالم , وتلاشي الفكره القومية بعد احتلال صدام حسين للكويت عام 1990 , اعيد سؤال الديمقراطية من جديد في العالم العربي , وبعث الامل باعادة العمل بهذا النظام بعد الاعلان الصريح عن فشل تلك الانظمة الثورية والتوجهات الايديولوجية الشمولية والدوغمائية في الحكم . وكان الرواد الاوائل بهذا المجال قد استندوا الى كتاب فرنسيس فوكوياما الخالد (نهاية التاريخ والانسان الاخير) الذي اعلن صراحة نهاية التاريخ بانتصار القيم الليبرالية والديمقراطية , وان جميع الانظمة الشمولية والايديولوجية والدينية والعائلية والحزبية والاحادية سوف تسقط اجلا ام عاجلا باحضان الليبرالية . ورغم الانتقاد العلني والهجوم الصريح من قبل الكثير من الانتلجنسيا العربية الحكومية والثورية والمؤدلجة لهذا الكتاب , واتهامه بالترويج للديمقراطية الامريكية والراسمالية الاستعمارية , الا ان التاثر به ومطارحاته الفكرية ومتبنياته الليبرالية كان حاسما وظاهرا في وجدان الانتلجنسيا العربية , لاتستطيع اعلانه او الاعتراف به خوفا من الاتهام بمولاة الغرب والراسمالية , والرضوخ لاراءها وقيمها المتوحشة – كما يقولون – فاعيد الجدل من جديد , هل ان المجتمعات العربية والاسلامية مهيئة للديمقراطية ؟ وهل يجب توفر المجتمع المدني المتنور والمتحضر اولا للديمقراطية ام ان الديمقراطية ستؤدي تلقائيا الى ولادة هذا المجتمع ونموه ومن ثم تطوره وازدهاره ؟ وكالعادة اختلف الكتاب والمنظرين العرب حول هذه الاشكالية تبعا لتوجهاتهم الفكرية والايديولوجية . فالكتاب المؤدلجون (الشيوعيون والقوميون والاسلاميون) والحكوميين التابعين للانظمة الخليجية والاستبدادية قد اعادوا نفس تلك الاسطوانة القديمة وهى : ان مجتمعاتنا ليست مهيئة للديمقراطية والحرية , ويجب بالتالي اولا توفير التربية والتعليم والتنمية والثقافة والتحضر حتى نستوعب مضامينها العميقة ومعقولاتها التطويرية , فيما اكد الليبراليون والمتنورون على ان الديمقراطية هى الكفيلة بتاسيس المجتمع المدني وتطوره وتقدمه .
طرحت هذه الاشكالية على المفكر الكبير الاستاذ محمد اركون فاجاب : ان الديمقراطية هى اولا , لانها سابقة عن المجتمع المدني ومؤسساته .... كما انها ستؤدي في المحصلة النهائية الى قيام وتاسيس هذا المجتمع التنويري الليبرالي (فدولة الحق والقانون هى الحامية والمحبذة للمجتمع المدني) , اي ان الديمقراطية شرطا لقيام المجتمعات العقلانية الليبرالية وليس العكس , لانه اذا اشترطنا مقدما توفر هذا المجتمع لقيام الديمقراطية , فان الديكتاتوريات سوف تستمر بعملها في عدم تبلور اي مجتمع متنور او متحضر من خلال التجهيل والتخلف والفقر وخلق الفتن والاحتراب والبغضاء والاقتتال بين الناس , ومن ثم القول (انظروا هل هذا المجتمع يستحق الديمقراطية؟) . الا ان اركون استدرك بالقول (بان من شروط نجاح النضال الديمقراطي , العمل على بناء مؤسات المجتمع المدني باعتبارها مؤسسات وسيطة بين الفرد والدولة .... لانها مؤسسات المراقبة والمحاسبة , والمشاركة في العملية السياسية والاجتماعية والاقتصادية) , بمعنى ان اهم واجبات الانظمة الديمقراطية وهدفها الاساس هو تنمية المجتمع المدني وتطويره , ليس من اجل ترسيخ مفهوم الدولة والتنوير والعقلانية فحسب , بل من اجل حماية الديمقراطية نفسها وتاصيلها وتطويرها . وبالتالي فان مشروع الديمقراطية عنده مثل الحداثة (التي ينبغى ان يرافقها مشروعا مفتوحا لينتهي بها) .
وبهذا الراي فان اركون رحمه الله قد خالف اراء اغلبية المنظرين العرب الذين اشترطوا توفر المجتمع المدني اولا لقيام الديمقراطية , فما هو السبب ؟؟ في البدء يجب الاتفاق على حقيقة محددة وهى ان الديمقراطية ليست وصفة سحرية لانهاء جميع الاشكالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وانما هى مدخلا لحل تلك الاشكالات , لان وظيفتها الاساسية انهاء الصراع المسلح والدموي على السلطة وحيازة المشروعية الشعبية للحكم والادارة فقط , ومن ثم توفير الاستقرار والبيئة الملائمة للتنمية والنقد والتقويم والمراجعة للاشكالات المستعصية الاخرى , واما الافرازات والاضافات الاخرى فهى تحصيل حاصل لها , او لنتائجها الايجابية كالمساواة والعدالة والرفاه الاقتصادي والتعليم الحديث والمجتمع المدني المتحضر والتنوير , وليس شرطا لقيامها او تاسيسها , فربما عاشت بعض المجتمعات والدول هذه الاضافات والقيم الليبرالية قبل ان تتبني الديمقراطية بصورتها المتقدمة مثل بريطانيا , او ربما تتبنى بعض الدول الديمقراطية كصيغة للحكم دون القيم الليبرالية - كما هو حاصل الان في ايران - (وبين فوكوياما ذلك في كتابه نهاية التاريخ) . وبهذا الصدد ذكر اركون ان الدول الوطنية لما بعد الكولونيالية كانت علمانية وديمقراطية فيما كانت مجتمعاتها تقليدية وبدائية - ان لم تكن متخلفة - (وطبعا السبب الاساس لتبنيها الديمقراطية والعلمانية هو الدول الاستعمارية الوصية عليها التي ادرجت هذه النظم والقيم في نظامها السياسي) وبالتالي يمكن تحقيق الديمقراطية والعلمانية في الدول العربية والاسلامية استنادا الى تلك التجربة اولا والاطروحة الثانية التي ذكرناها في المقدمة ثانيا .
لم تقم اي تجربة ديمقراطية في المنطقة العربية خلال عقد التسعينات او مطلع الالفية الثالثة . واستطاعت الانظمة الثورية الاستبدادية امتصاص تداعيات سقوط حلفائهم بالمعسكر الاشتراكي - وعلى راسهم الاتحاد السوفيتي - بذكاء منقطع النظير , من خلال تحول الولاء للمعسكر الغربي ومولاته وتاييد عملية السلام مع اسرائيل والقيام ببعض الديكورات الديمقراطية الشكلية , واهمها الانتخابات التي كان من اهم نتائجها انها لاتغير السلطة او الرئيس , كما حصل في العراق وتونس ومصر واليمن والسودان وسوريا والجزائر والمغرب والاردن وغيرها, وانما تعزز وجوده وتضفي عليه الشرعية القانونية , لان النسب القياسية بالفوز 99% هى السائدة في كل مره . واستمر الحال حتى حصول التحول المفصلي والتاريخي في العراق واسقاط النظام البعثي الديكتاتوري عام 2003 , وقيام اول تجربة ديمقراطية حقيقية في العالم العربي . وكان يمكن للانتلجنسيا العربية دعم هذه التجربة والترحيب بها – رغم نواقصها وسلبياتها بصفتها تجربة وليدة وفتية - لانها ستشكل مدخلا لانتشار الديمقراطية في العالم العربي , الا انها للاسف وقفت بالضد منها , ليس بدعوى انها ممارسة جاءت مع الاحتلال الامريكي للبلاد , وبالتالي لايجوز قيام اي عملية سياسية تحت ظل الاجنبي وقواته , او لانها تعاني من اختلالات وسلبيات ظاهرة , بل لاغراض طائفية وعنصرية بغيضة اولا , والتحصن مع السلطات الاستبدادية والتملق لشيوخ النفط الخائفين على كراسيهم وعروشهم ثانيا . فحصلت عملية تباري من قبل الانتلجنسيا العربية في تشويه هذه التجربة والنيل منها , بل والتامر عليها من قبل جميع الانظمة العربية الديكتاتورية والمتخلفة , من خلال اليات الارهاب والتحريض والتخوين وحتى التكفير , ولم يستشنى من ذلك سوى القليل من الليبراليين الحقيقيين واهمهم الكاتب شاكر النابلسي , الذي دعم الديمقراطية العراقية بكل قوة , الامر الذي القى تداعياته السلبية على هذه التجربة وافشالها ونكوصها وارتكاسها الى مديات خطيرة من المحاصصة والطائفية والفساد والاستئثار والاحتراب والفتن , جعل تلك الانظمة العربية تعيش اجواء الزهو والتباهي بالقول : انظروا هل ان مجتمعاتنا العربية جاهزة لقيام الديمقراطية ؟ انظروا لحال العراقيين بسبب هذه الديمقراطية المستوردة والجاهزة !! عززها التداعيات السلبية والاشكالات المجتمعية والانتكاسات السياسية الخطيرة التي رافقت التظاهرات المطالبة بالديمقراطية والحرية والاصلاح عام 2011 في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن والبحرين والتي عرفت بالربيع العربي . فطرح الاشكال من جديد : هل ان الديمقراطية اولا ام المجتمع المتحضر ؟؟
في الواقع ان هذا السؤال لاجواب له , فالتنظير شيىء والواقع شيىء اخر . ونحن مهما قلنا وطالبنا بالديمقراطية اولا تاييدا لدعوى اركون وغيره من الليبراليين العرب , لكن الواقع يصدمنا بنتائجه وحقيقته وهى : ان هذه الشعوب العربية ليست فقط بعيدة عن الديمقراطية , بل لان الديمقراطية هى في الاصل نبتة غريبة عن هذه الارض اليباب وبنية شاذة عن انساقها الثقافية , ونمط غريب عن نظامها المعرفي والاخلاقي . ولكن يبقى السؤال قائما ماهو البديل عن الديمقراطية ؟ هل هو القبول بالطغيان والاستبداد والديكتاتوريات ؟ ام الرضا بالانظمة الشمولية والاحادية والمطلقة ؟ ام القبول بالانظمة الحزبية المؤدلجة فكريا وعقائديا ؟ ان الجواب الجاهز عند الكثيريين من المتعلمين الطوبائيين والمؤدلجين وغيرهم , ان هذه الدول والمجتمعات العربية بحاجة الى الحاكم العادل - او على الاقل المستبد العادل - يسوقها بعصاه وسيفه وعدله . ونحن في الوقت الذي نستغرب جمع النقيضين (الاستبداد والعدل) ونتجاوز عن استحالة صحة هذه المعادلة ووجودها وقيامها , ولكن يبقى السؤال قائما : اين يمكن العثور على هذا الحاكم ؟ وهل من الصحيح القفز في المجهول والرضا بالحاكم الاوحد من خلال احتمالية ان يكون عادلا ؟ واذا استطعنا الحصول على بعض النماذج القليلة والنادرة من هؤلاء الحكام العادلون في التاريخ؟ فكيف يمكن التغاضي عن الالاف من الحكام المستبدون والظالمون ؟
ان الديمقراطية – كما قلنا – ليست وصفة سحرية او مدينة فاضلة او يوتوبيا هادئة بل هى كما اعترف الغرب نفسه (احسن اسوء الانظمة المتاحة حتى الان) , وربما يستطيع العقل البشري يخترع نظاما افضل منها في المستقبل القريب ينفع المجتمعات العربية المتخلفة في الانطلاق نحو فضاء التنوير والعقلانية والاصلاح , ولكن حتى ذلك الوقت تبقى الديمقراطية – لسوء الحظ - البديل الوحيد عن الطغيان والديكتاتورية , ولاحل اخر سوى استيعابها والتكيف معها وانضاجها من خلال الممارسة والتجربة والمحاولة والخطا , فالديمقراطية عادات وليس محفوظات – كما يقول الدكتور علي الوردي – وان الدول الغربية قبلنا دفعت انهارا من الدم وقرون من الاحتراب والفتن حتى استقرت الديمقراطية عندها , ووصلت الى ماوصلت اليه من ازدهار ورقي واستقرار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس


.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ




.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع


.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#




.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا