الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة ضرورية إلى سوريا...

غسان صابور

2018 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لامتني قارئة أن غالب كتاباتي الأخيرة.. لم يعد بها أي تذكير لما يحدث ببلد مولدي سوريا...
وجوابي لها أن علاقتي مع سوريا كان ولا يزال جنونا.. ولها.. عشقا.. يحمل جميع الانحرافات الأحادية النفسية المكتومة والظاهرة.. لأي عشق... ولكن هذا العشق لم يقابل ــ رغم كل ما أعطيته بلا حساب ــ حتى قبلة واحدة.. أو كلمة واحدة من الطرف المعشوق.. يبدي بها أبسط بادرة مشاركة بهذا الحب وهذا العشق.. أو حتى ما يشبهها بالصداقة الحقيقية التي نوهت عنها... رغم كل ما أعطيت بفتوتي وشبابي.. وبعد.. وبعد.. وبعد آلاف كتاباتي عنه كل سنوات ابتعادي وإبعادي عنه...
وقناعتي اليوم أنه رغم ملايين منكوبيه ومهجريه وأمواته الأبرياء... ورغم آلاف رسائل الحب إليه.. ورغم مناسبات فالنتان وغير فالنتان.. لم يأتني منه أية مشاركة على الإطلاق.. بأنه يشاركني أو يفهم ما كتبت عنه...
لا تلوميني يا صديقتي... سـوف أكتب عنه... ولكن ما يحدث هناك.. كل يوم.. كل ساعة.. أو كل دقيقة... ليس فيلما هوليوديا... إنها أكبر مأساة عرفتها الإنسانية.. من بداية القرن الماضي... حتى هذه الدقيقة... بهذا العالم الغاباتي والذي تنهش بـه حيوانات جائعة.. بعضها البعض.. بلا أية قاعدة إنسانية مقبولة... والمأساة مستمرة... لمتى؟؟؟... لست أدري...
بذكائك وتحليلاتك الذكية التي أعرفها من عدة سنوات.. لا بد أنك سوف تجيبين وتذكرين بأن الصداقة والحب.. وخاصة لدى المشرقيين العطائيين الغيريين الراديكاليين.. عطاء على خط مستقيم واحد.. ولو كان من غير رد أو عطاء.. أو أي تبادل... وأنت بعد العمر لم يعط لك من بلد مولدك "قبلة واحدة" بعدما كل ما أعطيت... وجوابي الصريح اليوم يا صديقتي.. بعد كل هذا العمر.. وبعدما كل ما أعطيته خلال السنين الأولى من حياتي هناك.. ومتابعة اهتماماتي وكتاباتي هنا.. ما كنت أنتظر من مسؤوليه.. لا وساما.. ولا خدمة.. ولا مكافأة.. إنما ذكرت كلمة قبلة.. والقبلة يا صديقتي.. إن كانت بالعشق أو بالجنس.. تبقى تبادلا مشتركا.. وهذا التبادل المشترك.. كان بتحليلي دوما تغيرا بالحريات الحضارية هناك.. ما يدفعني بالتلذذ والنشوة مثلما يشعر الفتى بأول قبلة طويلة يتبادلها مع أول عشيقة...
وأنا يا صديقتي, عندما أرى بلد مولدي بما آل إليه ونحن بالسنة الثامنة من هذه الحرب التعيسة الضارية... وجميع السنوات الطويلة التي سبقتها.. لــم تــأتــنــي أية نشوة من مشاعر هذه القبلة التي شبهت بها.. كل ما ينقصني من ضياع أي تطور إنساني حضاري وحياة هنيئة لمواطني هذا البلد.. أشارك بها من تبقى من شعبنا هناك.. والمهجرين الموزعين اليوم بأربعة أقطار المعمورة.. وخاصة من ماتوا على الطرقات المعتمة, وهم يبحثون عن "بصبوص" نور يتوجهون إليه...
لا... أنا لم أنس ولن أنس سوريا... وعندما لا أكتب عنها.. هذا لا يعني أني نسيتها.. لأنها مزروعة بجيناتي... مزروعة بألمي وذكرياتي.. وكلما قرأت صحف الصباح التي تهمل غالبا ما يحدث بكل بقعة من أراضيها... أحس.. أشعر ما يحاك ضدها.. وضد شعبها.. لأنها كانت منذ أقدم العصور على مفارق مطامع وشهوات موقعها الاستراتيجي من قبل تماسيح السياسة العالمية... ومن يوم ما سمي استقلالها منذ منتصف القرن الماضي.. وبعده بسنوات قليلة ابتداع خلق دولة إسرائيل على حدودها.. والخيرات الطبيعية المخزنة بأراضيها وأنهارها وبحرها... وحكام هيمنوا على إدارتها.. لا ينظرون بالآفاق السياسية أبعد من أنوفهم.. وحماية مصالحهم العائلية والشخصية وديمومة كراسيهم... بلا أي وعي سياسي.. ولا دراسة للمستقبل... ناسين أبسط قواعد العلوم السياسية التي تفرض أن تخطط للمستقبل
Gouverner c’est prévoir
الحكم هو تخطيط المستقبل... أي حاكم.. أي رئيس بهذا البلد.. منذ بداية استقلاله حتى اليوم.. خطط لمستقبل البلد؟؟؟.. ولم يخطط لمستقبله الشخصي؟؟؟... وهنا عقدة العقد.. لما آل إليه تفجير هذا البلد.. واستقطاب ذئاب غابات العالم إليه ونهشه وتفتيته...
إذن ماذا تريدين أن أكتب عن هذا البلد... أنا عابر طريق فقط.. رأيت ما رأيت.. ونبهت ولفت الانتباه.. وصرخت.. وتحملت الانتقاد والغضب.. وتحملت النفي الاضطراري والهجرة... صحيح.. أنني ما زلت أحيا.. وعديد من أصدقائي ماتوا هناك... وأنا ما زلت أحيا.. متمتعا بأوكسيجين الغرب وما يعطي من حريات وتناقضات... وحتى هنا هذه الحريات اضحت كالبترول.. نادرة يجب البحث عنها.. وتنقيتها وتصفيتها.. واستعمالها بــحــذر....
***************
عــلــى الـــهـــامـــش :
ــ سوريا مخبر متاجرات ومناورات
سوريا اليوم أصبحت مخبر عالمية للقوى الخارجية (روسيا ــ الولايات المتحدة الأمريكية) التي تتنازع السيطرة على الأرض.. قبل اقتسام مصالحها. حسب موقع Mediapart الفرنسي المعروف والقناة التلفزيونية الفرنسية العالمية France 24 والتي اعلنتا معا أن يوم الخميس الماضي عن غارة جوية أمريكية على منطقة دير الزور.. أدت لوفاة مائة عنصر روسي محارب متطوع عائد لشركة روسية خاصة تعمل مع القوات النظامية السورية بمنطقة دير الزور.. لحماية مناطق بترولية وغازية.. غارة أمريكية مؤلفة من حاملة قاذفات قنابل وطيارات F16 بالإضافة إلى طائرات بدون طيار Drones انتقاما ضد هذه القوات التي هاجمت عناصر من قوات(سوريا الديمقراطية) المعادية للنظام السوري الشرعي... وكل من العرابين الروسي والأمريكي بواشنطن.. رغم تصريحات المسؤولين العسكريين المحليين الروسي والأمريكي بالمنطقة, وتصريحاتهما العنترية عن العمليتين اللتين أديتا إلى مقتل العديد من الطرفين.. من عسكريين ومدنيين.. خففت واشنطن وموسكو من حدة لهجة التصريحات.. ما عدا الناطق الرسمي الروسي الذي صرح أن وجود القوات الأمريكية بمنطقة دير الزور "غير شرعي".. فقط لا غير... وبعدها.. تابعوا.. تابعوا... لم يتغير أي شـيء..
وأنا شخصيا كل قناعتي أن العرابين الاثنين.. من بداية البدايات.. متفقان كليا على تقاسم الكعكة السورية.. قبل الحرب.. وأثناء الحرب.. وبعد الحرب... "وشلفون" (الفروج) هذه المأساة الحزينة الـمـنـتـوف هو الشعب السوري... والذي ما من أحد اليوم يعرف متى سوف تنتهي همومه ومأساته وشقاؤه وحرمانه... غير تــجــار هذه المأساة من مافيات إدارة العالم وسياساته الحربجية الرأسمالية...والذين من عواصمهم الأمينة.. يتقاسمون الكعكة السورية.. كما يديرون أسهمهم ببورصة نيويورك العالمية.. كأية تجارة عادية... لأن البشر ــ بحساباتهم ــ مادة استهلاكية.. ولا أي شيء آخر.......
إذن ترين يا صديقتي.. أنني لم أنس.. لأنه ما من شيء تغير.. ولك مني تحية.. إن اقتنعت.. وإن لم تقتنعي... تحية مهذبة أكثر...
بـــالانـــتـــظـــار.........
غـسـان صـــابـــور ـــ لـيـون فــرنــســا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟