الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنظمة الشمولية وإشكالية التماثل البنيوي؟!

معتز حيسو

2018 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية




تكشف أوضاع مجتمعاتنا العربية ومجتمعات أخرى إقليمية، عن إشكالية التماثل البنيوي بين أنظمة الحكم الشمولي. أما تجليات ذلك فإنها تنعكس على مجالات الحياة اليومية ومستوياتها كافة ومنها بشكل خاص السياسية والأيديولوجية والأمنية. فزعماء تلك الأنظمة ينظرون إلى قضايا مجتمعاتهم الداخلية، من منظور علاقتهم مع الخارج. ما يعني أن استقرارها يرتبط في جانب منه بطبيعة علاقتها مع الخارج الإقليمي والدولي. ولذلك علاقة مباشرة وغير مباشرة بسيرورة تعاملها مع «مواطنيها»، والتي تكاد تنحصر ضمن آليات القوة التسلطية، إضافة إلى هدر واستغلال موارد الدولة وأيضاً نهبها وفق آليات ومعايير يضعها أصحاب السلطة. ما يقود إلى تفاقم حدة التناقض واتساعه بين المجتمع باختلاف مكوناته الاجتماعية وأطيافه السياسية والمدنية، وبين أنظمة تلتهم الدولة بمشاركة حيتان المال.
إن إدراك ماهيّة الاندماج بين البنى الهيكلية والتركيبة السياسية للنظم الشمولية العقائدية. وبين مؤسسات الدولة العميقة من جانب. وبين آليات اشتغال وتركيبة أجهزتها القهرية من جانب آخر. يُسهّل علينا تحديد وضبط أسباب وأوجه التماثل بين آليات تعاملها مع القضايا اليومية، وبشكل خاص طبيعة علاقتها مع أي حراك اجتماعي سياسي أو مدني مُعارض. ومعلوماً أن التماثل في السياق المذكور يتجلى وفق أشكال متعددة منها: «تخوين المحتجين واتهامهم بتهديد الأمن الوطني والوحدة الوطنية، مساندة التطرف والعنف والإرهاب أو ممارسته، وأيضاً مشاركتهم في التآمر الخارجي» ما يبرر من منظور السلطة استخدامها آليات قمعية، واستنهاضها قوى سياسية ومكونات اجتماعية موالية لمواجهة التحركات المناهضة للسلطة. علماً أن المشاركين في الدفاع عن السلطة يعانون كما المحتجين من انعدام الحريات السياسية، والسياسات التمييزية. وأيضاً من تداعيات سياسات مالية واقتصادية أسست إلى تفاقم الإفقار والبطالة وهدر الثروات الوطنية.
وفي سياق المقاربة بين أوضاع نظام الحكم في إيران، وبين أنظمة أخرى في بلدان الربيع العربي ومنها سوريا. نكتشف عمق التماثل بين طبيعة تلك الأنظمة وبنيتها، وأيضاً آليات مواجهتها لحركات التغيير السياسي والمدني. علماً أن قمع الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة بالتغيير لا يعني بالمطلق القضاء على جذورها، ولذلك علاقة باستمرار أسبابها الكامنة. ما يعني أن ثمة إمكانية لتجددها أو نهوض حركات أخرى مختلفة. لكنَّ ذلك يرتبط في إيران، وغير دولة عربية وأخرى إقليمية بجملة من القضايا منها: الأوضاع الاجتماعية السياسية منها والاقتصادية. ثانياً: درجة ارتباط المشروع السياسي التغييري بالقاع الاجتماعي. ثالثاً: آليات تعامل القيادات السياسية والأمنية مع الحركات التغييرية. رابعاً: مصالح وسياسات الدول الكبرى في المنطقة، وعلاقة ذلك بموقفها من السياسيات الداخلية والخارجية لدول الإقليم. وبغض النظر عن الموقف من الدول والحكومات التي تساند حركات التغيير، فإن ذلك لا ينتقص من مشروعيتها. علماً إن تدخل الحكومات الخارجية أو بعضاً منها ينعكس سلباً على أوضاع تلك الحركات ومآلاتها، وعلى علاقة الجماهير بها. ولذلك علاقة مباشرة بمصالح تلك الدول ومشاريعها السياسية.
وإذا كان التماثل بين النظام الإيراني وغير نظام عربي يدلل على إمكانية انزلاق الأوضاع الإيرانية إلى ما يشبه مآلات بعض بلدان الربيع العربي. فإن تغوّل الأجهزة العميقة للدولة الإيرانية، وتفاقم تدخلاتها الإقليمية، إضافة إلى مكانتها العسكرية والاقتصادية والجيو سياسية، يقلل من فرص الأطراف الرافضة لدور إيران الإقليمي من العبث بأوضاع إيران الداخلية، أو الذهاب بتوظيف الاحتجاجات لمستويات تهدد استقرارها السياسي والاجتماعي.
إن إصرار أنظمة الحكم الشمولي على تجاهل الأسباب الدافعة للتحركات الشعبية الاحتجاجية، وتمسّكها بذات الآليات الاحتكارية والقمعية. لا يعبّر فقط عن عمق التماثل البنيوي فيما بينها. لكنه يشير أيضاً لانسداد آفاقها السياسية، وفقدانها المشروعية السياسية والشعبية. دون أن يعني ذلك عدم قدرتها على إعادة إنتاج ذاتها. ما يعني أن استمرار سيطرة النظم الأحادية على المجال العام، وإغلاقه أمام حركات التغيير السياسية والمدنية، سوف يُبقي دولنا ومجتمعاتنا خاضعة لتجدد الأزمات الداخلية السياسية والاقتصادية، وأيضاً يساهم بتفاقم المؤثرات والتدخلات الخارجية.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254