الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوزير والأمينة الحزينة

واثق الجابري

2018 / 2 / 19
كتابات ساخرة


ثمة أشياء بل معظمها، من النعم التي وهبها الباري للعراقيين، إلاّ أنها تحولت الى نقمة وحسرة على القلوب، حين يسمعون بها ولا يلمسون آثرها، وكما هي الموازنات تعددت مسمياتها في سنوات منصرمة بين أنفجارية وإنفلاقية ووو... والنتيجة، ظهور ما يسمى الحيتان البشرية التي إبتعلتها وأكلت نصف جسد المواطن، وما زادها كثرة أموالها إلأّ شراهة ومطالب وأمنيات سياسية خارج المعقول، وكم تمنينا المطر وعللنا إحتباس السماء لأفعال تكاد تكون جماعية، بعدم تغييرنا للطبقة السياسية التي أفسدت البلاد والعباد.
كما هو الحال في أغلب المحافظات العراقية بعد موجة الامطار التي شهدتها البلاد، بدت شوارع بغداد متقطعة، وكأنها جزر متناثرة، في مشهد يتكرر كل شتاء.
ربما قلة موجة الإنتقادات لدوائر البلدية، ناجمة من تمنياتنا قبل أيام بفك أزمة شح المياه، ومخاطرها على المستقبل البيئي والزراعي، وإذا بالمطر ينهمر كمصدر خير مثل بقية البلدان إلا في العراق، ومنذ الساعات الأولى لتساقط زخات المطر والتي سجلت كمياتها نسبة متوسطة، حسب تقرير لهيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي، وتسببت بقطع أغلب شوارع بغداد الرئيسية، وغرق العديد من المناطق السكنية والأسواق التجارية، وكشفت أداء سيء لأمانة بغداد، التي بدورها ألقت باللائمة على وزارة الكهرباء متهمة إياها بالتسبب بحالات الفيضانات والغرق لهذه المناطق نتيجة قطع التيار الكهربائي.
أجبرت الفيضانات القوات الأمنية للإستنفار، وبدأت بمهام سحب المياه، وسط عجز الجهات الخدمية، فيما تعطل الدوام الرسمي في ديالى وصلاح الدين والأنبار، نتيجة قطع الطرق أو غرق أغلب المناطق السكنية، وأكتفت الجهات الرسمية بمطالبة المواطنين بالابتعاد عن أبراج وخطوط نقل الطاقة الكهربائية وأسلاك المولدات الأهلية، وأضطر المواطن على المكوث في بيته بعد محاصرته في منزل غارق، وبين صمت حكومي وأداء هزيل للجهات الخدمية، لا يعرف المواطن هل يدعو لنزول المطر في مواجهة الجفاف، أم يتمنى توقف ما يهدد سلامته وعيشه؟!
لو إستمر هطول الأمطار لثلاثة أيام آخرى وبنفس الكثافة والغزارة، لتحول العراق إلى مستنقع أو هور كبير أو طوفان يجرف البنى التحتية والفوقية والوسطية، والمدارس والوزارات والبيوت والمقاهي والملاعب والمشافي، وهو بأمس الحاجة لمواجهة جفاف خطير وحرب مياه دون بدائل وإحتياطات، وكشف عن تردي الواقع الخدمي كجزء من عاهة أصيب بها البلد منذ عقود، ولا حلول في المنظار القريب، بينما في معظم الدول تخزن المياه دون تفريط، ويتوقع العراقيون لو إستمر المطر، ستتساقط المنازل وتتوقف المواصلات وتتوقف خطوط الكهرباء، وتطفح المجاري.
سيفرح وزير الموارد المائية ويخف الضغط عليه، وتحزن أمينة العاصمة ودوائر بلدية المحافظات، كما هي عادة المسؤولين العراقين بجدل بين فوائد ومصائب.
غيمة عابرة لساعات في اليوم، أعادت العراق الى قرون، أليس من الأجدر أن نفكر كيف نختزن كل قطرة مياه من السماء ونحن نواجه الجفاف، أما كان الأجدر بالمسؤولين الكف عن التصريحات، وإعتبار مشكلة الجفاف والفيضانات مشكلة تهم كل العراقيين لا قضية إنتخابية؟ ويتناسى هموم الناس ومطالبهم بالخدمات، وتجنيبهم كوارث الشتاء وحر الصيف وغبار الربيع وجفاف الخريف، ولا ينفعنا حزن الأمينة وسرور الوزير، وكأن الأطراف السياسية والخدمية، تناقضوا وإختلفوا ودعائهم علينا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا