الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن ابى يوسف الطحان و عالم الاحزان الكبرى و الموت !

سليم نزال

2018 / 2 / 19
الادب والفن


عن ابى يوسف الطحان و عالم الاحزان الكبرى و الموت !

سليم نزال

من الصعب للمرء ايا كان معرفة حياة كاملة لشخص عاش فى مراحل معينة من التاريخ خاصة عندما يكون هذا تاريخ بعيد.
ان تفهم شخصا عاش فى مرحلة موغلة فى القدم لا بد ان تعرف اشياء كثيرة عن تلك المرحلة.منها اللغة او اللهجة و انماط التفكير و منها ايضا ات تفهم سيكولوجية الشعب او الناس فى تلك المرحلة.على المرء ان يعرف اشياء كثيرة حتى يتسنى له بعض المعرفة.

ما فهمته من صديق قابلته منذ سنوات ان ابو يوسف الطحان مات انتحارا و هو امر اخفاه محبيه عن الناس لانهم اعتبروه امرا معيبا .و لذا اخترعوا قصه سفره الطويلة لكى يبقى هناك امل ما بعودته.

و قد اكد لى هذا الصديق ان ابو يوسف مات حزينا على زوجته التى ماتت فى ظروف لا يعرفها احد.
سرت اشاعات انها انتحرت برمى نفسها من تلة على سفح الجبل المطل على القرية و يعرف بجبل الارواح . كذلك تردد كثيرا فى القرية ان ابا يوسف كان يذهب يوميا الى بئرماء يجلس بجواره و يظل ساهما .
كان يطيل النظر فى السماء ثم ينظر الى البئر.

حاول بعض كبار السن تفسيرذلك.هناك من ظن ان ابو يوسف ينظر الى اشعة الشمس من خلال البئر.و هناك من قال ان ابا يوسف يعتقد ان البشر اتوا من السماء بداية ثم دخلوا فى سجن الحياة و ان البئر كناية عن محدودية الحياة لان فضاء السماء واسع و فضاء البءر ضيق. و ان الرجل يبحث عن طريقة ما يحرر فيها الانسان من القيود التى فرضها على نفسه . و لهذا قيل فى القرية ان ابا يوسف دخل فى مرحلة الاحزان الكبرى لانهم سمعوا من الجيل الاقدم ان ابا يوسف كان قد دخل فى مراحل الاحزان الصغرى فى اوقات سابقة.

مثلما ساد الاعتقاد لدى الاجيال الاولى فى المائة عام الاولى ان ام يوسف ربما سقطت فى البئر و الا ما معنى ان يلازم ابا يوسف البئر ليل نهار كما كان يقال.ثم سرت اشاعات اخرى تقول انها ماتت كما تموت الشمعة اى انها كان تذوب كل يوم.سالت الصديق ماذا يعنى ان يموت الانسان مثل الشمعه . قال ان فكرة ذوبان الانسان كشمعة لا تحصل الا مع القديسين.

لم افهم بالضبط ما يعنيه و قلت له هل يقصد بالقديسين تراكم طبقات الطيبة لدى الانسان الى درجة تعطل معها كل نوازع الانانية .ابتسم و قال من الصعب شرح ذلك لكن ربما تعرف هذا بدون ان يشرح لك احد.

و بالفعل حصل هذا ذات يوم عندما شاهدت صبية فلاحة تحمل جرة مرات من العين.كانت ترتدى ملابس زاهيه و منديلا على راسها كان يخفى قليلا من شعرها .

ما زلت اتذكر هذا كانه حصل للتو .نظرت الى وجهها فرايت انعكاس الشمس على وجهها . كان وجهها قد احمر من اشعة الشمس و كانت جميلة الى درجة لا اظن انى رايت مثل هذا الجمال من قبل.

و المحير فى الامر ان الوقت كان قرب المغيب .و لم يكن هناك شمس ساطعه لتنعكس على وجهها . لذا ازددت حبا فى معرفه من تكون تلك المراة . سرت خلفها ثم اختفت بسرعة بين اشجارالزيتون.

و حتى هذه اللحظه لا اعرف ان كنت قد اضعتها ام انها كانت بعضا من اشعة شمس بدت لى كامراة.كنت مرهقا حينها لذا بدات اشك ان ما رايته كان حقيقة .
الحياة ليست دوما قابلة للتفسير كما كنت اعتقد . و اعتقد ان اختفاء زوجة ابو يوسف ربما له علاقة ما باختفاؤه ايضا.
.لذا كان على فى الاعوام الماضية ان اسافر فى رحلة مكوكية بين الازمان و العوالم والاماكن لكى اتعرف على الشخصية الحقيقية لابى يوسف الطحان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا