الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الأرنب و السلحفاة
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
2018 / 2 / 20
الادب والفن
الأرنب - مساء الفراولة و الزنابق ، يا آنسة سلحفاة .
السلحفاة - مساء الجزر المعسل ، سيد أرنب . أوف منك ! ألا ترى أنني سيدة و لست آنسة ، و قد وضعت تواً بيضي في وجاري على سفح الجبل ، و غطيته بورق الشجر ؟
الأرنب - و لكنك تبدين طفلة !
السلحفاة - أوف من لسانك الحلو ! عمري ستون سنة .
الأرنب - تبدين و كأنك إبنة البارحة .
السلحفاة - هذا لأن عينيك حلوة ، فتريان كل شيء حلو !
الأرنب - عيناك أحلى !
السلحفاة - أووه ، كفى مجاملة يا إبن الأصول ! نحن السلاحف لا نرث مثلكم عينين واسعتين على جانبي الرأس تريان الأشياء الواقعة خلفهما و على الجانبين بوضوح .
الأرنب - و نحن لا نرث مثلكم دروعاً قوية تقينا شر الافتراس .
السلحفاة - صحيح ، و لولاها لانقرض نوعنا من زمان بسبب شراهة أبي الويو و حلفائه الخنازير و الغربان .
الأرنب - إذن أنت سلحفاة الجبل المهمزية الورك ، أليس كذلك ؟
السلحفاة - أجل : و كل الجبال حول البحر الأبيض المتوسط باتت موطن قومي .
الأرنب - صحيح ؟ و نحن مثلكم ، و لنا بطون في السهوب و الصحارى .
السلحفاة - و لنا نحن أيضاً . هل أنت أرنب جبلي أيضاً مثلما يبدو من الخزز في شفتك العليا ؟
الأرنب - نعم ، فأنا عاشق عتيق للجبال ؛ إن فيها سر الوجود ، و دفقة الميلاد ، و همس الأرض .
السلحفاة - ما اسمك ؟
الأرنب – أنا أخوك : أبو نبهان ، و أنتِ ؟
السلحفاة – أنا محسوبتك : أم دوم .
الأرنب - عاشت الأسماء الحسنى . أنا سعيد في التعرف عليك ، يا أم دوم الوردة .
السلحفاة - و أنا الأسعد ، يا أبا نبهان البطل .
الأرنب - أين يقع وجارك ؟
السلحفاة - في محمية وادي الحجير ، عند قعقعية الجسر ، أسفل مدينة النبطية .
الأرنب - مكان ساحر جميل !
السلحفاة – شكراً. و أين يقع مكك ؟
الأرنب - في محمية رامية ببنت جبيل . هل تعلمين أننا بالأصل من بلاد وادي الرافدين ؟
السلحفاة - صحيح ؟
الأرنب - نعم ، و من جبال نينوى بالذات .
السلحفاة - موطن عظيم . و ما الذي جاء بكم إلى هنا ؟
الأرنب - أحد أجدادنا القدماء جداً تربى عند تاجر جاله معه عن قومه ، فحلوا هنا ، و سكنوا الناقورة .
السلحفاة - و لم جلا ؟
الأرنب - مات أبوه بالهيضة قبل جده ، ثم مات جده فحرمه أعمامه من ميراث أبيه .
السلحفاة - متى حصل هذا الكلام ؟
الأرنب - قبل ستة آلاف عام .
السلحفاة - فوووو !
الأرنب - نعم ، نحن قدماء .
السلحفاة - و كذلك نحن ، فقد سرق أحدهم إحدى جداتي من العراق و باعها لتاجر فينينقي هنا .
الأرنب - متى حصل هذا الكلام ؟
السلحفاة - قبل أربعة آلاف عام .
الأرنب - فوووو ! إذن فكلانا من موطن واحد !
السلحفاة - نعم ، من العراق : جنة الله و جحيمه على أرضه .
الأرنب - صدقت ، أيها الحكيمة . أذكر أن جدي قد حكى لي يوماً أنه كان يلعب مع سلحفاة ما لعبة الغميضة .
السلحفاة - نعم ، بالتأكيد ! تلكم كانت أحدى جداتي التي نقلت لي أمي عنها أنهما كانا يتباريان بالعدو في الغابة الجبلية الخضراء الكبيرة الكائنة شمال الموصل .
الأرنب - صحيح ؟ و لكن كيف ؟
السلحفاة - كان جدك عدّاءً شهيراً ، و ما فتئ يتباهى بمهارته في الركض ، و خصوصاً أمام جدتي السلحفاة ، التي ضاقت ذرعاً به ، فتحدته أن يباريها في العدو أمام كل سكان الغابة .
الأرنب - سلحفاة تباري أرنباً ؟ و لا في الأحلام !
السلحفاة – و لكن هذا هو ما حصل بالفعل ، و لقد قبل جدك النزال ، وانطلق سريعاً ينهب ميدان السباق نهباً ، ثم توقف للراحة بعد أن أدرك أنه قد سبق جدتي بشوط شاسع ، فغلبه النوم ، فيما واظبت جدتي على العدو حتى بلغت خط النهاية ، و جدك نائم . صفق سكان الغابة و هتفوا لجدتي السلحفاة البطلة المواظبة ، فاستيقظ جدك على هتافهم ، و قبل بالهزيمة على مضض ، و سارع لتهنئتها بالفوز لامتلاكه روحاً رياضية سامية ، ثم دعاها لسباق ثان ، فوافقت .
الأرنب - هل حصل هذا فعلاً ؟
السلحفاة - نعم ، بالتأكيد . في السباق الثاني ، عدى جدك بأقصى ما استطاعته دون توقف بعد ان استوعب الدرس جيداً ، ففاز على جدتي في السباق . صفق سكان الغابة و هتفوا لجدك الأرنب البطل المواظب ، فسمعت المسكينة جدتي هتافهم و قبلت بالهزيمة على مضض ، و سارعت لتهنئته بالفوز بروح رياضية عالية ، ثم دعته لسباق ثان تختار هي مساره ، فوافق جدك بكل طيب خاطر .
الأرنب - ذا أمر يستحق الاعجاب و التقدير للإثنين !
السلحفاة - نعم ، بالتأكيد . في السباق الثالث اختارت جدتي وضع خط النهاية للسباق خلف الشاطئ الآخر من نهر دجلة العريض السريع . و عندما بلغ جدك الشاطئ القريب من النهر قبل جدتي بوقت طويل ، راح يتفكر في كيفية عبور ذلك النهر الفوّار ، فقرر انتظار مجيء قارب صياد السمك ليطلب منه نقله إلى الضفة الأخرى ، فيما واصلت جدتي عدوها بثبات ، و عبَرَت النهر سباحة ، و بَلَغَت أولاً خط النهاية ، و جدك ما يزال ينتظر مرور قارب صياد السمك . و عندما جاء الصياد أخيراً ، و قفز جدك لقاربه ، أمسك به الصياد ، و وضعه في شباكه ، و هو يحمد الله على رزق لم يكن يحتسبه لإعداد طعام الغداء ، بعد عن عجز عن صيد حتى و لو سمكة صغيرة واحدة منذ فجر ذلك اليوم .
الأرنب - أليس هو نفس ذاك النهر الذي تخفي قطعان أبو الويو في أعماقه جدي الأعلى القمر الذي سرقته من الصياد نهاراً كي يتعذر على أصدقائه الغزلان رؤيته و الوصول إليه فتعيده إلى وطنه و أهله ، و هذا هو سبب اختفاء القمر نهاراً ؟
السلحفاة – أجل ، بالتأكيد ! و ترى جدك القمر سعيداً إلى وقتنا هذا في مقامه بزنزانته النهرية الكبيرة تلك ليتمتع باصطياد ومجامعة الحوريات بالجملة في وضح النهار .
الأرنب - نعم ، و لا بد إن جدي القمر المسروق سعيد بإغواء حتى الحوريات الحبلى مثلما يفعل فحول قومي نهاراً جهاراً .
السلحفاة - نعم ، مثل آكلي زهور اللوتس . أما أمي الأعلى فهي ملكة الموت و الحياة ، و موطنها الشمس ، و قد ورثت أنا منها أشعة قوقعتي : شمسين و نطاقين من البتلات ؛ و أخوها هو أبوك الأول السيد القمر .
الأرنب - آه كم اتمنى لو انني أصل لمسكن جدي القمر و لو لحظة واحدة .
السلحفاة - و لم كل هذا التوق ؟
الأرنب - إنه نداء الخلود ؛ ألا تعلمين أنه الصانع المكين لإكسير الحياة الصرف الرصين ؟
السلحفاة - عندك حق .
الأرنب - و لكن قولي لي : ما الذي أخرجك هذا المساء ؟
السلحفاة - أردت الوفاء بنذر الصلاة على قبر أمي اليوم .
الأرنب - و أين هو ضريح أمك ؟
السلحفاة - في غابة "مشهد الطير" بمزارع شبعا ، عند مقام النبي أبراهيم عليه السلام .
الأرنب - أليس هو نفس ذلك المقام الذي دمرته قطعان أبو الويو في آب 1967؟
السلحفاة - نعم ، للأسف . كان ذلك بعد شهرين على اجتياحها مزارع مغر شبعا و خلة غزالة و ضهر البيدر و رويسة القرن و جورة العقارب و فشكول ؛ عندما جمعت السكان في مزرعة فشكول و أخضعتهم للتعذيب والتنكيل بعد أن قتلت المواطن شحاده أحمد موسى غدراً ، وجرحت أكثر من 10 أشخاص ، و أجبرت المزارعين على إخلاء مزارعهم . و أنت ، أين العزم ، يا بطل ؟
الأرنب – أردت الوفاء بنذر الصلاة على قبر أمي اليوم .
السلحفاة - و أين هو ضريح أمك ؟
الأرنب - عند قمة جبل الزلقا .
السلحفاة - فووو ! أليست هي ثاني أعلى قمة في جبل الشيخ حيث يقيم ابو الويو المراصد و يسرق المياه و يبث الألغام مما أودى بحياة العشرات من ابناء شبعا وجرح المئات ونفق الآلاف من رؤوس المواشي ؟
الأرنب - نعم ، للأسف . كان ذلك في صيف عام 1972. آه من أبي الويو !
السلحفاة – أبو الويو يَسْرُق و هو يصرخ : لقد سَرَقوني .
الأرنب - و لكن أن أين جاء بني أبو الويو ؟
السلحفاة - من الصحارى حيث كانوا مطاردين ، و كادوا أن يموتوا جوعاً فيها . و لقد استضفناهم ، و أعطيناهم الأمان ، و علمناهم الدين و الناموس ، و لكنهم سرعان ما سرقوا قصصنا المقدسة و قلبوها رأساً على عقب ، ثم إدَّعوها لأنفسهم . بعدها ـ طفقوا يتبعون سياسة "فرّق تسد" ضد الجميع .
الأرنب - و لكن ، لماذا ؟
السلحفاة - بسبب استفحال جنون العظمة فيهم استحكاماً لا خلاص منه البتة . حكت لي أمي عن أجدادها أن شيخ أبا الويو جاء إليهم يوماً و قال : "أعطوني بعض الطين التي تصنعون منه المعابد" ، فأجابوه : "دع انشغالك المهووس ليل نهار في نسج الأحابيل للإيقاع بالغير إشباعاً لنزواتك الشريرة ؛ و تعال شاركنا في العمل لتتعلم فنون البناء أولاً ، كي تستطيع تشييد الهياكل". احتج عليهم قائلاً : "إنكم تضطهدونني حسداً ، و تعادونني لأنني أنا العبقري الأرأس فيكم" . و طفق يولول و يندب بصوت متهدج عال ، فرقَّت له قلوبهم ، و أعطوه بعض الطين ، فلم يفلح في إقامة غير قبة قميئة سمجة خددها بمخالبه . و عندما بدأت الثقوب تتفتق في قمتها ، ردمها بجعره ، و هو ينشد : "هذا هو هيكلي المقدس العظيم ، و هذا هو أسمه الذي سيخلده التاريخ" ؛ فانفجر الجميع بالضحك عليه . عندها ، راح يصرخ بأعلى الصوت : "هذا هو معبدي الأبدي ، و أنا لي كل الحق في أن أعمل كل ما أشاء بلا ناموس ، لأنني أنا ابن السماء ، و شبق الأرض ، و الملك على بنات آوي ، و المسؤول عنهن ، رضين بي أم لم يرضين " . و عندما سمعت بنات آوى هذا الكلام منه ، رحل أغلبهن عن الديرة لتيقنهن من حماقته ، و لخيفتهن من نزواته ، فتفرقن أيدي سبأ ، و لم نعد نسمع عنهن شيئاً ."
الأرنب - صَدَقتِ . المشكلة أنه و قطعانه لا يشبعون من الافتراس و اغتصاب حقوق الغير . فقد شهدتُ في أحد الأيام السود هجومه مع قطعانه على بلاد السلاحف القديمة ، فراح يفتري عليهن بالقول : "هذه أرض جدي الأبدية ، و من الآن فصاعداً فإن كل المخلوقات فيها أصبحت ملكي أنا فقط ، فقد خلقها الله لي وحدي كي أمتع نفسي بافتراسها مثلما يحلو لي !"
السلحفاة - عجيب ! و لكن الأرض لله ، و الذي ما أورثها إلا لكل المخلوقات طراً !
الارنب - بالطبع ، يا عزيزتي ، و لكن بعض المخلوقات لا تشبع من الاغتصاب و هبر و سرط الحقوق الثابتة للغير . و عندما اعترضت ملكة السلاحف على فريته تلك ، و قدمت له الوثائق التاريخية الناصعة التي تثبت بأن تلك هي بلادها منذ أقدم الأزمان و ذلك قبل أن تهاجر قطعان أبو الويو إليها من الصحارى بألفي سنة ، هجم أبو الويو عليها و على أطفالها و ازدردهم كلهم دفعة واحدة ، و احتجز البقية في معسكرات الاعتقال الجماعية التي أحاطها بالأسلاك الشائكة و بجدران الفصل العنصري ، و هو يقول : "أنتم عبيدي الأسرى الأبديين من الآن فصاعداً ، و إياكم و الهرب أو التذمر ، لحين مجيء أجل افتراسكم حسب ميقات شهوة ناموسي" .
السلحفاة - عجيب . و لهذا أسمع بتفاخره بكونه يدير أكبر سجن على الكرة الأرضية !
الأرنب - بل و اكثر من هذا ! فلأنه ازدرد الكثير من السلاحف دفعة واحدة ، فقد أصيب بعسر الهضم الشديد ، فراح يصرخ على السلاحف في معدته و يهددهن بالقول : أقلعن على الفور عن كراهيتكن لي و تسبيبكن الأذى لأحشائي لأن أمني الخاص أمر مقدس ، و هو فوق أمن الجميع . يجب عليكن الشعور بالامتنان لي لافتراسي لكن حسب ناموس جدي المقدس ، و أن تستسلمن للوضع الراهن بكل رضا و سعادة ، و أن تجهدن بكل اخلاص و حسن نية للذوبان بأسرع ما يمكن في معدتي الشريفة مثل كل المؤمنين المتقين حسب أوامر جدي ؛ و إلا أخرجتكن من معدتي المقدسة ، و أودعتكن معتقلاتي الرهيبة في بئر السبع و عسقلان و الرملة و كفار يونا و المسكوبية و كتسيعوت و أنصار و عوفر و تلموند و نفحة و الدامون و الخيام و غيرها كثير ! فقد كتب في ألواح الناموس : "كل من لا يقبل بقتلنا و الافتراس ، نعذبه في سجوننا الأبدية الرهيبة .""
السلحفاة - الله أكبر ! لو ان قتلاهن يعودون للحياة لكففن عن القتل !
الأرنب - عليك نور ، يا سيدتي الجليلة .
السلحفاة - كما أنهن جندن العديد من القوادين لهن عبر البحار ممن يوفونهن شهرياً بنذور من التنانين ديدنها نفث الموت المسكوب ، مع غرابين تطلق الاشعاعات المذيبة للحم كي تبيد خلسة بين الفينة و الاخرى سكان عشرين أو ثلاثين حياً آمناً من أحياء السلاحف و الأرانب في الليل.
الأرنب - نعم ، و هن يلصقن بنا فرية الأرانب الارهابية لتبرير إبادتهن الجماعية لنا .
السلحفاة - و لكنني لا أعلم لم فضلن تحويل النيام منهم إلى رماد خالص في جينين قبل تذريته خلسة في مجاري المياه الثقيلة .
الأرنب - تلك كانت فعلة برميل السرجين ذاك للفوز بتاج أقبح المجرمين .
السلحفاة - و عندما تكشف أمّنا الشمس عن جرائمهن التي لم يسمع بمثلها أحد من قبل ، يتهمننا بنشر الكراهية .
الأرنب - إنني عاجز عن فهم كيف يمكنهن أن يتلذذن من التخطيط الممنهج المتواصل لإبادة الأحياء خلسة بأفظع منظومات القتل . إنهن يحولن القتل إلى بحث تخرج ينافس على نيل جائزة الامتياز الأولى .
السلحفاة - قطعان أبو الويو تضع نفسها فوق كل نواميس الأرباب و الأحياء .
الأرنب - نعم ، و هن يفترين على الملأ ليل نهار بكونهن بنات آوى اللائي اصطفاهن الله له من دون خلقه .
السلحفاة - كل هذه مجرد افتراءات مكشوفة التزوير . لقد اصطفى الله له كل مخلوقاته ، بلا أدنى استثناء .
الأرنب - لطالما استمرأن الافتراء على الرب .
السلحفاة - دعك من كل هذا الخرط ، فكل حي يصطنع رباً له ، و رب قطعان أبو الويو إنما هو من يجعلنه يحلل لهن الاغتصاب الكريه بلا إحم و لا دستور .
الأرنب - ها قد وصلنا خط الحدود . لا بد لي ، يا سيدتي ، من التوقف هنا .
السلحفاة - ألم تقل لي أنك عازم على الوفاء بنذرك في الصلاة على قبر أمك عند قمة جبل الزلقا ؟
الأرنب - أجل ، و لكنني اعتزم الصلاة عليها من هنا هذه المرة .
السلحفاة - و لم لا تصلي لها على قبرها بالذات ، و ليس من هنا ؟
الأرنب - بصراحة ، لأن كل الأرض الممتدة من هنا إلى قبرها شديدة الخطورة جداً ، فهي مليئة بفخاخ شبكات المصائد و حقول الألغام التي ليس لها أول ولا آخر ؛ مع منظومات الرشاشات الأرضية المؤتمتة ، علاوة على مراصد و دوريات قطعان أبي الويو .
السلحفاة - و لكنك أرنب شجاع و سريع العدو و تستطيع الإيفاء بنذرك في الصلاة على قبر أمك . كما أنني كنت اعتزم التسابق معك لنرى من يصل إلى قبر أمه أولاً ، رغم أن قبر أمك أبعد من قبر أمي بكثير .
الأرنب - أرجوكِ أن تقبلي اعتذاري عن التسابق هذه المرة ، فقد زارتني أمي البارحة في المنام ، و أوصتني بعدم المخاطرة بزيارة قبرها هذه المرة حتماً ، بل الاكتفاء بالصلاة لها عبر الحدود .
السلحفاة - وصية الأم شريعة . أما أنا ، فماضية في مسيرتي ، و لن يوقفني شيء حتى أركع عند رأس أمي أو أموت دونه .
الأرنب - حرسك الله من كل مكروه . عمرك طويل إنشاء الله . إمضي للإيفاء بنذرك ، يا سيدتي ، على بركة الله و حفظه ، و احذري من الألغام و الرشاشات الأرضية ذات الحساسات المؤتمتة و الدوريات و الغربان الطائرة الني تبيد كل شيء ، و عودي لنا سالمة غانمة ، فأنا باق بانتظارك هنا .
السلحفاة - مع السلامة .
الأرنب - مع سلامة الله و حفظه و حصنه ، سيدتي الفاضلة ، و إلى اللقاء .
السلحفاة - إلى اللقاء ، سيدي الماجد !
بعد عبور السلحفاة الحدود ، صلى الأرنب أربعين ركعة على روح أمه من البعيد . ثم أحس بالتعب ، فغلبه النعاس ، و نام . فجأة استيقظ على دوي الانفجارات و لعلة الرصاص خلف الحدود ، فقفز منطلقا كالسهم عابراً خط الحدود و هو ينشد :
- في يوم ارهاب العدوان ، تحلو الشجاعة لأبي نبهان ! أنا آتٍ لنجدتك ، شقيقتي العزيزة أم دوم !
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - التاريخ يُعيد الجاحظ مِن جديد..!
حميد الواسطي
(
2018 / 2 / 21 - 06:31
)
لله درُّكَ، وعقِمَت نِساء العرَب والعجَم أن يَلدنَ جاحظاً ثالثاً بَعدُكَ..!!! – حميد الواسطي.
2 - تصويب
حسين علوان حسين
(
2018 / 2 / 21 - 13:00
)
القراء الاعزاء
تحية تقدير للجميع .
يرحى قراءة الجمل المبينة في الأسطر ألآتية حسبما هو مُدرج أدناه ، مع الاعتذار .
سطر 100 :
و لكن من أين جاء بنو أبو الويو ؟
سطر 106 :
-أعطوني بعض الطين الذي تصنعون منه المعابد-
آخر ثلاثة سطور :
دوي الانفجارات و لعلعة طلقات الرصاص خلف الحدود
و :
أنا آتٍ لنجدتك في الحوم ، شقيقتي العزيزة أم دوم !
حبي و اعتزازي للجميع .
3 - شكري لكلماتك الحلوة
حسين علوان حسين
(
2018 / 2 / 21 - 20:05
)
الأخ حميد الواسطي المحترم
ت 1
تحية طيبة
جزيل الشكر على كلماتك الحلوة التي جاءت في الوقت المناسب ، حيث أغرقت الأمطار المتساقطة طوال ثلاثة ايام متواصلة كل الشوارع ، فأقعدتني في الدار ، و تكدر خاطري . و لكن رب ضارة نافعة ، فقد تفرغت لأنهاء هذه القصة القصيرة بعد أن -عصعصت- علي طوال ستة شهور .
و على الإخاء نلتقي .
4 - لا يحق لي التقييم
Muwaffak Haddadin
(
2020 / 4 / 1 - 09:04
)
السيد حسين المحترم
قصة على اسلوب كليلة ودمنة شيقة كسابقتها ( الحور العين). جمعتْ هذه القصة شمالَ العراق وجنوب لبنان مما يدل على وحدة الوطن العربي (وعدوان الصهيونية) عليه بطريقة الغمز لكن أقوى من الصراحة
أعتذر لانني لا استطيع تقييمها ذلك أن صيدلانيا لا يحق له ولوج حق التقييم الادبي
تجرأتُ وعلقتُ على قصة حور العين وليس لي أكثر من ذلك.
تحاتي مع تمنياتي لك بالتوفيق.
د. موفق حدادين
أستاذ في الصيدلة
عمان في ١-;- نيسان٢-;-٠-;-٢-;-٠-;-
5 - و لو دكتور ، أعظم الكتاب و الناقدين كانوا أطباء
حسين علوان حسين
(
2020 / 4 / 4 - 14:16
)
الاستاذ الدكتور الفاضل السيد موفق حدادين المحترم
تحية حارة
جزيل الشكر على تعليقكم المبهج العارف .
من الواضح أنك قاريء مثقف و ذكي ، و نثرك جميل من استاذ يتقن العربية ، و هي التي توحدنا عبر الحدود .
ما زرت الأردن و سوريا و لبنان و السودان و مصر و اليمن و ليبيا و بلدان المغرب العربي يوماً إلا و شعرت أني بين أهلي و أحبابي .
لعنة الله عمّن قطعنا عن فلسطين ، و لكنها دوماً في القلب بأرضها و شعبها الكريم الأشجع في العالم .
أكتب لنا - و أنت المثقف العالم - شيئاً جديداً ، لطفا، على موقع الحوار المتمدن الأغر الذي يتسع صدره للجميع .
و تفضلوا بقبول فائق تقديري و اعتزازي
.. برنامج TheStage يسترجع محطات لامعة من مسيرة الممثل فادي ابرا
.. معالم ولاية واشنطن.. إلهام لكثير من الفنانين
.. هكذا وصف أسامة الرحباني التطور الموسيقي للرحابنة
.. الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا يقدم استقال
.. د.تيسير الآلوسي بمحاضرة بعنوان مسرح المقاومة بين الجمالية وا