الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تل الربيع

سمير دويكات

2018 / 2 / 22
الادب والفن


في تل الربيع
سمير دويكات
1
في تل الربيع ما تزال العصافير
تحفظ اسم فلسطين
وتناجي شواطىء البحر
ما يزال مسجد هناك
وكنيسة
وحتى الاسماك لا تزال تعرفنا
ولا تزال تحب
ولا تزال تغرد
والقمباز محترف الوجود
هناك
على مقهي علي بيك
2
في تل الربيع
لا يزال ريح الارض
بعد الحراثة
يبعث عرق اجدادنا
في حقول خضراء
وجسور اقيمت
قبل النكبة
ولا يزال عرق العمال
الفلسطينيين
يروي قصص الشاطىء الفلسطيني
لا يزال الحلم
موجود هناك
3
فالشعارات الثورية
وبقايا الرصاص
مدفون خلف قشرة الارض
لم تستطيعوا اخفاءه
ولا يزال الريح يصلنا
ولا تزال اعيننا ترى الافق
اثناء غروب الشمس
فصاروخ غزة
مر من هناك
من سماء المدينة
حتى حيفا
4
ففي طولكرم
يشتمون روائح معاشرة الطيور
وبيض الحمام
ويصبون الماء ويسمع في البحر
فمسافة العودة لهناك قريبة
والرصاص له اذان
وله ضجيج
والحجارة على الطريق خلف قلنسوة
ما تزال تروي الحكاية
حكاية شعب احتلال
طرد غصبا
وجاء الصعاليق
واصحاب القمل
يفترشون حقدهم هناك
ويقيمون مدينتهم الغاشمة
فوق تراثنا
وحضارتنا
وزهورنا
واشجارنا
فوق الارض والتراب
ولكن لم يخدعنا نحن الفلسطينيين
تاريخ الارض
ولا جذور الشجر
فهيكل طير النورس لا يزال مصمود فوق الشجر
يعانق الحرية
ويبعث الامل
وقلقيلة تطل في كل اوقاتها
على عنفوان الحقول
تعانق السهول
وتغمر الحمام
وتسمع زقائق الزغاليل
5
في تل الربيع
وعلى الشاطىء بالتحديد
لا يزال صلاح الدين ينزل الجنود
لمحاربة القياصرة
ولا يزال والي المدينة معلق
على خشبة الاعدام
لخيانته
كونه دعاهم للمرور
لطمع مادي
او سلطوي
وهي عوامل الهزيمة المرة
المختفية
فلا تزال روائح الدم تنتشر في المكان
وقت ان غادرها جنود نابليون
منهزمين
في اخر مرة
6
فوطني اشبه بباخرة معلقة بين السماء والارض
تنتظر ان تهبط على شاطىء تل الربيع
وان تغرق البحر
وتنتشل الاسماك لغذاء الثوار
سبعون عاما
ولم تنتهي الدقائق
التي كانت لها الحسم
فكأننا خرجنا اليوم
وسنعود اليوم
محملين
بآلام المخيم
والجوع
والبرد
والمؤامرات التي حيكت ضدنا
فمنحوا فلسطين
لليهود دون رضانا
او علمنا
واليوم نعيدها
باسمها
فوق السطور
وفي سراديب الحياة
نعيدها عبر رسائل الحمام
فالقصة لم تنتهي
في مخيمات اللجوء
ولا في الغربة
ولا في الضفة او غزة
واجراس القدس الباكية
الحزينة
منتظرة
فارضنا هناك
بين الاعشاش فوق الشجر
ووطنا ماء في بحر
وجذور السنوبر
فهي جنتنا
وبيدر قمحنا
واكياس القمح الاتية من بعيد
لاطعام المنطقة عبر فلسطين
7
اتذكر قبل سنين
كيف اني زرت الشاطىء شمال تل الربيع
بمنطقة ام خالد
وجلست ابكي
وقلت في نفسي
ها هي فلسطين التي تستحق
الشهداء
الجرحى
الاسرى
العذاب
الموت
التضحية
الرصاص
البنادق والبارود
8
من وقتها وريح البحر لم يفارق انفي
وصورتها شاخصة في عيني
وقلبي متجذر هناك
بل نسيته هناك
بل قدماي ما تزال
مغروسة في الرمال
ولا تزال حبات الرمل
احملها
فوق قدماي
واشعر اني لا ازال هناك
9
في تل الربيع
اشجار الفراولة
لا تزال
وطعمها لا يزال
وبساتين البرتقال المتروكة
من وقت النكبة
واثار البيوت القديمة
شاخصة
بل قلاع
صامدة رغم السنون الطويلة
10
في تل الربيع
حتى حبات القمح
التي كانت تتساقط
من الاحمال
بعد حصيد البيادر
لا تزال تخرج كرموش للارض
في كل عام يسقط المطر
فتعيد الزرع من جديد
جيل بعد جيل
هي
الارض تبعث برسائل الامل
هي الحقيقة التي لا تغيب
ان فلسطين حاضرة
هناك
في القلوب
هنا
في حجارة الاطفال
في صراخهم وعقولهم
في نشيدهم المدرسي صباحا
في اغاني الثورة
وفي قصائد الحب ليلا
11
في تل الربيع
لان الظلم لن يدوم
والارض حق لنا
مات السلام المزعوم
وانتهت وثائق التنازل
وبقي الحمام
الزاجل
يبعث خبايا الارض
ان المستقل لنا
والارض لنا
والحياة لنا
حتى البحر
سبعون حولاً والحزن في عينيه
لا فرح
ولا انتصار
الا باصحاب الارض
المتجذرون في اوراق الشجر
في الجذور
في سماد الارض
12
في تل الربيع
غلبت الاقدار
جبروتهم
فحملوا اجساد الشهداء
ودفنوها هناك
لتبقى طهورة
وتنفض رجسهم
وعفنهم
لتبقى الارض حاملة لاسماءهم المخفية
ولتعيد الجذور بدماء الشهداء
انها ليس من صنعنا
نحن البشر
الفلسطينيون
بل معجزة إلهية
دفنوهم هناك ليذيقونا الألم
فكانت انتصار لدماء الشهداء
في الارض هناك اجسادهم
ودماؤهم الزكية
تبعث العطر
والوفاء
والصدق
والحرية
13
فطوال السنين
لم تتغير الارض
ولم يغير الحمام اعشاشه
فقط هي بقايا رصاصكم في اجسادنا
ودمعنا
وحزننا
وجرحنا
حتى روائح القهوة ما تزال تملأ المكان
فكانت مدافعكم وكان لها حجرنا
وكانت غازاتكم القاتلة وكان منا عطر الياسمين
وكانت مدرعاتكم وكان منا اجساد الاطفال
وكانت جرافاتكم وكان منا بيوت الطين
وكانت سيادتكم المزعومة وكان منا التاريخ
وكانت اوامركم وكان منا القرآن
وكان غباركم وكان لنا المطر
فهو قد طهر الارض منكم
واعادها
سنابل تملأ المكان
فكيف لي ان اصف فلسطين
والقدس عروس المدائن
ودرة التاج
وحيفا وصاروخنا الاول
وعكا وبحرنا العتيق
ويافا بلد البرتقال
والليمون
وغزة بلد الورود
والفراولة
14
ان كان لكم زمن غادر
فلنا اليوم ازمان
وحياة
وامل
وثورة
واطفال
ومجد
وتاريخ
وحضارة
فليس لكم الا ان تهربوا
او ان تهربوا
او ان تهربوا
كما هربتم من غزة
وضيع لبنان
وشمال فلسطين
هذه تل وربيع لنا
وارضنا
لا مستقل لكم هنا
ومصيركم الهزيمة
والرحيل
ولنا عودة للديار
هناك بجانب البحر
لملاقاة السفن
والزائرين
ان كان ذلك يومكم
فهذا يومنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج