الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رعب الجمعة.. «ازدراء الإنسان»

سليم صفي الدين

2018 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كنت أسير فى ميدان التحرير، تحديدا بالقرب من المتحف المصرى، بينما يدخل فوج سياحى لزيارته، وكان صوتا زاعقا اخترق أذنى، ركزتُ فى الصوت، ليس غريبا عليَّ «عبدالحميد كشك» فى قلب القاهرة!، فى أى عصر نعيش؟!

ازدات خطواتى بشكل متسارع نحو مصدر الصوت، وإذ بى أجد مسجدا تقام فيه صلاة الجمعة، والخطيب الأزهرى الذى تتبنى مؤسسته تجديد الخطاب الدينى، يبدو أن السيد كشك، قدوة له، الرجل تقمص شخصيته، وآداءه، ونبرة صوته، حتى أننى ظننت أنه واقفا على مسرح يجسد فيه دور كشك، وليس منبرا يدعو من خلاله الناس إلى الدين.

وبدون وعى منى، وقفت في منتصف الطريق بين المسجد والفوج الذي يدخل لزيارة المتحف، أنظر حيث الصوت فأمتعض، وانظر إلى الفوج فأرتعب، كيف يشعر هؤلاء بالأمان بينما يهتف صوتا بجانبهم فى قلب أقدم عواصم العالم بنبرات صوت داعش؟! وكيف نجرؤ على أن سأل عن سبب تهدور السياحة فى مصر؟

أتذكر حينما أجريت حوارا صحفيا منذ نحو عام، مع الشيخ سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، وطرحت عليه الأمر، قال لى: "إن عدد الخطاب المعينين رسميا بالأوقاف يبلغ نحو 60 ألف خطيب، وعدد الزوايا والمساجد يصل إلى نحو 120 ألف مسجد – لا أعرف هل كان يمزح حينما قال 120 ألف مسجد، فالقاهرة وحدها قد تتخطى هذا الرقم الهزيل- ما يعنى أن 50% من مساجد المحروسة لا تستطيع الأوقاف إرسال خطباء معينين ومدربين إليها.

لا مانع فيما قاله "عبدالجليل"، لكن ليس من المنطق أن يكون مسجدا فى قلب القاهرة، بينه وبين وزارة الأوقاف عدد محدود من الكيلومترات يمكن قطعها سيرا على الأقدام، وبجواره مكان أثرى وهام للغاية مثل المتحف المصرى، ولا يخضع لإشراف الوزارة! هذا إن سلمنا بمجمل حديث وكيل الأوقاف الأسبق.

إذا وبحسب هذا التصريح المنشور بأحدى الجرائد المصرية الخاصة، فإن أزمة تجديد الخطاب الدينى -التى أعترض عليها تماما، فالتجديد يحل على الفكر وليس الخطاب- والأئمة أصحاب الفكر المتطرف والصوت الزاعق، تتمثل فى كثرة عدد المساجد بشكل مبالغ فيه، ما أدى إلى خروجها عن نطاق دائرة سلطة الدولة، وعليه أعود إلى جلسة لمجلس الوزراء فى 17 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2001، برئاسة الرحل عاطف عبيد، رئيس الوزراء الأسبق، تحت عنوان «شروط بناء المساجد الجديدة»، أصدر وقتها قانون جديد جاء فى 9 نقاط هامة، "أطرحها كما هى دون أى تغيير":

1- أن تكون المنطقة فى حاجة حقيقة للمسجد المراد إنشاؤه بها وذلك بسبب الكثافة السكانية التي لا تستوعبها المساجد المقامة فعلا.
2- مراعاة ألا تقل المسافة بين المسجد القائم والمسجد المزمع إنشاؤه عن خمسمائة متر.
3- ألا يقام المسجد على أرض مغتصبة أو على أرض متنازع على ملكيتها.
4- أن يلتزم من يتطوع ببناء المسجد بالرسومات والتصميمات الهندسية التي تعدها وزارة الأوقاف مجانا بما يتناسب مع الموقع والمساحة والتكاليف المقدرة للمشروع.
5- ألا تقل مساحة المسجد عن 175 م2 (مائة وخمسة وسبعون متر مربع)، ويشترط بناء دور أرضى تحت المسجد يخصص لمزاولة أنشطة خدمية إجتماعية وصحية وثقافية وتنموية، مع مسكن للإمام.
6- يمنع منعا باتا إقامة مساجد أو زوايا تحت العمارات السكنية، ولا يجوز إقامة مساجد أو زوايا على شواطئ النيل أو الترع إلا بموافقة صريحة من وزارة الرى والأشغال العامة وذلك بالإضافة إلى توفر الشروط الأخرى.
7- بالنسبة للمسجد المزمع إقامته على أرض زراعية يتعين قبل اتخاذ أى إجراء الحصول على قرار بتوبير المساحة من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى.
8- لا يجوز التصريح من الجهات المختصة فى المحليات بإنشاء المسجد إلا بعد الموافقة الصريحة من وزارة الأوقاف بعد التحقق من ملائمة الموقع والحاجة إلى هذا المسجد.
9- يتعهد المتبرع ببناء المسجد بإيداع مبلغ مبدئى لحساب بناء المسجد لا يقل عن 50000 جنيه (خمسون ألف جنيه) دليلا على الجدية فى العمل، لذا يتم التوجه إلى مديرية الأوقاف بالمحافظة لاستيفاء هذه الشروط وملئ النماذج والإقرارات الموجودة بالمديرية.
اليوم يردم النيل باسم بناء المساجد، ويقتطع من الطرق، وتفرش الشوارع بحجة أن الزاوية صغيرة ولا تسع كل عدد المصليين، وينزعج السياح فى قلب القاهرة، بصوت لا يختلف فى مضمون طرحه ولا فى صراخه عن داعش، وتختلس أموال الفقراء باسم الله، تحت مسمى تبرع لبناء مسجد الرحمن، بينما مستشفى أبوالريش ومجدى يعقوب التى تعالج أبناؤهم، لا محل لهم من التبرع، هذا وأرشيف مجلس الوزراء يحتوى على قانون رائع وبديع مثل هذا، ويبقى السؤال مطروحا: متى يتم القضاء على مكبرات الصوت المزعجة، المنفرة، والتى كلما تكلم عنها أحد، أتهم بمحاربة الإسلام، والكفر، والإلحاد، الذين فى أغلب الظن لا يعرف معناهم الكثير، ومتى يعود إلينا مناهج نقد علي عبدالرازق، ونصر حامد أبوزيد، أو يقف على المنابر أصحاب الفكر والمناهج النقدية من أجل إعمال «إقرأ»، أو لتبادل الثقافات ومناهج التفكير، يتم دعوة المفكرين والفلاسفة بدلا من العريفى؟


أو دعك من هذا، متى يسمح لمفكرين مصر أن يطرحون أفكارهم بصوت مسموع دون الخوف من إزدراء الأديان، التى احتكرها البعض، فتم إزدراء الإنسان باسمها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرأى الشجاع
على سالم ( 2018 / 6 / 24 - 22:41 )
الواجب ان نسمى الاشياء بمسمياتها , الحكمه والعقل يقولان ان الاسلام ماهو الا مرض عقلى واجتماعى وثقافى خطير ومدمر , لكى ننقذ مصر من مصيرها الاسود الحتمى لابد من القضاء تماما على الاسلام بأى ثمن ومهما كان العواقب والتضحيات

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س