الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا اخذت التوراة من التراث المصري ؟ امرأة بايتي نموذجا

هرمس مثلث العظمة

2018 / 2 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كنت قد اشرت في مقالي في العدد التاسع والعشرين من مجلة الملحدين العرب عن أصول قصة يوسف التوراتية والقرآنية على حد السواء وقلت بأن إغواء زوجة فوطيفار لـيوسف والصراع الدائر بينهما قد أتى من قصة الاخوين أنوبو وبايتي وهذا ملخص قصير على عجل :
كان " أنوبو " الاكبر متزوجا ، وكان يتولى شؤون الادارة والتنظيم ، على حين كان بايتي الاصغر عاملا ، يغزل النسيج ويرعى البقر ، ويحرث الارض. وفي يوم من الأيام قامت زوجة الاخ الأكبر بمحاولة دنيئة لإغواء أخ زوجها الاصغر بايتي والاستفراد به ، وعندما ابى ذلك دبرت له مكيدة وحاولت الايقاع بينهما وكانت ستنجح لولا تدخل الاله راع وهذا ما حصل مع يوسف راجع سفر التكوين الاصحاح 39 وسورة يوسف من الاية 22- 35 . ولكن للقصة تتمة قد قام كاتب التوراة بانفراد على أخذها بمعزل عن القرآن وقد كررها بموضعين في نفس السفر وقد أثارت استغراب فراس السواح في كتابه أرام دمشق وإسرائيل ولم يجد لها مخرج (ما قام به كاتب التوراة من تكرار لنفس القصة ) ، ولكننا إن تتبعنا في باقي القصة نجد مخرجا واضحا وصريحا :
سفر التكوين :
قصة رقم 1:الاصحاح 20
و انتقل ابراهيم من هناك الى ارض الجنوب و سكن بين قادش و شور و تغرب في جرار،و قال ابراهيم عن سارة امراته هي اختي فارسل ابيمالك ملك جرار و اخذ سارة، فجاء الله الى ابيمالك في حلم الليل و قال له ها انت ميت من اجل المراة التي اخذتها فانها متزوجة ببعل، و لكن لم يكن ابيمالك قد اقترب اليها فقال يا سيد اامة بارة تقتل
قصة رقم 2 : الاصحاح 26
و كان في الارض جوع غير الجوع الاول الذي كان في ايام ابراهيم فذهب اسحق الى ابيمالك ملك الفلسطينيين الى جرار،و ظهر له الرب و قال لا تنزل الى مصر اسكن في الارض التي اقول لك، تغرب في هذه الارض فاكون معك و اباركك لاني لك و لنسلك اعطي جميع هذه البلاد و افي بالقسم الذي اقسمت لابراهيم ابيك،و اكثر نسلك كنجوم السماء و اعطي نسلك جميع هذه البلاد و تتبارك في نسلك جميع امم الارض، من اجل ان ابراهيم سمع لقولي و حفظ ما يحفظ لي اوامري و فرائضي و شرائعي، فاقام اسحق في جرار، و ساله اهل المكان عن امراته فقال هي اختي لانه خاف ان يقول امراتي لعل اهل المكان يقتلونني من اجل رفقة لانها كانت حسنة المنظر، و حدث اذ طالت له الايام هناك ان ابيمالك ملك الفلسطينيين اشرف من الكوة و نظر و اذا اسحق يلاعب رفقة امراته.
الارضية المشتركية للقصتين قائمة على قيام شخص يدعى أبيمالك بأخذ زوجة كلا من إبراهيم ولاحقا إسحاق . وذلك لإعجابه بجمالهن منقطع النظير على حد وصف الكاتب التوراتي ، ولكن نجد تقريبا نفس الامر قد حدث مع بطل القصة السابق بايتي الاخ الاصغر على الشكل التالي :
فبعد أن غادر بايتي منزل اخيه ذهب إلى وادٍ يدعى وادي الطلح . فعاش بايتي في وادي الطلح هادئا سعيدا ، يقضي أوقاته في مطاردة حيوانات الصحراء ، ويعود مع الليل إلى بيت أنيق صغير أقامه في جانب الوادي .
وبينما هو جالس ذات يوم ، مر به الالهة التسعة الذين يدبرون شؤون مصر .
وقال له الالهة :
ألا تؤلمك العزلة يا بني ؟ أليس من الخير لك أن تعود إلى بيتك بعد أن ثأر لك أخوك من امرأته ؟
وسجد بايتي للتاسوع المقدس . والتمس من الالهة ان يتركوه في وادي الطلح حيث يعيش .. ورأى رع –حورس ان يخفف عن الفتى وحشة العزلة فأمر الاله الخلاق " خنوم " أن يلخق له امرأة تشاركه الحياة . وخلق له خنوم زوجة أجمل من كل نساء الارض ، تشبه إيزس ..
وهبطت الزوجة لتقع بين أحضان الفتى الصغير . وملأته فرحة غامرة وسعادة لاتوصف . ولم يدر أن ربات الجمال السبع ما كدن يشاهدنها وهي تقع بين ذراعيه حتى تنبأن في صوت واحد بأنها ستموت بالسيف .
وأحب بايتي امرأته حبا لم يحبه رجل لامرأة قط. وبلغ به الحب حدا جعله يغار عليها من النيل نفسه ، فمنعها من مغادرة الدار أو الاقتراب من النيل حتى لا يخطفها النهر .
وخرج بايتي للصيد ذات يوم . وكان الضجر قد استبد بإمرأته لطول ما اقامت وحدها في البيت ، وغادرت البيت ، وجلست على جانب النهر ، وكشفت عن ساقيها الجميلتين ، ودلتهما في الماء وهي تحركهما في صخب ولذة وانطلاق.
واضطرب النيل وأثاره مرأى الساقين الجميلتين ، واحس جوى إليها فدفع امواجه تضمها وتحاول اختطافها. ولكنها سارعت برفع ساقيها العاريتين ، وانطلقت تجري في خوف إلى داخل الدار . وبعد أن أسف على عدم تمكنه من خطفه توسل لشجرة الطلح ، وقامت بإعطائه خصلة من شعر تلك الامرأة . وحمل النيل تلك الخصلة من الشعر وإذا بها تجري إلى مغتسل فرعون الذي كان يمتد من جانب الشط ، فسقطت خصلة الشعر في حوضه ، وإذا بالطيب الساحر يتسرب منها إلى ثياب الفرعون فيثير أعصابه ، ويقسم ليقتلن رئيس الغسالين إذا لم يأته بسر الطيب . وبعد البحث يحصل رئيس الغسالين على خصلة الشعر فحملها للفرعون الذي شمها ، فأحس نشوة صاخبة مجنونة ، وأمر بالسحرة أن يأتوا إليه للتو . وبعد عدة محاولات قام بها جنود الفرعون ، اخيرا تمكنوا من جلب امرأة بايتي الى منزله .. وعاشت تلك الامرأة في قصره سعيدة كملكة ولم تعد زوجة بايتي إلى زوجها .
نتيجة :
تشترك القصة التوراتية اللاحقة مع القصة الفرعونية السابقة بأمر مهم وهو قيام ملك في كلتا القصين بأخذ زوجة أحد الاشخاص،بعد إعجابه بها وتوق من جانبه لها. ولكن الاختلاف يكمن في إعادة الزوجة في الرواية التوراتية على عكس ماحدث في القصة المصرية فهو رفض الزوجة للعودة إلى حضن زوجها . وبالتالي نرى أن الثقافة المصرية بشكل عام والادب المصري بشكل خاص قد وجد طريقه للكتاب المقدس فكانت قصة بايتي مع زوجته اللبنة الاساسية في قصة ابيمالك مع ابراهيم وسارة واسحاق ورفقة.
_______________________________________________________
مراجع
1- مجلة الملحدين العرب عدد29 هل للأديان السماوية جذرٌ إلهيٌ
أم تراثٌ جمعيٌ؟ ) 1
2- الكتاب المقدس (سفر التكوين )
3 - أساطير من الشرق سليمان مظفر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تفاهة الحياة
جندي ( 2018 / 2 / 27 - 19:13 )
طبعا مقالتك لن تتلقى الدعم الذي تلقته مقالتك السابقة
هل تعلم لماذا
لانم هنا تنتقد المسيحية
وهناك تنتقد الاسلام

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد