الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انثى شرقية

لارا رمضان أيوب

2018 / 2 / 28
الادب والفن


أنثى شرقية

في ليلة تشرينية باردة بهوائها ومطرها بينما كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، تصفحت سيلين صفحات التواصل الاجتماعي وهي تقلب بين صفحة وأخرى، في تلك اللحظة اسمٌ ما يطرقُ باب صفحتها تقولها لنفسها "نعم انه جارنا القديم " وتبادرُ بالموافقة على طلبه اعتقدته سيلين عابر سبيل، أو أنه سيكون اسماً مكتملا لعدد أصدقاءها بالغاً ما بلغ، أنى لها ان تعرف بأنه سيطرق باب قلبها بعد أيام..... بادرت بالكلام معه وسألت عن أحواله التي انقطعت منذ أن بدأت الحرب في بلادهم فأخبرها بأنهُ يقيمُ مع عائلته في دولةٍ مغايرة لدولة سيلين وعائلتها وبين سؤال وآخر يرنُ جرس المنبه ليوقظ سيلين لموعد عملها ..... تفاجأا أن الحديث أخذ منهم خمسُ ساعات متتالية دونما اكتفاء! اكتفاء ماذا!؟ أهو حنين، أم عشقٌ سيولد بعد أيام؟
أنهت سيلين الحديث معه وراودت خزانة ملابسها لم تكن تدري لما اختارت "الأسود" لترتديه ؟
أكثر الألوان حباً لـ جان فهي مازالت تتذكر جميع تفاصيله.....
بدأت نهارها بمواقف غريبة فهي اليوم لم تتشاجر مع سائق التكسي على تأخيره بل استقبلتهُ بابتسامة ، وصلت هناك في الموعد المحدد على غير عادتها، وأنهت ذاك اليوم وهي تسمع "لأحمد كايا" كما كان يفعلُ جان...... وما أن حلّ المساء مرةً أخرى حتى باتت تنتظرُ رسالة منه، وهي تعدّ الدقائق وبينما هي شاردة في أعين جان وراء خلفية صفحته حتى بادرها بالكلام .....
ليلةٌ أخرى تمضي وهما يتحدثان ومثلها ليال كثيرة، حتى باتت سيلين تجد في عيناه حكاية رجلٍ تبحثُ عنه منذ آمدٍ بعيد، تبدأ يومها بكلمة منه وتنهيها بمكالمة هاتفية دون أن يبدي لها في أنه يخطط لإيقاعها في غرامه.....
جان لم ينقطع عن حبها رغم انقطاعه لأعوام خلت، لكنه يخشى من أن العادات والتقاليد تقف ضد حبهم، فوالدتهُ كانت تريد تزويجه بأحدٍ من أقاربها، ورغم صعوبة تلك العلاقة إلا إن سيلين كانت قادرة على إقناعه بقولها "أن المصير سيقررُ نهاية هذا الحب الذي يُتيم حتى قبل أن يلد" ....
نسيا كلّٓ شيء وبدأا بقصة حبهم التي ربما لن تتكرر أبداً أحبته سيلين رغم أنها لم تلتق به ، لم تحتضنه يوماً، لم تشاركه في قضاء يوم جميل معاً، أحبته على طريقة أنثى لن تتكرر في حياته مرتين، أصبحت تقرأ لَهُ وتكتب له، أحبته رغم أنه أبعد الأشياء إليها فهي لمحت في عيناه وطنها، طفولتها التي ربما نسيته مُذ أول رصاصة أطلقت هناك، أحبته لانه ابن ذاك الحي التي كبرت فيه .....
كان جان يكرر لها دوماً : "أخافُ أن ينتهي الحديثُ بيننا دون أن نلتقي يوماً؟! أو نشرب فنجان قهوة معاً، أو حتى تجمعنا لحظة رومانسية على إحدى شواطئ هذه المدينة المهجورة كهجرانك لقلبي المتيم بكِ"......
وترد إليه سيلين بجملتها المعتادة : "وعدتكٓ أن تبقى لي حبيب الروح مهما طال بعدك ولن أكون عاشقة لرجل سواك"
كانت سيلين الأكثر حباً له. وبين يوم وآخر كانت تشعرُ بإهماله لها ولكن قلبها يخونها، تدرك جيداً أنه يحبها ولكنهما قد لا يفهمان من بعضهما .....
حلّٓ المساء، ليلةٌ باردة ، ثلج قد غطى أجزاء المكان بأكمله تبلغُ الساعة العاشرة ، نفسها الساعة التي يراود جان صفحتها برسالة أو اتصال هاتفي.
"لقد تأخر" تقولها سيلين وتعاود الانتظار ويمضي الوقت، تتجاوز الساعة الثانية عشر منتصف الليل ومازالت سيلين تهربُ من تسكع الوقت قرب ذاتها ، تهترئ ، تبدأ بالكتابة له ثم تنصت بكل صمت لتترك الكلمة منتصف السطر، ربما لتقاطع أنفاسها الباكية ، وتقنع قلبها كما كلّٓ يوم أنه آتٍ.
في الصباح التالي تأخذُ سيلين معطفها للبحث عنه في أزقة وأرصفة تلك المدينة، الجو كان ماطراً والبردُ يسكن كل زاوية من زوايا تلك المدينة ، الطريق نائم توقظه خطوات المارة،
تمرُ سيلين بأشخاصٍ كثر إلا أنه هو فقط المنفرد في ذاكرتها، تغير طريقها من مقهى إلى حديقةٍ تتبدل الشوارع والأشخاص ويبقى خياله،
تقفُ هناك فيبتسم لها شرطي المرور ويقول "اَسرعي قد يفوتك القطار" تبتسم وهي تجاوبه "فليمضي لقد اعتدتُ الانتظار" تواصل طريقها لتلتقي برائحة عطر يجعلها تتثبت في مكانها ويعود بها الزمن في بضع ثوانٍ إلى رائحة جان وذكرياته ثم تواصل طريقها لوحدها لتصادف
خبـر زفاف جان من ابنت خالته، في ذاك الموقع نفسه
تجلسُ هناك على مقعد خشبي لتستعيد شريط ذكرياتها مع ديمومة حزن وتبدأ بكتابة اسمه على جذع شجرة وهو هناك يتزوج بطريقة شرقية ويحبها جداً لأنه سلك طريق جدها وجده ويمضي ليعود بعد أعوام ويبحث عن سيلين كما هي فعلت ولكنه يبقى وحيداً كما تركها ويلف سجائراً من تبغ يعود لأنثاه الشرقية ويعاود مسيرة حياته التي ربما ذهبت مع سيلين وهي هناك مازالت تمرُّ كل يوم أمام اسمه المحفور على ذاك الجذع الذي يقف أمام بابها منذ الفراق.

لارا رمضان أيوب - كاتبة كردية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير