الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- تحالف سائرون- و الآمال المنتظرة

مهند البراك

2018 / 3 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


شهد تأريخ البلاد ان التحولات الكبرى في البلاد جرت بتكاتف القوى المدنية و الإسلامية المتنورة، العاملة من اجل التحرر و الإصلاح و التقدم . . منذ ثورة العشرين و جهود اعلان الدولة العراقية وفق دستور مدني كبديل عن دولة مُحتلة مُنتدبة، التي بُحث و كُتب الكثير عنها.
و رغم تعقّد الظروف اللاحقة، و تداخل العوامل الداخلية و الخارجية و اطماعها و مخططاتها، تكرر التكاتف و محاولات التكاتف آنف الذكر، و انجح وثبة كانون 1948، ثم ثورة 14 تموز 1958 حين ايّدت مرجعيات اسلامية النضال الوطني و التقدم الاجتماعي و سكتت اخرى و عادته اخرى . . ثم نجاح الجهود في التسعينات لتفاهم و وحدة التيارات الوطنية بمكوناتها في البلاد من اجل اسقاط الدكتاتورية و اقامة البديل الوطني الديمقراطي الفدرالي التي ضمّت: التيار المدني و الديمقراطي، التيار القومي العربي التقدمي، التيار الكردستاني، التيار الإسلامي . .
الاّ ان اعلان الادارة الاميركية الحرب على نظام صدام، و فرضها ذلك على قوى معارضة الدكتاتورية، فتح فصولاً من نوع جديد للعنف و العنف المضاد، الذي تكرّس اكثر اثر فشلها في اقامة ادارتها في البلاد ثم فرضها نظاما قائما على اساس المحاصصة الطائفية و العرقية، بضوء اخضر من ايران و تركيا و الخليج . . فيما تصاعد العنف ضد الإحتلال، ليتطور الى عنف داخلي بين مكونات البلاد بتشجيع خارجي دولي و اقليمي. ليتفاقم بشكل بشع الى ارهاب وحشي اطلقته ذات القوى، ليصل الى داعش الإجرامية، بسبب تفاقم عدم كفاءة الحاكمين و السياسة الطائفية الرعناء . .
في وقت تزايد فيه الفساد في دورات حكم السيد المالكي الامين العام لحزب الدعوة الحاكم، حتى هيمن الفساد بكتله المتنفذة القائمة على اساس حكم المحاصصة الطائفية و العرقية، و حتى صارت لم تخلُ منه اية كتلة كبيرة حاكمة، و برز الارهاب و الفساد و المحاصصة و كأنها توائم حاكمة، شكّلت الهم الأكبر للعراقيين بكل مكوناتهم و السبب الأساسي لنزيف الدم و الفقر و الحرمان.
الهمّ الذي عارضت اسبابه اوسع الجماهير الشعبية بمكوناتها الطائفية و المكونات الأخرى، و كتبت عنه بتواصل لم يعرف الكلل، الصحافة و وسائل الإعلام التقدمية في البلاد و خارجها، و طرحت انواع الحلول الفكرية و العملية للخروج من طغيانه، فيما استمر الهمّ بالتجبّر في ظروف هيمن فيها الإسلام السياسي الشيعي و السني، و لم يتحرّك ايّ من اطرافهما لمعالجته و التصدي له . .
و فيما اختلطت الحلول المقترحة بين التصدي العملي و التنظير، بدأت القوى المدنية و الدمقراطية و اليسارية و منذ 2011، باحتجاجات و حراكات شعبية، تطورت بسرعة رغم تصدي حكومات المالكي و قواته الخاصة لبدايات انطلاقها السلمي، بالرصاص الحي في رابعة النهار، و سقوط اعداد من القتلى و الجرحى و اعتقال و تهديد مئات الناشطين فيها، الأمر الذي حرّك اوساطاً اوسعاً من كل المكونات للتصدي لمايجري .
ثم سعى التيار الصدري لتكوين كتلة تقف ضد احتكار السلطة من احزاب تدّعي تمثيل الطوائف، و نجح بالتلاقي مع الكتل المتنفذة : الكردستانية، كتلة علاوي بغالبيتها السنية عام 2012، للوقوف امام احتكار المالكي للسلطة لنفسه و مخاطر ما اطلقه على نفسه كـ (مختار العصر) و نجح في حرمانه من دورة ثالثة لادستورية لحكمه و تفرّق التلاقي، و الى مبادرة التيار الى المشاركة الجماهيرية الفعلية في اعمال الإحتجاجات من اجل مكافحة الفساد و معاقبة كبار الفاسدين و من اجل الخبز و الحرية و الدولة المدنية، و اعطت للاحتجاجات زخماً واضحاً ، حتى صارت انتفاضة شعبية هزّت الحكومة و البرلمان و القضاء، اجتاحت العاصمة و مدن الجنوب بغالبيته الشيعية بشعار " بإسم الدين باكونا الحرامية ".
و ترى اوسع الاوساط المدنية، انه في حال اوضاع البلاد المأساوية القائمة، من الطبيعي ان يلاقي اللقاء و الاتفاق على النزول في الانتخابات بقائمة تحالف، بين احدى الكتل (الشيعية) الحاكمة البادئة بالتبلور و الاستقطاب ضد الطائفية و الفساد و المحاصصة و مع تشكيل حكومة مدنية . . و القوى المدنية بضمنها الحزب الشيوعي العراقي، كتحالف انتخابي للبدء بطريق طويل معقد، للبدء بتحريك الاوضاع المأساوية الراكدة المشيعة لليأس، بعد تجربة القوى المدنية الايجابية معها في المجالس المحلية، و في الإحتجاجات الشعبية.
من الطبيعي ان يلاقي تأييداً واسعاً و متنوعاً رغم نواقص و اخطاء و اعتراضات هنا و هناك لكونها غير مسبوقة منذ 2003 ، نواقص و اعتراضات تسبب بها اساساً قانون الانتخابات الجائر الذي فُصّل على مقاس الكتل الحاكمة و مرره البرلمان، و جعل الإنتخابات يصعب التكهن بسلامة آلياتها و اجرائها من الغش و التزوير، في ظروف بدأت باعاقة اوساط واسعة من المشاركة بها، كما يجري في خارج البلاد مثلاً، و ظروف تهديدات شخصيات و دوائر ايرانية نافذة، تدعو الى عدم تغيير المعادلة الحاكمة، و سعيها الضيّق لمنع تحرّك القوى المدنية و الديمقراطية و الإسلامية المتنورة . .
فيما يرى مراقبون و مطّلعون انها بداية انتصار شعبي يكسر طوق العزلة الطائفية، الذي ان أحسِن التعامل معه و به، فإنه ممكن ان يشكّل نواة هامة لقطع الطريق على القوى الساعية الى احتكار قوى الإسلام السياسي للسلطة على اساس غنائمها، التي ستكرّسها اكثر ببناء حكم ظلامي فاشي، بإسم (الإسلام و الطائفة الشيعية) . . القوى التي ارعبها التحالف الإنتخابي الصدري ـ المدني و هو في خطواته الأولى في ترشيح لإنتخابات، كما تفعل كل الاحزاب في العالم وفق الساحة السياسية و القوى الفاعلة عليها في الزمن المعيّن . .
في ظل قوانين انتخابات مجحفة لتغييب الكتل الأصغر و ابتلاع اصواتها و حرمان خيرة ابناء البلاد و بناتها من حقهم باصواتهم، و في ظلّ اوضاع لايمكن احداث اي تغيير فيها دون الإصطفاف مع الآخر و الآخرين سنّة و شيعة و كرد و مكونات اخرى، و بالتالي مع كل من يعمل ضد الفساد و المحاصصة، و من اجل احالة كبار الفاسدين الى القضاء، و من اجل الدولة المدنية القائمة على اساس المواطنة و الكفاءة و النزاهة، و العمل لنزع سلاح الميليشيات ، تحسين الدخل و العمل الفعال لإصلاح الخدمات، و من اجل استقلال البلاد و التحرر من الهيمنة الخارجية و خاصة الايرانية و الاميركية و النأي بالبلاد من صراعهما المتزايد و المهدد بالإشتعال على ارض البلاد.
و بالتالي فإنه ليس تحالفا مع سلطة حاكمة للبلاد، بقدر ماهو تفاهم على مشتركات للنزول في قائمة انتخابية في زمن تبرقع فيه اطراف الحكم و القوة بالاسلام، مستغلين فيه الحالة البائسة لأوسع الجماهير المسحوقة، التي لجأت الى الإيمان بكل مسلّماته علّه يساعدها على التخلص من نير الدكتاتورية و الإحتلال و داعش و قوى شريرة في العالم و الجوار . . و اخيراً فإنه تحالف ساعد على تجميع قوى التيار المدني المتفرقة في كتل اكبر، و يساعد على تفاهمها اكثر من مواقع متنوعة، كما تشير اخبار لقاءاتها الأخيرة . .

مهند البراك، 27 / 2 / 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط