الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة فى قطار الحياة!

سليم نزال

2018 / 3 / 3
سيرة ذاتية



لكم احب السفر بالقطار .و لعل حب السفر بالقطار كان لدى من ان كنت صغيرا لكن لم يكن هناك مجال لتحقيقه .حين يسافر الناس فى القطار فانهم عادة ما يكونا مهتمين بالنتيجة.اى بمحطة الوصول .لكن بالنسبة لى تكمن متعة السفر فى الطريق اى فى المسيرة ذاتها .فى النظر عبر النافذة الى القرى او المدن او الغابات او السهول و التعرف و الاكتشاف و التامل .و مشاهدة الناس يدخلون الى القطار ثم يخرج كل فى محطته . و الدخول احيانا فى احاديث هنا و هناك مع مسافرين عابرين .تبادل افكار عابر و مع الزمن ينسى المرء الكثير من تفاصيل الرحلة. و لربما تبقى كلمة او كلمات راسخة فى ذهن المرء .و اخر مرة اثناء السفر التقيت فيها برفقة سفر طيب من رجال و نساءة.كانت احاديث جميلة حقا لم يزل بعضها فى الذاكرة . من بينهم كان هناك امراة من الواضح جدا من خلال استعمال المفردات انها حصلت على تعليم عال. كما كان من اليسر مشاهدة الذكاء يشع من عينيها الزرقاويين .



سالتنى بعض الاسئلة عن جاك دريدا و ميشال فوكو و نظرية التفكيك و بعد ذلك عن الفلسفة الالمانية خاصة الوجودية ,مارتن هايدجر الخ.و قد شعرت كانها تريد اختبار مدى معارفى و هو امر اراه تصرفا طفوليا .على كل حال اوضحت لها مناطق قوتى فى هذا الشان المتعلقة بدراستى لكن الفلسفة ليست اختصاصا لدى بل اضطلاعا او اعرف القدر الذى كان يساعد اختصاصى . بل اضفت انى ما زلت اشعر بنوع من الحسرة انى لم ادرس الفلسفة على الرغم انى عوضت عنها و ان جزئيا بدراسة مادة تاريخ الفكر . و عندما تاملت وجهها و كانت تتحدث بحماس كان لها وجه طفولى لم اكن قد انتبهت له . كانت قد بدات الحديث قبل ذلك مازحة انها لا تستطيع الحديث سوى مع عقول ذكية . عندها رددت على الفور مازحا هل نعتبر هذا اطراء ام مطلبا؟ .

لا اعرف من هو الكاتب او القائل الاول الذى شبه الحياة بالقطار .و هو تشبيه صار متداولا كثيرا . و ان احاول الان عبر نوع من العصف الفكرى ان افكك المفهوم لاجل التعرف عليه نقول مثلاما يلى .القطار يسير على خط محدد حتى و ان مضى يمينا او يسارا لكن القطار محكوم ( بجسد ما و بمسيرة ما ) .و مع القطار او من خلاله يمكن رؤية ان الطريق و كل ما هو حولها من شجر و بيوت و بشر (يسير ) متناغما مع القطار .بهذا المعنى فان السفر لا يتم فقط من خلال الزمان بل من خلال المكان ايضا كما نراه من خلال النافذة.اما داخل القطار فالمسافرون جالسون فى امكنتهم .انه يتحركون و لا يتحركون فى الوقت نفسه .اى انهم هم و لكن ايضا ليسوا نفس الاشخاص اللذين صعدوا الى القطار.و حتى القطار ليس نفس القطار الذى انطلق بالرحلة.اصابه بعض التغير حتى و كان طفيفا .


ذلك يشبه الى حدا ما ما قاله الفيلسوف اليونانى هيراقليطس فى جملته الشهيرة انك لا تنزل الى النهر مرتين .اى النهر الذى كان فى الامس تجددت مياهه و لم يعد ذات النهر حتى و ان كان ذات المكان .
المسافرون يتحدثون او صامتون او يقراوون وهم بطريقة او باخرى يتغيرون خلال الرحلة حتى و ان كان التغير صغيرا لا يلمس .خلال ساعات السفر فى القطار تكون قد رايت مناظر جديدة و ربما التقيت مع اناس جدد و استمعت لافكار جديدة بل ان احد معارفى التقى ب صديقته فى القطار و عاش معها لاحقا لانها وجدا اثناء الرحلة ان انسجامهما ينبغى ان لا يبقى منحصرا على الرحلة .
ثم يترجل المسافرين الواحد تلو الاخر الى محطة مختلفة تماما كما هى الحياة .هم فى مكان واحد لكن محطات النزول كما كانت محطات الصعود مختلفه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة