الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اطفال العراق عماله شاقة واهمال حكومي

عبدالرزاق محمد حسين

2018 / 3 / 3
الحركة العمالية والنقابية


اطفال العراق .. عمالة شاقة واهمال حكومي
بعيون ضاحكة استقبلنا حمزاوي، او هكذا يطلق عليه اقرانه حيث يعمل في احد محال تصليح السيارات المنتشرة في شارع الشيخ عمر، احد ابرز الاحياء الصناعية في العاصمة بغداد، والذي بادرنا بتقديم خدماته لنا ظناً منه اننا نحتاج للمساعدة لعطل قد طرأ بمركبتنا.
ويقول حمزاوي الذي لا يتعدى عمره الثمان سنوات، بتردد بعد ان عرف هويتنا الصحفية، انه اضطر للنزول الى الشارع من اجل العمل لاعالة اسرته التي تتكون من ستة افراد، ويتابع وهو منهمك بتبديل احدى اطارات السيارات "عوق والدي اجبرني على ترك الدراسة والعمل في مهن متعددة قبل ان استقر في ورشة تصليح السيارات هذه" واضاف "لست الوحيد الذي يعمل فهناك الكثير من رفاقي يعيشون نفس ظروفي الصعبة".
ويعترف انه يتوق الى المدرسة الا ان عوز عائلته تثنيه عن الالتحاق بها من جديد.
وفيما اذا يتعرض لسوء المعاملة اكد "صاحب العمل رجل رحيم واضطر الى تشغيلي بعد ان عرف ما امر به ظروف" لكنه اشار الى انه "يعمد الى تعليمه اصول المهنة والتي تحتاج في بعض الاحيان الى القسوة".
ويحلم حمزاوي (لم يفصح عن اسمه الصريح)، بان يمتلك في يوم من الايام مركبة حديثة كالتي يعمل على تصليح عجلاتها كل يوم.
تركناه وهو منهمك بعمله، الى محل اخر في نفس الشارع، حيث يعمل، مرتضى محمد (10 سنوات)، وقد رحب بنا رب عمله الذي احتضنه خوفاً من الاستغلال والضياع.
ويقول محمد الحداد (صاحب ورشة خراطة الحديد)، اكثر ما جذبني بمرتضى امانته وحرصه على مساعدة عائلته، وفيما اذا يعد تشغيله مخالفة قانونية اوضح "لا اعتقد انني اخالف القانون عندما اعين طفل على عدم الانحراف والاستغلال" واضاف "احاول جاهداً تعليمه الحرفة ليتمكن من الاعتماد على نفسه دون حاجة الاخرين او استغلال بعض ضعاف النفوس".
ولا يخفي الحداد "ان ظروف العراقيين باتت اصعب الان بسبب الازمة الاقتصادية ناهيك عن الوضع الامني الذي خلف الاف الايتام والارامل".
اما مرتضى، فيقول ان وفاة والده تركته امام خيارين اما ضياع عائلته او النزول الى سوق العمل، مبيناً "ان مقتل والده اثر تفجير ارهابي حمله مسؤولية والدته واخوته الاربعة".
واضاف "لا يمكن ان اتخيل نفسي في وضع افضل من هذا الحال، فاغلب اقراني يتسولون في الطرقات، او يعملون بمهن لا يمكن تحملها".
وفيما اذا يامل بتغيير وضعه قال بعد صمت "لا اعلم ما سيحل بي، واعتقد ان ظروفي لن تتغير، الا بمعجزة فالحكومة لا تعبأ لحالنا، اكثر ما يهمها هو سرقة احلامنا". بحسب تعبيره
وتبدو ظاهرة عمالة الاطفال، واضحة في كراجات السيارات، ومعامل الطابوق الاهلية، واماكن جمع القمامة، ومناطق الطمر، اضافة إلى الساحات العامة في مراكز المدن.
حيث تعد عمالة الاطفال في العراق احدى المشكلات التي تواجه البلد الذي يعيش صراعات سياسية ووضع امني غير مستقر بعد سيطرة تنظيم داعش على عدد من مدنه منذ العام 2014.
وكانت منظمة اليونيسيف قد قدرت عدد الاطفال العراقيين المنخرطين في سوق العمل بأكثر من نصف مليون طفل فضلا عن الذهاب للمدارس مع تراجع دخول العائلات بسبب العنف والنزوح.
وقالت اليونيسيف في تقرير لها نشر خلال شهر تموز (يوليو) الجاري، ان 20 بالمائة من مدارس العراق اغلقت بسبب الصراع ولم يعد بوسع نحو 3.5 مليون طفل في عمر الدراسة الذهاب للتعلم.
واضافت ان نحو 10 بالمائة من أطفال العراق (اي نحو مليون ونصف المليون طفل) اجبروا على النزوح منذ مطلع عام 2014 بسبب العنف.
واوضح التقرير ان عدد الأطفال العاملين تضاعف ليصل إلى أكثر من 575 ألفا منذ عام 1990.
وتعترف عضو المفوضية  العليا لحقوق الانسان، بشرى العبيدي ان العدد اكثر مما اشارت اليه اليونسيف، فالتقارير السابقة للمفوضية اوضحت خطورة وضع الطفل العراقي، موضحة "لقد بينا في تقارير سابقة قدمت الى الحكومة الخروقات السافرة بحق الاطفال في البلاد".
واكدت "بالرغم من ان الدستور العراقي اقر حقوق الأطفال، وفق المادة 29، الا ان العراق تجاوز كل المحظورات في هذا الجانب، خاصة وان العديد من الاطفال باتوا يعيلون اسرهم بعد فقد ذويهم، او انجرارهم باعمال اجرامية او استغلال جنسي بسبب صغر سنهم".
وتنص المادة 29 "يحظر الاستغلال الاقتصادي للاطفال كافة وتتخذ الدولة الاجراءات الكفيلة بحمايتهم".
وعن استجابة الحكومة لنداءاتهم قالت العبيدي "للاسف لا توجد اي استجابة تذكر بالرغم من كل المحاولات، وقد حاولنا تقديم مشروع قانون لحماية الطفل منذ العام 2013 ولم تتم الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء".
ووفقا لتقديرات اليونيسيف فإن 3.6 مليون طفل على الاقل في العراق يواجهون خطر الموت او التعرض لاصابة خطيرة او للعنف جنسي او الاختطاف اوالتجنيد في فصائل مسلحة بزيادة قدرها 1.3 مليون طفل مقارنة بال 18 شهراً الماضية.
وتتفق عضو البرلمان، اشواق الجاف مع العبيدي، بشان عدد الاطفال المنخرطين في سوق العمل، وتقول "ان السنوات الست الاخيرة وما تخللها من تدهور في الاوضاع الامنية والاقتصادية في البلاد كانت ضحيته العائلة والطفل العراقي على وجه التحديد".
واوضحت "لقد اضحت المراة بدون معيل، الامر الذي اجبر الاطفال الى النزول الى الشارع من اجل العمل، خاصة وان رواتب شبكة الرعاية الاجتماعية لا تلبي احتياجاتهم". بحسب قولها
كما اشارت الى ان الاعداد الكبيرة للنازحين اسهمت في انتشار ظاهرة عمالة الاطفال، بعد ان فقدت الاف الاسر منازلها ومصادر رزقها بسبب الحرب ضد داعش.
وعن دور البرلمان في معالجة هذه المشكلة قالت "للاسف حاولنا خلال الدورات السابقة من اجل طرح مشروع قانون يتيح منح القروض للمراة المعيلة، لكن بسبب الخلافات السياسية لم يتم تمرير القانون".
وتعترف الجاف ان الحكومة بشقيها التنفيذي والتشريعي عجزتا عن توفير ابسط حقوق الاطفال سواء للذين يعملون دون السن القانوني (15 عاماً) او اولئك الذين يتمتعون بحياة طبيعية".
لكنها استدركت "يمكن عمل لوبي مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية للمطالبة بمساعدة دولية من اجل احتواء ازمة عمالة الاطفال في العراق خاصة وان البلاد تعيش ازمة مالية حادة وحرباً ضد الارهاب تستزف كل موارده" بحسب رايها
ولا توجد احصاءات رسمية لدى الحكومة العراقية بشان اعداد الاطفال الذين ينخرطون في سوق العمل، كما تؤكد، مديرة مكتب هيئة رعاية الطفولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، الدكتورة عبير الجلبي "لا يمكن الاخذ بالارقام التي نشرتها منظمة اليونسيف بشان عمالة الاطفال في العراق، خاصة وان اننا لا نمتلك احصائية دقيقة لاعداد الاطفال المنخرطين بسوق العمل، وهو امر يرتبط بالاحصاء السكاني الذي لم يجرى الى الان في البلاد".
لكنها تعترف ان الاف من الاطفال يعيلون عوائلهم بسبب الفقر، ناهيك عن الاوضاع الامنية التي خلفت عوائل بدون معيل.
ولفتت الى ان الوزارة رصدت الكثير من الحالات التي يعمد لها اصحاب المعامل في تشغيل اطفال باجور قليلة ومهن صعبة لا تتناسب مع اعمارهم، مؤكدة "تم غلق الكثير من المعامل وتغريم اخرى بسبب الانتهاكات التي تمارس بحق الاطفال".
وعن الحلول التي يمكن من خلالها انتشال الاطفال من هذا الواقع قالت الجلبي "لا يخفى على الجميع ان الامر يرتبط بالجانب الاقتصادي للبلاد، وهو امر يجعلنا نعجز عن حل العديد من المشاكل المجتمعية بسبب تردي هذا الجانب".
واكدت ان الوزارة "ستشمل العديد من الاسر برواتب الحماية الاجتماعية التي ستتراوح ما بين 105 -420 الف دينار عراقي (90-300 دولار اميركي) الامر الذي قد يسهم بالتخفيف من حدة الفقر".
لكنها اشارت الى ان هذه المنح ستكون مشروطة بضرورة التحاق الطفل بالمدراس ومتابعة لقاحاته الدورية، الامر الذي سيشجع الاهالي الاهتمام باطفالهم بشكل اكبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون


.. التوحد مش وصمة عاملوا ولادنا بشكل طبيعى وتفهموا حالتهم .. رس




.. الشرطة الأميركية تحتجز عددا من الموظفين بشركة -غوغل- بعد تظا


.. اعتصام موظفين بشركة -غوغل- احتجاجا على دعمها لإسرائيل




.. مظاهرات للأطباء في كينيا بعد إضراب دخل أسبوعه الخامس