الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقدارنا الجغرافية: (محاولة بدائية لفهم الاختلافات اشر لبشرية!) ..................... (الج/8) قيمة الأرض/الوطن: عند مستوطني البيئات الأرضية المختلفة!!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2018 / 3 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن النتيجة المنطقية التي يمكننا أن نخرج بها من دراستنا المتواضعة هذه ـ بأجزائها السابقة واللاحقة ـ وكمحاوله (بدائيه لتفسير بعض الاختلافات بين البشر) هي :
أن البشر جميعهم متساون من الناحية البايلوجية في قدراتهم الذهنية وإمكاناتهم الجسدية، وبالتالي هم جميعهم قادرون على تحقيق إنجازات حضارية إنسانية عظمى على الأرض، إذا ما توفرت لهم موادها الأولية .
فالحضارات لا تخلق من العدم، إنما هي تُصَنّعْ تصنيعاً من مواد أوليه توفرها الطبيعة بالدرجة الأولى، أي، البيئة الجغرافية التي يعيش وسطها الإنسان..فإذا ما توفرت للإنسان ـ أي إنسان ومن أي جنس وفي أي جغرافيه كان ـ المواد الأولية التي تصنع من مادتها الحضارات، مشروطة ـ وكما أسلفنا في الأجزاء السابقة ـ بوجود حاجه موضوعيه لهذا الإنسان، يتوقف على انجازها مصيره وبقائه ككائن حي يدرج على هذه الأرض.. فتضطره الحاجة للبحث عما يحفظ له حياته ووجوده وبقائه المهدد على الكوكب.. فإن هذه الحاجة المصيرية هي التي ستقدح عبقرية الإبداع عنده، وتمكنه من صناعه حضارة ـ بأي مستوىَ كان ـ تحفظ له وجوده وبقائه كمخلوق حي على كوكب الأرض .

ولما كانت الأرض تضاريس مختلفة ومتعددة، فقد خلقت داخلها بيئات جغرافيه مختلفة ومتعددة أيضاً، بعضها خضراء معطاء ملونه توفر كل المواد الضرورية الأولية لصنع الحضارة المادية، وبعضها الآخر صحراء ـ رمليه كانت أو ثلجية أو جبليه ـ جرداء قاحلة وضنينة بكل شيء، ولا تتوفر على أبسط المواد الأولية التي تصنع من مادتها الحضارات الإنسانية .
وبالتالي أنتجت هذه الجغرافيات الأرضية المختلفة، أنواعاً وأشكالاً وألواناً وعرقيات مختلفة من البشر أيضاً، بعدد بيئات الأرض وجغرافياتها المختلفة .
وقد اختصرنا كل هذه الأنواع البشرية المختلفة، بنوعين من البشر مختلفين بكل شيء..وهما :
o مستوطنو المناطق الخضراء الملونة: وقد اقترنت بهم ـ لغنى بيئتهم الجغرافية ـ أعظم وأكبر الإنجازات الحضارية للبشرية بأسرها .
o ومستوطنو المناطق الصحراوية الجرداء: وقد حرم أغلبهم ـ لافتقار بيئتهم الجغرافية ـ من أية مواد أوليه لصنع الحضارات، وبالتالي من أية إمكانية تقريباً لصنع حضارة إنسانيه ذات قيمه نوعيه في صحاريهم الجرداء .

ولهذا لم تكن أمام هذا النوع الثاني من البشر من فرصه للبقاء أحياء على وجه الأرض، إلا بابتكارهم لأدوات ـ أي إبداع حضاري ـ تمكنهم من الصمود والتغلب على تحديات الطبيعة لجغرافية أرضهم، أو بالهجرة عن صحرائهم القاحلة، إذا ما انعدمت تماماً مثل هذه الإمكانية فيها، فتضطر بعضهم إلى الهجرة الجماعية عنها زرافاتِ ووحدانا، إلى مناطق خضراء ملونه تمنحهم الحياة، وتضمن البقاء لنوعهم الإنساني.. فتزدهر في مواطنهم الجديدة الحضارات .
وهذا ما فعلته أقوام الجزيرة العربية [الأكاديون والبابليون والآشوريون والكنعانيون والآراميون .........الخ] لمواجهه جدب صحرائهم القاحلة، فنزحوا عنها إلى واديان الرافدين وبلاد الشام والنيل، فأقاموا في مواطنهم الجديدة هذه أعظم الحضارات وأول الحضارات الإنسانية،!!
*****

(4) قيمة الأرض (الــوطـــــن) عند مستوطني البيئتين:
وكما كان للبيئتين الجغرافيتين ـ الخضراء الملونة والصحراوات المجدبة ـ تأثير جوهري على سكان البيئتين، بحيث جعلهم مختلفين على كل صعيد وفي كل مجال وشيء، كذلك كان لهاتين البيئتين نفس هذا التأثير على علاقة كل منهما بالأرض .
ولتوضيح هذه العلاقة عند الطرفين بالأرض، علينا أن نعيد إلى الأذهان ما سبق لنا تأكيده..وهو :
o ((إن الإنسان ذو البيئة الطبيعية الغنية المليئة بأشكال المخلوقات والموجودات الطبيعية، سيكون بصره وبصيرته متجهتان ومصوبتان دائماً نحو الأرض، ليرى مواطئ أقدامه بين الحشائش والأحراش والمخلوقات الصغير القاتلة والمخلوقات الكبيرة المفترسة ـ وبمرور الأجيال والحقب التاريخية المتطاولة ـ ستثمر هذه النظرة المحدقة بالأرض دائماً، تعلقاً بها واكتشافاً لكنوزها ومكوناتها وأسرارها ومكنوناتها)) [من الج/3]

كما وأن كثرة الموجودات والمعالم في بيئته الجغرافية، تجعل من (حدود بيئته) ومعالمها واضحة ومعروفة عنده، وتجعله على صلة روحية وعلاقات حميمة معها ومتعلقاً ومتشبثاً بها وبحدودها الواضحة عنده كل الوضوح!.
وقد أثمر هذا التعلق بالأرض ـ على مدى حقب وأجيال ـ حباً لها واستعداداً للدفاع عنها والموت في سبيلها..وهذا أدى بالنتيجة إلى بلورة وبروز فكرة (الملكية الخاصة) للأرض للفرد والجماعة، والتي تبلورت وأثمرت على المدى البعيد (فكرة الــوطـن) كـ (ملكيه عامه) لمواطني أرض معينه، وما يتبعها من مفاهيم ومعتقدات وطنية، ثم فكرة المواطنة في العصور الحديثة!!
بــيـــنـــمــا :
o ((بينما الإنسان الصحراوي على العكس منه.. فهو دائم التحديق في السماء، ولا ينظر أو يحدق في الأرض إلا نادراً لأن طبيعة أرضه مستوية ولا شيء على ظهرها يعيق مواطئ أقدامه عن الانطلاق، كما أنه لا يخاف مخلوقاتها المجهولة، لأنها تكاد أن تكون معدومة في بيئته.)) [من الج/3] .
لهذا تكون علاقة الصحراوي بالأرض دائماً :
علاقة مبهمة وقلقة وغير وطيدة ووقتية وغير دائمة، ولا هي مميزة بمعالم واضحة ولا محددة بمساحات وحدود معروفه ـ فكل جزء منها يشبه الآخر ـ أو بمنافع ثابتة (حتى) تشده إليها وتجعله على صله روحيه بها، كنظيره أبن البيئات الخضراء الملونة..إنما علاقاته بالأرض هي علاقات منفعة، وغالباً ما تكون منافعها (الماء والكلأ) وقتيه ومتنقلة وغير دائمة، بحيث لا تسمح له بإقامة علاقات ثابتة ووطيدة معها!!
فهو دائم التنقل من أرض إلى أرض أخرى ومن مكان إلى مكان آخر، فظروف بيئته الطبيعية لا تسمح له بالاستقرار وتضطره دائماً إلى (مفارقه الأرض) والرحيل عنها، والانتقال إلى غيرها بحثاً عن منافعها الشحيحة..فهو يدور مع هذه المنافع كيفما وأينما دارت، على مدار الأيام والسنين(الحقب التاريخية)!.
ولهذا السبب الجوهري :
تتأخر عند مستوطني الصحراوات ـ بكل أنماطها ـ (فــكـــرة الـــوطــن) موضوعياً، وتتأخر معها كل ما يتبعهما من مفاهيم وقيم وتضحيات، لأن الأرض حسب عرفهم..هي :
o [ " أرض الله الواسعة " ولا يملكها إلا الله وحده، وهو وحده الذي "يرثها لمن يشاء من عباده"! ]
ولهذا بقيت علاقة هئولاء بالأرض علاقة مبهمة وغير واضحة ومهزوزة دائماً، حتى بعد استقرارهم ـ حديثاً ـ في أرض محددة المساحات ومخططة بحدود دولية، ولها هوية واسم وعلم ودستور ونشيد وطني.. وفي كثير من الأحيان صُنِعَ لها تاريخا (مزوراً) يعطيها عمقاً تاريخياً ومشروعيه تاريخيه!
ولهذا السبب الجوهري أيضاً :
رأينا الكويتيين مثلا: جميعهم [شعباً وأميراً وحكومة!!] قد ولوا هاربين إلى السعودية، عند أول إطلاقه أطلقها عليهم صدام حسين، لأن جذرهم البدوي وعلاقة [المنفعة المؤقتة] بالأرض في لاوعيهم ـ وقد حل النفط وأمواله محل الماء والكلاء في عقلهم الباطن ـ ولعدم تشبعهم بفكرة الوطن وحب الأرض ـ رغم تغنيهم الكثير بها ـ هو الذي فرض عليهم حالة الهروب الجماعي هذه!!
بينما نرى على الطرف الثاني وكمثال آخر :
الفلسطينيين مثلاً، على العكس منهم.. فرغم مرور أكثر من قرنٍ من الزمان على محاولات سلبهم أرضهم، وما يقارب الثلاثة أرباع القرن على سلبها منهم فعلاً، فإننا نراهم متشبثين بالأرض ومتمسكين بها أشد التمسك ويُضَحْوّن من أجلها يومياً على مدار جميع السنين الماضية، ولم يغادرها بعضهم إلا مرغماً وبالقتل والإرهاب وقوة الحديد والنار الصهيونية، ونرى إلى اليوم أن الطفل الفلسطيني يولد وحب فلسطين يتملكه ويرضعه مع حليب أمه، ويضحي ويستشهد ـ استشهد آلاف الأطفال الفلسطينيين ـ من أجلها رغم عدم رؤيته ـ هو وأغلبية الأجيال الجديدة ـ لأرضهم السليبة، ورغم مرور كل هذه السنين على سلبها منهم.. وكذلك رغم تخلي العرب والمسلمين والعالم أجمع عنهم وعن قضيتهم!!
[يـــــــتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبــــــــــــــــــــــــــــع]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إيران لإسرائيل: كيف غيرت قواعد اللعبة؟| بتوقيت برلين


.. أسو تخسر التحدي وجلال عمارة يعاقبها ????




.. إسرائيل تستهدف أرجاء قطاع غزة بعشرات الغارات الجوية والقصف ا


.. إيران قد تراجع -عقيدتها النووية- في ظل التهديدات الإسرائيلية




.. هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام