الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار بين الكرسي والديمقراطية

زاهر نصرت

2018 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


حول الانتخابات البرلمانية المنوي اجراءها في شهر ايار من العام الحالي وموقف الاحزاب والتجمعات السياسية المشاركة فيها ، التقى في الحوار قطبين متنافرين حد القطيعة ويعد الجمع بينهما سوية وجهاً لوجه من المعجزات ، القطبان هما : الكرسي الذي يعشقه كل من تربع عليه ولن يرضى بغير الموت سبباً للتخلي عنه . والديمقراطية التي لا تستقر على حال وأكثر ما ينفرها عقود الزواج الدائمية ، هي عاشقة متجددة ترفض القيود التي تصادر حقوق الانسان في الحرية .

اليكم ما جرى بينهما من حوار :

الكرسي : يتوهم بعض الحالمين من العراقيين ان عملية اعادة البناء في بلدهم ستفضي لا محالة الى بناء دولة ديمقراطية مدنية تختفي فيها تلك البنى ومظاهر الحكم التي تندرج في توصيف الدول والأنظمة الاستبدادية التي طالما عانى منها العراقيين طوال العقود الماضية الأمرين .

الديمقراطية : بداية ، لابد ان يكون ماثلاً في الذهن ان غاية العمل السياسي والعملية السياسية هي بدون ادنى شك السواد الاعظم من الشعب وماذا سيقدم له السياسيون ؟ وهل ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مستقلة فعلاً ؟ والسادة المفوضون مستقلين ولا يمثلون مجتمعين او منفردين جهات سياسية تسيطر على المشهد السياسي ؟ .
كل هذه الامور وغيرها تناقش وتبحث وتقر لأجل غاية واحدة هي ايجاد آلية صحيحة لوصول الاكفأ والأصلح والأعدل الى موقع يستطيع ان يخدم الشعب العراقي المظلوم .

الكرسي : ولكن الامور عندنا تؤشر الى سعي محموم باتجاه الكرسي والبوصلة لا تؤشر الا على الكرسي وانمحت جميع الاتجاهات والخدمات الاخرى التي تفضلتم بها .

الديمقراطية : اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان النظام الجديد ولد ( منغولياً ) وابدعت في تشويهه التجاذبات الطائفية والصراع على السلطة والهيمنة عليها ما أنست شريحة واسعة من المواطنين فظاعات واهوال النظام الشمولي او باتت كامنة في نفوسها ما دامت تعاني شظف العيش وانعدام الامن وابسط مستلزمات الحياة الكريمة ، وتتعايش مكرهة مع الفساد والنهب المنظم للدولة وثرواتها . علينا ان لا نستغرب ان يطفو على سطح العملية السياسية الصراع على الكرسي والموت من اجله وهذه المظاهر ستختفي بالتدريج ويحل بدلاً منها الصراع من اجل خدمة الشعب .

الكرسي : عذراً سيدتي لك ان تاخذي بنظر الاعتبار ايضاً بان السعي المحموم نحو الكرسي له ما يبرره ، فالكرسي يعطي لمن يشغله في العراق امتيازات مالية هائلة ، سلطات وصلاحيات مفتوحة وإعفاء من أية مساءلة ، اغراءات لا قبلَ للكثيرين على مقاومتها والقتال من اجل ديمومة تربعهم عليه .

الديمقراطية : ان الديمقراطية ليست عصا سحرية تعطي الناطقين باسمها حرزاً من كل عيب وقد نجد بينهم من اغرتهم السلطة وأفقدتهم امتيازاتها التوازن المطلوب لرجل الدولة لكن الامر المؤكد بان العملية السياسية الديمقراطية وارتباطاً بوعي الناخب في اختيار الاكفأ والاصلح والاعدل سوف لن تبقى على هؤلاء بين صفوفها بل تزيحهم عن طريقها وتستبدلهم بآخرين غيرهم يكون الشعب وخدمته في المركز من اهتماماتهم .

الكرسي : انه كلام يمكن ان يكون صحيحاً في الاحلام او افلام الخيال العلمي ولكن دعينا ننزل الى مستويات ادنى من مراكز صنع القرار والمشاركة في صنعه فان احتلال الكرسي في البعض من المؤسسات يعني تركز جميع الصلاحيات والنفقات بيد واحدة يصاحبه عادةً قليل او كثير من فساد مالي او اداري خاصة اذا احاطت برأس المؤسسة شلة من المحترفين المنتفعين تهيء له فرص الفساد بلا حساب وأقول لك اخيراً دعينا ننزل الى مستويات ادنى اخرى ونشاهد اثار الاستئثار بالكرسي والتمسك به والقتال من اجله وهو تحول المدراء الى نماذج مصغرة من شخصيات شمولية لا تقبل بالنصيحة ولا تعمل بالمشورة ولا تتحمل ان تسمع رأياً مغايراً وصولاً الى الادعاء الفارغ ( انا المؤسسة والمؤسسة انا ) .

الديمقراطية : كل ما ذكرته صحيح وليس خافٍ على احد لكن حداثة التجربة وثقل التركة وجسامة التخريب خوفاً من مخاطر نجاح البناء الديمقراطي على مصالحهم وقد تلمسته في تجارب شعوب اخرى كل ذلك سمح لأمثال ما ذكرنا من احتلال الكراسي والاستئثار به على ان ابسط آليات الرقابة والمحاسبة المالية والصرامة في تطبيق القانون فضلاً عن وعي الناخب في اختيار الاكفأ والأصلح والأعدل كفيلة بكنس كل هؤلاء كما فعلته شعوب قبلنا عانت ما نعانيه لكنها صبرت وثابرت ونجحت .



زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح