الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بروفيسور إسرائيلي للمسلمين:كلكم دواعش! تصفيق على الفيسبوك

علاء اللامي

2018 / 3 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


في فيديو انتشر قبل فترة على مواقع التواصل الاجتماعي يتحدث بروفيسور صهيوني إسرائيلي يدعى موشيه شارون، والذي كان مستشارا لرئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني مناحيم بيغن، في محاضرة دراسية. وفيها تكلم شارون حول الإسلام بطريقة أكاديمية ذكية وملغومة معا. حاول من خلالها تسويق مجموعة من المفاهيم والاتهامات للإسلام بلغة ملتوية يفهم من ظاهرها بعضُ الناس مديحا للدين الإسلامي. وهذا ما جعل هذا الفيديو يحوز على أعلى نسبة للمشاهدة بعد ترجمته إلى العربية من العرب المسلمين فأبدى أكثر من 43 ألف شخص أعجابهم بما قاله شارون وشارك الفيديو قرابة الألف شخص! فماذا قال البروفيسور؟ قال، وسأنقل كلامه حرفياً وأعلق عليه:
*(اسم "محمد" من معانيه مصطفى، ومصطفى تعني "المختار"). البروفيسور هنا يرتكب خطأ لغوياً فاضحاً، مع انه يجيد اللغة العربية. فمصطفى ليس من معاني اسم محمد الذي هو من جذر "ح م د" وهو يفيد الحمد والحميد والمحمود وسائر المشتقات الأخرى أي يفيد الجودة عكس السوء، ولا يفيد الاصطفاء والاختيار، والمصطفى من صفات النبي وليس من أسمائه. مع أن الكلمة تحولت في الاستعمال خلال العصور اللاحقة الى اسم آخر، وهي لا تستعمل غالبا إلا معرفة بأل " المصطفى".
*ثم يشرح موشيه معنى الكلمة فيقول إنها تعني (أن محمدا هو نهاية الاصطفاء الطبيعي الذي قام به الله للأفضل الأفضل من الأفضلين منذ آدم، ومحمد هو ذروة ذلك الاصطفاء).
المتوقع هو أن المسلم البسيط والمسالم والمحب لنبيه يفرح حين يسمع مثل هذا الكلام، فلا يدقق فيه وفي مراميه، ولكن السؤال هو: هل قال أحد من علماء المسلمين القدماء أو المعاصرين بهذه الفكرة، فكرة الاصطفاء الإلهي للنبي محمد من بين البشر منذ آدم، أم أن لدى شارون قصد آخر من هذا الكلام الاستنتاجي القائم على فرضيات ومقدمات خاطئة؟ نعم، انه يريد أن يقول إن المسلمين ينظرون إلى نبيهم كذروة الاصطفاء الطبيعي، فهو أفضل المخلوقات والأنبياء ويأتي بعد الله مباشرة. فهل هذا صحيح أم تلبيس على الإسلام والمسلمين؟ ولا أدري ما مشكلة شارون إذا عبر المسلمون عن حبهم لنبيهم كما يحب سائر أهل الأديان الأخرى أنبياءهم؟ إنما المشكلة هي أن شارون ينسى أو يتناسى -وهو المستشرق الصهيوني الذي يجيد العربية ويعرف التراث الإسلامي بحكم اختصاصه-الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المحمدية الكثيرة التي تؤكد على بشرية النبي محمد، ومنها ما ورد في القرآن نفسه كالآية القرآنية الآتية: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ... 144 آل عمران). وثمة الحديث النبوي الذي رواه ابن ماجه عن قيس بن أبي حزم ونصه قول النبي لأحد المسلمين حين خاف وارتعد بين يديه (هوِّن عليك فإني لستُ بملكٍ، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد). وقد بالغ العرب المسلمون الأوائل في "الميانة" والتباسط في تعاملهم اليومي مع النبي، وربما تجاوز بعضهم الحد، فذكرهم القرآن بأن محمداً هو إنسان ولكنه أيضا رسول الله وخاتم النبيين، كما تقول الآية القرآنية الاتية: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ. 41 الأحزاب). غير أن البروفيسور الصهيوني هنا يحاول استخلاص نتائج ذات مغازٍ إقصائية ثالبة حول نبي المسلمين وينسى حقيقة أن في بعض الديانات يتم اعتبار النبي هو الله نفسه، أو أنه ابن الله المباشر، وهذا ما رفضه القرآن والمسلمون ونبيهم رفضا قاطعا.
* ويقول شارون بطريقة يبدو فيها الكلام وكأنه كلامه هو، ولكنه ليس كلامه بل كلام المسلمين الغائبين عن محاضرته، والذين يقوِّلهم هو ما يريد، فيقول مثلا: (إن الله اختار محمدا ليأتي بأفضل نبوة على الإطلاق. ثم يهتف: (هذا هو الإسلام!) بعبارة أخرى، فالبروفيسور الصهيوني يريد لسامعه ان يقتنع ويصدق بأن المسلمين يزدرون النبوات الأخرى والأنبياء الآخرين وهذا محض هراء مخلوط بالجهل، فالإسلام يشترط على معتنقيه المسلمين احترام وتوقير جميع الأنبياء والرسل والإيمان بما جاؤوا به من ديانات جاء الإسلام ليتمها ويكملها.
ويضيف البروفيسور الإسرائيلي موشيه شارون: (الإسلام ليس دينا فحسب كما يعتقد البعض عموما. الإسلام هو ثقافة تشمل كل شيء وترتكز على النبوة، وعلى منظومة قوانين تشمل حياة الأفراد والمجتمع والدولة. هذا أولا. وثانيا فالإسلام دين عالمي. اليهودية ليست دين عالمي كالإسلام. اليهودية هي دين لشعب الله المختار فقط، ولا تخص غيرهم، وهي ليست موجودة لبقية العالم، بل هي فقط لبلد واحد وصغير "إسرائيل". وبالنسبة للإسلام فالعالم كله هو عبارة عن دولة واحدة).
ما يقوله البروفيسور موشيه شارون لا يقوله جميع المسلمين بل يكرره السلفيون التكفيريون، والإسلاميون المتشددون الناشطون في السياسة أو في المنظمات التكفيرية المسلحة فقط، وهؤلاء لا يتجاوزون المليون في أحسن الأحوال من مجموع مليار ونصف مليار مسلم. ومن خلال تكرار هذا القول، يمرر شارون رسالة خطيرة وقديمة مفادها أن المسلمين كلهم داعش وتكفيريون ولا فائدة من التعامل معهم بأي أسلوب آخر غير الإبادة والتصفية الشاملة لهم ولدينهم، أما إسرائيل البلد الصغير والدين اليهودي فهو دين خاص باليهود ولا يريد ان يفرض نفسه على الآخرين، ولا يشكل خطرا عليهم! الفاضح أيضا، هو ان البروفيسور شارون بكسره لسياقات الظاهرة التكفيرية، وتحويلها الى معطى ميتافيزيقي خارج الزمان والمكان، ينسى ان عمر هذه الظاهرة التكفيرية أقصر من عمر دولته "إسرائيل"، وأن الدول الدينية الدموية ليست حكرا على المسلمين وحضارتهم، بل هي عملة مشتركة لجميع الدول الدينية وغير الدينية في العهود القديمة، وأن الكثير من هذه الحقائق والوقائع تفضح محاولته اللاعلمية واللاأخلاقية هذه.
*يستشهد شارون بآية تقول (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ليخلص منها الى القول (إن الله أرسل محمد بالدين الحق وبالنبوة الصحيحة بالرسالة الصحيحة وطريق الهدى والحق، وهذا يعني أن هناك حقيقة واحدة. اليهود والنصاري يطلق عليهم في الإسلام أهل الكتاب ولكنه يعتبرهم حرفوا كتبهم بأيديهم. ولهذا السبب أرسل الله نبيا آخر، نبياً معاصراً، وهذا النبي جاء بالكلمة الأخيرة والوحيدة لله إلى الإنسانية! هذا هو الإسلام ولا شيء يعلو فوقه ولهذا السبب خصص هذا الدين ليكون في القمة وفوق كل شيء ولا شيء يعلو عليه).
وهنا يكرر شارون معزوفته المسمومة ذات الأهداف الاستشراقية والرجعية الهادفة الى تبشيع وشيطنة المسلمين ودينهم. وتصويرهم بأنهم إقصائيون متطرفون يرفضون جميع الأديان والطوائف الدينية، ويعتبرون دينهم هو الأصح والذي يجب على الجميع أن يؤمنوا به وإلا سيكون مصيرهم القتل. وهذا كلام سبق وأن رددنا عليه قبل قليل، وحاولنا بيان تهافته ولا علميته وخلطه بين السياقات أو ببترها والانتقاء منها كما يعجبه ويحقق أغراضه، واعتباره الإسلام كُلّا موحدا ومتماسكا يهاجم الآخرين بعداونية ويحاول الشطب عليهم، ويهمل أن في الإسلام طوائف متعددة ومذاهب شتى ومرجعيات مختلفة ومتصادمة أحيانا. والبروفيسور الصهيوني في هذا كله لا يراعي أدنى شروط العلمية ولا يحترم صفته الاكاديمية فيظهر على حقيقته كنصاب سمج.
* ثم يتحدث شارون ولكنه هذه المرة أكثر وضوحا حين ينقل كلاما عن ألسنة المسلمين والإسلام فيقول: (هذا يعني أنهم يتحدثون ليس فقط عن آخر كلمة من الله، بل عن أصدق وأحق كلمة جاءت إلى البشرية منذ القدم. والناس الذين يؤمنون بالإسلام ماذا يجب عليهم ان يفعلوا؟ هؤلاء الذين آمنوا كانوا محظوظين فانشرحت وانفتحت قلوبهم واستجابت لدعوة النبي محمد. ماذا يجب عليهم ان يفعلوا؟ إن عليهم القيام بمهمة هي أن يأخذوا كلمة الله إلى كل البشرية).
وهنا تكتمل الرسالة التي أراد شارون إيصالها الى طلابه وصفق لها للأسف الشديد عشرات الآلاف من المسلمين، وخلاصة رسالة شارون هي: إن المسلمين كلهم داعش، وان لديهم برنامجا لأسلمة العالم وفرض دينهم على البشرية جمعاء بالعنف، وإن داعش هي الإسلام وما تقوم به هو جزء من تنفيذ هذا البرنامج وتلك المهمة!
نختم بتوجيه هذا السؤال إلى شارون ولمن صفق له: كم هي نسبة المسلمين بين ضحايا داعش وقبلها القاعدة؟ وكم هي نسبه غير المسلمين وتحديدا من اليهود والمسيحيين بين أولئك الضحايا منذ أن بدأت هذه الفصائل التكفيرية المسلحة بارتكاب مجازرها وحتى اليوم؟ أليست نسبة هؤلاء لا تزيد على 1% ومن تبقى كلهم من المسلمين؟ أليست هذه حرب على المسلمين باسم الإسلام وليست ضد غيرهم؟
في الجواب على هذا السؤال، نعرف من هم ضحايا التكفير والإقصاء الديني والقومي والثقافي! أما بخصوص البروفيسور شارون فيكفي أنه يحمل جنسية دولة رجعية مفتعلة مسلحة بالقنابل النووية أقيمت على أرض شعب آخر وطرد معظمه من وطنه وهذا الدولة "الصغيرة المسالمة" التي ينتمي لها شارون تطالب اليوم بفرض كونها "دولة يهودية" ليس على من تسيطر عليهم من السكان الأصليين بل وعلى العالم أجمع ومنه الشعب الفلسطيني المحروم حتى اليوم من حقه في العيش على أرض وطنه وبناء دولته الوطنية المستقلة! المؤسف والمحبط والمثير للغضب هو أن البروفيسور شارون تمكن من إمرار رسالته هذه بنجاح فائق فصفق له الكثيرون من بين ضحاياه المسلمين!
رابط الفيديو المذكور في أول تعليق.

رابط الفيديو المشار إليه في المنشور:
https://www.facebook.com/groups/441378059540611/permalink/999955007016244/

رابط مقالة للدكتور عاصم الفليح ردا على تدليسات موشيه شارون:
https://mugtama.com/articles/item/55243-1.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار