الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى مصر ايضاً: إثراء الاقلية، عبر إرعاب الأكثرية !

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2018 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


فى مصر ايضاً:
إثراء الاقلية، عبر إرعاب الأكثرية !
الطريق الى الإفقار يمر عبر القمع السياسى !



ان عنف الدولة وبث الرعب هو طريقها الاساسى لتحقيق "القمع الاقتصادى" لملايين الشعب من الفئات غير القادرة اقتصادياً، والذى بدون هذا القمع الامنى يستحيل على السلطة تمرير سياستها الاقتصادية الطاحنة لعشرات الملايين من الشعب. ودائما ما يبرر عنف الدولة بـ"الحرب على الارهاب"، فى السابق كان الحرب على "الارهابيين الشيوعيين"، والان الحرب على "الارهابيين الإسلامين".


انه عنف الدولة من اجل تحقيق سياسة اقتصادية، هدفها تزايد تركز الثروة فى ايدى قلة من الفئات القادرة اقتصادياً، وتزايد إفقار عشرات الملايين من الشعب!. انه مشروع واحد، "الحرية الاقتصادية" و "القمع السياسى"، الرعب فيه هو الوسيلة المركزية فى عملية التحول للسوق الحر، وفقاً للنظرية النيوليبرالية فى الاقتصاد، على أيدى صبيان "مدرسة شيكاغو" الاقتصادية، الدوليين والمحليين، وممثلهم الشرعى "صندوق النقد الدولى"، بإلغاء الدور الاجتماعى للدولة (الدعم)، وإلغاء ملكية الدولة، وإطلاق يد السوق الحر والغاء اى تدخل للدولة فى السوق، ملكية او حمائية (الخصخصة / تعويم العملة / الغاء الرقابة على السوق .. الخ)؛ فرض نظام اجتماعى تتعايش فيه "الحرية الاقتصادية" مع "القمع السياسى" جنباً الى جنب!.


انتهاء الحرب الباردة، استدعىَ حرب جديدة "مصنعة" على "الارهاب" !

فى زمن العولمة، تحول سكان العالم الى مجرد مستهلكين عاملين لدى الشركات متعددة الجنسيات، الحكومة العابرة للجنسيات، الحاكمة لبلدان زمن العولمة؛ ومع انتهاء الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتى، اصبح لدى المجمع الصناعى العسكرى الامريكى منطقة فراغ يجب ملؤها، فكانت الحرب على "الارهاب"، فى الشرق الاوسط، وكلها تحت العنوان المستحدث "الحرب على الارهاب"، بدءاً من الحرب على تنظيم القاعدة "الارهابى" فى افغانستان، التنظيم الذى صنعته امريكا ذاتها لهزيمة الاتحاد السوفيتى!، ثم الحرب على "اسلحة الدمار الشامل" الكاذبة فى العراق!، ومنها خروجاً الى تنظيم داعش "المتخرج" من انقاض العراق الذى دمرته امريكا، والتى لم يحاسبها عليه احداً!، ومنها ودون انقطاع الى مطاردة داعش فى كل دول الربيع العربى بلا استثناء!، وصولاً الى التحضير، دون انقطاع ايضاً، للحرب القادمة بين السنة والشيعة على "جثة" ايران "الارهابية" التى لم تخضع بعد للسوق الحر، للعولمة، وعلى "جثة" مقدرات وثروات شعوب الدول السنية فى نفس الوقت!.


مستقبل الشركاتية، كسلطة رابعة، فى مصر !

على العكس من المفهوم الشائع القائل بان الصحافة تمثل السلطة الرابعة بجوار سلطات الدولة الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، الا انه على الرغم من الدور الايجابى "المحدود" الذى تلعبه الصحافة فى الرقابة، الا ان الصحافة ليست هى السلطة الرابعة حقاً، ان السلطة الرابعة الحقيقية هى سلطة رأس المال، سلطة القطاع الخاص، سلطة الشركات.


مع انتشار النيوليبرالية الاقتصادية التى تكتسح العالم شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً منذ عقود، يتزايد الاتجاه باضطراد نحو خصخصة قطاعات جديدة من الاعمال التى كانت تمتلكها وتضطلع بها الدولة، والتى كانت مرتبطة بالدور الوظيفى للدولة، لتتحول الدولة تدريجياً من موفر لاحتياجات المجتمع الى مجرد ضامن فقط لتوفير هذه الاحتياجات للمجتمع، لذا تتحول الشركات بشكل متزايد الى سلطة رابعة من سلطات الدولة، فبعد ان كانت الشركات تتغذى من اطراف الدولة، اصبحت الان تتجه الى التهام قلب الدولة.




هزيمة 67 العسكرية، كانتصار اقتصادى !

فى مصر، بعد ايقاف النمو الرأسمالى منذ منتصف القرن الماضى، وتولى ضباط يوليو للسلطة، سيطرت المركزية على الاقتصاد، ومع تعميق وتعزيز سيطرة الدولة على الاقتصاد، كما باقى النواحى الاخرى، تشكلت قوى مجتمعية ارتبطت مصالحها الطبقية والوظيفية باستمرار هيمنة سلطة الدولة على جميع مناحى الحياة فى مصر، وفى القلب منها الاقتصاد، حتى اصبحت معركة هذه القوى للحفاظ على هذا الوضع، معركة وجود، الى ان جاءت هزيمة 1967 كأداه فعالة لكسر الهيمنة الكاملة للدولة ولفتح المجال امام رأس المال المحلى والاجنبى لدخول السوق المصرى، ليس فقط كسوق استهلاكى، وانما ايضاً، كسوق للانتاج بعد تمكين الاستثمار الاجنبى من تملك شركات الانتاج المحلية العامة، بأبخس الاثمان.


بدء ذلك رسمياً منذ عام 1974 بما سمى فى عهد السادات "الانفتاح الاقتصادى"، حيث تمكن السادات بعد حرب اكتوبر 73 من انجاز الاستحقاقات التى فرضتها هزيمة 67، "الانفتاح"، والتى لم يكن من الممكن انجازها قبل حرب 73؛ وهو ما استكمله مبارك خلال 30 عاماً من حكمه، وإن كان بايقاع بطئ بحكم محاولة الحفاظ على التوازن بين مصالح القوى المشكلة لسلطة الدولة، وبين مصالح القوى الدولية صاحبة استحقاقات هزيمة 67؛ لقد حققت الشركات المتعددة الجنسيات فى عام 67، ما لم تستطع تحقيقه منذ عام 52، اى بعد 15 عاماً، حققت بالهزيمة العسكرية انتصارها الاقتصادى، انتصارها بفتح السوق المصرى، وتبعاته من الاسواق، امام الاستثمار الاجنبى والتجارة الحرة، نحو السوق الحر، نحو تحقق النيوليبرالية الاقتصادية.




تحطم مشروع التوريث بالقوة، الناعمة والمسلحة !

بعد 30 عاماً من محاولة مبارك الحفاظ على التوازن بين مصالح القوى الحاكمة محلياً، والقوى الحاكمة عالمياً، تفاقمت الضغوط عليه داخلياً وخارجياً، وهما غير منفصلان تماماً، داخلياً، تصاعدت الضغوط ضد الفساد والاستبداد، وخارجياً، تصاعدت ضغوط الشركات العابرة للجنسيات، ممثلة فى صندوق النقد، من اجل رفع يد الدولة عن السوق المصرى، "تجارة / ملكية"، امام هذه الضغوط اتخذ مبارك القرار "القاتل" بتوريث "ملكية" السلطة الى ابنه المدنى، مدعماً بجناحين مدنيين، رأسمالية المحاسيب، وهيئة الشرطة المدنية، وهو ما مثل تهديداً مباشراً للجناح العسكرى الرئيسى فى معادلة الحكم على مدى اكثر من ستة عقود.


كما ان الحروب والكوارث تمثل عند النيوليبرالية الاقتصادية، مجرد فرصة لجنى المزيد من الارباح، جاء "زلزال" 25 يناير 2011 كفرصة للخروج من مأزق التهديد المباشر، المتمثل فى انتقال حكم مصر الى خارج المؤسسة العسكرية؛ وبالانقلاب الناعم، "انقلاب القصر"، فى 11 فبراير 2011، تم استعادة السيطرة على زمام الامور، على ظهر الانتهازية السياسية للاخوان، لتصبح الخطوات العنيفة للتحول الى اقتصاد السوق الحر "بيدى لا بيد عمرو"، لضمان المحافظة على اكبر قدر من مصالح ومزايا "عمرو".



سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة