الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(4) حكايات رجل معتل الفقرات يطارد أرنبا برياً

حمدى عبد العزيز

2018 / 3 / 13
سيرة ذاتية


مالي أنا ومال عمو فتحي وعربته الحمراء المارلبورو ...
فليحترقا بجاز وسخ …
أبيك يريد أن يتباهي أمام جيرانه بسيارة قريبه ، ويريد أن يعرف الجيران أن له قريبًا مهماً وغنياً … في حين أنني أريد أن انزل للعب الكرة الشراب التي كنت أذوب في هواها لمجرد أن تتهادي أمامي ، واشتعل عندما أراها تنط دونما أن أهم بركلها .

ياربي ..
لماذا أظل حبيسا هنا في البيت أنا وكرتي التي صنعتها من مكعبات شبشب قديم غمسته في طبق ملئ بجاز سرقته من حصة وابور الجاز من وراء أمي الريفية الطيبة الحنونة وخبئته تحت الكنبة لمدة يومين حتي هاشت مكعبات الشبشب القديم واصبحت بديلاً جيداً لقطع الإسفنج التي تصنع منها الكرة الشراب والتي يتعذر علي ان اشتريها من قروش مصروفي القليلة ،أو أطلب من أبي أن يعطيني مبلغ يفسدني من المال اشتريها بها
ثم انك تعرف جيداً شخطة أبيك التي كانت تخرج كزلزال راعد يتم اختتامه بصيحة "أمشي انجر علي مذاكرتك يا أبن الكلب“

ملعون أبو المذاكرة علي الواجب المنزلي علي كتاب سلاح التلميذ في الرياضيات علي من اخترعهم (طبعاً فيما عدا تلك الصور الملونة التي تغلف الكتب والكراسات وكذلك رائحتها يوم استلامها أو جلب سلاح التلميذ من المكتبة الكائنة بالكيت كات ، ثم المدرسات الجميلات مسترسلات الشعر وخصوصًا اللواتي كن غالباً يلبسن الجونلات والجيبات الكاروه بسيقانهن اللامعات المبهرات)
ماعلينا …

ياربي
أنا وضعت مكعبات الشبشب المنقوع في الجاز (الكيروسين لمحبي اللغة العربية الفصحي) لمدة يومين حتي شربته كله ونشفت وأصبحت في تماماً كالإسفنج المنفوش ، ووضعتها في الكيس النايلون ثم كررت عليها بلفات الخيط التي اشتريتها من (ام شكل) التي كانت تبيع الخيط المرتجع من المغازل بالكيلو …

مع العلم أن شكل هذا أبنها هو زميلي في الدراسة وصديقي وهذا لقبه لكنه ليس اسمه الحقيقي ،ولم اهتم لماذا أسموه بذلك ومن أسماه

ياربي كلما أصبح عندي كرة شراب كلما ضاق علي سجني ؟
ولا أملك سوي الوقوف في البلكونة مشاهداً لمباريات كرة الشراب التي تجري اسفلها بين اصدقائي ؟

يامفتري
ألم تكن تغافل أبيك بمجرد أن ينزل إلي العمل وتتحايل علي أمك الريفية الطيبة الحنونة ، وتقسم لها أنك ستلعب في الشارع لمدة ساعة فقط تمتمد إلي أربع ساعات ، تلعب فيها أكثر من ثلاث مباريات بخلاف مسامراتك مع صديقيك سعيد أبن طنط أم سعيد وعماد إبن طنط أم عاطف ورابعكما ناصر إبن طنط أم يحيي

تظل يامفتري تلعب الكرة في الشارع إلي أن يقترب وقت عودة أبيك الذي لاتحبه مثلما تحب أمك الطيبة ، وتعتبره من رجال الإنكشارية العثمانية القساة كثيفي الشوارب كما رأيت صورهم في كتاب التاريخ ؟

تجري يامفتري قبل موعد عودة أبيك الذي يكد ويتعب لكي يجلب لك المأكل والملبس ويأويك في البيت بدلاً من أن تكون من أولاد الشوارع كما قال لك مدرس التربية الوطنية ؟
تصعد السلالم مسرعاً وتأخذ كل درجتين في حجلة واحدة وتدلف إلي الحمام تغسل قدميك ووجهك المترب ثم تجلس علي مكتب المذاكرة كبرئ ورع وآمامك كتاب سلاح التلميذ مفتوحاً علي صفحة ما لم تقرأ سطر منها وتحته إحدي روايات أرسين لوبين العجيب الذي دوخ كل رجال البوليس ؟
أنت ولد فاسد ولا سبيل لإصلاحك وأبيك الذي تراه انكشاري لتشابه شاربه الصعيدي بالانكشاريين في كتاب التاريخ عنده ألف حق في أن يضربك علي باطن قدميك بحزامه بعصاة غلي الملابس التي عندنا وأن يربطك في السرير كالكلب… بعد أن يكتشف أنك لم تحفظ قطعة المحفوظات التي قال لك أنه سيسمعها لك بعد المغرب

أبيك لم يكن قاسياً طوال الوقت فهو أخذك أنت وأخوتك البنات إلي سينما قصر النيل لمشاهدة فيلم (حكاية الثلاث بنات ) لشمس البارودي التي كان شعرها طويلاً وذهبياً (رأيته كذلك ساعتها رغم أن الفيلم أبيض وأسود)

ألا تذكر ياجاحد أنه كان يحملك علي كتفه بذراعه لمدة سنوات إلي مستشفي إمبابه المركزي ومستشفي الصدر في أنصاف الليالي عندما كانت تفاجئك نوبات السعال القاتلة
آه فعلاً أتذكر…

اتذكر أنني أصبت بمرض أسمه "السعال الديكي" بعد دخولي مدرسة الميثاق الوطني الابتدائية التي كانت علي طريق عزبة الصعايدة الذي لا اعرفه الآن هل هو اصبح في منطقة أرض اللواء أم لا …

ظللت أعاني من هذا المرض لمدة سنوات لاأذكرها
وكانت أمي الريفية الطيبة تذهب معي إلي الوحدة الصحية التابعة للمنطقة التعليمية بإمبابة ، وتقف في طابور الكشف حاملة إياي أو أقف أنا إلي جوارها مستنداً عليها ، دافساً رأسي المجهد من تواصل السعال الرهيب في خصرها اللين الحنون …
وبعد ذلك تقف في طابور استلام زجاجات الدواء الذي كان بعضه مراً وبعضه مسكراً ..
لكن اهم حدث بالنسبة لي في هذه الرحلة التي كانت تتكرر كل أسبوعين تقريبًا هو كعكة السميط المخرفشة المغطاة بالسمسم المحمص التي كانت تشتريها لي لآكلها ونحن في انتظار خطاب الوحدة الصحية عن حالتي والذي يجب أن تذهب به هي للمدرسة كل مرة …

كم كانت أمك طيبة وحنونة وجدعة تستحق أن يكتب عنها مكسيم چوركي كما كتب عن أم بطل القصة المناضل الثوري في رواية الأم ... مع فارق بسيط أن تكون هي بطلة الرواية لذاتها وليس لأنها أم لي أنا الذي لم أعثر علي التائهة ، ولم أجئ بالذئب قابضاً
عليه من ذيله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي