الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النضال اثوري المسلَّح

عبدالله عبدالله

2018 / 3 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ان وجهة النظر القائلة بأن عصر المعارك وراء المتاريس والحواجز قد انتهى ليست دقيقة. إذ إن ما انتهى في الحقيقة هو عصر تكتيك المتاريس القديمة ل"كاوتسكي".
فالثورة حرب، وهي الحرب الوحيدة المشروعة العادلة والضرورية. هذه الحرب الثورية ليس ككل الحروب الاخرى التي تشتعل لتأمين المصلحة الطبقية لحفنة من الحاكمين والمستغلين. بل، وعلى النقيض من ذلك، فإن النضال الثوري المسلَّح ينفجر من اجل مصلحة الجماهير الشعبية المفقرة، ومصلحة الملايين من المستغلين والمهمشين.
ان وضع البروليتاريا في المجتمع المعاصر يجعلها تفهم، بحكم ظروفها الطبقية الموضوعية، وقبل جميع الطبقات، ان القضايا الكبرى لا تحل في النهاية الا بالقوة والعمل على ولادة شكل جديد متقدم وحاسم من اشكال الصراع الثوري المسلَّح.
اما الاعتقاد بان الثورة الاجتماعية ممكنة بدون انتفاضات، وبدون انفجارات ثورية، وبدون حركة واسعة من العنف الاستراتيجي التي تشنها الجماهير الشعبية ضد ممثلي الرأسمالية، إنما يعني رفض الثورة الاجتماعية من الاساس من أجل تعطيل نضالات الحركة الاجتماعية والصراع الطبقي.
ان هذا الصراع الحاد لا يزال في بداياته، وان تجارب ومآس كبيرة لا تزال بانتظارنا، لذا فإن الانتقال من الاشكال الدفاعية للصراع الى الاشكال الهجومية ضروري وواجب نظرا لتزايد حدة التناقضات على مستوى العالم اجمع:
-- يبلغ عدد الفقراء من بين سكان العالم ما نسبته 79%، بينما نسبة الطبقة الوسطى تبلغ 11%، والطبقة الغنية 10%.
-- يعيش 76% من سكان العالم في بلدان فقيرة بينما يعيش 8% في بلدان ذات مستوى وسطي، ويعيش 16% من العالم في بلدان غنية.
-- يمتلك 1%من سكان الكرة الارضية نصف ثروات العالم.
-- تعادل الثروة الشخصية لأغنى 62 ملياردير الثروة المجمعة لأكثر من 3.5 مليار من ابناء البشرية.
-- يتسبب الجوع في وفاة اكثر من 18 مليون انسان في العام على مستوى العالم .
-- بينما يموت 35 الف طفل يوميا بسبب الجوع والمرض، ويقضي خمس سكان البلدان المتخلفة اليوم وهم يتضورون جوعا. في ما تقل المساعدات المخصصة للدول الفقيرة عن طريق منظمة الامم المتحدة عما تنفقه تسعه من البلدان المتقدمة على طعام القطط والكلاب .
كان الفهم الجوهر الحقيقي للحرب الامبريالية التي كانت تشن علينا، تُعطي الأولوية لدراسة السياسة قبل الحرب، لان السياسية الامبريالية هي التي كانت تقود الى الحرب و تسيرها. لكن المعادلة بين السياسة والحرب العسكرية تغيَّرت بصورة كيفية وجوهرية. ذلك أن العولمة النيوليبرالية قلبت تلك المعادة رأسا علي عقب. ذلك أن الحرب هي التي تحظى اليوم بالأولوية، في ما تراجعت كل من السياسة والدبلوماسية إلى مرحلة ما بعد الحرب، هذا وإن السياسة ما بعد الحرب قد تأتي أو لا تأتي، وذلك على غرار ما يجري في أفغانستان والعراق وسورية وفلسطين واليمن. حيث أن السياسة ما بعد الحرب مؤجلة إلى ما لا نهاية. ولن تجد حلولا عادلة لها ما لم يَحْكًم اليسار الاشتراكي الثوري عالمنا.

لذا، فإن مواجهة السياسة الامبريالية واطماعها، وحروبها الفتَّاكة، خاصة في منطقتنا العربية، تُلزمنا ب/تبني "السياسة العسكرية الثورية في النضال " أو "عسكرة النضال"، طالما تشن الإمبريالية حروبها ضد الشعوب دونما التمهيد لها سياسيا ما قبل إطلاق الصواريخ ، هذا؛ إذا كانت العولمة النيوليبرالية (الإمبريالية الحديثة) تستطيع أن تحيا دونما حروب. فإذا كان لديها سياسة، فإنها تخطط لمرحلة ما بعد الحرب العسكرية التقليدية، لاستمرار حرب من نمط جديد، ألا وهو إشعال الحروب الطائفية، الشوفينية، والشعبوية والعصبيات الدينية، العشائرية، بحيث يقتل الشعب الواحد نفسه، بعدما فكَّكَت هويته القومية التحررية.
إن "السياسة العسكرية الثورية هي اعداد واستعمال لوسائل القوة العسكرية في خدمة الهدف الثوري". لاسيما وأن
الشيوعية تعارض جذريا اية دوغمائية تحاول ان تفرض حلولا تكتيكية، ما دامت استراتيجية الشيوعيين تُملي على الشعوب السلام..
ان ارهاب الدولة لا يَخفى عن وعي العمال والشغيلة والجماهير الشعبية طالما هي تختبر كل يوم الطبيعة الاجرامية للطبقة المهيمنة عبر مؤسسات الجيش ,الأمن , القضاء ، الإيديولوجيا، الخ الخ ...
ان السياسة العسكرية الثورية، أو النضال الثوري المسلح في سياق حركة التمرد الجماهيري الواسع في شتى الميادين، هي ثمرة عمل سياسي منظم تبلغ ذروته من قبل الطليعة الثورية للطبقة العاملة و حركة المقاومة، وهي شكل مباشر نابع من احتياجات المرحلة الحالية والضرورية .
إنها تشكِّل، بتعبير اخر، زبدة العمل النضالي الطبقي في مرحلة تاريخية محددة، وهي تهدف ايضا وبشكل مباشر الى نشر اساليب اخرى للنضال، بعدما استنفدت الأساليب السلمية المتَّبعة معناها الواقعي.
لقد شهدت الساحات العربية نهضة جماهيرية وانتفاضات شعبية . ولم تكن الاحزاب الشيوعية السائدة مهيأة لاعتبارات كثيرة اهمها طبيعتها البرجوازية والاصلاحية. بل وإنها في بعض الاحيان لم تنخرط بهما، وإنما ساندت النظم القمعية ووقفت ضد مصلحة جماهيرها .
لقد هُزمت الموجة الثورية الاولى في مختلف الساحات. واسباب هذه الهزيمة مختلفة ومتعددة واحيانا مشتركة، منها الموضوعي ومنها الذاتي. إن المرحلة الحالية تجد نفسها أمام مهمة، هي محاوله تقديم اجابة حول كيفية التحضير للموجة الثورية الثانية واليات نجاحها .
"الدساتير صيغة للمساومات "
ان الحركة الجماهيرية العفوية بدون الوعي والحزب الثوري تسير في طريق مسدود وتنتهي الى تبني الايديولوجية البرجوازية والسياسة البرجوازية (مصر .. تونس مثالا).ان شعار المرحلة هو "التنظيم ". ولكن الاكتفاء بهذا لا يعني شيئا، لأن التنظيم ضروري جدا. وإن الاكتفاء بتأكيد "تنظيم الجماهير" لا يفسِّر اذن اي شيء. ومن جهة أخرى، فان من يكتفي بهذا سيكون مجرد نافخ في مزمار الليبراليين، لانهم بالذات يريدون تثبيت سيطرتهم، وذلك بأن يذهب العمال والفئات المهمشة الى الاحزاب والتنظيمات الشرعية العلنية.
ان تاسيس تشكيل ثوري وتبني " السياسة العسكرية الثورية " هو من اهم المهمات، واكثرها الحاحا، ويجب ان نتبنى و نؤيد بشكل لا يقبل الشك الاستخدام الثوري للوسائل العسكرية الثورية، من خلال تفتيت الاجهزة الامنية و مؤسسة الجيش والقضاء.
لكن لا يجب ان يغيب عن بالنا بان انظمتنا تعمل بالوكالة، ومرتبطة امنيا واقتصاديا بمصالح الكيان الصهيوني وقوى الرأسمال العالمي ، وان لهذه القوى الامبريالية مصالح حيوية وحضور امني وعسكري في مجتمعاتنا. لذا يجب ان لا نستثني توجيه ضربات موجعة للمشروع (الامبريالي-الصهيوامريكي) . لان هذا التحالف مع ادواته يشكل عائقا لمشروع تحررنا.
ان كل من ينتظر ثورة نقية لن يعيش ليراها ابدا و هو ثوري بالكلام .
ان الثورة هي انفجار لنضال الجماهير والمسحوقين والناقمين من كل نوع . وستشترك فيها ولا شك عناصر من البرجوازية الصغيرة والعمال "اللاواعين". وستحمل هذه العناصر الى الحركة بالضرورة افكارها المسبقة وتصرفاتها الغريبة الرجعية، ونقاط ضعفها واخطائها. لكنها ستهاجم رأس المال في الظروف الموضوعية، الراهنة منها والآتية. وهنا تستطيع طليعة الثورة الواعية، والتي تدرك الحقيقة الموضوعية لنضال جماهير كبيرة مشتتة متنافرة متنوعة لا تتسم بالظاهر بأي وحدة، تستطيع هذه الطليعة ان تجمع هذه الجماهير، وتوجهها باتجاه الهف الرئيس وهو الاستيلاء على السلطة.
على هذه الطليعة الثورية ان تتطهر من الملكية، وان تأخذ على عاتقها في ظرفنا الحالي القيام بالمهام منفردة من اجل تهيئة الظروف والشروط المؤاتية للموجة الثورية الثانية، ولبدء بإضعاف و خلخلة البنية الاقتصادية والامنية والعسكرية، وعلى رأسها أيديولوجية السلطة وطبقتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي