الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة اكتوبر الاشتراكية وحركات التحرر الوطني

عماد الحطبة

2018 / 3 / 16
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا




عندما يطرح هذا العنوان يستدعي دائما الحديث عن دور الاتحاد السوفياتي في دعم حركات التحرر الوطني في العالم، وهو دور لا يمكن التغافل عنه أو إنكاره.

لم يكن الدعم السوفياتي لحركات التحرر الوطني مقتصرا على الدعم اللوجستي العسكري، لكنه تجاوزه إلى الدعم السياسي والثقافي. كثير من الحاضرين في هذه القاعة تلقى تعليمه من خلال الأحزاب الشيوعية، في دول اشتراكية فتحت أبواب جامعاتها أمام أبناء دول العالم الثالث وخرجت كوادر فنية وثقافية ساهمت في تطوير بلدانها، في شتى المجالات. لا ننسى أيضا دور الاتحاد السوفيتي في نشر الأعمال الأدبية والفلسفية باللغات المختلفة والتي نهل منها الكثير من أبناء الدول الفقيرة.

لكننا اليوم لسنا في سياق الحنين إلى الماضي، ولقاؤنا ليس نوستالجيا تحاول استعادة الماضي. لذلك أحاول أن أطرح السؤال التالي؛ كيف نستفيد من تجربة ثورة اكتوبر في سياق نضال حركة التحرر الوطني العربية الحاضر، وتطلعه نحو المستقبل؟

تعيش أمتنا اليوم واحدة من أحلك فترات حياتها السياسية والاجتماعية على الأقل في عصر الحديث. ويمكن تلخيص الأزمة الداخلية بقضيتين؛ الوعي والهوية.

والارتباط بين القضيتين لا يمكن التجاوز عنه. فغياب الوعي بالذات أدى إلى التضليل حول مفهوم الهوية. نجد اليوم الهويات ما قبل الوطن تتسيد الحوار، فهي هويات عرقية، ودينية وطائفية وعشائرية وجهوية تتفوق على الهوية الوطنية بمفهومها القطري، أو القومي. فالعربي اليوم يتحدث عن إسلامه (سني أو شيعي أو علوي) وعن عشيرته، وعن دينه (مسلم / مسيحي)، بل ويستعيد أعراق بادت كالارامية، ولغات تكاد تختفي كالسريانية ويقدمها على لغته الأم وعلى هويته الأصلية.

لقد قدمت ثورة اكتوبر الاشتراكية نموذجا مميزا في هذا المجال؛ من خلال مفهوم الهوية السوفيتية. لقد تشكلت هذه الهوية كمظلة تجمع كل الأعراق والبنى الاجتماعية التي ضمها اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية.

لم تقم الهوية السوفيتية على إنكار الهويات الوطنية للشعوب السوفيتية، ولكنها اعتبرت نفسها "اشتراكية بمحتواها، وطنية بشكلها". كان الهدف من هذه الهوية خلق حالة من الانسجام بين البنى الاجتماعية للدولة يمكن أصحاب المصلحة (العمال والفلاحين) في جميع أرجاء الاتحاد السوفيتي من العمل معا في سبيل تحقيق مصالحهم المتمثلة بمجتمع العدل والاشتراكية.

وقد تم اعتماد تعريف هوية المواطنين السوفييت في المؤتمر الرابع والعشرين للحزب الشيوعي (1971):

"هوية تاريخية، واجتماعية يحملها مجموعة من البشر يمتلكون أرضا واقتصادا، ومحتوى اشتراكيا واحدا، وثقافة تعكس ميزات القوميات المختلفة في دولة فيدرالية، وبهدف مشترك، ألا وهو إقامة الشيوعية"

إن صراع الهويات في وطننا العربي ليس وليد الساعة، ولا وليد الربيع العربي "المزعوم" وإن كان وصل إلى أقصى تجلياته في هذا الربيع. لقد ولد الوطن العربي مقسما، بفعل معاهدات واتفاقيات وضعها الاستعمار، في غياب حالة عربية شعبية نضالية حقيقية على الأرض. منذ ذلك الحين ونحن منخرطون في النضال في مواجهة الاستعمار على المستوى القطري، دون أن نتصدى بشكل حقيقي لإعادة بناء وعينا بذواتنا، وبالتالي معرفة أصحاب المصلحة الحقيقية في بناء الأوطان، وصولا إلى إعادة تعريف هويتنا.

لا أتحدث هنا عن هوية قومية مبنية على نوستالجيا سلفية، بل أتحدث عن هوية ديناميكية تقدمية، تُعَرف أصحاب المصلحة وهم الكادحون، وترى الهوية تعبيرا عن مصالح هؤلاء الكادحين، تتشكل من خلال فعل نضالي تحرري، في مواجهة طغيان الرأسمالية والليبرالية واقتصاد السوق. فالهوية العربيةلم تتشكل كضرورة من ضرورات اقتصاد السوق البرجوازي الرأسمالي كمثيلتها الاوروبية، بل كانت ضحية للهوية القومية ودولة الأمة الاوروبية، بل جاءت تعبيرا عن طموح الأمة بالاستقلال وتشكيل دولتها الوطنية لذلك نستطيع وصف الهوية العربية التي نؤمن بها ونسعى لتحقيقها بأنها "هوية نضالية تقدمية في محتواها، وطنية في شكلها".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مختصر تاريخ حشع
طلال السوري ( 2018 / 3 / 30 - 15:24 )
تأسست أول دولة عراقية عام 1921 بعد معاناة طويلة وقاسية تحت الحكم العثماني - تأسس الحزب الشيوعي سنة 1934 وطالب بإسقاط الدولة ولم يمضي عليها 13 عاما لإقامة دولة البروليتاريا!! ورفع شعار وطن حر وشعب سعيد وقام بتبني العنف الثوري والكفاح المسلح كوسيلة لاستلام السلطة - حرض على العنف كثيرا ثم تحالف مع البعث عام 1957 لاسقاط الدولة- ساهم بقتل العائلة المالكة على الطريقة البلشفية 1958- اول من حث علانية على قتل المعارضين السياسيين حلفاء الأمس -اعدمهم الليلة لا تقول ماعندي وقت - اشترك في تشكيل ميليشيا مسلحة -المقاومة الشعبية- وكذلك ايد وصفق لمحكمة عسكرية سلطوية -محكمة الشعب- للتنكيل بالخصوم السياسيين، قام البعث بتقليد المؤسستين السلطوية فأسس -الحرس القومي- ومحكمة الثورة- ونكل بخصومه السياسيين. اشترك الحزب الشيوعي في احداث الموصل وكركوك، ورغم مجازر شباط 1963 عاد للتحالف مع البعث في سلطة لا وطنية ولا شرعية وزكى البعث وصدام شخصيا كحزب قائد ومكنه من التحكم في رقاب العراقيين مقابل بعض المناصب وحفنة من الدولارات ثم شارك في الحكم تحت الاحتلال الامريكي...حتى وصل الامر الى وطن ممزق وشعب تعيس

اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع