الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في نص ومضي بعنوان ((خيبة)) للدكتورة الشّاعرة فاطمة الزهراء زين

عماد نوير

2018 / 3 / 16
الادب والفن


قراءة في نص ومضي للدكتورة الشّاعرة فاطمة الزهراء زين بعنوان ((خيبة))
خيبة
ذبحوا الأبرياءَ؛ تدلّتْ لعناتُ الحور.
فاطمة الزهراء زين
..............................................

القراءة
استغباء
تدلّت لعناتُ الحورِ؛ قطفها حزامٌ.
الومض يتوالد إبداعا، والوامضون لا يبخلون علينا بذاك الإبداع، و لأن النصّ الومضي مكثّفا أقصى غايات التكثيف ، توجّب الاهتمام بأركانه بنفس الدرجة من التكثيف في الفكرة و جعلها قابلة للفهم منذ أول وهلة، دون تجريدها من عمقها و إيحائها البعيد، و قد أفرزت لنا السجالات نصوصا متداخلة في الشّقين مكمّلة لنفس الفكرة، فيُوحى للمتلقي بأن الكاتب واحد، و هذا يعني إن الكتّاب بدؤوا يعون ما هم مقبلون على كتابته، و يعيشون أجواء النصّ السابق كأنه قد انبثق من مغارات إبداعهم، ليتعاملوا مع الشّق الثّاني كمكمّلا للفكرة ذاتها، فيخرج النّصان و لا ريب من بوتقة واحده، يحملان الطابع عينه و النفس ذاته، و الإبداع هو.
و أمامنا نصّ للدكتورة فاطمة الزهراء زين، منضبط الإيقاع، معنى و مبنى، تعامل مع اللغة بطريقة احترافية ليوصل المعنى من خلال توصيف دقيق، و طرح واضح، دون لبس أو مخاتلة أو ترميز عميق، استعملت الكاتبة الأسلوب البسيط و السهل الممتنع، للوصول إلى فكرة متكاملة وهدف متلألئ، حيث تحكي قصة الجهل و الغباء و السذاجة، و الاعتقادات المنحرفة، التي تُخسر الدارين. و تحمّل المجتمع أوزارها التي لا طاقة له به.
خيبة
فشل و خذلان و إخفاق في تحقيق مأرب، و نجاح معدم بعد توقّع و تمنٍ.
خيبة، مفردة إيقاعها يخلق جوا من الانقباض النفسي، و الإحباط المعنوي، و انكسار و تراجع في الجو الأُسَري و الاجتماعي، فالخيبة فشل بعالم الحب، و عقوق ولد كان الأب يمنّي النَّفْس بالعيش في خيمة سعادته، و الخيبة فشل تقلّد منصب، و الخيبة عدم النيل من الصّديق إِلَّا ما يسوء، و الخيبات كثيرة و قصصها طويلة...
فنحن أمام نص مشبّع بالأسى و الأسف و الندم.
ذبحوا الأبرياء
متسلطون، أو يحاولون التسلّط و بسط نفوذ الجور، و كأننا أمام تناصٍ مع آيات كريمة بهذا المفهوم و هذا الطرح، ليتبادر إلى الأذهان المظلومية التي وقعت على بني إسرائيل من آل فرعون، و بهذا يحاول الكاتب أن يوصل فكرته بطريقة صورية، تأريخية، موثّقة بكتاب الله، فتتكوّن لدى القارى فكرة انبهارية و مهوّلة الظلم و ذلك السوء من العذاب الذي فتك بأقوام سالفة وِثّقت بطريقة لا يشوبها شك.
و الشطر الأول من القصة على بساطته، يضعنا أمام استقراء و استيضاح فهناك
مجموعة أو رهط يتبنون أفكارا لا يمكن إِلَّا أن تكون مرضا أو جنونا، و ليس بالضرورة أن يكون المرض عضويا أو نفسيا، إنه مرض فكري و اعتقاد سقيم، و انتهاج معتلّ، و ارتباك واضح في الرؤية، و التباس كبير في الفهم.
و هناك عملية ذبح ، و هذا المفهوم لا يأتي إِلَّا من موروث و قياس و تقليد و نهج، و سواء كان الذبح هنا هو كناية للقتل بأي صورة و كل طريقة، أو إنه ذبح حقيقي، يتشدّق به المعتوهون، بإظهارهم التمسّك بالشريعة و إقامة الحدّ بقطع الرقاب، فإن النتيجة واحدة، و القتل قائم و المرض يستفحل.
فالبريء لا يمكن للعقل السليم أن يتصوَّر جزاءه ذبحا و تقتيلا ما لم يكن هناك اختلال في الفكر، أو تعمّد في تشويه فكر سام أمام الرأي العام.
تدلّت لعنات الحور
التدلّي هو التأرجح المعدّ للقطف، و كأن المصطلح قد جاء من نزول الدلو و تأرجحه في البئر، فغالبا ما يكون بشارة خير حاملا معه ما يُحمد عقباه، و اكتسبت هذه المفردة حسّاً محموداً و إيقاعا منتظما يُشبّع الأسماع بالاقتراب من الشيء الجميل، للارتباط الوثيق بالآية الكريمة التي منحتها تميّزا و احتكارها لمعنى خاص، و اقتراب الرسول العظيم من ملك السموات و الأرضين.
و مثلما للقارئ الحصيف رأي و توقّع و استنتاج و توغّل في عمق المفردة، فإن للكاتب رأي أيضا، و في الومض القصّصي بالذات، فإن القول الفصل للكاتب الذي ينتظر المطّلع أن يريه ما لم يكن ضمن قائمة التوقع، أضف إلى ذلك، إيراد مفردة الحور التي لا تُذكر إِلَّا و حضرت صورة الجنان و عالم الخلود و الفوز برضا الله و كسب الجوائز التي قرأها في كتابه و الأحاديث الشريفة و الروايات المأثورة، و هكذا شبّع الكاتب صورة الشّق الثاني بانشراح و انبساط من خلال الإيحاء المشع من تدلّت و حور، و لكن إقحام كلمة ذميمة بينهن قلب المعادلة، فأظهر غضب الحور ناهيك عن غضب الله، من ذلك التفكير الأخرق في امتلاكهن بهذه الصورة البشعة التي سوف يُقدم بها عليهن، و ذلك العقل الذي لا يتناسب و جمالهن المهيأ و المعدّ لعقول أكثر تنويرا و أقل سذاجة و انعدام العته الذي تلبّس هؤلاء.
إذاً، لعنات كانت هي مَنْ قوّم المعنى و جعلها نتيجة مسلمة للقتلة، و لكن ليس بطريقة إخبارية مباشرة، و لكن بالطريقة المربكة و المعقّدة للنصّ، فيحظى القارئ بقصة مبهرة، و الكاتب برضا قارئه.
استطاعت الكاتبة أن تلمس الحقيقة و تفضح الزيف الضلالي، الذي قد فضحته أفعاله و لا شكّ، و لكن يحقّ لنا أن نعيد و نكرّر في هذا الأمر بالطرق الفنية المتاحة..

ذقون تبلغ الركبا
جباه عُلّمت عمدا
سيوف شُهِّرت غضبا
وباسم الدين تغزوني
ملأتم قلبنا حزنا
زرعتم أرضنا حقدا
سقيتم أرضنا جهلا
وليس الجهل من ديني
أبسم الدين نُنتهك
أبسم الدين نُبتذل
أبسم الشرع نُغتصب
أبسم اللّه بسم اللّه تؤذيني
أرُقيتم بمرتبة ، أعليتم بمصطبة
أصار الدين بالكيل وليس الكيل يغريني
حماة الدين أضحيتم
أبشرتم بفردس
أرى الايمان عملتكم وما تاجرت بالدين
لكم في الجهل ماشئتم
لكم في الذل ما نلتم
ولي في نابضي وطني
ولي ربي ولي ديني
((سيرين شكيلي))

تحيّتي و الودّ... عماد نوير...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81