الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السواد والبياض عند أيمن شريدة

رائد الحواري

2018 / 3 / 17
الادب والفن


السواد والبياض عند
أيمن شريدة
في هذه القصيدة سنجد الفرق الذي تحدثه المرأة عند الشاعر، فهو بدونها يكون في حالة من الألم والضياع، ولا أدري لماذا استخدم الشاعر ألفاظ مذكرة علما بأنها تأتي مؤنثة، كما هو الحال عندما قال "القصيد" ولم يقول القصيدة، ونجده يستخدم الألفاظ المؤنثة التي تحمل معنى السواد كما هو الحال في "يبست، غربتها، رجفة، فرت، نازفة، وكأن أثر غياب الأنثى جعل الشاعر في حالة قاتمة بحيث فقد الجلد وأمسى منفعلا غير منضبط، لهذا يقول:
"لـم أرسـم الصـدر حـــراً في استـدارتـه
أو رجــفـة النــهـد ردت كــــف مــرتـعـد"
فهذا البيت يكاد أن يكون ردة فعل على غياب الأنثى واحتجابها عن الشاعر، فحاول من خلاله أن يبدو متمردا على نفسه فستخدم هذه الصورة التي تعتبر استثنائية في القصيدة، ولكي نوضح للقارئ طبيعة الشاعر أكثر نقدم له ما جاء في القصيدة:
"مـاذا سـأكـتبُ عن أنـفـاس متـقـدِ
الصمـتُ كـبله والحٙــرّ فـي كـبدي


في معقل الحلمِ يبني صرحهُ صـوراً
صـوتي الذي عبثاً قد صال في خلدي


ظـمــآن مــا بـلـغـت للـمـــاءِ لـهـفـتـه
ظــلّــت تــراوده .. لـلآن لـــم يــــرد


يمـضـي ليـتبـع فـي إثـر الهـوى أمــلاً
مثـل السراب يـرى ظـلّ القصيد نــدي


أوراقــنا يبـسـت فـي صـدر غـربـتـهـا
تشكـو البيــاض على هــمٍ وفـي نكــد"
الألفاظ البياض هي "سأكتب، أنفاس، يبني، صورا، خلدي، ليتبع، يمضي، ليتبع، يرى، القصيدة، أوراقا، البياض" وإذا ما توقفنا عن المعاني التي تحملها نجدها سوداء وقاتمة، وهذا يشير إلى أن الشاعر يحمل في داخله الأمل/الخير، لكنه يمر بحالة صعبة جعلته يكون بهذه القتامة والألم.
ولكن وبعد أن يستحضر "العجوز" وهي أنثى، نجده يميل إلى شيء من الانفراج فيخفف ما ألم به من ألم:
"عـجــوز حـكـمـتـنـا جــاءت تـُسـائِـلُني
مــاذا سـتـفـعـل بـالأشــعــارِ يـاولـــدي


مــاذا ستـكـتٙبُ .. والأنـثـى تـخـبـئــهـا
في سوسن القلـبِ عن عينٍ من الحسد


لـم أرسـم الصـدر حـــراً في استـدارتـه
أو رجــفـة النــهـد ردت كــــف مــرتـعـد


ولـم أصــور ليــال الـعــــاشـقـيـن كـمـا
شــٙعــرٌ يـلــوح عـلـى الاصبـــاحِ لـلأمـد


مـاذا سأكتـبُ لـو أرخــت جـــدائــلـهــا
هل يسعفُ الحرف ما أوهت به جسدي


مـن حـرقـةِ الـشــوق لي جـرحٌ ونـازفةٌ
تـبكـي وتـصــرخُ ..يـا أشــواقي اتـئـدي


مــاذا سـأكـتـبُ حــرفـي لا يطــاوعنـي
بـي ألــف قـــافـيـةٍ فـــرت ولــم تــعــد.. "
وهنا نتوقف عند اختيار الشاعر لامرأة عجوز وليست شابة، فهذا الاستحضار للعجوز يشير إلى أنه غير راضا عن المرأة الشابة، وكأن من يريدها، بصدها/ابتعادها عنه انعكست صورتها على بقية النساء، فاستحضر امرأة عجوز كرد على تلك التي صدت عنه.
لكن الأثر الذي تركته العجوز في الشاعر استمر حتى نهاية القصيدة، فهي سألت سؤال، "ماذا ستفعل" وبعدها نجد الشاعر يأخذ في طرح اسئلة متلاحقة حتى نهاية القصيدة.
قلنا في موضع غير هذا أن المرأة، والكتابة/القراءة، والطبيعة، والثورة كلها عناصر تخفف من حدة الضغط الواقع على الشاعر/الكاتب، فنجد أن العجوز أحدثت شيء من الهدوء عند الشاعر، ونجد الثورة التي جاءت في:
"لـم أرسـم الصـدر حـــراً في استـدارتـه
أو رجــفـة النــهـد ردت كــــف مــرتـعـد"
ساهمت هي الأخرى في الحد من توتره.
ونجده يحاول أن يستبدل المرأة بالكتابة من خلال:
"مـاذا سأكتـبُ لـو أرخــت جـــدائــلـهــا
هل يسعفُ الحرف ما أوهت به جسدي"
لكنه لا يفلح في مبتغاه، فالمرأة يبقى حضورها أهم من الكتابة، لأنها هي من يبعث الكتابة فيه، فبدونها سيفقد هذه المقدرة، وهذا ما أكده لنا في خاتمة القصيدة:
"مــاذا سـأكـتـبُ حــرفـي لا يطــاوعنـي
بـي ألــف قـــافـيـةٍ فـــرت ولــم تــعــد.."





المذكر والمؤنث عند
"أيمن شريدة

هناك إرث ثقافي حاضر في العقل الباطن يجعلنا نستخدم ألفاظ وأفعال تعكس الثقافة التي نحملها. فأن يفتتح الشاعر/الكاتب نصة باللفظ أو بالفعل المذكر يعطي دلالة إلى أنه ما زال ينظر إلى نفسه السيد الأولى، وما المرأة/الأنثى إلا تابع ولاحق له.
لكن المفاجأة إن الأنثى/المرأة تكون وأكثر أكبر فاعلية من الذكر/الرجل، وتتجاوزه بحيث تكون هي المؤثرة والفاعلية، أو هي تكون من يدفعه على القيام بالفعل، فبدونها يفقد القدرة على الفعل، هذا ما أكده لنا "أيمن شريدة" في هذا المقاطع:
"قلـبـي على أعـتـابـهـا نـثـر الضيا
فـتـوضـأت بالنـور مـن مـشكـاتي"
نجد الفاظ "القلب، نثر، الضيا، النور" جاءت بصيغة المذكر، لكن الباعث على إحداث الفعل كانت هي، والتي جعلت البياض يعم في البيت، فنجد "الضيا، فتوضأت، النور، مشكاة" ورغم وجود ألفاظ مذكرة إلا أن البياض الذي تحمله جعل الألفاظ المذكرة تبدو آثرها ناعمة وهادئة وكأنها مؤنثة.
يستمر الشاعر في أخذ دور الذكر/الرجل، وهذا أمر طبيعي، فهو منسجم مع جنسه، فيدعوا الأنثى/المرأة:
قـومي إلى حـبٍ نـقـيم صـلاتـه"

نـتـلو تراتــيـل الهـوى بـ صلاتـي
فـإمـامنـا لـيــلٌ يـقــول بــسـره
رصوا الصفـوف لمحكـم الآيـات"
الشاعر يستخدم فعل الأمر، وكأنه بهذا الأمر يريد أن يخفي عجزه عن القيام بفعل الحب وحيدا، فدعا الحبيبة لتشاركه هذا الفعل، وإذا قارنا هذه المقاطع مع الفاتحة التي بدأها، سنجدها أقل جودة وجمالاً، فعدم وجود لفظ مؤنث حجب شيء من الجمال الذي كان حاضرا في فاتحة النص، كما أن فعل الأمر دائما يحمل شيء من السادية.
يختم الشاعر بهذا المقطع فيقول:
"سـويت صفي في الغـرام غـوايـةً
وجمعت نبضي الـ سال في العبرات"
اعتقد أن الخاتمة جاءت منسجمة مع الفاتحة وتكملها، فوجود لفظ "غواية، والعبرات" اعطت سلاسة للنص وجعلته يقترب أكثر من حالة الأنوثة، بهذا الشكل يمكننا القول أن أثر المرأة/الأنثى أكبر وأكثر من الذكر/الرجل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير