الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة بعنوان من مذكرات ميت

عماد نوير

2018 / 3 / 18
الادب والفن


قصة قصيرة
______________

إنني أَسمعهم يتاهمسون، عرفتُ ما يدور في الكواليس، أَحدهم يُسِرُّ لصديقه: هو يسمعنا، رأيتهُ يحرّكُ أَصابعَهُ.
ردّ الثّاني: أنا أَعْلَمُ إنه يبتسم.
و رغم ذلك تقدم الطبيب الجريء ليُنهي معاناةً مع حياةٍ سريرية، صفّقتْ له عيونُ الحاضرين، و شَكتهُ عيني لغليان دموعها المتسارعة الهطول، نَسَوا أَن يقرأوا سورة الفاتحة، لكنهم لم ينسوا اللّمسات الأخيرة لوداع وجهٍ، أَكملوا الغطاءَ لتتوارى صُفرة الموت عن مآقيهم الجّميلة.
سمعتُ ضحكاتهم تجرّها آثار رحيلهم، اختنقَ الممّرُّ بنقاشاتٍ باهتة ، لكن أَحدهم لَمْ يغادر، رغم إنه كان الأجرأ برفع الأسلاك الإكلينكية عنّي، مازال واقفا يستند الحائط، يقفُ على رجلٍ واحدةٍ، فيما يحاول دفعَ الحائطَ بالأخرى، و يتأرجح في يديّه يأس غيتاره و حزن يطبق على أَوتاره، كأنما كان يأمل أَن يُعيد إليَّ الحياة عبر سماعي نوتاته التي طالما تبددتْ معها كهولتي، و غازلتُ من خلالها صبايا بثلثِ عمري.
بدا لي مهموما، كأنه لا يُصدّقُ موتي، أو ربما سمعَ عتابي، أو ربما تجسّدتْ له نجواي فأطرقَ يسمعها، يحاول أَن يتلمّس إن كانت قادرة على إثماله كما في وقتٍ سابق.
ربما كانت تراوده الشّكوكُ بأني لم أمُتْ بَعد، و إني أعيشُ من أَنفاسِه هو، و أرى بعيونِه، و أخترقُ تفكيره، و أداعبُ بشقاوة بعض مشاريع إبداعه، فأخفيها بكلتا يديّ، و يصيح بغضب ممزوج بضحكة ساحرة..(شفيك زيد..خليني أكمل مقطوعتي الموسيقية.!)
انتظرَ حراكي، لكن السّكون كان سيداً مهابا لا يَقوى أحدٌ على اغتياله، رفع غيتارهُ، عزفَ للمرّة الأخيرة، عَلّهُ يَرى أَصابعي تتحرك، أو ابتسامتي الشاحبة تنهض من جديد، أو عيني تستدر نحوه فتغمزه، رغم إني لم أرَ كل شيء، لم يحدثْ ما يُسعده،
انفتحَ بابُ الغرفة، سَحبه زملاؤه الأطباء: هيه ستنتهي فترة الإفطار! أَم هل سَتُفْطِر مَعَ هذه الجثّة.!
امتثلَ لَهم لكنهُ تركَ لي دمعةً تشرفتْ بها أَرضية المكان و تَشقًّقتْ عن وردةٍ تحمل اسمه، ابتعدتْ ضحكاتُهم عن مسامعي، عندذاك أَعجبني أَن أَموت، مرافقا معزوفاته في رِحلتي الجّديدة، لكن عيني اسْتدارتْ فجأةً نحو بابِ الغرفة لأرى من الداخل!
عماد نوير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته


.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202