الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرح في قصيدة -تعلية- بنان البرغوثي

رائد الحواري

2018 / 3 / 18
الادب والفن


الفرح في قصيدة
"تعلية"
بنان البرغوثي
كلنا يميل نحو الفرح، لهذا تجدنا نبحث عنه في كل شيء، في كل مكان، وعند كل شخص، فهو حاجة ملحة لنواصل الاستمرار في الحياة، "بنان البرغوثي" وجد فرحه في طفلته، فصورها لنا بقصيدة "تعلية" رابطاً بين الفرح الذي تحدثه الطفلة والفرح "التعليلة" ومعنى "التعليلة" الليلة الغناء والدبكة والرقصة التي تسبق العرس، إذن معناها ليلة فرح.
يفتتح الشاعر قصيدته فيقول:
"وترٌ على الكتفينِ شدّكِ صوبَنا
ما كان يحمل عُودَه منديلُ"
افتتاحية القصيدة بلفظ "وتر" له علاقة بالعنوان، يأخذنا الشاعر إلى ليلة الفرح فيأخذ منها "وتر، الكتفين، عود، منديل" وكلها تستعمل في أجواء "التعليلة"
قلنا أن هذه "التعليلة" تسبق ليلة الفرح الكبير، وبالتأكيد ستكون هناك لهفة عند أصحاب الفرح لاستكمال فرحتهم الكبرى:
"وتنَوّر القلبُ المشوق بما رأى
للخيل منتجع به وصهيل"
استخدام الشاعر "لتنور القلب" يقربنا من حجم وطبيعة الشوق الذي ينتظره الحبيب للقاء محبوبته، فكان الشاعر موفق تماما في اختياره لهذا الوصف.
ثم يأخذ في التغني بجمال المحبوبة/الطفلة فيصفها لنا قائلا:
"من مقلة مكحولة وفمٍ له
خطّان مرسومان أو قنديل
وعلى الجبين ضفائر تاج لها
وجدائلٌ لكأنّها إكليل
وجناتها تفاح شامٍ يانعٍ
تشتاقها ورحيقها تعليل"
فهو بهذا التغني يشارك (أهل الفرح) فرحتهم، فقد تخلى عن مكانته كسارد للأحداث واندمج مع المحتفلين، وكأنه بهذا التوحد بين (صور القصيدة) وما يقوم به، يريدنا أن نقوم نحن القراء بمشاركته بهذا الفرح، فهو لا يريدنا مجرد متلقين، بل فاعلين ومتفاعلين مع المشهد.
والجميل في هذا الوصف أنه ربط جمالها بالمكان، "تفاح الشام" ولم يكتفي بالصورة بل أضاف عليها الرائحة الزكية، "ورحيقها تعليل" وكأنه أرادها أن تكون تفاحة حقيقية، ذات شكل جميل، وطعم لذيذ ورائحة طيبة, ونجد المقطع الأول الذي يتحدث عن ضفائرها قدم بطريقة رائعة وناعمة، فالشاعر يريدنا أن نهتم ونركز على الجمال المجرد المنبعث من هذه المحبوبة.
يقدما الشاعر أكثر من هذه جميلته أكثر فيخبرنا أن الأثر الذي تتركه فيه:
"إن أقبلت ضحكت وإن هي أدبرت
تركتك مشتاقا وأنت عليل"
إذن الشاعر يفرح لحضورها ويسعد، وفي ذات الوقت يصاب بالحزن لفراقها، لكن لماذا هذا الأمر يحدث معه؟، يخبرنا بهذا المقطع:
"تعطيك من لحن الكلام عذوبة
ويلذّ من فمها لِيَ التقبيل
ولها غناء إن علتْ نغماته
تغريد بلبلة أو الترتيل"
إذا ما توقفنا عند الوصف الذي يقدمه الشاعر عن هذه الحبية/الطفلة، نجده يفصل لنا بشكل دقيق، فلا لا يكتفي بجمال الصور/الشكل، بل يأخذنا إلى الأفعال والروائح والأصوات، فهي يريد إيصال أن هذه الجمال إنساني، وهو جمال مطلق، غير مشوه أو مخدوش، فهو صادر ومنبعث عن طفلة، لهذا هو يأخذ هذا المنحى.
يختم لنا الشاعر القصيدة:
"شقراء كالذهب الأصيل ترى لها
مجدولتين كأنْ لها توصيل
ممشوقةُ الأردافِ تقبلُ فُلّةً
إنْ أدبرت تحني لها وتميل"
بهذه الصورة المؤثر أرادنا "بنان البرغوثي" أن نكون أمام شخصية حية تقربنا من الفرح وتبعث فيها الحس بالجمال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا