الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيك الاتحاد اليوغوسلافي: مخطط غربي، ودور للفاتيكان وللسلفية الجهادية و-لليبرالية التسعينيات-

السيد شبل

2018 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


هناك مخطط غربي مفضوح حصل في أوائل التسعينيات لتفكيك يوغوسلافيا، ولعب الفاتيكان تحت قيادة يوحنا بولس الثاني ]1[ في الطريق دورًا تخريبيًا هناك عبر دعم كاثوليك الاتحاد اليوغوسلافي للتمرد على الصرب الأرثوذوكس الذين هم عِماد يوغوسلافيا عامة (يعني دعم الانفصال على أسس دينية وإثنية).

الكاثوليك هم الأغلبية في كرواتيا وسلوفينيا، وهما جمهوريتان أعلنتا الانفصال عن يوغوسلافيا في 1991، وأيدتهما العواصم الغربية، ودخل الجيش اليوغوسلافي ضدهما في حرب استمرت بحالة كرواتيا لـ 4 سنوات (سُميت بالحرب الكرواتية الصربية، وخسر الفريقان -الدولة والانفصاليين- فيها الألوف). كان انفصال كرواتيا وسلوفينيا هو ما اعتبره الإخواني علي عزت بيجوفيتش ضوء أخضر لإتمام مشروعه الانفصالي في مارس 1992، غير أن البوسنة والهرسك كان نحو ثلث سكانها أو أكثر صرب أبناء أسر أرثوذكسية (33 إلى 38%)، على خلاف الوضع في كرواتيا وسلوفينيا (حيث نسبة الصرب في هذين البلدين بين 2 إلى 4%). وهؤلاء (صرب البوسنة) رفضوا الانفصال، ودافعوا عن الاتحاد اليوغوسلافي.

كان من المعروف مسبقًا أن إصرار بيجوفيتش على الدعوة لاستفتاء بخصوص الانفصال، ثم دعم تأييد الاتحاد الأوروبي العاجل في إبريل 1992 لهذه البلدة الجديدة المُنفصلة، يعني الدخول بالضرورة في حرب أهلية، وقد تسببت الحرب في مقتل حوالي 100 ألف أو أكثر بكثير، بخلاف المهجرين، وحالات الاغتصاب.

فيما يتعلق بوضع الكروات الكاثوليك في داخل البوسنة والهرسك، وهم ثالث قومية هناك (بعد اليوشناق المسلمين والصرب)، ونسبتهم من 10% إلى 17%، فقد كانوا حلفاء لعلي عزت بيجوفيتش في دعوته للانفصال وصوّتوا لصالح هذا الأمر، كما كانوا حلفاءه في الحرب ببعض المراحل، وكان الرئيس الأمريكي بيل كلينتون يقوم بالتنسيق بين المسلمين البوشناق والكروات البوسنيين الكاثوليك ضد عدوّهم المشترك: صرب البوسنة وجمهوريتهم التي أسسوها تحت اسم "صربسكا" والجيش اليوغوسلافي الذي يدعمهم.. لكن هذا لم يمنع أن اشتبك الكروات والبوشناق افي مراحل أخرى، واعتبرت حربهم كحرب داخل الحرب.

وقد انتهت الحرب البوسنية بتدخل حلف الناتو في 1995 ضد جيش صرب البوسنة، وكان من أبرز المحرضّين على التدخل، برنار هنري ليفي، الذي أعتبر بمثابة مستشار سياسي لعزت بيجوفيتش، كما أعتبر أسامة بن لادن بمثابة مستشار عسكري له (تنظيم القاعدة كان من أوائل من توجهوا للقتال في البوسنة، وتلقى دعمًا خليجيا وتركيًا، كما هو حاصل هذه الأيام بسورية، مثلًا).

كما كان لإيران وحزب الله مشاركة هناك دعمًا لبيجوفيتش، وكان المطار الذي يستقبلهم هو مطار زغرب بكرواتيا ]2[.

تسببت الحرب في مقتل عشرات الألوف من كل الأطراف (من الصرب قُتل حوالي 21 ألف جندي و5 آلاف مدني)، لكن معاناة المدنيين المسلمين كانت أكثر عدديًا وأوضح إعلاميًا.

لو فتشت خلف الأسباب الأصلية لانفجار الأزمة لوجدتها حصلت مع تراجع دور الحزب الشيوعي في يوغوسلافيا، ثم السماح بتأسيس أحزاب، تماشيًا مع الموجة "الليبرالية"، وحملت تلك الأحزاب أفكار إثنية ودينية.. كما يُتهم سلوبودان ميلوسوفيتش، في بعض المراحل، ببث خطاب قومي صربي يميل للتعصب مما عقّد الأزمة وخلق وضعًا ملتهبًا يستغله الانفصاليون ويمكن للخارج الاستثمار فيه.

يُلاحظ أن:
مساحة كرواتيا: 56,5 كم2
مساحة البوسنة والهرسك: 51,1 كم2
مساحة سلوفينيا: 20,2 كم2

وهذا يعني أن أكبر هذه الكيانات لا يساوي حتى مساحة شبه جزيرة سيناء المصرية التي هي 6% من مساحة مصر الكلية، وهذا يعني بالضرورة ضعف هذه الكيانات وهوانها، وحتمية تحولها إلى تابع سياسي لأوروبا الغربية والويلات المتحدة، منهوبة لصالحها.. بعد أن كانت جزء من اتحاد تستقوي به ويستقوي بها، ويمكن علاج أي أخطاء فيه، والكفاح في سبيل المساواة، مع الحفاظ عليه.

---
هوامش:

1- لعب يوحنا بولس الثاني دور بارز في إسقاط الشيوعية في أوروبا الوسطى والشرقية، خصوصًا في بلده بولندا حينما دعم "تمرد" لإسقاط الشيوعية. وقد كشفت المراسلات بين البابا والرئيس الإمريكي رونالد ريجان أن الفاتيكان دعم سياسة واشنطن في مقارعة الاتحاد السوفياتي. في 2004 منحه جورج بوش الابن وسام "الحرية" وهو أعلى وسام يمنح لمدنيين في الولايات المتحدة، وقال بوش: "لقد وقف هذا الرجل موقفًا مبدئيًا من أجل السلام والحرية، وألهم الملايين وساعد على إسقاط الشيوعية ..".

2- إيران ذهبت للبحث عن مصالح ونفوذ، كما أرادت الاستفادة من الأمر إعلاميًا عبر دفع تهمة المذهبيّة عنها (كون البوسنين من السنة)، وتلاقى هذا التوجه مع ضوء أخضر غربي، كما أن الأمر ليس بعيدًا عن أيدولوجية الإسلام السياسي.. لكن ما يهم الإشارة إليه أنه بعد توقيع اتفاقية دايتون عام 1995، سيتخذ عزت بيغوفيتش خياره بالتقرّب أكثر إلى الغرب. وعليه سيتخذ قراراً قيل أن له شعبية، لكنه بالأساس كان مطلوباً من الادارة الأميركية المعادية لإيران، وهو: إبعاد المقاتلين الأجانب، وبالأخص المجموعات التابعة لايران، ثم الخبراء الايرانيين، ثم المرتبطين بايران في الحكومة.. مثل: باقر علي سباهيتش، حسن جنجيتش.

مصادر:

حوار شقيق ميلوسوفيتش.. ومقاربة مع "الربيع العربي" في ليبيا وسوريا
https://arabic.rt.com/prg/telecast/657215-شقيق_ميلوشيفيتش_يستذكر_مآسي_حرب_البوسنة_والهرسك/#

تيري ميسان يتناول الفيلق العربي الذي أسسه أسامة بن لادن في "البوسنة والهرسك"

http://www.aljaml.com/تيري%20ميسان%20الحرب%20الجارية%20الآن%20على%20سورية%20تم%20اتخاذ%20القرار%20بشأنها%20في%20ظل%20إدارة%20بوش

http://www.aljazeera.net/programs/privatevisit/2008/11/25/تيري-ميسان-ما-وراء-هجمات-سبتمبر-واغتيال-الحريري

http://www.voltairenet.org/article198142.html

ويكيبديا حرب البوسنة، وحرب كرواتيا

https://en.wikipedia.org/wiki/Bosnian_War

https://en.wikipedia.org/wiki/Croatian_War_of_Independence

كتاب البروفسور كايز فيبيس حول "الأجهزة الاستخبارية وحرب البوسنة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم