الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيفة الطافية على السطح

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


يشاء القدير أن تطفو على سطح هذه البقعة المظلمة من الكوكب من حين إلى أخر بعض الأحداث التي تكشف حجم ما يحدث فيها من جرائم، وكيف يتصرف الممسكون بزمام الأمور فيها بلا أي مرجعية من قانون أو دستور.
ومن الخمسة أبرياء الذين قتلوا ولفقت لهم الأدلة من أجل تقديمهم في قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني على أنهم الفاعلين، إلى مسألة السياح المكسيكيين، الذين أعلن المتحدث العسكري أنهم إرهابيين تم القضاء عليهم، قبل أن يتبين الأمر وتظهر الحقيقة ويبدأ النظام في البحث عمّا يبرر به ما حدث.

وأخيرا قضية المجند ماثيو الذي ادعت قياداته أنه انتحر ""برصاصتين"" في ""الظهر"" وهو ليس أول مجند يتعرض لعملية من هذا النوع، ويمكن مراجعة الفيلم التسجيلي الذي أنتجته هيئة الإذاعة والتلفيزيون البريطاني حول مقتل المجندين على يد ضباط وتسجيل الكثير من هذه الحالات على أنها حوادث انتحار.

هنا يبدو هذا النظام وكأنه مطمئن للغاية إلى أنه قد أحكم السيطرة على كل ما يدب ويطير ويزحف على أرض هذا البلد المنكوب، فلا صوت يعلو فوق صوته بعد أن أمسك بتلابيب الإعلام، ولا أحد يحكم في ملكه إلا بإذنه فهو ممسك بخناق القضاء، ولا أحد يجرؤ على الإعتراض على ما يفعله، ولا أحد يحاسبه على بيع أو تبديد أو مشاريع فاشلة.

فهو الذي يمنع ويمنح وما عليك إلا السمع والطاعة والركوع والتسبيح بحمد هؤلاء وإلا لن تتمكن من فرد ظهرك أو العيش كخلق الله.

إلا أن ما غفل عنه هذا النظام ورموزه أن التسيب والبلطجة وتوحش الأجهزة الأمنية وغياب المحاسبة وانتحار القانون والدستور أمور ليست رائعة بالقدر الذي يبدو لهم، فحتى لو خالوا للحظات أن هذا يجعلهم أشبه بألهة تأمر فتطاع وتفعل ما تشاء، إلا أن ذلك غير حقيقيا ولهم في قضية العقيد طيار تامر صفي الدين عبرة.

فهو من طائفة الأسياد ولكن لم يحميه ذلك من أن يقع ضحية التلفيق وشهادة الزور والتسيب والإهمال ويفقد حياته بسبب ذلك، ولو كان من أبناء الشعب المنكوبين بحكم هؤلاء لما عرف أحد بالقضية ولمرت كما يمر غيرها في بلد الظلم والظلمات.
إن حجم التسيب والخراب في مصر وصل إلى درجة لا يمكن أن يتصورها بشر، وكل من يمسك الأن بسلطة يفعل ما يشاء معتقدا أنه أمنا من المحاسبة وأنه قادرا على حماية نفسه وأحباءه من عواقب الفساد والتسيب.

ولو فكر هؤلاء للحظة لعرفوا أن اعتماد شريعة الغاب لتكون القانون الوحيد الساري في بقعة ما يجعلهم هم أنفسهم في أي وقت ضحايا للمفترسات الأكبر منهم، أو قد يتغلب عليهم من هم أصغر سنا أو من هم أكثر عددا فلا يجدوا لهم سندا ولا نصيرا، وأنه في مكان يدار بهذا الأسلوب لا أمان لأحد ولا عدل لأحد.

إذا ظننتم أنكم أمنون وأن عبيدكم قد استسلموا وسجدوا ولن تقوم لهم قائمة فعليكم أن تخشوا كلابكم التي لا تعرف غير النهش والتي تدمن رائحة الدم وأكل الجيف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي