الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبذة تأريخية عن العمليات الإنتخابية في العراق. ح1

صبحي مبارك مال الله

2018 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


نبذة تأريخية عن العمليات الإنتخابية في العراق. ح1
نستعرض في هذا المقال ، المراحل التأريخية للعمليات الإنتخابية و النُظم الإنتخابيةالتي مرّ بها العراق منذُ العهد العثماني، لنبين بصورة مختصرة كيف نشأت ونبتت بذرة الديمقراطية، وحق التصويت وبناء مؤسسات الدولة. ولكن من المؤسف لم تنمو العمليات الإنتخابية بصورة منتظمة، وإنما كانت بين مد وجزر تبعاً للنظام السياسي وفلسفته بين إكتساب الحقوق وسلبها. كما كان للتأثير الأجنبي ومصالحه الدور الواضح في الدورات الإنتخابية المتعاقبة. لقد كان للتأثير الأوربي ونهضته الفكرية والثقافية وظهور الأفكار الثورية وبناء الدول المدنية العلمانية تأثير على مجريات نهوض شعوب الشرق.
إن ممارسة حق التصويت في العراق بدأت سنة 1876م عندما وضع أول دستور عثماني يسمى (القانون الأساس العثماني ) وعلى أساسه تم تأسيس مجلس تشريعي سُمي (بمجلس المبعوثان) يتكون عبر الإنتخابات. لقد تمّ إنتخاب مجلس المبعوثان بشكل صوري عام 1877م ولكن بدون قانون إنتخابي بل بموجب تعليمات، إجتمع المجلس بتأريخ 19/03/1877 م حيث ناقش بعض المشروعات مثل قانون الصحافة وقانون الإنتخابات وقانون عدم مركزية الحكم وإقرار الموازنة العامة، لقد كان واضح إن السلطات العثمانية التركية لم تكن جادة في الموضوع الإنتخابي وإقامة الديمقراطية حيث لم تستمر الحياة النيابية كثيراً بحيث لم تزد عن 11شهراً من تأريخ إنعقاد المجلس، فجرى تعليق الدستور في 14/02/ 1878فتعطلت أعمال السلطة التشريعية الممثلة بمجلس المبعوثان ولمدة 30عاماً!.
لذلك توقفت أول محاولة أو تجربة للسير نحو الديمقراطية النيابية بعد ولادتها بفترة قصيرة. في عام 1908 م إستطاعت جمعية الإتحاد والترقي إرغام السلطان (عبد الحميد الثاني ) على االإستجابة لمطلب الجمعية ، بإصدار أمر سلطاني بإعادة العمل بدستور عام 1876م المعطل. وعلى أساس الدستور صدر قانون إنتخاب مجلس المبعوثان العثماني سنة 1908م المؤلف من 83 مادة .
لقد كان النظام الإنتخابي يُحدد بأن الإنتخاب يكون غير مباشر، أي يجري على مرحلتين حيث كان يتم إنتخاب ممثلين أو منتخبين ثانويين وهم بدورهم ينتخبون أعضاء مجلس المبعوثان. وبالرغم من إن الإنتخابات تجري بمرحلتين فأن النظام الإنتخابي المطبق لم يكن نظام الأغلبية المطلقة، بل الأغلبية البسيطة حسب المادة (53) من قانون إنتخاب مجلس المبعوثان العثماني لسنة 1908.كما كان المجلس مكون من غرفتين (النواب والأعيان ).
مع بدأ الحرب العالمية الأولى عام 1914 م قامت بريطانيا بإنزال جيوشها في العراق فاكملت إحتلاله عام 1917 ، ثم خضوع العراق للإنتداب وعلى أثر الرفض والمقاومة لسلطات الإحتلال البريطاني خاصة في العامين 1919، 1920 حيث حدثت ثورة العشرين في كافة أنحاء العراق، السلطات البريطانية عملت على إقامة نظام حكم ملكي في العراق.
المجلس التأسيسي :-أعلن الملك فيصل الأول في يوم تتويجه 23/آب/1923م ملكاً على العراق، بأن أول عمل سيقوم به إجراء إنتخابات تهدف إلى قيام المجلس التأسيسي، والذي سيضع القانون الأساسي (الدستور)
1- العملية الإنتخابية الأولى :-تشكل المجلس التأسيسي بعد إنتخابات بدأت في 25/شباط – وأنتهت في آذار /1924، عدد أعضاء المجلس التأسيسي 100مائة عضو ، لقد كانت واجبات المجلس المطلوبة، البت في المعاهدة العراقية البريطانية، إصدار الدستور العراقي، إصدار قانون إنتخاب مجلس النواب وأهم ما يلاحظ على الإنتخابات بأنها أُجريت بدون إحصاء سكاني رسمي والإعتماد على التخمين . لقد كانت تركيبة المجلس 29% من المقاعد عسكريين ، محامين ، أطباء ، رجال دين 21% تجار ، 50% شيوخ وملاكي أراضي (أقطاع) .
القانون الأساسي:- تم وضع القانون الأساسي حسب المواد الواردة فيه يتكون مجلس الأمة من (مجلس الأعيان 20عضو يعينون من قبل الملك ، مجلس النواب مكون من 88عضو منتخبين من قبل الناخبين الثانويين) سن قانون إنتخاب مجلس النواب بموجب المادة 37من القانون الأساسي (الدستور) في 2آب /1924 تمّ التصويت على قانون إنتخاب مجلس النواب الذي يحتوي 52 مادة وحسب مبدأ الإنتخاب على درجتين. عند وضع قانون الإنتخابات والقانون الأساسي جرى الإعتماد على قانون مجلس المبعوثان والقانون الأساسي إعتمد على القوانين البريطانية .
2- العملية الإنتخابية الثانية (1924-1925م) : -بعد المصادقة على قانون إنتخاب مجلس النواب ونشره في الجريدة الرسمية، حدد يوم 15تشرين الثاني /1924 موعداً لبدء إنتخابات قوائم المنتخبين الأولين حسب الإرادة الملكية،إشتركت في هذه الإنتخابات ستة أحزاب (النهضة ، الأمة ، الأستقلال، الحزب الديمقراطي ، الحزب الوطني العراقي . كان حزب الأمة هو الناشط بإعتباره حزب الحكومة وبقية الأحزاب مُراقبين . من أهم الملاحظات بأنه لاتوجد أحصائيات للسكان وتخفيض عدد سكان بعض الألوية (المحافظات) مثل البصرة من 180ألف إلى 120ألف وتدخل دار الإعتماد البريطانية والحكومة لغرض وصول مرشحيها، أُعلنت النتائج في 23حزيران 1925 ، فاز فيها 88 ثمانية وثمانون نائباً دخول 55نائباً مجلس النواب لأول مرة.
3- العمليةالإنتخابية الثالثة :- جرت في 9آيار 1928 م حصلت الحكومة على 66 مقعد من أصل 88 مقعد، نوري السعيد يشكل وزارته الأولى، الهدف عقد معاهدة جديدة مع بريطانيا أُنجزت المعاهدة وقعتها الحكومة وتعرض على بريطانيا ثم تعرض على البرلمان وكان هناك خوف من البرلمان العراقي حول تمشية المعاهدة ولذلك حُل مجلس النواب في الأول من تموز /1930م موعد الإنتخابات الجديدة ، في 10تموز م1930 شهدت الإنتخابات تدخل واسع من قبل الحكومة ونوري السعيد يدير الإنتخابات بنفسه .
4- العملية الإنتخابية الرابعة:- الحكومة تحصل على 74مقعداً من أصل 88 مقعداً نسبة الموافقين على معاهدة 1930 84.9% في الأول من تشرين الثاني ينعقد مجلس النواب الجديد.، أنتهت مهمة نوري السعيد ويدخل العراق عصبة الأمم 1932م.
5- العمليةالإنتخابية الخامسة :-ناجي شوكت يشكل الوزارة الجديدة، من مهامها حل مجلس النواب، إجراء إنتخابات جديدة ، إنعقاد المجلس الجديد في 8آذار 1933 .
خلاصة المرحلة بين (1921-1933) إجراء خمسة عمليات إنتخابية، نتائجها ولادة مجلس تأسيسي + أربعة مجالس نيابية والتي كانت في عهد الملك فيصل الأول.

الإنتخابات في عهد الملك غازي الأول
1-العملية الإنتخابية الأولى- الملك غازي الأول ملك على العراق في 8أيلول /1933 ، علي جودت الأيوبي يشكل الوزارة في 27/آب /1934 ، حل مجلس النواب إجراء إنتخابات 1934، تدخل سافر من قبل الحكومة حيث أفسدت الحياة النيابية لسببين كما صرح جودت الأيوبي أ- قانون الإنتخابات ب-كثرة طالبي النيابات ج-مساهمة الوزارات في إفساد العملية الإنتخابية .
2-العملية الإنتخابية الثانية :-حل مجلس النواب، ياسين الهاشمي يشكل الوزارة، زيادة مقاعد مجلس النواب من 88مقعداً إلى 108 مقعداً، تمثيل القبائل في المجلس، تمثيل طبقي، أصحاب الصحف نواباً في المجلس.
3-العملية الإنتخابية الثالثة :-أصبح حكمت سليمان رئيس الوزراء، حل مجلس النواب في 10/كانون الأول 1936 م الإنتخابات تجري في 20شباط 1937 م.
4- العملية الإنتخابية الرابعة:-جميل المدفعي يشكل الوزارة ، حل مجلس النواب ، إنتخاب مجلس نواب جديد في 18كانون الأول 1937 الحكومة تتدخل لإبعاد العناصر السياسية اليسارية، لم يتمثل الجيش في المجلس، إنعقاد المجلس في 23/كانون الأول /1937 .
خلاصة مرحلة عهد الملك غازي (1933-1939) إجراء أربعة عمليات إنتخابية ، حل مجلس النواب عدة مرات وبعد كل حل تجري إنتخابات جديدة زيادة تدخل السلطة التنفيذية -الحكومة في الإنتخابات، عدم وجود إستقرار سياسي.

الإنتخابات في عهد الوصي :-
بعد وفاة الملك غازي الأول في الرابع من نيسان /1939 م أثر حادث سيارة مشكوك فيه، فيصل الثاني يتولى العرش لكنه لم يبلغ سن الرُشد القانونية فأصبح خال الملك الأمير عبد الآله وصياً على الملك .
1- العملية الإنتخابية الأولى :- نوري السعيد يقدم إستقالته في 6نيسان /1939م وإعادة تشكيلها في اليوم نفسه، حل مجلس النواب، إنتخاب مجلس نواب جديد، أكمل أربعة سنوات حسب المادة 38من القانون الأساس، حل مجلس النواب في 9/حزيران /1943 م .
2- العمليةالإنتخابيةالثانية:- إنتخاب مجلس النواب في 1943م في التاسع من تشرين الأول يعقد المجلس إجتماعه الأول، تشكيل الوزارة من قبل توفيق السويدي، تعديل قانون الإنتخابات الصادر في 1924م حيث أصبح بموجبه اللواء بدلاً من أن يكون دائرة إنتخابية واحدة يكون مقسم إلى عدة دوائر، وزيادة عدد المقاعد من 108إلى 138 مقعداً. حل المجلس والتحضير للإنتخابات .
3- العملية الإنتخابية الثالثة :- مقاطعة حزب الأحرار، إنسحاب ومقاطعة (حزب الأتحاد الوطني ، حزب الأستقلال، حزب الوطني الديمقراطي، حزب الشعب )إحتجاجاً على تدخل الحكومة السافر، في 17 /آذار /1947 م تجري الإنتخابات ، حل مجلس النواب في 20/شباط /194م
4- العمليةالإنتخابية الرابعة:-دخول المتنافسين في معارك راح ضحيتها عشرات القتلى، تمّت الإنتخابات عدد النواب 138نائباً، 71 نائباً يدخل المجلس لأول مرة .
1952 م حل المجلس في 27/تشرين الثاني /1952 م، تقديم مذكرات لإجراء إصلاحات سياسية وإقتصادية وتعديل القانون الأساسي، إنتخابات مباشرة وحرة أي بدرجة واحدة، حكومة وطنية وإطلاق الحريات السياسية. الأحزاب تقررمقاطعة الإنتخابات ودعت الشعب على أحباطها ، قيام إنتفاضة 1952 م، طلاب كلية الصيدلة وبقية الطلبة إعلان الأضراب العام، المطالبة بالإنتخابات المباشرة. الحكومة تقدم إستقالتها، نور الدين محمود رئيس أركان الجيش يشكل الحكومة الجديدة ، إعلان الأحكام العرفية ، إلغاء إجازات الأحزاب، تعطيل الصحف، تشكيل لجنة لإعداد قانون الإنتخابات لمجلس النواب بصورة مباشرة بدل من الدرجتين.
5-العمليةالإنتخابية الخامسة:- وفق المرسوم الجديد رقم 6 لسنة 1952، الإنتخابات تجري في 17/كانون الثاني /1953م، إجتماع المجلس في 24/كانون الثاني /1953وإنتخاب فاضل الجمالي رئيس لمجلس النواب
الخلاصة :إجراء خمسة عمليات إنتخابية بين 1939-إلى 1953م حصلت في هذه الفترة العديد من الأحداث السياسية، وتنامي الشعور الوطني وظهور الأحزاب، ووثبة كانون 1948 ،وإنتفاضة 1952 وأصبح الإنتخاب بدرجة واحدة ودخول الأحزاب في معارك سياسية وصراع بين ممثلي سياسة الحكومة البريطانية وممثلي سياسة الحكومة الأمريكية. حل مجلس النواب، وإعلان الأحكام العرفية ومطاردة الوطنيين والديمقراطين والشيوعيين وفتح السجون على مصراعيها مع تطور وسائل التعذيب وسلب حقوق الإنسان .
الإنتخابات في عهد الملك فيصل الثاني:-
تولى الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية في 2/آيار-مايس/ 1953م لبلوغه سن الُرُشد
1-العملية الإنتخابية الأولى :- شهدت هذه الفترة صراع بين عبد الآله ونوري سعيد بين المصالح الأمريكية والمصالح البريطانية . إسناد الوزارة إلى أرشد العمري ولم تضم الوزارة أي شخص موالي لنوري السعيد، قامت الوزارة بحل مجلس النواب، إجراء إنتخابات جديدة الأكثرية من البلاط، تجمع المعارضة في جبهة وطنية، رُفعت مذكرة حول الأوضاع وعن تجاوزات الحكومة والتضييق على المرشحين ومنعهم من الإتصال بالجمهور، عقد مجلس النواب إجتماعه في 26/تموز-يليو/1954 إنتخاب عبد الوهاب مرجان رئيس للمجلس . السفارة البريطانية تتدخل وتضغط على عبدالآله بشدة لجلب نوري السعيد لرئاسة الوزارة. تسند الوزارة لنوري السعيد ، حل مجلس النواب .
2- العملية الإنتخابية الثانية :-إنتخابات جديدة في 12/أيلول /1954 ، إجتماع مجلس النواب في 16/أيلول /1954، إنتخاب عبد الوهاب مرجان رئيس للمجلس، 1958 قيام أتحاد بين العراق والأردن عُرف بالإتحاد العربي الهاشمي رداً على تشكيل الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، تعديل القانون الأساس العراقي، يتبعها أي تعديل بعد الموافقة يُحل المجلس حسب المادة 119 من القانون الأساس .
3- العملية الإنتخابيةالثالثة:- تم حل مجلس النواب في 27/آذار/1958م في 15آيار 1958إجراء إنتخابات جديدة، زيادة عدد االنواب في المجلس إلى 148 نائباً نتيجة لزيادة النفوس. فاز بالتزكية 118 نائباً من أصل 148 نائباً إفتتاح المجلس في 10/آيار -مايس/1958م إنتخاب عبد الوهاب مرجان رئيساً للمجلس .
الخلاصة : تميزت هذه الفترة بتصاعد نضال الشعب العراقي ضد النظام الملكي، تكوين جبهة الإتحاد الوطني، والتنسيق مع حركة الضباط الأحرار، كما كانت هذه الفترة مسرحاً للنشاطات الدولية وتكوين حلف بغداد بالضد من حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا . (نكمل في الحلقة الثانية من المقال )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية