الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحث في كتاب (الأنثى هي الأصل ) للكاتبة والأديبة نوال السعداوي

فؤاده العراقيه

2018 / 3 / 21
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


جميع الأفكار التي يُدوّنها الكتّاب والكاتبات هي نتاج لدراساتهم ولشغفهم بالمعرفة ولبحثهم الدائم عن الحقيقة ,أما بخصوص كتابات المفكرة نوال السعداوي والتي سأتطرق اليها في هذا المقال فلكونها نتاج لدراسات مكثفة وعميقة لها,سواء كانت بتاريخ البشرية أو بالعلوم أو بالطب النفسي او بالفلسفة وغيرها الكثير من الدراسات , إضافة إلى تجاربها الكثيرة والغنية لكونها إمرأة عاشت ولا زالت في حالة حركة وسباحة ضد التيار وضد كل ما هو مألوف لدينا ,وكذلك لكونها في حالة دائمة من الإنجذاب للحقيقة ,ومن خلال حركتها وبحوثها استنبطتْ فكرها وسطّرته على الورق ليأتينا جاهزا وبطبق من ذهب وبالمجان , فبمجرد ان ندفع ثمن الكتاب الذي هو بخسا قياسا بما سيعطينا من حقائق مذهلة وضرورية لنا جميعا , وبقرائته سنأخذ خلاصة تلك التجارب.
علينا قبل ان نبدا بكل فعل أو أي تفكير أو حتى القراءة أن نتحرر من مخاوفنا لنبدأ في التفكير السليم مع حرّية العقل والتفكير , أي نتحرر من الافكار المسبقة التي تلقيناها لنبدأ بعقل مجرّد من التلقين, وهذه العملية هي ليست بالهينة لكون لها علاقة بتكوين الإنسان وبيئته التي فرضت عليه افكاره وبنت اسسه وكذلك تكمن الصعوبة في مواجهة ما هو سائد وما سيترتب عليه من عقبات كثيرة لكوننا محكومين بالعادات وبالتقاليد وبالمفاهيم التي سار عليها المجتمع ,اي المقدسات ,لكن الذي يسير في طريق الحق يمتلك قوة تجعله يتجاوز تلك الالغام لكونه مؤمن بأن الدين الحق لا يُفرّق بين الناس على اساس جنسي او مذهبي أو قومي والخ من هذه التسميات المقيتة والتي فرّقت بين الناس ,لكن حتى مفاهيمنا للدين قد تغيرت بسبب السياسات التي ارادت للشعوب ان تتراجع بالتدريج.
وبهذه المناسبة اود ان اصحح فكرة البعض الخاطئة عن هذه الكاتبة التي يصفوها بالأباحية وبالكفر وبكل ما هو سيء دون أن يقرأوا لها , ولا أحد من الذين قرأوا لها يستطيع ان ينفي عنها صفة الشجاعة والصدق ومناشدتها للعدل ومطالبتها للمساواة بين الجميع ,وليس فقط مساواة المرأة بالرجل ,ونبذها للظلم وكرهها للكراهية, وحبها للحب ,فمن يكره مثل هذه الصفات ؟
هذه الصفات, العدالة والمساواة وغيرها لا تتعارض مع الاديان التي يتشدقون بها لكون الاديان خُلقت لإسعاد الناس وليس العكس, وكل الطرق التي تؤدي الى اسعاد الشعوب هي تسير بطريق الدين الصحيح .
هنا اود الخوض أيضا بمفهوم الحرية الذي تعودّناه والذي ارتبط بذهننا بالإنحلال لكون مفردة الحرية تعلّقت بأذهاننا باباحية الجسد فقط ,ولهذا ينتفض الغالبية عند سماعهم لهذه المفردة وهي بحقيقتها عكس هذا المفهوم تماما فهي تعني حرية العقل في التفكير , حريته من الشوائب التي علقت بها, فهي مسؤولية قبل ان تكون انحلال , هي اختياراتنا التي تتطابق مع شخصياتنا, ولهذا نجد الإنسان الحر يكون مبدعا ومنتجا لكونه اختار ما يلائم بنيته وتكوينه.
كتابها الفكري (الأنثى هي الأصل) يحمل الكثير من الأفكار التي تعرّي سيكولوجية المرأة ,وهو كتاب مهم لندرة الكتب التي تهتم بالمرأة لغاية يومنا الحاضر, هناك كتب كثيرة وبحوث اهتمت بالإنسان (الرجل) ,ولكن المرأة وطبيعتها كانت ولا تزال مُهملة من ناحية الدراسات ولكنها حاضرة بقضايا ومهام اخرى أنيطت لها ,ومن ضمن هذه القضايا التي انيطت بها هي الزواج والانجاب والاهتمام بابناء اسرتها من متابعة وخدمة والخ , بمعنى مارسوا عليها الإقصاء بالقضايا الفكرية وحددوا مهامها بجسدها فقط....كذلك هناك سبب آخر تسبب في ندرة الدراسات التي تخص المرأة وهي المخاوف التي تعتري الباحث بشأن هذا المخلوق الذي أحيط بالمقدس وبالخزعبلات الكثيرة , وفي هذا البحث نجد افكارا جديدة رغم ان الكاتبة كتبته قبل حوالي 40 عاما ,لكنه لا يزال جديدا للغالبية لكوننا شعوبا تسير ببطىء شديد ,رغم إن ميزة الإنسان عن الحيوان هو عقله المتطور دوما فلا حدود لعقل الانسان في التطور ,ولكننا عرقلنا هذه الميزة , عرقلناها بالكبت وبالخوف وبالكثير من الوسائل لغاية ما أصبحنا لا نسير مع الركب بل نحن في رجوع مستمر لكوننا ساكنين , فجاء هذا الكتاب كصرخة مدوية وسط سكون عايشناه لسنوات عديدة ربما تصل لقرون , ليحثنا على التفكير ويُحرّك ما سكن في عقولنا ,هذه الافكار الجديدة تكون مرعبة للناس لمجرّد إنها جديدة وتختلف عن ما الفوه من افكار بالوراثة ,هذا الخوف جعل الشعوب مسجونة بافكار الماضي .
ولهذا أجده ضروري لكل مرأة بل وحتى للرجل لكون تلك الافكار التي سردتها الكاتبة لا تهم المرأة بمفردها وليست هي افكار محصورة في قالب المرأة الضيّق التي يتغزلون بجمالها ورقتها وبطاعتها العمياء , حيث كلما ازدادت المرأة طاعة كلما نالت اعجاب المحيطن بها , وكذلك عالمها الذي يتمثل بالمعشوقة وبعالم الموضة والمكياج والأكسسوارات والطبخ واخيرا لكونها وعاء للإنجاب .
فما جاء من افكار في هذا الكتاب تخص الرجل ايضا لكون قضية المرأة هي قضية تخص المجتمع باكمله وهي قضية سياسية بالدرجة الاساس , فللسياسة دور هام في إخضاع المرأة وتهميشها .
فمن الضرورة ان يفهم الرجل طبيعة المراة لكونه يعيش وسط تلك النساء سواء كانت ام او بنت او اخت او زوجة أو صديقة والخ من صلات القرابة.. ولكون للمرأة دور هام في نشأة المجتمع وربما تكون لها الافضلية من هذه الناحية فعلينا البحث والتنقيب عن كل ما يخصها .
نوال السعداوي متحمّسة للعلم لكنها لا تُقدسه لكون الحقائق العلمية ليست ثابتة بل هي متغيرة دوما مع تطور عقل الإنسان , كل شيء في حياتنا متغير بل وحتى الحقائق هي في حالة تغيير مستمر , فالحياة بكل تفاصيلها لا تعرف السكون ,وهذا الكتاب هو بحث عن تلك الحقائق .
وعلى مر التاريخ كان الإنسان يقدّس بعض الحقائق ويعتبرها مطلقة بصحتها ولكننا نجد اليوم هذه الحقائق قد تم نفيها ونسفها من جذورها ولكن هذا التغيير يحتاج إلى وقت ليتكيف معه العقل ولهذا السبب تم نفي وإعدام بعض العلماء والمفكرين الذين اكتشفوا خطأ الحقائق التي كان يؤمن بها الإنسان آنذاك ولهذا اقول بان تجارب الكتّاب والمفكرين الادباء تأتينا جاهزة وبثمن بخسا دون أن ندفع نحن بها ما دفعوه هم من راحة بالهم وأحيانا يكون الثمن هو حياتهم .
على اي انسان أن يبحث ليتوصل للحقيقة أو يعرف اصله وأين هو موقعه من هذه الحياة ولاجل أن يتوصل عليه أن يقرأ تاريخ البشرية قبل ظهور الأديان وظهور الأسرة الأبوية او المجتمع الذكوري كما نسميه الآن ,وسيندهش لمكانة المرأة في تلك الحقبة من الزمن لكون الحياة آنذاك كانت طبيعية والإنسان كان تلقائيا ,ولكل من الذكر والأنثى قيمته النابعة من تكوينه البيولوجي فأدرك الأنسان بفطرته آنذاك وقبل أن تدخل الملكية الخاصة والمصالح والأطماع التي شوهت العلاقة بين الجنسين ,حيث ساد جنس على آخر ,فقبل أن تدخل هذه التغييرات على المجتمع كانت الأنثى هي اصل الحياة بسبب قدرتها على الولادة ومنها سادت فكرة ان الآلهة انثى حيث كان المجتمع آنذاك اموميا ويُنسب الابناء لها .
ولو اطلعنا على التاريخ القديم سنجد إن المرأة هي التي اكتشفت الكتابة والزراعة وأبدعت في مجالات عديدة منها الطب والفلسفة والفلك وعلوم اخرى ,وكانت عامة النساء قبل ظهور النظام الطبقي تعمل بالتجارة وبجميع الاعمال التي كان يقوم بها الرجل ,وهذا ما يدلل على إن عقل المرأة كان مساويا تماما لعقل الرجل لكن ما حدث هو إقصاءها وإنكار دورها بعد نشوء النظام الطبقي الأبوي , وهو نظام يعتمد على تسييس الشعوب لمصلحته الخاصة فقط , مستغلا طبيعة المرأة البيولوجية في الحمل والولادة وما يترتب عليها من مهمات تجبرها على المكوث في البيت للاعتناء بأبنائها .
وهناك دلالات كثيرة على تقدّم المرأة على الرجل تتحدث الكاتبة وتُسهب بهذه الأدلة بعد دراساتها المكثفة للتاريخ وما دوّنه أثناء التنقيب والبحث حيث وجدوا المرأة مرسومة بحجم الرجل وفي تماثيل أخرى كانت الزوجة تتقدم زوجها كدليل على حقها وكذلك كانت متساوية مع الرجل في الميراث وهناك اسماء كثيرة جدا لملكات وحاكمات شاركن باول الحروب واشتركن في تأسيس اول امبراطورية عرفها التاريخ قبل ظهور الاديان بآلاف السنين.
كل ما جاء ذكره من تقدم وإبداع وإزدهار للمرأة آنذاك جاء لكونها كانت تمتلك الحرية وتعرف قيمة نفسها ولكن بدأ التراجع تدريجيا وتشويه لحقيقة المرأة .
علماء التاريخ في النصف الثاني من القرن العشرين بدأوا يعيدون دراساتهم بعد ان اثبتت علوم البيولوجيا والفسيولوجيا والتشريح كذب وافتراء جميع النظريات التي فرّقت بين الرجل والمرأة وعرفوا من خلال دراساتهم كيف انقلبت الاوضاع وسُلِبت منها مكانتها وكان للإقتصاد الدور الرئيسي في تراجع مكانة المرأة ثم اخذت المرأة تسترد مكانتها قبل ظهور اول الديانات وعرفنا اسماء ملكات كثيرات .
بعض من رجال العصر الحديث ورثوا عن رجال العصور السابقة كراهيتهم لذكاء المرأة وفضلوا عليها المرأة الضعيفة المستعبدة وكانوا يحرقون النساء المتمردات وأطلقوا اسم الساحرات عليهن ولا زال الكثير من الرجال يعتقدون بأن عقل المرأة المفكرة يشوه طبيعتها الانثوية .
حتى علماء النفس امثال فرويد, رغم ان له نظريات عظيمة في علم النفس وهو من المؤسسين الأوائل لهذا العلم ,فلقد تبنى فكرة دونية الانثى من خلال شعورها بالحسد تجاه عضو الذكر وهذه فكرة اعتبرها مضحكة وغير منطقية ,وهي مجرد نظرة فرويد الشخصية للأمور لكون افكاره جائت كنتاج لنظرة المجتمع القديمة في نظرته الدونية للمرأة وليست نظرية علمية .
من المبادىء التي ارتكز عليها هذا الكتاب أو يصبو اليها هي لتحرير المرأة فكريا من الأغلال التي احيطت بها لتنطلق امكانياتها ومن ثم ستثري المجتمع قاطبة , بمعنى لإجلها ولإجل الرجل , حيث اثبتت الدراسات الحديثة من خلال البحوث على ان الطفل الذي ينشأ في بيئة حرّة ينشأ طفلا ذكيا وجريئا .
ومبدأ آخر لهذا الكتاب حيث تشرح حقيقة شرف الانسان الذي يكمن في عقله وافعاله الصادقة سواء كان رجلا أو امرأة ولا يتعلق بالجسد لكون من الصدق تنبع بقية الأفعال فمعايير الشرف تسري على الرجل والمرأة على حد سواء
وكذلك ليس هناك اي تفسير علمي فسيولوجيا وبيولوجيا يثبت ان المرأة اقل من الرجل من الناحية العقلية والفسيولوجيا والبيولوجيا

وأخيرا أقول لو حظيت المرأة بالحرية وبالتعليم بنفس القدر الذي يحظى به الرجال لأبدعت ولما كان حالها كما هو عليه اليوم ,لكن بعض المغيبين يعزون سبب غياب المرأة في المجالات العلمية والفكرية وكذلك قلة النساء المفكرات إلى نقص في قدراتهنّ العقلية (ناقصات عقل) أو طبيعة بهنّ مختلفة عن الرجل والمضحك المبكي معا يبرهنوا على صحة كلامهم بأن وزن دماغ المرأة اقل من وزن دماغ الرجل !!
وهذا خطأ جسيم يقع به الغالبية بسبب مفاهيم بالية وأفكار مغلوطة نشأ عليها الكثيرين بعد أن اثبت العلم الحديث بان عقل المرأة لا يقل إبداعا عن عقل الرجل تم تقييد عقل المرأة وحصره بمهام تافهة (البيت والإنجاب) واطلقوا العنان للرجل في كافة المهام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلاميات مداهمة ستيرك وميديا خبر هي لطمس وإسكات صوت الحقيقة


.. دراسة بريطانية: الرجال أكثر صدقا مع النساء الجميلات




.. بسبب فرض الحجاب وقيود على الملابس.. طلاب إيرانيون يضربون عن


.. سعاد مصطفى :-المرأة السودانية هي من تدفع ثمن الحرب-




.. لتقليل الخلافات.. تطبيق جديد يساعد الرجال على التعامل مع الن