الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يحتاج العرب فعلا للسلاح النووي ؟

ريهام عودة

2018 / 3 / 23
الارهاب, الحرب والسلام


كثيرا ما يسيطر علينا كشعوب عربية ، مشاعر عاطفية و حماسة زائدة نحو استرجاع أمجاد الماضي ، و غزو العالم ، وامتلاك قوة الردع العظمى المتمثلة بامتلاك السلاح النووي ، وذلك من أجل الدفاع عن أوطاننا ، ومنع أي احتمالية لحدوث عدوان خارجي على أراضينا ، حيث من شأن هذه القوة النووية أن تُحدث توازن في قوى الردع بين دول العالم ، مما يُشيع أجواء من الطمأنينة و الأمن بين شعوب الدول الممتلكة لهذا السلاح الخطير ، و يجعل هذه الدول تتخلص من شعور التبعية للدول العظمى بالعالم.

هذا ما يراه مؤيدي امتلاك السلاح النووي في بعض الدول العربية ، كون السلاح النووي هو من اقوي الأسلحة الفتاكة ، التي تُشكل قوة ردع هائلة ، تثير الرعب في قلب أي دولة معادية ، قد تتجرأ بالتفكير في الاعتداء على أي دولة عربية ، حيث إذا امتلكت الدول العربية هذا السلاح النووي الخطير، ستفكر أي دولة بالعالم مئة مرة قبل أن تُقدم على أي خطوة معادية ضد الدولة المالكة لهذا السلاح.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل فعلاً تحتاج الدول العربية سلاحا نوويا ، في ظل الفوضى السائدة في عالمنا العربي و في ظل الانتهاكات الكبيرة في مجال حقوق الإنسان التي تعاني منها بعض الشعوب العربية ؟

هل هناك فعلاً ضمانات، بأن لا يتم استخدام هذا السلاح النووي ضد الشعوب العربية أنفسها، في حال تهورت دولة عربية وشنت حربا على دولة عربية أخرى؟
هل هناك فعلاً ضمانات ، تحمي الأقليات الثائرة في بعض الدول العربية من تجارب الأسلحة السرية و الإبادات الجماعية؟

من منا يستطيع أن ينسى أو يتجاهل ما حدث أثناء فترة حكم الرئيس الراحل صدام حسين ، عندما تم إبادة أكثر من 5500 كردي بالغاز الكيماوي في بلدة حلبجة العراقية ، خلال عام 1988؟
و من منا يستطيع أن يتجاهل ما حدث بسوريا، عندما تم استخدم غاز السارين في قتل نحو أكثر من 100 مدني سوري بخان شيخون خلال عام 2017 ؟

من يضمن للشعوب العربية أن لا يتكرر سيناريوهان العراق وسوريا ، في بلدان أخرى في المستقبل ، و أن لا ينقلب السحر على الساحر.

لذا قوتنا كعرب ليس بمجرد امتلاكنا سلاحا نوويا فتاكا، بل قوتنا بامتلاكنا أسلحة من نوع آخر، أسلحة إنسانية مثل الديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، و الشفافية ، و العدالة المجتمعية ، و القضاء النزيه ، و العلم السلمي المفيد ، و ليس بامتلاك أسلحة نووية قاتلة ، تحت ذريعة محاربة أعداء خارجيين وهميين .

إن الأعداء الحقيقيون ، هم أعداء الداخل و هم أخطر بكثير من أعداء الخارج !

أعداء الداخل ، يتمثلون بالفقر و البطالة و الجهل و الفساد و العنف و التطرف الديني و الظلم ، و ينبثق غالباً هؤلاء الأعداء من مجتمعاتنا العربية و عقليتنا العربية التي يسيطر عليها أحياناً الوهم و فكر المؤامرة.

و ذلك بسبب إنكارنا المستمر لفشلنا، و عدم تقيمينا لخسائرنا، و عدم اعترافنا بأسباب ضعفنا الحقيقية، و تهربنا من مسئوليتنا الذاتية للنهوض و التقدم، وتحميلنا للعالم الخارجي مسئولية هزائمنا.

للأسف ، إن جُل ما يفعله معظم العرب، هو مجرد الشكوى من الظلم الخارجي و البكاء على الأطلال ، و التغني بأمجاد الماضي، معتقدين بأن حجم السلاح فقط هو من سينهض بأمتنا العربية ، فبات هذا السلاح يوجه لقلوب أبنائنا أولا ، و يدمر بلدانا العربية ، و يُستعمل كأداة للإرهاب و القمع ، و لكننا لا نعترف بذلك، لأن نظرية المؤامرة مازالت تسيطر على عقولنا.

من يريد النهضة و الحضارة، يجب أن يستثمر أولا بتحرير العقول من الجهل، و أن يقوم بصناعة المستقبل المزدهر، عن طريق نشر العلم المفيد و ليس الاستثمار في أدوات القتل الفتاكة.

باختصار شديد ، إن السلاح النووي، يمكن أن يُصبح كارثة كبيرة على أي شعب في حال تم إساءة استخدامه ، لكن في حال تم استخدام الطاقة النووية نفسها ، من أجل خدمة أغراض سلمية مثل الأبحاث الطبية و الزراعية و الصناعية و خلق بدائل للغاز و النفط ، فلا مانع من ذلك لأنه بذلك يتم خدمة أهداف نبيلة.

و هذا ما تحاول أن تقوم به فعلياً بعض الدول العربية المتحضرة مثل جمهورية مصر العربية ، التي شكل رئيسها السيسي ، المجلس الأعلى للاستخدامات السلمية للطاقة النووية من أجل محاولة توظيف الطاقة النووية لتطوير الأبحاث و العلوم المصرية السلمية ، ولخدمة مصالح الشعب المصري.

لذا من الأفضل لنا كعرب، أن نُركز أكثر في بناء مجتمعاتنا الحديثة و السلمية و تنمية قدراتنا في مجال العلوم المتقدمة و السلمية ، التي تنهض باقتصادنا و تحمي بيئتنا من التلوث ، و تقضي على مشاكلنا الصحية ، و تؤسس لأجيال متعلمة ومثقفة ، قادرة على أن تحمي بلادها بالعلم و العمل الجاد ، و ليس فقط بالتورط في حروب مدمرة قد تحرق الأخضر و اليابس.

إن قوتنا الحقيقية كعرب ، تكمن بصلاح قادتنا، و حسن أخلاق مجتمعاتنا ، و مهارة عمالنا ، و كرامة فلاحينا ، و إخلاص موظفينا و نزاهة قضاتنا ، و إبداع شبابنا و براءة أطفالنا و ثقافة نسائنا، و ليس بمجرد امتلاكنا أسلحة دمار شامل قد يُساء استخدامها ، فيدمر ذلك مستقبل شعوبنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر