الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسلام السيسى وإسلام مرسى !

زاهر زمان

2018 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كلاهما مسلم ، نشأ وترعرع فى بيئة إسلامية ، وكلاهما يشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله ، وكلاهما يقيم الصلاة ، ويصوم رمضان ، ويؤتى الزكاة ، وكلاهما حج البيت ! لكن إسلام السيسى هو إسلام بسطاء المسلمين وعوامهم ، الذين يؤدون مافرضه عليهم خالقهم - بحسب اعتقادهم طبعاً - ، ثم بعد ذلك يدعون الخلق للخالق ، ولاينصّْبون من أنفسهم رقباء وأصياء على عقائد الآخرين وسلوكياتهم الدينية والحكم عليهم من هذا المنطلق ، وانما يتعاملون مع كل البشر بما تفرضه عليهم ضمائرهم وتربيتهم من حُسن الخلق وطيب العشرة كعادة الغالبية الساحقة من المصريين المسلمين ، من جيل عبدالفتاح السيسى ومحمد مرسى . نستطيع تلخيص الأمر فى أن إسلام عبدالفتاح السيسى هو أقرب الى إسلام الصوفيين ، الزاهدين فى كل شىء ، الا ماينالهم من حظوظ الدنيا ، نتيجة كدهم وسعيهم واجتهادهم فى الحصول على احتياجاتهم الانسانية الضرورية ، ومع ذلك لا يمانعون أن تأتيهم الدنيا كلها بجاهها ومتاعها ، مادام ذلك رزقاً حلالاً أتاهم من الله ، بحسب ايمانهم واعتقادهم المطلق أن ذلك الذى حصلوا عليه ، هو فضل من الله الفتاح العليم والرزاق الكريم بحسب تنشئتهم الاسلامية ! وهم لا يبخلون عن مساعدة كل من يحتاج المساعدة ، بما يمتلكون لأنهم يعتبرون ذلك زكاة الفضل الذى وهبهم الخالق اياه ! هم يساعدون كل من يحتاج الى مساعدة ولا ينتظرون مقابلاً ممن ساعدوه ، بل يعتبرون ذلك ، رصيداً طيباً يحتسبونه عند من رزقهم ذلك الفضل وهو الله الرزاق ذو القوة المتين بحسب اعتقادهم . ومن صفات هؤلاء المسلمين من نوعية عبدالفتاح السيسى أنهم يمدون يد العون والمساعدة لكل من يحتاجها بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لونه ؛ كل مايرونه فى تلك الحالة هو أن ذلك المحتاج للعون هو إنسان ، وأن الله الذى يؤمنون به سيجازيهم عما يفعلونه خيراً فى اليوم الآخر ! مثلاً ، مشاركة عبدالفتاح السيسى لأخواننا المصريين المسيحيين فى أعيادهم هو فى يقينه ، كما فى يقين أى انسان متحضر ؛ هو عمل طيب يريد به أن يضرب مثلاً أعلى فى المواطنة بين كل المصريين ، وفى يقينه أنه انما ينفذ تعاليم اسلامه التى تربى عليها أغلب المصريين المسلمين من جيله ، والتى تتلخص فى المقولة التى يرددها المصريون الذين لم تلوث عقولهم أيديولوجيا الفكر الاسلامى المتطرف ، الذى أفرز كل التنظيمات الارهابية ؛ تلك المقولة التى تتلخص فى كلمتين هما : ( الدين المعاملة ) !
لذلك أنا شخصياً أصدق السيسى عندما قال عن زيارته للكنيسة لتهنئة المصريين المسيحيين بعيدهم : ( والله ما سياسة ) ، يعنى زيارته كانت بالفعل من أجل تهنئتهم بعيدهم ، وليست من قبيل الاستقطاب السياسى لهم . وأنا أصدق السيسى عندما يقول ( أنا مكنتش أحلم انى أكون رئيس جمهورية ) ، لأنه من نوعية المسلمين الذين يسلمون كل أمور حياتهم لتصريفات الخالق – بحسب اعتقادهم - يضعهم أينما يشاء وأينما يريد ، لحكمة ما هو يريدها منهم ! ذلك هو اسلام البسطاء الذى يتعايش مع البشر جميعاً بهدف اعمار الحياة وفعل الخير فى أى مكان يكونون فيه ، ونحو كل البشر بغض النظر عن عقائد أو ديانات هؤلاء البشر ! لذلك ترى الكثير من المسلمين والمسيحيين واليهود واللادينيين والللاأدريين والملحدين يؤيدون عبدالفتاح السيسى كرئيس لمصر !
أما إسلام محمد مرسى فهو إسلام يختلف اختلافاً كبيراً عن إسلام عبدالفتاح السيسى . فمحمد مرسى نشأ وتربى على أيدى جماعة الاخوان ، التى أسسها حسن البنا بدعم من المخابرات البريطانية ، بهدف سحب البساط من تحت قدمى حزب الوفد الذى كان له الشعبية الكاسحة فى مصر آنذاك . خدعت المخابرات البريطانية حسن البنا مؤسس الجماعة ، عندما تظاهروا بأنهم يصدقون أن مايقوم به حسن البنا ، لا يعدو كونه سوى جمعية من جمعيات المجتمع المدنى ، تقوم بأعمال البر والخير ومساعدة المحتاجين ، ولكنها ذات صبغة اسلامية ، بينما هم كانوا يعلمون تمام العلم بنوايا حسن البنا وطموحه فى الوصول بجماعته الى خلع الملك فاروق واعلان مصر خلافة اسلامية ! وخدع حسن البنا الملك فاروق عندما أوهمه أن هدفه الضغط على الانجليز وأعوانهم فى مصر ، لتحريرها حتى ينصبوا فاروق خليفة للمسلمين وأميراً للمؤمنين فى مصر . فى هذا الجو المفعم بالخداع والتضليل والتجارة بالاسلام ورموزه وطقوسه نشأ وتربى كل كوادر جماعة حسن البنا ، ومحمد مرسى كان من تلك الكوادر التى تنشأ وتكبر ويتشكل وجدانها الدينى والسياسى ، فى دهاليز الجماعة ! ويكفى للتدليل على التوجهات الأيدولوجية الأساسية لتلك الجماعة أن يصرح أحد أكابر كوادرها بأن الدنيا كلها ، بشرقها وغربها وشمالها وجنوبها هى : ( فسطاط كفر ) وأن عليهم وحدهم ( جماعة حسن البنا ) ، اعادة البشرية الى فطرتها ، وادخالها فى دين الله ( الاسلام من وجهة نظرهم ) ولو بقوة السلاح ! وهذا لا دلالة له الا استعداد الجماعة لفرض أيديولوجيتها الدينية على الدنيا كلها ولو بالقتال والقتل فى سبيل تحقيق ذلك الهدف ! لذلك لم أندهش عندما صرح محمد مرسى فى أحد خطاباته العلنية ، بأنه لا يتردد فى التضحية باتنين – تلاتة مليون من أجل أن يعيش باقى الشعب ! الحقيقة الموضوع كبير ويحتاج الى كتب لوضيح الفرق بين إسلام عبدالفتاح السيسى وإسلام محمد مرسى ، لكننى أكتفى بما هو حاضر فى ذهنى الآن ، ولربما عدت الى هذا الموضوع مرة أخرى ذات يوم .
مع عميف شكرى واحترامى للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ زاهر زمان
nasha ( 2018 / 3 / 24 - 03:33 )
كلام من ذهب كلام واقعي
منطقيا معظم البشر يولدون بنزعة خير طبيعية قبل ان يتدخل المحيط ايجابيا في برمجة العقل ويرسخ نزعة الخير الطبيعة . او يتدخل المحيط سلبيا في برمجة العقل فيمسح نزعة الخير الطبيعية ويستبدلها بنزعة عنصرية شريرة.
السيسي فعلا انسان طيب ولا اعتقد انه يكذب او يحتال في ادارته للدولة المصرية .
نرجو كل الخير لمصر وللمصريين ونرجو ان يتم القضاء على كل فكر عنصري شرير وعقبال جميع شعوب الشرق الاوسط المتمرغة بثقافة الشر والعنصرية بكل اشكالها.
تحياتي


2 - الأستاذ ناشا
زاهر زمان ( 2018 / 3 / 24 - 11:01 )
كلامك أنت أغلى من الذهب وتمنياتى القلبية الطيبة لشخصكم الكريم والانسانية جمعاء بكل الخير والمحبة والسعادة .
تقبل تحياتى


3 - السيسى يتسامح مع السلفيين وهم أخطر من الإخوان
سامى لبيب ( 2018 / 3 / 24 - 16:21 )
تحياتى صديقى زاهر زمان
لى تحفظ على موقف السيسى..فالمراقب يجد انه ينتمى ويشجع الإسلام المتسامح المعتدل وانه حريص على الوحدة الوطنية ولكن واقع الحال أنه يلعب ويتلاعب مع الإسلام العنيف حاله كحال مبارك الذى تعامل مع الإخوان بينما السيسى يتعامل مع السلفيين وأرى أن السلفية أخطر من الإخوان فهى منبع كل التطرف والتشدد والإرهاب .
السيسى فى عداء مع الإخوان لذا لم يفتح جبهة ضد السلفيين بل غازلهم وسمح بأحزابهم وحضورهم وإعلامهم ورموزهم وكما قلت أن الخطر الداهم الذى يواجه مصر من السلفية فهم منبع كل الجماعات التكفيرية والإرهابية.
السيسى أطلق دعوة لتحديث الخطاب الإسلامى ولكنه أدرك أن هذا سيأتى بعواقب وخيمة مع الأزهر فتغافل عن ذلك ليسمح بقانون إزدراء الأديان من الحضور والتفعيل ليجر الكثير من الإسلاميين اصحاب الرؤي المتجددة كإسلام البحيرى.
أتفق معك فى ان الأمور تحتاج فى مصر إلى القوة لذا أتفق مغ رؤيتك بتواجد السيسى فيكفيه أنه منع مصر من الإنزلاق لمصير سوريا والعراق وليبيا بالرغم من تحفظى عليه أيضا فمصر لا يوجد بها قوى سياسية فاعلة ذات حضور والمتواجد يلعب على الحبال .
أهلا بعودتك للكتابة


4 - سيد زاهر هناك تعليق لمقالة لك قبل 5 اشهر
الجندي ( 2018 / 3 / 24 - 18:46 )
هناك تعليق اريد ان اقوله لمقالة لك قبل 5 اشهر فهل تسمح لي بان اذكره لك مع عرض الرابط
اتمنى ان تعطيني الضوء الاخضر


5 - تحياتى فيلسوفنا الرائع سامى لبيب
زاهر زمان ( 2018 / 3 / 24 - 19:55 )
أعتز بالطبع بآرائك السديدة فى فلسفة الأديان وماهيتها وسلبياتها وايجابياتها ، لكن اسمح لى أن نختلف على مستوى الرؤية السياسية لموقف السيسى من السلفيين ، والذى أزعم أنه موقف سياسى بحت . فى اعتقادى الشخصى أن السلفين ليس لهم من الحضور على المستى الشعبى والجماهيرى مثل ذلك الذى كان لجماعة حسن البنا ، بمعنى أنهم لا يشكلون خطراً بنقس حجم الخطر الذى كانت تمثله جماعة البنا ، فشعارهم الخضوع لمن غلب . وعموما هى مسألة وقت ، وجهد يجب على المثقفين والتنويريين القيام به للتصدى لأفكار السلفيين وتحييدها عن التأثير فى سلوكيات المجتمع ، وتلك مسئولية كل المعتدلين والمستنيرين فى مصر وفى كل الدول المناهضة للتنظيمات الاسلامية الارهابية . كمان متنساش ان السلفيين وقفوا مع الدولة والنظام ضد جماعة حسن البنا . ده شغل سياسة وكله سوف يتم فى وقته ومكانه المناسبين لمصلحة عموم الشعب المصرى . تحياتى فيلسوفنا الرائع سامى لبيب


6 - سيد الجندى أعطيك الضوء الأخضر
زاهر زمان ( 2018 / 3 / 25 - 01:40 )
آسف على تأخر الرد ، فأنا لست متفرغاً لهذا الأمر طول الوقت . تفضل بذكر ماتشاء مع عرض الرابط .
تقبل تحياتى

اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل