الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بانتظار رد طهران... أربعة مواقف 4

أفنان القاسم

2018 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


الموقف الثالث


ظنك قاعدته: نحصل دومًا على ما نريد إن عرفنا ما نفعل.

الإغواء، التذنيب، اللجوء إلى المساومة، الوقوف موقف الضحية، الحرد، التظاهر بعدم الفهم، بالبراءة، الخلخلة، الإلهاء... لمن يحرك الآخر هدف واحد: استخدامه ليبلغ مراميه.

في البدء: كان المحرِّك في الماضي في حالة ضَعف، مما أدى به ذلك إلى التحايل ما وسعه التحايل، وإلى التخطيط ما وسعه التخطيط، ليصمد و/أو ليحصل على ما كان يريد. الإخوة الكبار، الإخوة الصغار، صغار لكنهم فائقو القدرة، بإفراط في التقدير، فائقو القدرة لا لأنهم فائقو القدرة! أو كذلك أولئك الذين كان الآباء يضمنون طاعتهم، باستعادتهم "لذكائهم" أو "لنضجهم"، دون نسيان الأبناء الغائبين أو المهمَلين. الإخوة كلهم، لتتوكد "مَلَكَاتُهُم"، كان عليهم أن يراوغوا أو يحتالوا.

الناحية الإيجابية: قابلية تكيف وخفة اتصال لا بد منهما في ميدان المهنة وفي العلاقات عامة، قدرة على تحاشي الشظايا، تحطيم النزاع (وترميمه) دون أن يفطن المحادث إلى ذلك.

الناحية السلبية: لب المشكل الذي يدور حوله النزاع لا يتم التصدي له أبدًا و، بالتالي، لا يتم حله أبدًا. كل شيء خارج عن الموضوع، كل شيء حائد عن الموضوع، كل شيء تحصيل غير حاصل، من المستحيل إقامة علاقة صادقة بلب المشكل. بالإضافة إلى ذلك، يبقى المحرِّك، بأصابع الدجال التي له، أسير التصور المعطوب بوظائفه، الذي وُضِعَ في الماضي، والذي يُعمل به في الحاضر، لحاضر لا علاقة له بالماضي: يفكر أن عليه أن يكون آخر غيره، أن يبدي وجهًا ليس وجهه، أن يلجأ إلى التحايل أو إلى التملق والمخادعة لينال ما يرغب فيه. إنه تمثال ضخم بقدمين من طين، سهل التحطيم، متقلب التقدير، تقديره لنفسه.

نحو التوازن: التجرؤ على أن يكون نفسه غالبًا أكثر مما هو عليه، التقدم بشكل مكشوف عند المواجهة، محاولة تقديم حججه بوضوح، باحترام، بحزم، دون أن يحاول خداع محادثه، مع الاحتفاظ في ذهنه أن خداع الآخر يعود إلى خداع نفسه، هذا ما يستطيعه كل من يعرف بالفعل ما يفعل. ويستطيع أيضًا، نستطيع أيضًا، بصيغة الجمع، لتفادي الذاتوية، والسقوط في الأخلاقوية، لترك الباب مفتوحًا لما نستطيعه ولما لا نستطيعه، للممكن وللمحتمل، نستطيع أيضًا ممارسة صدق المشاعر نحو أنفسنا: تعيين انفعالاتنا وتسميتها دون التقليل مما نشعر أو المبالغة فيما نشعر. نستطيع فعل الشيء نفسه مع رغباتنا: ماذا نريد حقًا؟ كيف الحصول على ما نريد دون أن نخدع الآخرين؟ كيف نحول دون أن يتحول الخداع إلى وظيفة في خدمة طغمة سياسية أو مالية؟ ماذا نفعل بصدقنا؟ وهل صدقنا كافٍ لحل نزاعاتنا؟ غير أن بعض التصورات المعطوبة بوظائفها من الرسوخ كالمراسي، لا يمكن تحييدها وإزالة مفعولها دون طبيب نفساني أو رجل سياسي، يعرف الواحد كالآخر معرفة المحترف، فما بالك المخضرم من المحترفين، أن بناء البلد وبناء الإنسان لا بد من أن ترافقهما تصورات جديدة، من عجينة جديدة، بشروط جديدة.


يتبع: بانتظار رد طهران... أربعة مواقف 5 وأخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص