الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية وروسيا ونظرية -المستنقع الأفغاني-؟ ........... (ج/1) سورية في -عين العاصفة-!!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2018 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


في بعض الأحيان يكون الإنسان ـ وكذلك بعض الأمم الدول والمجتمعات ـ أسيراً لـ (تجاربه الناجحة) فيحاول إعادة تجاربه هذه مرات ومرات، كي يتمتع بنشوه النجاح نفسه مره أخرى، ناسياً أو غافلاً أو متغافلاً عن جمله الظروف التي ساهمت وهيأت له ذلك النجاح في تجربته الأولى.. وفي أحيان أخرى، يعيش مثل هذا الإنسان في وهم وغيبوبة ذلك النجاح رغم أنه أصبح شيئاً من الماضي الذي لا يمكن تكراره ولا إعادته للحياة مرة أخرى أبداً!
وفي أحيان معاكسه يكون الإنسان أسيراً لــ (تجاربه الفاشلة) فتتربي لديه عقد ومشاكل كثيرة، تؤدي إلى تراكم الفشل والاحباط عنده على كل المستويات!.
ومثل هذه التجارب الناجحة الفاشلة معاً، كما تأسر الأفراد في حبائلها تأسر أيضاً، وفي كثير من الأحيان مجتمعات ودول وأمم كثيرة، وتجعلها تعيش مخدره ـ كما نحن العرب اليوم ـ في أحلام الماضي الوردية، متناسية واقعها الحقيقي المفجع .

ويبدو أن الإمبرياليين الأمريكيين ـ ورغم تقدمهم الهائل ـ من هئولاء أيضاً، فهم لم تأسرهم تجاربهم الناجحة وحدها، إنما تجاربهم الناجحة والفاشلة معاً، قد أسرتهم واحتجزتهم في دائرتها الضيقة لسنين طويلة ومرهقه .
فتجربتهم المريرة والطويلة والمذلة والمكلفة جداً في فيتنام، قد أسرتهم بين أشباحها المخيفة لمده استهلكت منهم الربع الأخير من القرن العشرين الماضي تقريباً، وجعلتهم يحجمون عن استخدام السلاح والغزو والاحتلال المباشر للبلدان الأخرى، أو التدخل عسكرياً في أي بلد خلال تلك المدة الطويلة نسبياً، عدا بعض التدخلات البسيطة في بلدان ضعيفة جداً ومأمونة العواقب كما تصوروها، كالصومال وبنما وحتى في العراق عام 1991!!
لكن بالنتيجة النهائية قد غلبت الطبيعة الإمبريالية عند الأمريكان على التطبع المظهري بالقيم الإنسانية، التي يحاولون الظهور بها وتسويقها للبشرية جمعاء.. فتغلبوا على خوفهم وغزو أفغانستان ثم العراق، واستباحوا أراضيهما وثرواتهما وسيادتهما وكرامه شعبيهما، وأدخلوهما وأدخلوا منطقه الشرق الأوسط الكبير ـ والمنطقة العربية منه بالذات ـ بكاملها معهما ومن خلالهما، في نفق الاقتتال الداخلي والتفتت والانهيار الشامل، الذي تعيشه بلدانها وشعوبها وإنسانها اليوم على كل المستويات والصعد..
لكن، ورغم كل هذا الدمار والانهيار لذي تسبب به الأمريكان للبلدين ـ أفغانستان والعراق ـ بصورة خاصة والمنطقة العربية والإسلامية عامة، فهم قد انهزموا في العراق خصوصاً شر هزيمة، وعادت عليهم حربه بــ "عقدة" شبيهة بــ "عقده فيتنام" وذكرتهم بأيامها السوداء المضنية!*********
******
وهزيمة الأمريكان في العراق قد لا تقل أهميه من الناحية النفسية والتكلفة المادية عن هزيمتهم في فيتنام، وربما تتفوق عليها من هذه الناحية ـ النفسية والمادية ـ لسرعتها في التحول إلى (مستنقع) لا يعرفون كيفيه الخلاص منه، ولإذلالهم وجرح كبريائهم على يد المقاومة العراقيين الباسلة ـ قبل أن تتمذهب ويتحول بعضها إرهابياً ـ ولعديد خسائرهم البشرية والمادية المرتفع والمرعب فيها، رغم قصر مدتها الزمنية مقارنه بحرب فيتنام الطويلة والمكلفة والمرهقة والمهينة لهم .
*****
لكن ورغم كل هذه الخسائر الأمريكية، ومع كل هذا الخراب الذي سببه الأمريكان للعراق وللمنطقة فإنهم اليوم، وبعد أربعه عشر عاما من جريمة غزوهم للعراق، يعيودون من جديد فصلاً آخراً من فصول الجرائم الإمبريالية ضد الأمم والشعوب المستقلة، بجريمة غــــزوهــم (المقنع) لــســوريــــة العربية .

لكن السؤال الملح الذي يفرض نفسه هنا : ما هيه الأسباب الحقيقية لجريمة غزو سورية؟؟

من وجهه نظر شخصية يمكنني إرجاع هذا الغزو الإمبريالي الأمريكي لثلاثة أسباب جوهرية مترابطة ببعضها:
أولهما: النهج الاستقلالي السياسي والاقتصادي لسوريه!
ثانيهما وهو الأهم: كسر شوكه روسيا عالمياً وجعل سورية (مــسـتــنــقــعــاً) لها، كما كانت أفغانستان للسوفييت في ثمانينات القرن الماضي!
ثالثهما: الحلف المقاوم المعادي للكيان الصهيوني الذي نشأ في سوريه وحول سوريه، وشكل خطراً على هذا الكيان!
*****
ففي ما يتعلق بـ "النهج الاستقلالي لسوريه" :
فإن سوريه وعبر تاريخها الحديث ـ وبغض النظر عن النظام الحاكم فيها ـ كانت دائماً تنهج نهجاً استقلالياً سياسياً بالدرجة الأولى واقتصادياً بالدرجة الثانية، وهي بهذا تكاد أن تكون هي الدولة الوحيدة من بين دول العالم الثالث ـ قبل الحرب الإرهابية الحالية ـ التي ليس عليها (مديونيه) لأية جهة خارجيه، وغير مرتبطة أو مرتهنة لأيٍ من المنظمات الاحتكارية المالية الدولية، رغم أنها تعتبر من البلدان الفقيرة بالموارد الطبيعية .
وسوريه بلد (غير ريعي) وتعتمد بالدرجة الأساس على مواردها وقواها الذاتية، وعلى نشاط شعبها في جميع شؤون حياتها الصناعية والزراعية والخدمات المختلفة، كما أنها تمتلك بنيه تحتيه متينه تكاد أن تكون فريده من نوعها، في المنطقة العربية وفي عموم منطقه الشرق الأوسط .
والذي جعل من سوريه بهذا المستوى الرفيع بين جميع دول المنطقة العربية، هو شعبها النشيط الذي ورثه ربما عن أجداده الكنعانيين العرب.. فالشعب السوري كما أثبتت التجربة واحداً من أنشط شعوب الأمه العربية، وطبقته الوسطى هي الأخرى تعتبر واحده من أكبر وأبرع الطبقات الوسطى العربية، في التجارة والصناعة والزراعة والخدمات والوساطات التجارية، مما أهلها لأن تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد السوري بأكمله، رغم انه اقتصاد موجه من قبل الدولة .
كما وأن الطبقة الوسطى السورية النشيطة، تنتشر في جميع أنحاء العالم تقريباً وفي بلدان أميركا الجنوبية بصوره خاصه، وتحتل جاليتها فيها مركزاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعددياً مرموقاً، أهلها لأن تلعب دوراً حيوياً ومحورياً في بعض تلك البلدان، وجعل بعضاً من أفرادها يستحوذ على مناصب سياسيه واجتماعيه خطيره وصلت إلى جميع مناصب الدولة، بما فيها منصب رئيس الدولة في كثير من تلك البلدان اللاتينية!
*****
فسوريه البلد وسوريه الشعب والدولة التي تمتلك كل هذه الصفات الإيجابية الحيه، بين بلدان العالم الثالث المماثلة لها في التطور السياسي والاجتماعي، والتي يمكن لها أن تجعل من سوريه انموذجاً رائداً لغيرها من الشعوب المماثلة لها في العالم! فصفاتها الإيجابية هذه، خطيرة بجوهرها على النهب الاستعماري المعتاد لثروات الأمم والشعوب.. فلابد إذاً لسوريه من أن تكون في "عين العاصفة" الإمبريالية الصهيونية التي هبت، والتي لا زالت تهب على المنطقة العربية برياحها الصفراء، لتدميرها وتدمير سوريه وتدمير تجربتها الرائدة بالذات .

وبالإضافة إلى كل هذه الصفات الإيجابية التي تتمتع بها سوريه الدولة وسوريه الشعب، فإن الثروات النفطية والغازية التي اكتشفت مؤخراً في الشواطئ والداخل السوري وبكميات كبيره جداً، ستجعل من سوريه ـ بعد استغلالها لها ـ واحداً من كبار منتجي الطاقة في العالم.. وبإضافة موقع سوريه الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط إلى هذه الثروات النفطية والغازية، والواصل بين آسيا وأوربا، والواقع على طرق أنابيب النفط والغاز الخليجي ـ والقطري خصوصاً ـ الذاهب إلى أوربا، هو الذي جعل من سوريه حاله اقتصاديه مخيفه مستقبلاً لكل من السعودية والإمارات وقطر، وجعل هذه المشيخات تستميت في محاولاتها لإسقاط النظام السوري وبشار الأسد سوية، كي تضمن لنفسها التفوق على الغاز الروسي وسواه، والمنافس لها بقوه في الأسواق الأوربية، وكي تضمن أيضاً المنافسة السورية الشديدة في جميع مجالات الطاقة مستقبلاً، بعد تعافيها من آثار الحرب وإعادة الإعمار بهذه الثروات الهائلة المكتشفة حديثاً .
******
وبديهياً، إذا ما تزاوجت هذه الثروات النفطية والغازية الهائلة، مع امكانيات سوريه الذاتية وموقعها الاستراتيجي وإيجابيات طبقتها الوسطى وشعبها النشيط، فأنها بلا أدنى شك ستجعل من سوريه واحده من أقوى القوى الإقليمية الفاعلة في إقليم الشرق الأوسط بأكمله وربما في العالم أيضاً .
وحينها ستشكل خطراً حقيقياً وحتمياً على الكيان الصهيوني، إذا ما تركت تعيش بأمن وسلام وتواصل بناء نفسها علمياً وتكنلوجياً وصعوداً حضارياً مستمراً .
فكانت الحرب على سورية وتدميرها هي (الحل الوحيد) الممكن لدرأ خطر كل هذه الاحتمالات.. لأنها ستحول دون تقدم وتطور الشعب العربي السوري حتماً، ودون تحوله إلى تجربة رائدة في محيطه العربي والعالمثالثي .
[يـــــــتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبــــــــــــــــــــــــــــع]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا