الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد (3)

فؤاد النمري

2018 / 3 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


من لا يتعرّف على المجهودات الخارقة التي قام بها الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية للدفاع عن الوطن وسحق النازية لا يمكنه بحال من الأحوال معرفة الإشتراكية ودولة دكتاتورية البروليتاريا ؛ ولن يعرف أيضاً لماذا انتهى الاتحاد السوفياتي إلى ما انتهى إليه اليوم .
يكفي أن يعرف المرء أن الجيوش السوفياتية احتلت برلين وعددها 6.5 مليون جندياً بعد أن فقدت 9 ملايين جندياً بالإضافة إلى حوالي 15 مليون مواطناً مدنياً ؛ وفقدت من الطائرات 106400 طائرة ومن الدبابات 83500 دبابة .
الأرقام الهائلة الغريبة على الجنس البشري فيما عرف من حروب، والجهود العملاقة بوصف رجل الحرب والسياسة ونستون تشيرتشل التي بذلها المجتمع السوفياتي في الذفاع عن نفسه أمام الغول النازي الذي كان قد ابتلع كل القارة الأوروبية تطرح سؤالاً جوهرياً في مسيرة التغريب وتطور الإنساتية وهو ما عساه يكون السر وراء عملقة ذلك المجتمع السوفياتي !؟
نحن الشيوعيين البلاشفة كنا نعرف ذلك السر العجيب منذ مارس آذار 1919 حين أعلن قائد ومؤسس البلشفية فلاديمير إيلتش لينين أن الثورة الإشتراكية بات نجاحها مضموناً في العالم وأن البروليتاريا الروسية هي من يقرر مصائر مختلف الشعوب في العالم .
لم يعترف غير البلاشفة بالسر الاشتراكي وكان أول المعترفين من غير البلاشفة هو القائد المتميز للرأسمالية الإمبريالية ونستون تشيرتشل الذي خاطب ستالين في 6 نيسان ابريل 1943 يقول .. "أنا أعترف بكامل الوعي أنكم العمالقة ونحن لسنا مثلكم" ، وهو من كان أول ما يصحو من النوم كل صباح يصلي للرب أن يحفظ ستالين لأنه الوحيد القادر على حفظ السلام في العالم . وبعد تشيرتشل كان الرئيس الأميركي روزفلت الذي كتب في مفكرته قبل أن يموت في ابريل 1945 يعبر عن إيمانه .. "بأن ستالين وليس تشيرتشل هو من سيبني عالماً يسوده الديموقراطية والسلام " - هذان القائدان البارزان في الحرب وقد عرفا ستالين حق المعرفة حين تكون مصائر الشعوب قيد التقرير يكفيان لسد أفواه السفهاء الذين جندتهم البورجوازية الوضيعة للحط من قدر باني الإتحاد السوفياتي ستالين العظيم .
معاهد الدراسات الاستراتيجية في الغرب أجمعت على أن الإتحاد السوفياتي ما كان له أن ينتصر على النازية لو لم يكن اشتراكياً .
الجبروت السوفياتي الهائل في الحرب يظهر أيضاً في الحياة السلمية فخلال خمس سنوات فقط 1945- 50 استطاع الإتحاد السوفياتي أن يمحو كل آثار الحرب وأعاد البلاد إلى أفضل مما كانت عليه قبل الحرب . طبعاً أحد قادة اليورجوازية الوضيعة ميخائيل غورباتشوف لم يستطع فهم كل تلك العملقة السوفياتية وكان أن شدهته أثناء رحلته من الجنوب حتى موسكو كما قص في كتابه البريسترويكا ولم تسعفه عقليته البورجوازية سوى أن يعزو عملقة الإشتراكية إلى خديعة مفادها أن البلاشفة كانوا قد خدعواالشعوب السوفياتية وأقنعوها بأنهم سيبنون لها جنة الله على الأرض !! لم ينفِ هذا الغبي - وهو ليس أقل غباء من عرّابه نيكيتا خروشتشوف - أن الجهود العملاقة التي تحقق منها بأم عينية يمكنها أن تحقق ما هو أفضل من جنة الله على الأرض . كذلك كان هدف ستالين عندما رد على تشكيل حلف شمال الأطلسي في العام 1949 في تصريح سخر فيه من عسكرتاريا الغرب الرأسمالي قال فيه .. " نحن لن نحاربكم لكننا سنتغلب عليكم بالمنافسة السلمية " ؛ وأكد على ذلك بأن نادى إلى حملة عالمية للإنتصار للسلام وقال .. "تنتصر قضية السلام في العالم إذا ما أخذتها الشعوب بأيديها وذادت عنها حتى النهاية " . وهكذا تعلم أعداء الإشتراكية الدرس من النهج الستاليني الذي انتهج نهج السلام في العالم كشرط رئيسي لتطور الإشتراكية فسرعان ما انقلب أعداء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي إلى نهج العسكرة وألغوا الخطة الخمسية الخامسة التي مثلت الحصن الحصين للإشتراكية واستبدالها بالتسلح الكثيف في سبتمبر ايلول 1953 بعد اغتيال ستالين وتشكيل حلف وارسو في السنة التالية – لو كان غورباتشوف قد فتح الصندوق الحديدي تحت الأرض وأخفى فيه عرابه حقائق الخطة الخامسة وحظر فتح الصندوق على غير رئيس الدولة لعرف قدر غبائه وانحطاط عرابه خروتشوف وأن البلاشفة كانوا على وشك بناء جنة الله على الأرض في العام 1955 كما تؤكد الأرقام الواردة في الخطة .
بعد اغتيال ستالين بالسم في 28 فبراير شباط 1953 استولى العسكر بقيادة المخابرات على الدولة السوفياتية، دولة البروليتاريا . جميع الرؤساء السوفييت بدءاً بخروشتشوف وصولاً إلى غورباتشوف ثم الروس يلتسن وبوتين ليسوا أكثر من بيادق تحركهم المخابرات السوفياتية سابقاً الروسية حالياً، وليس أدل على ذلك من الإنقلاب العسكري في يونيو حزيران 1957 حين سحب المكتب السياسي الثقة من خروشتشوف زلمة العسكر وهو ما استوجب القيام بانقلاب عسكري إنتهى إلى طرد المكتب السياسي للحزب وتثبيت خروشتشوف في موقعه، ثم الانقلاب العسكري الآخر في العام 1964 الذي أطاح بخروشتشوف حين بدأ يبتعد عن العسكر وأحلّوا محله بريجينيف الذي نشط في تجارة السلاح مساهمة منه في تحقيق نجاح مؤامرة العسكر ضد الإشتراكية . إنتهاج العسكرة ضد الإشتراكية استلزم بيادق المخابرات وضع العالم باستمرار على شفير الحرب تشنها الولايات المتحدة على الإتحاد السوفياتي وهو ما كان يستوجب الإنصراف إلى التسلح دون انقطاع حتى كان من فضح نفاقهم وهو الرئيس الأميركي الأكثر عداء للشيوعية رونالد ريغان حين صرح يقول .. " من هو ذلك الأحمق المجنون الذي سيبدأ حرباً نووية ؟ " . أميركا كانت تبذل كل مقدراتها في الحد من امتداد الشيوعية لكنها لم تفكر يوما في الاعتداء على الاتحاد السوفياتي وليس ذلك بسبب تعقلها فهي كانت مثال الحماقة في بذل كل مقدراتها للحد من انتشار الشيوعية، بل لأنها كانت تدرك تماماً الفرق الكبير في القدرات الحربية بين الطرفين . في أميركا كانت الحرب لخدمة النظام الرأسمالي بينما في روسيا كانت الإشتراكية لخدمة العسكرة .

الدرس الرئيس الذي علمناه ماركس هو قراءة التاريخ، أن يُقرأ التاريخ كما هو قراءة موضوعية بعيداً عن الذاتوية . ليس بوسع أي ماركسي مهما بلغ منه التسطيح والاستخفاف أن يتجاهل المآثر العظمى التي حققها الشيوعيون البلاشفة خلال سلطتهم الدكتاتورية ما بين 1917 و 1953 حين أغتيل ستالين وألغيت عضوية 12 عضواً جديداً في المكتب السياسي وأخذت على عاتقها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي إلغاء الخطة الخمسية الخامسة الني كان قد قررها الحزب في مؤتمره العام في أكتوبر 1952 .
في الحرب الأهلية تحمعت كل قوى البورجوازية والرجعية القيصرية في جبهة معادية تستهدف إبادة الشيوعيين في مارس آذار 1918 فكانت النتيجة المفاجئة التي أدهشت لينين نفسه حتى أنه خطب يقول في مارس آذار 1919 أن البروليتاريا الروسية أقوى من البروليتاريا في إنجلترا وفي ألمانيا وهي التي تقرر مصائر العالم .
وتصديقاً لهذه الرؤية اللينينية استطاع البلاشفة حتى قبل أن يكون لديهم جيش مسلح أو حتى خبز يكفي لاطعام الجيش استطاعوا أن يهزموا تسعة عشر جيشاً أرسلتها الدول الامبريالية "لخنق الشيوعية في مهدها" فكان أن خنق البلاشفة كل تلك الجيوش وألحقوا بها هزيمة منكرة في العام 1921 . فكان أن تحققت الإمبريالية من أن نهايتها باتت وشيكة .
في العام 1928 طرح ستالين على الشعوب السوفياتية أول برنامج خماسي للتنمية وكان برنامجاً طموحاً جداً مما استدعى عدو الشيوعية الأبرز ونستون تشيرتشل إلى التحدي بالقول .. " إن استطاع الحالم في الكرملين – يقصد ستالين – أن يحقق نصف هذا البرنامج، أنا نفسي سأتحول إلى الشيوعية " . تحقق البرنامج في أقل من أربع سنوات كما هو معروف إلا أن تشيرتشل نكث بوعده .
في العا 1929 قرر الحزب تحقيق الحلم اللينيني الكبير الذي ظل لينين يتهيب من خطورة تحقيقه ألا وهو تحويل الزراعة الفردية وهي مفرخة الإنتاج البورجوازي إلى الزراعة التعاونية حيث يتم تعويم ملكية الأرض وهو خطوة حاسمة في بناء الإشتراكية ووصفه الحاقدون بخطوة لا يمكن الرجوع عنها (Irrevocabe) فكان أن أنجز الحزب كل ذلك المشروع الضخم في أقل من ثلاث سنوات . وهو ما استدعى ستالين الجبار لأن يستهول الأنجاز .
في العام 1936 بينما كانت الدول الغربية ترزح تحت أزمة طاحنة تصطف شعوبها في طوابير طويلة لتناول وجبة من حساء الشوربة الفقيرة كانت الشعوب السوفياتية تمرغ في بلهنية العيش كما تحدثت الصحافة الأميركية .
(يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فلنراها بهذا الشكل
محمد البدري ( 2018 / 3 / 30 - 19:05 )
مساء الخير صديقي العزيزالاستاذ النمري

إذا كانت الوطنية هي القضية الاولي في عقل الفرد قبل وعي الانسانية بالتنظيم الطبقي للشعوب فان الارتكاس لها ليس خيانة بقدر ما يمكن احتسابه فشل في الانتشار الوعي الطبقي عالميا وبالتالي اصبحت الثورة متحوصلة في وطن نضجت فيه الظروف علي حدة دون باقي المجتمعات، او لنقل لعدم وصول الرأسمالية بكل زخمها المالي والعمالي الي ما دون مجتمعات الصناعة,

تحياتي ومودتي ووافر احترامي


2 - عمت مساء أيها الخل الوفي
فؤاد النمري ( 2018 / 3 / 31 - 21:31 )
أنبيك أن الحرب ألتي خاضها الاتحاد السوفياتي ضد النازية وكانت أكلافها تتعدى كل المقاييس البشرية يحضرني منها 25 مليون مواطن و 106400 طياره و 83500 دبابة سموها -الحرب الوطنية- وهو ما يعني أن جميع طبقات المجتمع شاركت في الدفاع عن الوطن
وهكذا لا يمكنني أن أنكر على الإنسان مشاعره الوطنية
ما أنكرته هو تحول الأحزاب الشيوعية إلى أحزاب وطنية بعد أن فشلوا كشيوعيين
هربوا إلى الوطنية كيلا يمارسوا النقد الذاتي في حين لم يعد هناك أي معنى للوطنية
الوطنية تكون عندما يكون هناك أعداء للوطن وفي الأوضاع الدولية القائمة ليس هناك أعداء للوطن غير روسيا بالنسبة لى سوريا والجزائر وهو استكمال لعداء البورجوازية الوضيعة الروسية للشيوعية
وعداء ملالي ايران للبلدان العربية بقصد تشييعها
مثالي لك هو الحزب الشيوعي المصري وخلفه أحزاب شيوعية واشتراكية جميعها تنضوي في دعاوى إصلاحية فيما الإصلاح غير ممكن

تحياتي الخاصة للصديق البدري


3 - اؤيدك تماما
محمد البدري ( 2018 / 4 / 3 - 00:45 )
الاصلاح لم يعد ممكنا في مصر، هذه مقولة صحيحة تماما لاسباب هي ذاتها الاحزاب نفسها ساهمت فيها وستجد فيها مبررها لما تمارسه الان من كتابات هي الخيابة بعينها ومن نشاط لا قيمة له إذا امكنها ان تتحرك خارج كرسي العجل الذي تجلس عليه. فشروط وجودها منعدمة فلا طبقات بالمعني العلمي ولا رأسمالية بالمعني الانتاجي ولا عمالة بالمعني البروليتاري. فالوضاعة تشمل الجميع. لهذا فالبحث عن البيئة الصالحة لامكان انبعاث الثورة في اماكن اخري من العالم بات ضرورة.

تحياتي ومع كل مودتي واحترامي العميق لثباتكم علي المبدأ


4 - العجز الوطني
فؤاد النمري ( 2018 / 4 / 3 - 07:25 )
الصديق العزيز محد البدري
ها أنت يا صديقي ترى العجز ماثلاً أمام عينيك ولات من يحاججك
أما حجتي فقد انبثقت من مبدأ ماركسي يقول بوحدة العالم
تلو انتصار الإتحاد السوفياتي في الحرب نهضت قوى التحرر الوطني 1946 - 1972 تفك الروابط مع مراكز الرأسمالية مؤملة أن تبني اقتصادها الوطني بمساعدة من المعسكر الإشتراكي
لكن المعسكر الاشتراكي كان قد بدأ يخون النهج الاشتراكي في الخمسينيات
المصريون خاصة لمسوا الفرق بين الاتحاد السوفياتي ينذر دول العدوان الثلاثي بما وصفته الصحف الصرية بإنذار بولغانين الرهيب في ليلة 6 نوفمير56
وبين وقوف الاتحاد السوفياتي يتفرج على ناصر ينهزم في حرب 67

خيانة الاتحاد السوفياتي للإشتراكية في الخمسينيات تسبب بانهيار ثورة التحرر الوطني العالمية في السبعينيات وكان أول المنهارين انور السادات إذ كان هو أول من اكتشف انهيار الثورة الاشتراكية وكان يسيء تفسير الانهيار بوصف القادة السوفيات بالأغبياء
الأزمة في مصر هي نفسها الأزمة في امريكا وفي روسيا وفي البرازيل
قال لنا ماركس أن العالم قد غدا وحدة واحدة في حضن النظام الرأسمالي
والقول ما قال ماركس

للصديق العزيز البدري تحياتي الخاصة


5 - خريطة سهلة باتت اكثر سهولة واشد تعقيدا مع العولمة
محمد البدري ( 2018 / 4 / 3 - 12:09 )
شطر ماركس العالم الاجتماعي الي شطرين ملاك ومأجورين. الاول يملك والثاني يبيع ما يملكه. يتداولان الثروة عبر عملية جدلية قوامها العمل بيعا وشراءا لكنها تتراكم في اتجاه واحد. هذه المعادلة ممتدة طوال التاريخ في بقع منفصلة وجزر متباعدة اسمها الاوطان بحدودها الجغرافية والسياسية والثقافية واللغوية. بعض هذه الجزر اصبحت اقرب الي صناديق القمامة وبعضها لازالت الجدلية تعمل بكل قواها.

وحسب الطرح في جميع ما كتبته فقد خان البعض ثورته في جزيرة لم تكن هي ما توقع ماركس ان تنشا فيها الثورة، بافتراض ان الثورة التي ستحل مشكلة التاريخ الانساني الطويل قابلة للحل في بضع سنين لاتزيد عن العشرة. ففيروس الفشل إذن كان كامنا فيها، وبالتالي اين حل معضلة ماركس بخريطته السهلة والبسيطة؟

العزيز النمري اليك اجمل تحياتي واحترامي

اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري