الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطور الوضع الاقتصادي والسياسي العالمي في ظل الزحف الامبريالي متعددة الأقطاب

عبد السلام أديب

2018 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


1 - لا يمكن اليوم تحليل الأوضاع الاقتصادية والسياسية لأي بلد أو جهة أو قارة بمعزل عن تحليل تطور الوضع الاقتصادي والسياسي العالمي في ظل الزحف الامبريالي متعدد الأقطاب. فما كان سائدا قبل سنة 1991 أي قبل انهيار الاتحاد السوفياتي وما كان يمثله من انقسام الإمبرياليات العالمية الى قطبية ثنائية متوازنة الى درجة ما، وحيث كان يمكن تحليل تطور الأوضاع الاقتصادية والسياسية الداخلية لمختلف البلدان على أساس روابطها بهذا القطب أو ذاك. لكن مع انهيار المعسكر الشرقي انهارت الثنائية القطبية وبدأت مرحلة جديدة من فوضى التعددية القطبية حيث أصبحت لكل امبريالية استراتيجيتها الاقتصادية والسياسية الخاصة والتي تتناقض مع استراتيجيات باقي الإمبرياليات المتنافسة. ونظرا لتعمق الازمات الاقتصادية والسياسية في ظل التعددية القطبية فقد باتت مخاطر الحرب على الأبواب تماما كما كان عليه الوضع قبيل اندلاع الحربية العالميتين الأولى والثانية. ونظرا لأن الضحية الأساسية لهذا الاستقطاب والتنافس الدوليين هي الحركة العمالية العالمية، فإنها تبقى القوى الاجتماعية والسياسية الوحيدة القادرة على استجماع قوتها لاسقاط الهيمنة الامبريالية ونمط الإنتاج الرأسمالي الذي تقف عليه.

2 - لقد مرت الآن أكثر من 100 سنة، حينما كتب لينين مقالته "الأزمة أصبحت ناضجة" (لينين، الأعمال، المجلد 26) والذي انتقد فيه رفاقه في اللجنة المركزية في قيادة الحزب البلشفي والذين اعترضوا على قيادة انتفاضة مباشرة (المرجع السابق الصفحة 76)، فقد كتب لينين : "في هذه الظروف، أن ننتظر مؤتمر السوفيتات، سيشكل خيانة أممية، خيانة مبرر الثورة الاشتراكية الدولية، لأن الأممية لا تتمثل في الكلام، وفي التعبير عن التضامن، وفي المقررات، وانما في الأفعال" (المرجع السابق الصفحة 75).

إن مئوية انتصار ثورة أكتوبر تستدعي، تأمل التجارب السابقة، وآفاق انطلاقة جديدة للصراع الثوري من أجل الاشتراكية. فالوضعية الحالية في العالم، وتعمق الأزمة الرأسمالية دوليا، وتعدد بؤر الحروب والنزاعات، التي تفجرها التعددية القطبية للإمبرياليات، وتهديد نمط الإنتاج الرأسمالي لأسس الحياة الإنسانية من خلال تدميره للبيئة – كل هذا يدفع الإنسانية نحو التحرر الوطني والاجتماعي، والى القابلية الواقعية لمتابعة طريق التحرر نحو الاشتراكية الدولية.

3 – لا شك أن حدوث قفزة نوعية جديدة في النضال الثوري من أجل الاشتراكية والشيوعية عبر العالم تتطلب قوة، تكون أعلى من رأس المال المالي الدولي المهيمن بدون شريك ونظامه الامبريالي العالمي. ولا يمكن أن يتحقق ذلك سوى عن طريق أممية بروليتارية وثورة بروليتارية، وعبر تحالف البروليتاريا الدولية مع الجماهير الواسعة من الفلاحين الصغار والمتوسطين، ومع الانتلجانسيا البرجوازية الصغرى ونضال الأمم والشعوب المناهض للإمبريالية المتعددة الأقطاب حاليا.

فالنظام الامبرياليي النيو كولونيالي ما فتئ ينتج الأزمات التي تتطور وتعيد النظر بشكل مأساوي في مستقبل وجود الإنسانية. ونلاحظ اليوم أن هذا الميل القوي نحو انتاج الأزمات اتخذ نوعية جديدة. حيث تفضح الطبيعة الرجعية للإمبريالية داخليا ودوليا. ومن أبرز سماته دخول اليمين المتطرف العنصري الفاشي الى مسرح الأحداث السياسية، حيث تمكن بوسائله الخاصة المشبوهة من تشكيل عدد من الحكومات عبر العالم ومن هذا الموقع تشهد مختلف الشعوب انحرافا لا إراديا نحو اليمين رغم احتجاجاتها على هذا الانحراف. في ظل سلسلة من الانتخابات البرلمانية البرجوازية تنعكس أيضا كيف يتم التلاعب بعنف قل نظيره في الماضي القريب بالرأي العام عبر التكريس القسري للميولات الصارخة نحو اليمين بين الجماهير.

4 - يحدث كل ذلك في تفاعل مع سيرورة الفكر التقدمي على المستوى الدولي، والذي يسجل ولادته الجديدة أولا على أساس نقد الشروط الامبريالية متعددة الأقطاب التي تفرزها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1991 وثانيا من خلال نفور الجماهير المتزايد من انعكاس السياسات العدوانية لهذه الأخيرة. وثالث من خلال بحث الجماهير المتزايد في العديد من البلدان عن بديل اجتماعي يتضمن ميولات نحو الاشتراكية.

ومع ذلك لا زالت أفكار البدائل الاجتماعية الاشتراكية تتأثر سلبا بين الجماهير الواسعة بأوهام الإصلاحية لليسار التحريفي. وتؤكد الأحداث السياسية الأخيرة مثلا في بعض البلدان الأوروبية كفرنسا واسبانيا وبولونيا أوالافريقية كالمغرب وتونس ومصر والطوغو وجنوب افريقيا والآسيوية كالهند والبنغلاديش والأمريكية كالبرازيل وحتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية على تزايد ردود الفعل الاجتماعية الطبيعية كجواب على سياسات الحكومات اليمينية الفاشية عبر تزايد النضالات الطبقية للعمال والنساء والجماهير الشعبية المسحوقة وتعدد مطالب البدائل الاقتصادية والتحرر والكرامة الإنسانية والمساواة في الحقوق والحريات وفصل الدين عن الدولة.

5 – الأزمة الاقتصادية والمالية، التي انفجرت سنة 2008، كانت عميقة جدا وذات آثار كونية. ولا زال النقاش مستمرا حول مدى انتهاء هذه الأزمة سنة 2014 أو كونها لا زالت مستمرة. لكن لا يمكن لأحد أن يجزم بحدوث استقرار في النظام الامبريالي متعدد الأقطاب. فالعالم يعيش تطورا في التعددية القطبية والتي ما فتئت تعمق مخاطر الحرب العامة. وفي ظل الصراع الامبريالي من أجل الهيمنة على السوق العالمي ودوائر النفوذ تحدث تحولات مهمة في السلطة.

6 -وكتفسير لسيرورة عنف الحكومة العنصرية والرجعية الفاشية لدونالد ترامب فيبدوا أنها تقوم على قاعدة مادية تتمثل في تراجع هيمنة الامبريالية الامريكية على السوق العالمي. وقد نتج ذلك عن فشل استراتيجيتها التي اسستها على ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير. كما استطاعت الصين إزاحة الولايات المتحدة الأمريكية عن زعامة السوق العالمي في عدة مجالات. أما البلدان الامبريالية القديمة في أوروبا واليابان والتي ظهرت كما لو كانت تشكل مع نهاية الأزمة الاقتصادية والمالية سنة 2014، في لحظة ما، محرك الاقتصاد العالمي، فبدأت تبدوا عليها مظاهر واضحة من التراجع. وقد بدأ معدل الإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة الأمريكية بالانخفاض منذ الربع الأخير من سنة 2015. لكن في يونيو 2017 بلغ بمعدل 99,7 % مستوى ما قبل الأزمة. أما الإنتاج الصناعي في مجموعة الاتحاد الأوروبي في مايو 2017 الذي بلغ في 5,9 % فيقل عن مستوى ما قبل ازمة 2008-2009. وباستثناء ألمانيا، هناك بلدان امبريالية أوروبية توجد بشكل واضح تحت مستوى ما قبل الأزمة. حيث هناك 14 دولة من بين 34 عضو من مجموعة التعاون والتنمية الأوروبية (OCDE) لا تزال تحت المستوى الأقصى المسجل قبل اندلاع الازمة الاقتصادية والمالية العالمية لسنة 2008، من بين هذه البلدان اليابان بنسبة 85,5 % في مايو 2017، وبريطانيا بنسبة 89,4 % في ابريل 2017، وفرنسا بنسبة 89,8 % في مايو 2017، وإيطاليا بنسبة 78,2 %، وإسبانيا بنسبة 75,8 % ... الخ. وفي الربع الأول من سنة 2017 بلغ معدل الإنتاج الصناعي لمجموعة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) 99,4 % بالضبط من المستوى الأقصى لما قبل الأزمة الاقتصادية والمالية 2008-2014، وحتى بالنسبة للصين فإن معدل نمو الإنتاج الداخلي الخام قد سقط خلال هذه السنة. فالنمو المتناقض يعمق المنافسة الدولية والتناقضات السياسية ما بين الإمبرياليات.

7 - مستوى نمو بلدان البريكس BRICS (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب افريقيا) والميست MIST (المكسيك، إندونيسيا، كوريا الجنوبية، تركيا)، والذي عرفا تطورا ملحوظا خلال الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، على حساب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان، وحيث انتقلت حصتها في ال 500 شركة الأكبر ذات الاحتكارات الدولية النشاط، من 32 سنة 2000 نحو 141 سنة 2015. وقد حققت هذه البلدان (البريكس والميست) وفي مقدمتها الصين باعتبارها القوة الأكبر في هذين التجمعين، التفوق الجهوي، ضد دوائر النفوذ السياسي والاقتصادي الحالية للقوى الامبريالية القديمة. وتشكل البرازيل خامس أكبر دولة في العالم مع سابع أكبر اقتصاد عالمي والحادي عشر أكبر ميزانية عسكرية، وقد استعانت بالكتلة الاقتصادية الميركورسور Mercorsur لهذا الهدف.

كما مددت جنوب افريقيا هيمنتها على القارة الافريقية، وسيطرت على احتكارات القطاع المنجمي لإفريقيا الجنوبية وتستغل أيضا دولا أخرى وعمالا آخرين بجنوب افريقيا. وفي القارة الافريقية تتنافس كل من الصين والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الأوروبي عبر وسائل وتدخلات عسكرية عنيفة على الخصوص من أجل الحصول على نفوذ أكبر في القارة الافريقية وتتنافس على الخصوص من أجل الهيمنة على مصادر القارة الافريقية الأولية وتسخير مواردها البشرية. كما تتصارع كل من إسرائيل وتركيا وايران والعربية السعودية والامارات العربية المتحدة فيما بينها وفي مواجهة الإمبرياليات القديمة من أجل الهيمنة الجهوية في الشرق الأوسط وفي شمال افريقيا. لكن مع ذلك فإن القاعدة الاقتصادية لبلدان البريكس BRICS والميست MIST بدأت منذ سنة 2014 تفقد قوتها. حيث توجد البرازيل منذ 2015 في أزمة اقتصادية. كما تراجع مستوى انتاجها الصناعي في نهاية 2016، بنسبة 18,5 % أي بمعدل أقل مستوى ما قبل الأزمة. وقد تواصل هذا التراجع، فيما بين يناير وأبريل 2017، حيث انخفض مرة أخرى بنسبة 0,7 %.

8 - بعد وفاة ماو تسيتونغ سنة 1976، أعاد التحريفيون الجدد تحت قيادة دينغ سياو بينغ Deng Xiaoping الرأسمالية في جمهورية الصين الشعبية، حيث تموقعت الصين بسرعة كرأسمالية احتكارية لدولة بيروقراطية من نوع جديد وبسياسة خارجية عدوانية. لأجل ذلك فإن جمهورية الصين الشعبية أصبحت مؤهلة من خلال سلسلة من المنظمات الأعضاء، أن تصبح بلدا اجتماعيا امبرياليا، يعمل على التوسع تحت مبرر "الاشتراكية". وفيما بين 2001 و2015، تزايد الناتج الداخلي الإجمالي للصين من 4,5 % الى 15,4 %. وخلال الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية لسنة 2008 – 2014، فإن الامبرياليين الصينيين أصبحوا من بين أكبر المستثمرين في مشاريع البنيات التحتية في افريقيا.

واعتمادا على برنامجها "صنع في الصين 2025"، شرعت الصين في تعديل استراتيجيتها التوسعية من أجل تجاوز المنافس الرئيسي، الولايات المتحدة الأمريكية. ومن أجل أن تضمن على المستوى العسكري تطلعها لكي تصبح قوة عالمية، بنت الصين أكبر جيش في العالم: حوالي 2,3 مليون جندي يحملون السلاح، وتتوفر حاليا على أكثر من 160 صاروخ بالستيكي balistiques عابر للقارات. يتضمن كل واحد منها من 10 الى 12 رأس نووي متفجر، وبامكانها أن تصل الى مدى 14.000 كيلومتر، كما يمكنها أن تضرب أي منطقة في الكوكب. ويستهدف الحلف العسكري لمنظمة التعاون شانغهاي، تحت إدارة القوى النووية، الصين وروسيا، على الخصوص تعديل التوازن في مواجهة الحلف الأطلسي. وقد اعترف دونالد ترامب في الولايات المتحدة الأمريكية بأن الصين تشكل منافسها الرئيسي في الصراع من أجل الهيمنة العالمية. وفي 28 يوليوز 2017 عند نشر آخر لائحة لثروات ال 500 شركة احتكارية عظمى لسنة 2016، لوحظ تزايد عدد الشركات الاحتكارية العظمى الصينية التي انتقلت من 103 سنة 2015 الى 109 سنة 2016.

لكن الولايات المتحدة الأمريكية التي لا زالت المتسبب الرئيسي للحروب المشتعلة في العالم، لا زالت تشكل القوة العسكرية الأعظم في العالم. فخلال سنة 2016 فقط، ارتفعت قيمة نفقاتها العسكرية نحو 611 مليار دولار أمريكي. وتشكل هذه القيمة أكثر من ثلث النفقات العسكرية العالمية. تتوفر على 700 رأس نووي متفجر، وهيمنت سنة 2015 على 45 % من المجموع العالمي. مع الإشارة الى أن الحلف الأطلسي يتوفر على 3,2 مليون جندي.

9 - ينشر عدد من اقتصاديين برجوازيين كتابات دعائية، انطلاقا من تفاؤل ظرفي، حول إمكانية حدوث نمو في الاقتصاد العالمي لفترة طويلة. فرئيس مكتب الاستثمارات مدير شركة بيمكو Pimco الألمانية، "أندرو بوسم وورث"، يتوقع أنه: "في مارس من السنة المقبلة، ستشكل الانطلاقة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية الفترة الثانية الأكثر طولا منذ الحرب العالمية الثانية تصل الى 107 شهر". ويبني توقعه هذا على أساس مقارنة الفترة الحالية مع سنوات ما قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية ويدعي أن: "النمو الاقتصادي اليوم هو أكثر استقرارا مما كان عليه الشأن خلال سنوات 2003 – 2006".

وفي الحقيقة فإن النمو كان أكثر ارتفاعا خلال تلك الفترة مما هو عليه الأمر اليوم. فالإنتاج الصناعي لدول مجموعة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE تزايد الى غاية سنة 2007 متجاوزا بنسبة 12,6 % المستوى السابق الأقصى، أي قبل اندلاع الازمة الاقتصادية العالمية لسنوات 2001 الى 2003، بينما بلغ الإنتاج الصناعي اليوم بصعوبة من جديد هذا المستوى.

لكن الظاهرة الأبرز حاليا هي تفاقم المديونية على الخصوص. "فالمعهد الدولي للمالية" الذي يوجد مقره المركزي في واشنطن، يقدر بأن المجموع العالمي لمديونية الدولة، والمقاولات والمديونية الخاصة ارتفعت خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2017 الى 217 مليار دولار أمريكي. ويشكل هذا المبلغ 327 % من الناتج الداخلي الخام العالمي، أي أكثر ثلاث مرات من المردود الاقتصادي السنوي العالمي. وفي سنة 2007، قبل انفجار الأزمة الاقتصادية والمالية، كانت هذه المديونية تصل الى 149 مليار دولار أمريكي. كما بلغ معدل مديونية الدولة 88 % في المتوسط من الناتج الداخلي الإجمالي. من هنا يمكن حساب مديونية الدولة عالميا بمبلغ 58,4 مليار دولار أمريكي. ومع مديونية الدولة المرتفعة هذه أصبح من المستبعد امكانية تدبير الأزمة العالمية إذا ما حدث انفجار جديد لازمة اقتصادية ومالية عالمية، نظرا لغياب الوسائل، وافلاسات ميزانيات الدولة التي قد تستتبعها. فهناك إذن مخاطر سياسية ومالية مع تزايد المديونية بالنسبة لميزانيات الدولة والأبناك، وفقاعة المضاربة .. الخ. وكلها عوامل تساهم أكثر في وضعية عدم الاستقرار.

10 - بلغت الرسملة العالمية في البورصة في شهر غشت 2017 رقما قياسيا جديدا ب 79.832 مليار دولار أمريكي. علما أن قمة الرسملة في البورصة قبل اندلاع الازمة الاقتصادية والمالية العالمية ارتفعت خلال شهر أكتوبر 2007 الى 63.045 مليار دولار أمريكي، وقد تم تجاوز هذا الحجم اليوم بحوالي 25 في المائة. ويشكل التمدد الانفجاري للرأسمال المضارباتي عامل آخر في زيادة عدم استقرار الاقتصاد العالمي.

وفي نفس الوقت، تتسارع معركة التدمير من أجل الهيمنة على السوق العالمي انطلاقا من خلفية أزمة بنيوية دولية مزمنة، على شكل تدمير مستمر لرأس المال منضبط نسبيا. ويتجلى ذلك من بين أشياء أخرى من خلال الزيادة المحسوسة في الاندماجات بين الشركات عابرة للأوطان وتملك جديد للشركات الأضعف، حيث انتقلت من 735 مليار دولار سنة 2015 الى 831 مليار دولار سنة 2016، وهي أعلى قيمة منذ سنة 2007. وتبدوا ملامح أزمة بنيوية جديدة في البلدان الصناعية في قطاع السيارات ناجمة عن التحول من المحرك الانفجاري الى المحرك الكهربائي. حيث تتوقع النقابات الدولية، أن هذا التحول سيؤدي الى تدمير 2,7 مليون منصب شغل في قطاع السيارات، والتي تبلغ حاليا 9 مليون منصب شغل.

كل هذه التحولات تشكل عوامل، تحضر بشكل حتمي لانفجار أزمة اقتصادية ومالية عالمية جديدة. وعلى الحركة العمالية العالمية أن تحضر نفسها لهذا التطور وتأخذ بعين الاعتبار وحدة القضية الاجتماعية والاقتصادية في عملها.

11 – تطور الاقتصاد الدولي لا يمكن فصله عن التطورات والتحولات الأساسية الجديدة في النظام الامبريالي العالمي في مجموعه. فهناك العديد من التحليلات العمالية المهمة، حول كيف تتعمق مخاطر الحرب والوضعية المناخية الدولية؟ وكيف يتم القاء أعباء الأزمة على كاهل العمال؟ وكيف تتقدم النزعة الفاشية داخل أجهزة الدولة؟ وكيف أصبحت النساء تتعرضن للاضطهاد الرجعي ... الخ.

12 – حاليا في كوريا وأوكرانيا والشرق الأوسط، تتطور مخاطر حروب محلية، وتعكس هذه المخاطر، تفاقم التناقضات بين الإمبرياليات المتعددة القطبية وأن السلام العالمي أصبح موضوعا أمام رهان حقيقي. وترسم الامبريالية الأمريكية كأول مفجر للحروب في العالم خطها العدواني الاستفزازي اتجاه كوريا الشمالية، حيث هدد دونالد ترامب علنا بتدمير هذه البلاد، والذي قد يتسبب في موت الملايين من الجماهير الكورية. وقد قدم رئيس الولايات المتحدة اأمريكية دونالد ترامب في 19 شتنبر 2017، أول خطاب له أمام "الأمم المتحدة". ومثله مثل جورج بوش جونيور تحدث عما يسمى بالدول المارقة مشيرا على الخصوص الى كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا وكوبا. فالدول التي لا تخضع لإرادة الولايات المتحدة الامريكية تبقى دائما دولا مارقة بالنسبة للإمبريالية الامريكية.

كما أكد جيمس ماتيس James Mattis وزير الدفاع الأمريكي في احد اجتماعات "جمعية جيش الولايات المتحدة الامريكية" في 9 أكتوبر 2017، بأن الجيش الأمريكي يجب أن يضمن، بأننا مستعدون لجميع الخيارات التي سيقررها رئيسنا عند الحاجة". فقد استند على كلمة ترامب في 6 أكتوبر أثناء انعقاد اجتماع مع الإدارة العليا العسكرية والمصالح السرية. فقد قال في كلمته: "أنتظر منكم التوفر على لوحة واسعة من الاختيارات العسكرية، وبسرعة ان كان ذلك ضروريا". كما صرح في 13 أكتوبر، أنه سينهي الاتفاق النووي مع إيران المبرم سنة 2015، "لأن ذلك سيؤجج نزاعات، الذعر والتحريض في الشرق الأوسط وما وراء ذلك". كما أن الجماهير في الشرق الأوسط لم تنسى، أن امبريالية الولايات المتحدة الأمريكية، هي من أقام ديكتاتورية الشاه بواسطة انقلاب سنة 1953، وأنها هي التي ساندت العراق في حرب الخليج سنة 1980 – 1988 وقادت حملة متواصلة ضد ايران خلال العقود الأخيرة. فالولايات المتحدة الأمريكية خربت الشرق الأوسط مع سيرورة تطلعها الى الهيمنة العالمية ومع تقدم التحرشات العدوانية الموجهة ضد ايران وأيضا ضد منافسيها الصين وروسيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير