الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوهام ديمقراطية .. (2)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2018 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أعتقد أن طَلّب الديمقراطية يجب أنْ تصوغَهُ هممُ النُخَب الحقيقية للمُجتمع ، و تطرحه في الوقت المناسب ، كي تُوقّع عليه الظروف الناضجة للواقع العقلي فيه ، وليس هو نتاج عنف أصحاب النّوايا الحسَنة من الغوغاء أو شغب الفقراء الجهلة من ذوي الأحلام الساذجة بالعدالة الإجتماعية ..
أنا أزعم أن النظام العملي الأقرب والأصلح - حالياً - للواقع الشرقي هو نظام الصفوة أو النخبة ..
لقد عرفت بعض القواميس الإنكليزية بشكل عام كلمة (النخب Elite ( بأنها أقوى مجموعة من الناس في المجتمع وهي أنواع منها المعرفية أو الاقتصادية ..الخ
أما موسوعة الويكيبيديا الانكليزية ، فتقول لنا بما مَعْنَاه ، أن فحوى كلمة النخبة يعني طبقة معينة أو شريحة منتقاة من أي نوع عام ...
والنخبة تتألف من مجموعة صغيرة من الأشخاص ، لهم قدرة أكثر من غيرهم ، ولديهم السيطرة على موارد مالية ضخمة وقوة سياسية تأثيرية كبيرة. وهم يتفوقون في مجالات عملهم في (مباراة الحياة) على حدّ تعبير العالم الاقتصادي الاجتماعي " باريتو " صاحب المقولة الشهيرة " التاريخ هو مقبرة من النخب أو الطبقات الأرستقراطية...
و الذي رأى أنها - أي النُخَبْ - تأتي بمعنى قدرة هؤلاء المُتفوّقين على ممارسة وظائف سياسية أو اجتماعية ، تخلق منهم طبقة حاكمة ، ليست بحاجة إلى دعم وتأييد جماهيري ، لأنها تقتصر في حكمها على مواصفات ذاتية تتمتع بها ، (كالملكية مثلاً ) وهذا ما يُميّزها ويؤهلها لخلق ذاك الدعم وصنع ذاك التأييد ، لكونها تضم بالضرورة قادة الرأي العام والمؤثرين فيه والذين يُشكّلون اتجاهات وتوجهات المجتمع بشكل عام .."
و النخب - في إعتقادي - لا تتكوّن جملةً واحدة أو تزول كليةً بقرار من أحد مهما علا شأنه أو كان تأثيره .. إنها نتاج زمن متوالٍ وتراكم يختلف من مجتمع لآخر ، كما وأن تأثيرها (أي النخب ) يحدث نتيجة التراكم لأحقاب من الخبرة والصراع الاجتماعي ، وتقدّم للوعي الكلي في بنى المجتمع ، أي هي بمثابة عصارة مكثفة جداً لخبرات الأجيال المتوالية ، وصفوة لعملية فكرية كلية قد تمتد من أجل تكوين بناها الواضح في المجتمع لقرون عديدة ....
قصارى القول ..
مازال يتكرَّسُ في ذهني إعتقاد قديم تهوى نفسي مخالفته دوماً ، ألا وهو :
أن الشعوب التي تفتقد إلى نُخَبٍ مَعرفيةٍ وسياسية ذات كاريزما حقيقية ، لا يُمكنها أن تقوم بثورات أو تغييرات مصيرية كبرى ، بل أقصى ما تفعله هو مُجردَ خرائب رعب وفوضى متوحشة ، وإصطناع دوائر عنف جديدة ..
ولن يكون بمقدور نجاحها - ان حصل وقامت بثورة - سوى تقسيم السجن الكبير إلى سجون أصغر لكن أقسى ..
حيث لن يكون - حينئذٍ - هناك سلطة لدولة أو نظام ، بل مُجرد فوضى عارمة و فصائل لعصابات متناحرة يُستفاد من حراكها عادةً ، في تقليل عديد السكان وتفتيتهم أكثر فأكثر ، عبر فضيلة ما يسمى بالموت المحمود (الشهادة حسب معتقديها ) أو رذيلة الهجرة الأليمة . ..وهي خيار العقلاء الثاني ، خاصة إذا نفذ خيارهم المُعْتاد ألا وهو الصمت ..
ثم يتم بعدئذٍ تقديم ما تبقى من الوطن قرباناً للآخرين ، أو جعله ساحة خدمات للشعوب المُجَاورة ، التي غالباً ما تكون بانتظار توزيع العَزَاء وتقسيم الغنائم ..
صفوة القول ما أنشدتُ يوماً حول ثورات الصقيع العربي :
وثورةُ الجّاهلين إذ نَشبَتْ فَكلّ شِعَارَاتها عَجَبُ
للحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر