الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع المعتقلات العربية في رواية -الآن ...هنا- عبد الرحمن منيف

رائد الحواري

2018 / 3 / 29
الادب والفن


واقع المعتقلات العربية في رواية
"الآن ...هنا"
عبد الرحمن منيف
احيانا نجد انفسنا نميل إلى أعمال أدبية التي نشرت في القرن الماضي، لما أحدثته فينا ـ حينها ـ من أثر، ولما اعطته من معنويات وأفكار على ضرورة مواجهة الظلم، وعدم البقاء على الحياد، ول "عبد الرحمن منيف" مكانة خاصة عند المثقفين العرب، فهو أول من تحدث عن الاعتقال السياسي روائيا، وبعد أن نجحت رواية "شرق التوسط" وأصبحت المرجع الذي يستند إليه السياسي في مواجهة النظام ووسائل القمع، قدم لنا هذه الرواية التي تعد أيضا من أهم الأعمال التي تعري النظم الرسمي العربي، خاصة في طريقة تعامله مع المعارضين، الراوي يحدثنا عن العديد من السجون التي تنقل إليها، والطريقة الوحشية اتي يعامل بها السياسي، وطريق التعذيب المتنوعة والمتعددة التي تستخدم لترويض المعارضين، ونجد فيها وصف دقيق لمكان التعذيب والأدوات والوسائل التي يستخدمها الجلاد: "...رائحة البول، والروائح الأخرى، التي تملأ المكان؟، ...فقد تصورت أن هذا المكان هو الذي يبول فيه الحرس! أما حين انتهوا، وبعد أن تركوا بقعة كبيرة من البول، فقد جررت إلى المربط رقم ثلاثة، ربطت إلى الجدار، وكانت المساحة التي يمكن أن اتحرك فيها لا تزيد عن طول السلاسل، هنا يجب أن أكون! ليس فقط للوقوف، وإنما للنوم والأكل، وأي شيء آخر. ثلاثة أيام في نفس الموقع" ص313. ونجد أيضا وصف مكان الاعتقال: "...كنا ونحن ننزل الدرج، أشبه بالجنازة، الصمت، ما عدا رنين السلاسل، والارتباك، خاصة مني، إذ لا اعرف كيف أنقل خطواتي، وهم يتقدمون وينظرون، الظلمة تزداد وتتكاثف خطة بعد أخرى" ص312، فالمكان غير لائق حتى لتخزين الطعام أو حتى لمبيت الحيوانات، ونجد بعض المعتقلات "القليعة" الذي يحتاج الوصول إليه إلى أكثر من عشرة أيام، كإشارة إلى بعده عن المدينة وإلى عدم توفر أي احتياجات في وقتها، والأهم من كل هذا ان الراوي اعطا الحرية الكاملة لكافة الشخصيات السلبية والإيجابية لتحدث بصوتها هي، فنجد النقيب السجن يكتب الشعر ويرى في نفسه شاعرا يقول: "للشعر طقوس يجب أن يحافظ عليها بشكل قدسي، تماما كما يتوجه المؤمن نحو المحراب" ص424، ويسمعنا صوت آمر المفرزة في السجن الذي يرد على طلب المعتقلين بتوفير الطعام والمكان المناسب لهم: "ما لكم هاسع إلا تسوا مثل الغنم أيام المربعانية، تنفخوا بوجوه بعضكم إلى أن تدفوا!!
ـ والأكل؟ ما راح تعشونا؟
ـ الأحسن كلوا هوا وناموا!!
وأغلقت الأبواب ومضوا" ص393، "
ولم يكتفي الراوي بهذا بل جعل شخصياته تتحدث بأكثر من لهجة محكية، فهناك لهجة أهل الجزيرة العربية والعراق، ولهجة المصرية والشامية، وكأنه بهذا ارادنا أن لا نحصر الأحداث في جغرافيا محددة، بل أن نسقطها على كافة الأنظمة الرسمية العربية.
حدث الرواية بالتأكيد مؤلم وموجع، لكن لغة الراوي واسلوبه في سرد الأحداث، والطريقة التي استخدمها في تناوله للأحدث تجعل من هذه الرواية عمل أدبي استثنائي، فنجد المتعة والسلاسة حاضرة في الرواية، لهذا يمكننا القول أننا امام رواية قاسة الموضوع والفكرة لكنها جميلة اللغة والاسلوب.
الرواية من منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الخامسة،2004.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا