الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية ضمانة بقاء العراق الواحد

جعفر المظفر

2018 / 3 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العلمانية ضمانة بقاء العراق الواحد
جعفر المظفر
عراقيا.. لا تأتي الحاجة إلى العلمانية تقليدا سياقيا للمنهج الغربي, أوبدفع من النهضة التي حققتها هناك, وإنما, أيضا, لأن بقاء العراق كوطن واحد قد بات صعبا بوجود الإسلام السياسي الطائفي المتخاصم والمتقاتل مع بعضه. وأجزم أن حاجة العراق للعلمانية من أجل البقاء وطنا موحدا ومستقلا تتقدم على حاجته لها لأغراض تحقيق التقدم, فكيف ستكون عليه أهميتها إذا إجتمعت الحاجتان سوية في وقت واحد ..
والقول أن العلمانية لو لم تنشأ في الغرب لقدر لها أن تنشأ في العراق تؤكده الحاجة إليها للحفاظ على بقاء الوطن العراقي , فبدونها لن يبقى هناك عراق إلا كمجموعة دويلات يجمعها ربما علم واحد لكن تُفرِقها سواعد وأفكار قد تجعل من ذلك العلم ليس أكثر من قطعة قماش, وهي مستعدة لمقاتلة بعضها حتى بصواري ذلك العلم نفسه.
بعض من شيوخ الدين الإسلامي أكدوا على أن العلمانية نشأت في الغرب بسبب ظروف موضوعية خاصة به. ولأن الظروف لا تتطابق, وأن من المهم مراعاة الذاتي والموضوعي عند تأسيس المناهج, لذا فهم يؤكدون على العلمانية ستأتي إلينا من باب التقليد الأعمى ومن باب نقل المناهج بطريقة غير علمية.
وأجزم أنهم لم يخطئوا هنا بخصوص مبدئية وقواعد التشكلات الفكرية, فالموضوعي والذاتي وبعدهما الثالث, الإنساني, هم مثلث المعرفة والمناهج, ولا يمكن لهذا المثلث أن يقوم إلا إذا تكاملت أضلاعه الثلاثة. وينطبق هذا على العلمانية ذاتها من حيث التصور الأولي.
غير ان ما يجب ان نقدره تمام التقدير أن المناهج الإنسانية تتشارك بداية من حيث أهدافها العامة. والعلمانية (السياسية) تأتي هنا للتأكيد على ضرورة فصل الدين عن الدولة وليس لها علاقة بممارسة الدين لا في السلب ولا بالإيجاب, إذ أنها تترك ذلك للأفراد والمجموعات لكي يمارسوا ما يؤمنوا به دون أن يلزموا الدولة باي نشاط ديني لأنها ملك الجميع, ولهذا فإن هذا النوع من العلمانية, اي السياسي او كما يسميه البعض : الجزئي, يختلف عن النوع الثاني للعلمانية أي العلمانية العلمية والفلسفية أو ما يسموه : الكلي, ومع الجزئي منها إنما نتحدث عن علمانية الدولة ونترك لأفرادها حرية الإيمان بالأديان والمذاهب حيث تنظم هذه الممارسة بقوانين الدولة العلمانية لضمان الحريات ومنها حرية التدين الشخصية على تنوعها..
حين نتفحص الأهداف العامة للعلمانية نجد أن من ضمن أهم تلك الأهداف, أو لنقل الوظائف, هو تنظيم ممارسات المجتمع وعلاقاته بحيث لا تتصادم مع بعضها أو تخلق بيئة للفرقة. وهذه الحاجة , عراقيا, باتت تطلب بإلحاح منهجا من هذا النوع, فإذا اضفنا إليها أن ثقافة الإسلامويين السياسية هي ثقافة تجهيلية, وإنها على مستواها الأفضل عاجزة بنيوية عن اللحاق بالعالم المتقدم, فإن وضع المجتمع على طريق النهضة بات يتطلب إبتعاد هذا النوع من الثقافات عن الهيمنة على طبيعة ثقافة الدولة والمجتمع.
وإذا كان ذلك مهما من الناحية الإنسانية العامة فإن الأهم الذي وصل إليه المجتمع العراقي بنفسه بسبب الإسلام السياسي هو أن الدين مذهبي بطبيعته, وأن الإسلامويين السياسيين هم مذهبيون بالنتيجة. وقد بتنا على علم بمقدار ما يتسبب به زج الثقافة المذهبية في السياسة, ففي بلد كالعراق , حيث التنوع المذهبي والقومي, لا وجود لوحدة وطنية حقيقية بوجود مناهج تفريقية الأساس والمضمون.
ونحن هنا لا نتحدث عن المذاهب بإقترابات دينية فقهية بحتة وإنما لطبيعة ما يمكن أن تؤدي إليه حينما يزجها رجالاتها في السياسة. ولو كان البلد أحادي المذهب والقومية لتراجع عامل الصراع هذا لكي يحتل خانة أقل أهمية . أما في العراق فهو لن يؤدي إلى إقتتالات داخلية فحسب وإنما يؤدي إلى إلحاق شديد الضرر بالإستقلال الوطني, وهو العمود الأساسي الذي يجب ان تحافظ عليه اية دولة لكي تحافظ على حريتها أولا وتكون قادرة بعد ذلك على الحفاظ على حرية ناسها, ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس العراق فقط
Muwaffak Haddadin ( 2018 / 3 / 31 - 00:31 )
الاستاذ د المظفر المحترم
مقالتك هذه لا تنطبق على العراق فقط بل تتعداه الى جمعيع الدول العربية
والبلدان غير العربية
إلا أن اللغة العربية لها ميزة انها تجمع البلدان العربية وبذلك فلها أهمية لا تتوفر لغيرها
أحييك على جهدك المتواصل للنهوض بالعراق وأمتنا العربية إن قصدت الأخيرةأو لم تقصدها
موفق حدادين
١-;- نيسان ٢-;-٠-;-١-;-٨-;-

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد